تويت
السيل
... ثم ألم يحن الوقت بعد لنعبر إلى الضفة الأخرى؟ حيث تركنا أهلنا وذوينا، فقد طال الغياب، وانقطعت بيننا وبينهم الأسباب، وإني أرى نفسي مثل ما أراكم قد قيدنا التأخير والتأجيل، وأحكم الخوف وثاقنا والطوق من حولنا، وضرب الهلع خيمته، ونصب رايته في ساحتنا، فمتى نقدم الرجل ولا نؤخرها ..؟
لقد أزعجتنا بأسئلتك وأكثرت إزعاجنا، ولا أرى فيها سوى استباقا للأمر واستعجالا لحدوثه، ولا أظنك إلا قد جانبت الصواب، وغير خاف عنك ما في العجلة من الندامة، وما في التأني من السلامة، ألا ترى السيل الجارف مثل ما نراه؟ وهدير المياه، ألا يطرق أذنيك مدويا ..؟
تعطل الحديث، وبدت عيون الناظرين شاردة في مشهد السيل الجارف، وهو يقتلع الصخور، ويجتث الأشجار بقسوة وجبروت، ثم يسوق حمله، طافيا وغير طاف، كرها وغصبا إلى حيث لا يعلمون ...
د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com