تويت
ذاك الصبي
شرع يحدث جليسه ببعض الذي خطته يمينه من حروف، فأقبل عليه الجليس منصتا ومشدودا إليه، وقد شحذ السمع، وأوقد البصر ...
لم يكن في صباه ذاك الطفل العصي على الاستجابة لما كان يرى فيه والداه الخير والصلاح له، ولم يكن ذاك الصبي الشقي، الذي يلقى من طيشه رهقا، ومن تهوره الأذى الكثير، لكنه كان عنيدا في مواقف غير قليلة، وحيال أمور لم يكن يطمئن إليها، ولم ير له فيها خيرا غزيرا أو يسيرا ...
كم كان كرهه شديدا لأي أمر يفرض عليه قهرا، وكم كان يتجرع شراب ذاك الأمر وعصارته على مضض، ولم يستسغ يوما سوى ما كان يحل في نفسه بردا وسلاما، ولم يتلق يوما بالقبول الحسن إلا ما كان يسعده ولا يشقيه ...
ثم إنه ما إن خلص بجليسه إلى آخر حرف، حتى أرسل به إليه، وبادره بالسؤال قائلا: تراك عثرت على صباك أو على بعض منه في ما قرأت عليك أم لا؟
لم يتأخر الجليس عنه في الإجابة، فقال: أجل عثرت في ما سمعته منك على بعض صباي، لكن هل عثرت فيه أنت على صباك ..؟
د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com