يـــــا بــــغداد
شعر، د. محمود السيد الدغيم
جرجناز - معرة النعمان - إدلب - سوريا

بَكَتِ الْعُرُوْبَةُ، وَانْتَشَى الأَوْغَاْدُ
وَاسْتَهْتَرَ الأَنْذَاْلُ يَاْ بَغْدَاْدُ
وَتَهَاْفَتَ الْعُمَلاْءُ فِيْ عُدْوَاْنِهِمْ
وَأَتَاْكِ مِنْ أَرْضِ السَّوَاْدِ سَوَاْدُ
نَفْثَ الأَفَاْعِيْ يَنْفُثُوْنَ، وَحِقْدُهُمْ
سُمٌّ زُعَاْفٌ قَاْتِلٌ وَآدُ
سُوْدُ الْعَمَاْئِمِ وَالنَّوَاْيَاْ وَالْهَوَىْ
خَسِئُوْا، وَنَاْفَقَ لِصُّهُمْ نَجَّاْدُ
زَحَفُوْا عَلَيْكِ بِقَضِّهِمْ وَقَضِيْضِهِمْ
فَكَأَنَّ زَحْفَ الْخَاْسِئِيْنَ جَرَاْدُ
وَتَتَاْبَعَ التَّحْرِيْضُ مِنْ حَوْزَاْتِهِمْ
وَتَكَرَّرَ الإِصْدَاْرُ وَالإِيْرَاْدُ
وَتَخَاْذَلَ الْجِيْرَاْنُ دُوْنَ مُبَرِّرٍ
وَتَآمَرَ الأَعْرَاْبُ وَالأَكْرَاْدُ
وَأَتَتْكِ مِنْ خَلْفِ الْبِحَاْرِ فَيَاْلِقٌ
وَتَأَخَّرَ الأَنْصَاْرُ وَالذُّوَّاْدُ
فَوَقَعْتِ فِيْ شَرَكِ الْعَدُوِّ، وَمَاْ أَتَىْ
مِنْ أَرْضِ يَعْرُبَ لِلْوَغَىْ إِمْدَاْدُ

خَنَسَ الْفَرِيْقُ، وَمَاْ تَمَرَّدَ ضَاْبِطٌ
أَبَداً، وَلاْ رَفَضَ الْخُضُوْعَ عِمَاْدُ
بَعَثَاْ جُنُوْدَ الشَّاْمِ تَحْتَ قِيَاْدَةٍ
مَلْعُوْنَةٍ، أَهْدَاْفُهَاْ الإِفْسَاْدُ
وَالْمَاْقِطُوْنَ اللاَّقِطُوْنَ تَآمَرُوْا
وَتَبَجَّحَ الْجَاْسُوْسُ وَالْكَيَّاْدُ
وَتَكَحَّلُوْا كَيْ يُعْجِبُوْا أَعْدَاْءَهُمْ
حَتَّىْ يَدُوْمَ مَعَ الْعَدُوِّ وِدَاْدُ
وَيُزَغْرِدَ الْعُمَلاْءُ فِيْ أَحْضَاْنِهِمْ
وَيُغَرِّدَ الْمُنْقَاْدُ وَالْمُقْتَاْدُ
وَتَهَاْفَتُوْا مِثْلَ الذُّبَاْبِ عَلَى الْخَنَاْ
وَتَفَاْقَمَ التَّدْنِيْسُ وَالإِلْحَاْدُ
عُهْرٌ، وَكَيْدٌ، وَافْتِئَاْتُ أَذِلَّةٍ
يُخْزِيْ، وَجَيْشٌ خَاْئِنٌ عِصْوَاْدُ
يَعْدُوْ عَلَىْ أَهْلِ الْعِرَاْقِ سَفَاْهَةً
وَيُطِيْعُهُ النَّبَّاْشُ وَالْوَآّدُ
وَيْلاْهُ، قَدْ صَاْرَ الْعِرَاْقُ أَسِرَّةً
وَالشَّاْمُ فِيْهَاْ لِلْعَدُوِّ مِهَاْدُ
وَكَأَنَّ دِجْلَةَ وَالْفُرَاْتَ مَسَاْبِحٌ
وَكَأَنَّ إِيْرَاْنَ اللِّئَاْمِ وِسَاْدُ
وَالْمُسْلِمُوْنَ تَقَاْعَسُوْا، وَتَخَاْذَلُوْا
وَتَزَلْزَلَتْ بِبِلاْدِهِمْ أَطْوَاْدُ
فَالْبَعْضُ سَاْهَمَ بِالرِّجَاْلِ تَقِيَّةً
وَيَقُوْلُ إِنِّيْ مُنْصِفٌ حَيَّاْدُ
وَالْبَعْضُ ضَحَّىْ بِالنِّسَاْءِ وَمَاْلِهِ
فَتَكَاْثَرَ التَّدْلِيْسُ وَالإِجْحَاْدُ
خَضَعَتْ قِيَاْدَاْتُ النِّفَاْقِ، فَمَاْ وَرَتْ
ضِدَّ الطُّغَاْةِ الْمُجْرِمِيْنَ؛ زِنَاْدُ
نَاْمَتْ عَلَىْ سُرُرِ الْخُنُوْعِ ذَلِيْلَةً
فَالنِّفْطُ يُنْهَبُ، وَالْعِرَاْقُ يُبَاْدُ
أَيْنَ الْعُرُوْبَةُ؟ أَيْنَ عَاْمِرُ يَنْتَخِيْ
وَابْنُ الْوَلِيْدِ الْخَاْلِدُ الصَّيَّاْدُ
أَيْنَ الْعُرُوْبَةُ وَالْوَلِيْدُ يَسُوْسُهَاْ
بِجَسَاْرَةِ الْحَجَّاْجِ، أَيْنَ زِيَاْدُ
بَلْ أَيْنَ عَمْروٌ، وَالْمُثَنَّىْ ؟، يَاْ أَخِيْ!!
وَالْحُرُّ وَالْقَعْقَاْعُ وَالْمِقْدَاْدُ؟
قَاْدُوْا جُمُوْعَ الْجُنْدِ فِيْ غَدَوَاْتِهِمْ
وَرَوَاْحِهِمْ، فَاسْتَبْشَرَتْ أَجْنَاْدُ
وَاسْتَسْلَمَ الْفُرْسُ الْمَجُوْسُ، وَطَأْطَؤُوْا
كَالرُّوْمِ حِيْنَ تَأَخَّرَّ الإِرْفَاْدُ

دَاْرَ الزَّمَاْنُ، وَأَسْقَطَتْ دَوْرَاْتُهُ
أَمْجَاْدَنَاْ، وَتَبَدَّلَ الْمِيْعَاْدُ
مَاْ عُدْتُ أَسْمَعُ أَوْ أَََرَىْ أَبْطَاْلَنَاْ
يَاْ وَيْلَنَاْ!! قَدْ خَاْنَنَا الْقَرَّاْدُ
وَتَسَلْطَنَ الْخَمَّاْرُ وَالزَّمَّاْرُ، وَالـ
ـطَّبَّاْلُ وَالزَّبَّاْلُ وَالْحَدَّاْدُ
أَيْنَ الْحُشُوْدُ الزَّاْحِفَاْتُ إِلَى الْعُلاْ
فَوْقَ الْخُيُوْلِ، يَقُوْدُهُنَّ مُرَاْدُ
تَزْهُوْ بِهَاْ يَوْمَ الطِّعَاْنِ رِمَاْحُهَاْ
وَسُيُوْفُهَاْ وَالْخَيْلُ وَالأَنْجَاْدُ
تَزْهُوْ وَيَغْبِطُهَا الأَحِبَّةُ كُلَّمَاْ
نَهَضَتْ، وَرَاْحَتْ تَنْحَنِي الأَجْيَاْدُ
نَهَضَتْ لِدَحْرِ الْفُرْسِ بَعْدَ عُتُوِّهِمْ
فَالسَّيْفُ يَكْتُبُ، وَالدِّمَاْءُ مِدَاْدُ
قَطَفَتْ رُؤُوْساً أَيْنَعَتْ فَقِطَاْفُهَاْ
فَرْضٌ، وَصَدُّ الْمُعْتَدِيْنَ جِهَاْدُ
وَطَوَى الزَّمَاْنُ بَيَاْرِقاً وَبَيَاْدِقاً
فَلِكُلِّ بَحْرٍ - يَاْ عِرَاْقُ - نَفَاْدُ
ذَهَبَ الصَّبَاْحُ، وَجَاْءَ لَيْلٌ مُظْلِمٌ
فَكَأَنَّ نَغْلَ الْعَلْقَمِيِّ جَوَاْدُ
وَكَأَنَّ بَغْدَاْدَ الْعُرُوْبَةِ أَصْبَحَتْ
" قُماًّ " بِهَاْ بَعْدَ الصَّلاْحِ فَسَاْدُ
" خُماًّ " بِهِ كُلُّ اللُّصُوْصِ، وَكُلُّ مَنْ
يَهْوَىْ هَوَاْهُ الْقَاْئِدُ الْقَوَّاْدُ
نَهَبُوْكِ يَاْ زَوْرَاْءُ، وَامْتَدَّ الأَذَىْ
فَتَطَاْوَلَ الطَّبَّاْلُ وَالْعَوَّاْدُ
وَالْكَاْوِلِيَّةُ حَاْكَمُوْكِ لأَنَّهُمْ
خَاْنُوْا، وَضَاْعَ الرُّشْدُ وَالإِرْشَاْدُ
سَرَقُوْا تُرَاْثَكِ عَنْوَةً وَوَقَاْحَةً
وَسَفَاْهَةً، فَتَفَطَّرَتْ أَكْبَاْدُ
وَتَرَاْطَنَ الْفُرْسُ الْمَجُوْسُ، وَزَمْزَمُوْا
وَتَعَجْرَفُوْا، فَتَجَدَّدَتْ أَحْقَاْدُ
فَكَأَنَّ كِسْرَىْ مَاْ تَكَسَّرَ إِنَّمَاْ
خَضَعَتْ لِجَذْوَةِ نَاْرِهِ الأَمْجَاْدُ
وَكَأَنَّ قَيْصَرَ لَمْ يُقصِّرْ إِنَّمَاْ
بِبَلاْطِهِ يَتَجَدَّدُ الْمِيْلاْدُ
عَاْدَتْ إِلَىْ أَرْضِ الْمَدَاْئِنِ فَاْرِسٌ
وَبِكَرْبَلاْءَ تَمَتَّعُوْا، بَلْ كَادُوْا
أَنْ يُخْضِعُوا الأَنْبَاْرَ لَوْلاْ عُصْبَةٌ
عَرَبِيَّةٌ أَبْنَاْؤُهَاْ آسَاْدُ
لَمْ تَخْشَ عُدْوَاْنَ الْبُغَاْةِ وَلَمْ تَنَمْ
لَمَّاْ بَغَى الْجَاْسُوْسُ وَالْجَلاّدُ
وَاسْتَأْسَدَ الأَبْطَاْلُ فِيْ سَاْحِ الْوَغَىْ
وَتَعَاْضَدَ الآبَاْءُ وَالأَوْلاْدُ
وَالأُمَّهَاْتُ تَعَاْضَدَتْ وَتَعَاْوَنَتْ
جَدَّاْتُهُنَّ، وَأَبْدَعَ الأَجْدَاْدُ
فَكَأَنَّ فِي الأَنْبَاْرِ عُرْسُ عُرُوْبَةٍ
عَرَبِيَّةٍ فِيْهَا الْعَرِيْسُ الضَّاْدُ
وَالرُّوْمُ وَالْفُرْسُ الْمَجُوْسُ تَعَاْهَدُوْا
وَتَكَاْثَرَ الإِبْرَاْقُ وَالإِرْعَاْدُ
شَنُّوْا عَلَىْ عَرَبِ الْعِرَاْقِ هُجُوْمَهُمْ
وَتَآمَرَتْ بِحُرُوْبِهَا الأَضْدَاْدُ
لَكِنَّ تَكْرِيْتَ الأَبِيَّةَ حَطَّمَتْ
جَهْراً أُلُوْفَ عَدُوِّهَا الآحَاْدُ
آحَاْدُ تَكْرِيْتَ الْعُرُوْبَةِِ فِي الْوَغَىْ
أَلْفٌ بِهَاْ تَتَكَاْثَرُ الأَعْدَاْدُ
فَلِكُلِّ شَهْمٍ مِنْ بَنِيْهَاْ صَوْلَةٌ
لِمَدِيْحِهَاْ يَتَجَدَّدُ الإِنْشَاْدُ
وَالْمُنْشِدُوْنَ تَرَنَّمُوْا بِنَشِيْدِهِمْ
صُبْحًا مَسَاْءً، كَرَّرُوْا، وَأَعَاْدُوْا:
فَلُّوْجَةُ الأَحْرَاْرِ مَوْئِلُ عِزَّةٍ
مَهْمَاْ طَغَى الأَوْبَاْشُ لاْ تَنْقَاْدُ
فِيْهَاْ لأَصْحَاْبِ الشَّهَاْمَةِ مَوْطِنٌ
وَشِعَاْرُهَاْ: سَتُحطَّمُ الأَصْفَاْدُ

فَلَجَتْ عُلُوْجَ الطَّاْمِعِيْنَ بِفَاْلِجٍ
أَفْنَى الْعُلُوْجَ، فَوَلْوَلَ الأَوْغَاْدُ
وَالسَّاْقِطُوْنَ الْمُفْرَطُوْنَ تَشَتَّتُوْا
وَالْحَرْبُ تَطْحَنُ، وَالْعَدُوُّ يُبَاْدُ
وَالْخَاْئِنُوْنَ تَقِيَّةً، أَوْ جَهْرَةً
فِي الرَّاْفِدَيْنِ تَمَجَّسُوْا، أَوْ هَاْدُوْا
وَأَبُوْ حَنِيْفَةَ صَاْمِدٌ مُسْتَبْسِلٌ
فِي الأَعْظَمِيَّةِ كَوْكَبٌ وَقَّاْدُ
يُعْطِي الأَوَاْمِرَ بِالْجِهَاْدِ، وَحَوْلَهُ
يَسْتَبْسِلُ الْعُقَدَاْءُ وَالرُّوَّاْدُ

عَقَدُوْا عَلَىْ حَوْضِ الشَّهَاْدَةِ حَلْقَةً
يَوْمَ الشهادة، إنَّهم شُهّاد
وَشَهَاْدَةُ الأَحْرَاْرِ خَيْرُ شَهَاْدَةٍ
شَهِدَتْ لَهَا الأَوْطَاْنُ وَالأَجْوَاْدُ
يَعْلُوْ عَلَىْ ثَغْرِ الزَّمَاْنِ نَشِيْدُهَاْ
فِي الْخَاْفِقَيْنِ مَدَى الزَّمَاْنِِ يُعَاْدُ
وَشَدَتْ بِهِ الأَطْيَاْرُ فَوْقَ غُصُوْنِهَاْ
فَاهْتَزَّ غُصْنٌ مُثْمِرٌ مَيَّاْدُ
وَشَدَتْ بِأَطْرَاْفِ الرَّمَاْدِيْ عُصْبَةٌ
عَرَبِيَّةٌ فَتَرَاْجَعَ الأَنْكَاْدُ
هَجَمَتْ فَوَلاْهَا الْجُنَاْةُ ظُهُوْرَهُمْ
فَلِجَيْشِهِمْ بَعْدَ النَّفَاْقِ كَسَاْدُ
فَجُيُوْشُهُمْ صَرْعَىْ عَلَيْهَاْ ذِلَّةٌ
وَحَدِيْدُهُمْ فِي الرَّاْفِدَيْنِ رَمَاْدُ
غَرِقُوْا بِأَوْحَاْلِ الْعِرَاْقِ، وَأَكَّدُوْا
أَنَّ الْحُرُوْبَ لِضِدِّهِمْ أَعْيَاْدُ
وَتَأَكَّدُوْا أَنَّ الْعِرَاْقَ مُجَاْهِدٌ
وَمُكَاْفِحٌ وَمُنَاْضِلٌ صَدَّاْدُ
صَدَّ الْغُزَاْةَ، وَلَمْ يَزَلْ تَاْرِيْخُهُ
عَلَماً، وَأَبْطَاْلُ الْعِرَاْقِ أَجَاْدُوْا
نَهَضُوْا لِصَدِّ الطَّاْمِعِيْنَ، وَكَرَّرُوْا:
بِالرُّوْحِ نَفْدِي الدِّيْنَ، يَاْ بَغْدَاْدُ!!

باحث أكاديمي في جامعة لندن
لندن: الجمعة 21 / نيسان/ أبريل/ 2006م
شعر، د. محمود السيد الدغيم
جرجناز - معرة النعمان - إدلب - سوريا

بَكَتِ الْعُرُوْبَةُ، وَانْتَشَى الأَوْغَاْدُ
وَاسْتَهْتَرَ الأَنْذَاْلُ يَاْ بَغْدَاْدُ
وَتَهَاْفَتَ الْعُمَلاْءُ فِيْ عُدْوَاْنِهِمْ
وَأَتَاْكِ مِنْ أَرْضِ السَّوَاْدِ سَوَاْدُ
نَفْثَ الأَفَاْعِيْ يَنْفُثُوْنَ، وَحِقْدُهُمْ
سُمٌّ زُعَاْفٌ قَاْتِلٌ وَآدُ
سُوْدُ الْعَمَاْئِمِ وَالنَّوَاْيَاْ وَالْهَوَىْ
خَسِئُوْا، وَنَاْفَقَ لِصُّهُمْ نَجَّاْدُ
زَحَفُوْا عَلَيْكِ بِقَضِّهِمْ وَقَضِيْضِهِمْ
فَكَأَنَّ زَحْفَ الْخَاْسِئِيْنَ جَرَاْدُ
وَتَتَاْبَعَ التَّحْرِيْضُ مِنْ حَوْزَاْتِهِمْ
وَتَكَرَّرَ الإِصْدَاْرُ وَالإِيْرَاْدُ
وَتَخَاْذَلَ الْجِيْرَاْنُ دُوْنَ مُبَرِّرٍ
وَتَآمَرَ الأَعْرَاْبُ وَالأَكْرَاْدُ
وَأَتَتْكِ مِنْ خَلْفِ الْبِحَاْرِ فَيَاْلِقٌ
وَتَأَخَّرَ الأَنْصَاْرُ وَالذُّوَّاْدُ
فَوَقَعْتِ فِيْ شَرَكِ الْعَدُوِّ، وَمَاْ أَتَىْ
مِنْ أَرْضِ يَعْرُبَ لِلْوَغَىْ إِمْدَاْدُ

خَنَسَ الْفَرِيْقُ، وَمَاْ تَمَرَّدَ ضَاْبِطٌ
أَبَداً، وَلاْ رَفَضَ الْخُضُوْعَ عِمَاْدُ
بَعَثَاْ جُنُوْدَ الشَّاْمِ تَحْتَ قِيَاْدَةٍ
مَلْعُوْنَةٍ، أَهْدَاْفُهَاْ الإِفْسَاْدُ
وَالْمَاْقِطُوْنَ اللاَّقِطُوْنَ تَآمَرُوْا
وَتَبَجَّحَ الْجَاْسُوْسُ وَالْكَيَّاْدُ
وَتَكَحَّلُوْا كَيْ يُعْجِبُوْا أَعْدَاْءَهُمْ
حَتَّىْ يَدُوْمَ مَعَ الْعَدُوِّ وِدَاْدُ
وَيُزَغْرِدَ الْعُمَلاْءُ فِيْ أَحْضَاْنِهِمْ
وَيُغَرِّدَ الْمُنْقَاْدُ وَالْمُقْتَاْدُ
وَتَهَاْفَتُوْا مِثْلَ الذُّبَاْبِ عَلَى الْخَنَاْ
وَتَفَاْقَمَ التَّدْنِيْسُ وَالإِلْحَاْدُ
عُهْرٌ، وَكَيْدٌ، وَافْتِئَاْتُ أَذِلَّةٍ
يُخْزِيْ، وَجَيْشٌ خَاْئِنٌ عِصْوَاْدُ
يَعْدُوْ عَلَىْ أَهْلِ الْعِرَاْقِ سَفَاْهَةً
وَيُطِيْعُهُ النَّبَّاْشُ وَالْوَآّدُ
وَيْلاْهُ، قَدْ صَاْرَ الْعِرَاْقُ أَسِرَّةً
وَالشَّاْمُ فِيْهَاْ لِلْعَدُوِّ مِهَاْدُ
وَكَأَنَّ دِجْلَةَ وَالْفُرَاْتَ مَسَاْبِحٌ
وَكَأَنَّ إِيْرَاْنَ اللِّئَاْمِ وِسَاْدُ
وَالْمُسْلِمُوْنَ تَقَاْعَسُوْا، وَتَخَاْذَلُوْا
وَتَزَلْزَلَتْ بِبِلاْدِهِمْ أَطْوَاْدُ
فَالْبَعْضُ سَاْهَمَ بِالرِّجَاْلِ تَقِيَّةً
وَيَقُوْلُ إِنِّيْ مُنْصِفٌ حَيَّاْدُ
وَالْبَعْضُ ضَحَّىْ بِالنِّسَاْءِ وَمَاْلِهِ
فَتَكَاْثَرَ التَّدْلِيْسُ وَالإِجْحَاْدُ
خَضَعَتْ قِيَاْدَاْتُ النِّفَاْقِ، فَمَاْ وَرَتْ
ضِدَّ الطُّغَاْةِ الْمُجْرِمِيْنَ؛ زِنَاْدُ
نَاْمَتْ عَلَىْ سُرُرِ الْخُنُوْعِ ذَلِيْلَةً
فَالنِّفْطُ يُنْهَبُ، وَالْعِرَاْقُ يُبَاْدُ
أَيْنَ الْعُرُوْبَةُ؟ أَيْنَ عَاْمِرُ يَنْتَخِيْ
وَابْنُ الْوَلِيْدِ الْخَاْلِدُ الصَّيَّاْدُ
أَيْنَ الْعُرُوْبَةُ وَالْوَلِيْدُ يَسُوْسُهَاْ
بِجَسَاْرَةِ الْحَجَّاْجِ، أَيْنَ زِيَاْدُ
بَلْ أَيْنَ عَمْروٌ، وَالْمُثَنَّىْ ؟، يَاْ أَخِيْ!!
وَالْحُرُّ وَالْقَعْقَاْعُ وَالْمِقْدَاْدُ؟
قَاْدُوْا جُمُوْعَ الْجُنْدِ فِيْ غَدَوَاْتِهِمْ
وَرَوَاْحِهِمْ، فَاسْتَبْشَرَتْ أَجْنَاْدُ
وَاسْتَسْلَمَ الْفُرْسُ الْمَجُوْسُ، وَطَأْطَؤُوْا
كَالرُّوْمِ حِيْنَ تَأَخَّرَّ الإِرْفَاْدُ

دَاْرَ الزَّمَاْنُ، وَأَسْقَطَتْ دَوْرَاْتُهُ
أَمْجَاْدَنَاْ، وَتَبَدَّلَ الْمِيْعَاْدُ
مَاْ عُدْتُ أَسْمَعُ أَوْ أَََرَىْ أَبْطَاْلَنَاْ
يَاْ وَيْلَنَاْ!! قَدْ خَاْنَنَا الْقَرَّاْدُ
وَتَسَلْطَنَ الْخَمَّاْرُ وَالزَّمَّاْرُ، وَالـ
ـطَّبَّاْلُ وَالزَّبَّاْلُ وَالْحَدَّاْدُ
أَيْنَ الْحُشُوْدُ الزَّاْحِفَاْتُ إِلَى الْعُلاْ
فَوْقَ الْخُيُوْلِ، يَقُوْدُهُنَّ مُرَاْدُ
تَزْهُوْ بِهَاْ يَوْمَ الطِّعَاْنِ رِمَاْحُهَاْ
وَسُيُوْفُهَاْ وَالْخَيْلُ وَالأَنْجَاْدُ
تَزْهُوْ وَيَغْبِطُهَا الأَحِبَّةُ كُلَّمَاْ
نَهَضَتْ، وَرَاْحَتْ تَنْحَنِي الأَجْيَاْدُ
نَهَضَتْ لِدَحْرِ الْفُرْسِ بَعْدَ عُتُوِّهِمْ
فَالسَّيْفُ يَكْتُبُ، وَالدِّمَاْءُ مِدَاْدُ
قَطَفَتْ رُؤُوْساً أَيْنَعَتْ فَقِطَاْفُهَاْ
فَرْضٌ، وَصَدُّ الْمُعْتَدِيْنَ جِهَاْدُ
وَطَوَى الزَّمَاْنُ بَيَاْرِقاً وَبَيَاْدِقاً
فَلِكُلِّ بَحْرٍ - يَاْ عِرَاْقُ - نَفَاْدُ
ذَهَبَ الصَّبَاْحُ، وَجَاْءَ لَيْلٌ مُظْلِمٌ
فَكَأَنَّ نَغْلَ الْعَلْقَمِيِّ جَوَاْدُ
وَكَأَنَّ بَغْدَاْدَ الْعُرُوْبَةِ أَصْبَحَتْ
" قُماًّ " بِهَاْ بَعْدَ الصَّلاْحِ فَسَاْدُ
" خُماًّ " بِهِ كُلُّ اللُّصُوْصِ، وَكُلُّ مَنْ
يَهْوَىْ هَوَاْهُ الْقَاْئِدُ الْقَوَّاْدُ
نَهَبُوْكِ يَاْ زَوْرَاْءُ، وَامْتَدَّ الأَذَىْ
فَتَطَاْوَلَ الطَّبَّاْلُ وَالْعَوَّاْدُ
وَالْكَاْوِلِيَّةُ حَاْكَمُوْكِ لأَنَّهُمْ
خَاْنُوْا، وَضَاْعَ الرُّشْدُ وَالإِرْشَاْدُ
سَرَقُوْا تُرَاْثَكِ عَنْوَةً وَوَقَاْحَةً
وَسَفَاْهَةً، فَتَفَطَّرَتْ أَكْبَاْدُ
وَتَرَاْطَنَ الْفُرْسُ الْمَجُوْسُ، وَزَمْزَمُوْا
وَتَعَجْرَفُوْا، فَتَجَدَّدَتْ أَحْقَاْدُ
فَكَأَنَّ كِسْرَىْ مَاْ تَكَسَّرَ إِنَّمَاْ
خَضَعَتْ لِجَذْوَةِ نَاْرِهِ الأَمْجَاْدُ
وَكَأَنَّ قَيْصَرَ لَمْ يُقصِّرْ إِنَّمَاْ
بِبَلاْطِهِ يَتَجَدَّدُ الْمِيْلاْدُ
عَاْدَتْ إِلَىْ أَرْضِ الْمَدَاْئِنِ فَاْرِسٌ
وَبِكَرْبَلاْءَ تَمَتَّعُوْا، بَلْ كَادُوْا
أَنْ يُخْضِعُوا الأَنْبَاْرَ لَوْلاْ عُصْبَةٌ
عَرَبِيَّةٌ أَبْنَاْؤُهَاْ آسَاْدُ
لَمْ تَخْشَ عُدْوَاْنَ الْبُغَاْةِ وَلَمْ تَنَمْ
لَمَّاْ بَغَى الْجَاْسُوْسُ وَالْجَلاّدُ
وَاسْتَأْسَدَ الأَبْطَاْلُ فِيْ سَاْحِ الْوَغَىْ
وَتَعَاْضَدَ الآبَاْءُ وَالأَوْلاْدُ
وَالأُمَّهَاْتُ تَعَاْضَدَتْ وَتَعَاْوَنَتْ
جَدَّاْتُهُنَّ، وَأَبْدَعَ الأَجْدَاْدُ
فَكَأَنَّ فِي الأَنْبَاْرِ عُرْسُ عُرُوْبَةٍ
عَرَبِيَّةٍ فِيْهَا الْعَرِيْسُ الضَّاْدُ
وَالرُّوْمُ وَالْفُرْسُ الْمَجُوْسُ تَعَاْهَدُوْا
وَتَكَاْثَرَ الإِبْرَاْقُ وَالإِرْعَاْدُ
شَنُّوْا عَلَىْ عَرَبِ الْعِرَاْقِ هُجُوْمَهُمْ
وَتَآمَرَتْ بِحُرُوْبِهَا الأَضْدَاْدُ
لَكِنَّ تَكْرِيْتَ الأَبِيَّةَ حَطَّمَتْ
جَهْراً أُلُوْفَ عَدُوِّهَا الآحَاْدُ
آحَاْدُ تَكْرِيْتَ الْعُرُوْبَةِِ فِي الْوَغَىْ
أَلْفٌ بِهَاْ تَتَكَاْثَرُ الأَعْدَاْدُ
فَلِكُلِّ شَهْمٍ مِنْ بَنِيْهَاْ صَوْلَةٌ
لِمَدِيْحِهَاْ يَتَجَدَّدُ الإِنْشَاْدُ
وَالْمُنْشِدُوْنَ تَرَنَّمُوْا بِنَشِيْدِهِمْ
صُبْحًا مَسَاْءً، كَرَّرُوْا، وَأَعَاْدُوْا:
فَلُّوْجَةُ الأَحْرَاْرِ مَوْئِلُ عِزَّةٍ
مَهْمَاْ طَغَى الأَوْبَاْشُ لاْ تَنْقَاْدُ
فِيْهَاْ لأَصْحَاْبِ الشَّهَاْمَةِ مَوْطِنٌ
وَشِعَاْرُهَاْ: سَتُحطَّمُ الأَصْفَاْدُ

فَلَجَتْ عُلُوْجَ الطَّاْمِعِيْنَ بِفَاْلِجٍ
أَفْنَى الْعُلُوْجَ، فَوَلْوَلَ الأَوْغَاْدُ
وَالسَّاْقِطُوْنَ الْمُفْرَطُوْنَ تَشَتَّتُوْا
وَالْحَرْبُ تَطْحَنُ، وَالْعَدُوُّ يُبَاْدُ
وَالْخَاْئِنُوْنَ تَقِيَّةً، أَوْ جَهْرَةً
فِي الرَّاْفِدَيْنِ تَمَجَّسُوْا، أَوْ هَاْدُوْا
وَأَبُوْ حَنِيْفَةَ صَاْمِدٌ مُسْتَبْسِلٌ
فِي الأَعْظَمِيَّةِ كَوْكَبٌ وَقَّاْدُ
يُعْطِي الأَوَاْمِرَ بِالْجِهَاْدِ، وَحَوْلَهُ
يَسْتَبْسِلُ الْعُقَدَاْءُ وَالرُّوَّاْدُ

عَقَدُوْا عَلَىْ حَوْضِ الشَّهَاْدَةِ حَلْقَةً
يَوْمَ الشهادة، إنَّهم شُهّاد
وَشَهَاْدَةُ الأَحْرَاْرِ خَيْرُ شَهَاْدَةٍ
شَهِدَتْ لَهَا الأَوْطَاْنُ وَالأَجْوَاْدُ
يَعْلُوْ عَلَىْ ثَغْرِ الزَّمَاْنِ نَشِيْدُهَاْ
فِي الْخَاْفِقَيْنِ مَدَى الزَّمَاْنِِ يُعَاْدُ
وَشَدَتْ بِهِ الأَطْيَاْرُ فَوْقَ غُصُوْنِهَاْ
فَاهْتَزَّ غُصْنٌ مُثْمِرٌ مَيَّاْدُ
وَشَدَتْ بِأَطْرَاْفِ الرَّمَاْدِيْ عُصْبَةٌ
عَرَبِيَّةٌ فَتَرَاْجَعَ الأَنْكَاْدُ
هَجَمَتْ فَوَلاْهَا الْجُنَاْةُ ظُهُوْرَهُمْ
فَلِجَيْشِهِمْ بَعْدَ النَّفَاْقِ كَسَاْدُ
فَجُيُوْشُهُمْ صَرْعَىْ عَلَيْهَاْ ذِلَّةٌ
وَحَدِيْدُهُمْ فِي الرَّاْفِدَيْنِ رَمَاْدُ
غَرِقُوْا بِأَوْحَاْلِ الْعِرَاْقِ، وَأَكَّدُوْا
أَنَّ الْحُرُوْبَ لِضِدِّهِمْ أَعْيَاْدُ
وَتَأَكَّدُوْا أَنَّ الْعِرَاْقَ مُجَاْهِدٌ
وَمُكَاْفِحٌ وَمُنَاْضِلٌ صَدَّاْدُ
صَدَّ الْغُزَاْةَ، وَلَمْ يَزَلْ تَاْرِيْخُهُ
عَلَماً، وَأَبْطَاْلُ الْعِرَاْقِ أَجَاْدُوْا
نَهَضُوْا لِصَدِّ الطَّاْمِعِيْنَ، وَكَرَّرُوْا:
بِالرُّوْحِ نَفْدِي الدِّيْنَ، يَاْ بَغْدَاْدُ!!

باحث أكاديمي في جامعة لندن
لندن: الجمعة 21 / نيسان/ أبريل/ 2006م