


بخط اليد
لم يتخلف يوما على امتداد ذلك الشهر عن تدوين يومياته، وكم كان يحرص صاحبنا على القيام بهذا العمل في ذات المكان، قبل أن يخلد إلى النوم، وكم كان يتحرى الدقة في ما يدون، ويقتفي أثر التفاصيل في ما كان يكتب، ثم إنه كم كان يشعر بالراحة والسكينة بمجرد انتهائه من كتابته اليومية، والتي كان يرى في الإقبال عليها بعزم وحيوية واجبا يلازمه كظله، وحبل نجاة من الجمود يجب أن يتمسك به في تلك الأيام، ثم إن اطمئنانه لم يكن يكتمل إلا برؤية يومياته مكتوبة بخط يده، لا بخط الحاسوب ...
كان صاحبنا يرى نفسه قريبا منتهى القرب من حروف يومياته المخطوطة، بعيدا تمام البعد منها إذا صارت مطبوعة، فهي بالنسبة إليه تنبض بالحياة، ومنها ترتوي عيناه، ما دام يكتبها بخط اليد، وهو يراها ميتة بلا خفق أو حراك، إذا ما تم طبعها على الورق، وتكون بذلك قد فارقت الحياة ...


د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com
تعليق