الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

انتبة فلحوم العلماء مسمومة

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صادق الشوق
    كاتب مسجل
    • Apr 2007
    • 241

    انتبة فلحوم العلماء مسمومة

    مكانة العلماء وفضلهم :

    قال الله تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}.[ سورة الزمر ، الآية : 9 ]
    ويقول – سبحانه -: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء}. [سورة فاطر ، الآية : 28 ]
    ويقول - جل وعلا -: { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.[ سورة النساء ، الآية : 59 ]
    وأولو الأمر- كما يقول أهل العلم - :هم العلماء، وقال بعض المفسَّرين : أولو الأمر: الأمراء والعلماء.
    ويقول الله - جل وعلا - : {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير}. [ سورة المجادلة، الآية : 11 ]
    وروى البخاري عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين. )) .
    قال ابن المنير - كما يذكر ابن حجر - : ( من لم يفقهه الله في الدين فلم يرد به خيراً ).
    وروى أبو الدرداء رضي الله عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (( فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر. العلماء هم ورثة الأنبياء . إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به ؛ فقد أخذ بحظ وافر )).


    مكانة اللسان وخطورته

    ولْنقِفْ وقفة ً لا بد منها في هذا المقام ، للتنبيه إلى خطورة اللسان ؛ لأننا قد تمادينا في التساهل بأمره ، والغفلةِ عن صونه من الزّلل . وَلْنُوطَّئ لذلك بإشارة إلى فضل نعمة اللسان ، تلك الجارحة التي امتنَّ الله بها علينا ، وإنّ مما يدل على عِظم شأنها ما حكاه الله - تعالى- عن موسى - عليه السلام-: من قوله : { واحْـلُلْ عقدة من لساني يفقهوا قولي } . [ سورة طه ، الآية : 27]
    ويقول { ولا ينطلق لساني }، [سورة الشعراء ، الآية : 13]
    وقوله عن أخيه هارون: { هو أفصح مني لسانا } .[ سورة القصص ، الآية: 34 ]
    ويقول- سبحانه - ممتنا على عبده: { ألم نجعل له عينين ، ولسانا وشفتين } . [سورة البلد ، الآية : 8 ]
    وعندما نتأمل – مثلاً – حال المحروم من هذه النعمة ألا وهو ( الأبكم ) ؛ فإننا ندرك – عقلياً – عِظَمَ هذه المنة الإلهية : هل يستطيع الأبكم أن يُعبر عما في نفسه ؟!
    إنه عندما يُريد التعبير عن شيء فإنه يستخدم كثيراً من أعضائه ، ومع ذلك لا يشفي نفسه، ولا يبلغ مراده ، وإنْ بلغه فبشق الأنفس .
    إذن ، فنعمة اللسان من أجلَّ النعم،ومن أكبر المنن الإلهية علينا. فهل حافظنا عليها ؟هل استخدمناها في الخير وجنبناها الزور والواقعية في أعراض العلماء وغير العلماء ؟
    إن النصوص تدل على خطورة أمر هذه الجارحة ، وفداحة الخسارة الناجمة عن التهاون في حفظها ، قال الله – تعالى – في شأن الإفك : { إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم } .[ سورة النور ، الآية :15 ]
    وقال – تعالى – في المنافقين : {فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد } .[سورة الأحزاب ، الآية : 19 ]
    وقال– تعالى - :{ يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وتصِفُ ألْسِنَتُهم الكذب أنَّ لهم الحسنى } . [ سورة الفتح ،الآية :11]
    ولذلك جاء الأمر بحفظ اللسان ، والتحذير من إطلاق العنان له :
    { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا } .[سورة الأحزاب ، الآية : 70 ]
    { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } .[سورة ق ، الآية 18]
    { ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا } . [ سورة الإسراء ، الآية : 36 ]
    وفي الحديث الذي رواه الترمذي (( وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم )).
    ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الحديث المتفق على صحته : (( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذية ؛ أضمن له الجنة )). رواه البخاري
    إن كثير من الناس - وبخاصة الطيبون المستقيمون - يضمنون ما بين الفخذين، وهذه نعمة عظيمة، وفّقهم الله- تعالى – إليها .
    ولكن ... هل نحن نضمن ما بين اللحيين؟هل يمر علينا يوم بدون أن نقع في عرض مسلم ،عالماً كان أو غير عالم ؟! ليحاسب ْ كلُّ امرئ نفسه، وليناقشها في ذلك الأمر الخطير ؛ لكي نصحح أوضاعنا في هذا الجانب ؛ امتثالاً لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)). متفق عليه ؛
    وحذراً من الوعيد في مثل قوله عليه الصلاة والسلام : (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها إلى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب )). متفق عليه
    وما أحكم قول الشاعر :
    يُصاب الفتى من عثرةٍ بلسانه ******* وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
    فعثرته في القول تذهب رأسه ******* وعثرته بالرجل تبــــرأ على مهـــــل


    وقول الآخر :
    احـفظ لسانـك أيهـا الإنـــسان ******** لا يـــلـدغــنـك إنه ثـعـبانُ
    كم في المقابر من قتيل لسانه ******** كانت تهاب لقاءه الشجعانُ


    أسباب أكل لحوم العلماء

    1- الغَيرَة والغِيرة :
    أما الغَيرَة –بالفتح - فهي محمودة ، وهي أن يغار المرء وينفعل من أجل دين الله، وحرمات الله - جل وعلا- لكنها قد تجر صاحبها – إن لم يتحرز- شيئا فشيئاً حتى يقع في لحوم العلماء من حيث لا يشعر .
    وأما الغِيرَة – بالكسر- فهي مذمومة وهي قرينة الحسد،والمقصود بها هو : كلام العلماء بعضهم في بعض من ( الأقران ) . قال سعيد بن جبير: ( استمعوا لعلم العلماء ، ولا تصدقوا بعضهم على بعض،فوالذي نفسي بيده لهم أشد تغايراً من التيوس في ضرابها ) . أي : استفيدوا من علم العلماء ،ولكن لا تصدقوا كلام العلماء بعضهم على بعض ، من الأقران.
    ولذلك قال الذهبي: (كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به،لاسيما إذا كان لحسدٍ أو مذهب أو هوى)

    2- الحسد :
    والحسد يُعْمي ويُصمّ ، ومنه التنافس للحصول على جاه أو مال، فقد يطغى بعض الأقران على بعض ، ويطعن بعضهم في بعض ؛ من أجل القرب من سلطان ، أو الحصول على جاه أو مال.

    3- الهوى: إن بعض الذين يأكلون لحوم العلماء لم يتجردوا لله – تعالى –وإنما دفعهم الهوى، للوقوع في
    أعراض علماء الأمة . و اتباع الهوى لا يؤدي إلى خير ، قال - تعالى- : { ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله } . [سورة ص ، الآية : 26 ]
    وقال – سبحانه - : { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم }. [ سورة القصص ، الآية : 50 ] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( صاحب الهوى يُعْميه الهوى ويُصمه ).
    وكان السلف يقولون : ( احذروا من الناس صنفين، صاحب هوى قد فتنه هواه ، وصاحب دنيا أعمته دنياه ).

    4 - التقليد:
    لقد نعى الله – تعالى – على المشركين تقليدهم آباءهم على الضلال : { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون }. [ سورة الزخرف ، الآية : 22 ]
    والتقليد ليس كلُّه مذموماً ، بل فيه تفصيل ذكره العلماء . ولكنني في هذا المقام أُحذر من التقليد الذي يؤدي إلى نهش لحوم العلماء ، فإنك - أحياناً - تسمع بعض الناس يقع في عرض عالم، فتسأله: هل استمعت إلى هذا العالم؟فيقول : لا والله . فتقول : إذن كيف علمت من حاله وأقواله كذا وكذا؟! فيقول: قاله لي فلان. هكذا يطعن في العالم تقليداً لفلان ، بهذه السهولة ، غير مراعٍ حرمة العالم .
    قال ابن مسعود : ( ألا لا يقلدنا أحدكم دينه رجلاً إن آمنَ آمن ، وإن كفرَ كفر ، فإنه لا أسوة في الشر).
    وقال أبو حنيفة : ( لا يحلُّ لمن يُفتي من كُتُبي أن يُفتي حتى يعلم من أين قلتُ ).
    وقال الإمام أحمد : ( من قِلة علم الرجل أن يقلِّد دينه الرجال ).

    5 - التعصب:
    من خلال سبري لأقوال الذين يتحدثون في العلماء – و بخاصة طلاب العلم و الدعاة – تبين لي أن التعصب من أبرز أسباب ذلك . والباعث على التعصب هو الحزبية ، الحزبية لمذهب أو جماعة أو قبيلة أو بلد ، الحزبية الضيقة التي فرقت المسلمين شيعاً، حتى صدق على بعضهم قول الشاعر :
    وهل أنا إلا من غُزية إن غوت ****** غويت إن ترشد غزيةُ أرشد
    سمعت أن بعض طلاب العلم يتكلمون في بعض العلماء ، وفجأة تغير موقفهم، وصاروا يثنون عليه ؛ لأنهم سمعوا أن فلاناً يثني عليه ؛ فأثنوا عليه ، وسبحان الله مغير الأحوال .
    إذا ضل من يتعصبون له ؛ ضلوا معه، وإذا اهتدى للصواب ؛ اهتدوا معه . لقد سلَّم بعض الطلاب والدعاة عقولهم لغيرهم ، وقلدوا في دينهم الرجال .

    ما الواجب علينا اتجاه علمائنا :

    1- أن نحفظ للعلماء مكانتهم و فاعليتهم في قيادة الأمة وأن نتأدب معهم :
    إن في معاملة السلف لعلمائهم لقدوةً لنا ، يجب الإقتداء بها ن وإن فيما سطّروه من بيان ٍ لآداب طالب لنوراً ، ينبغي لشُداةِ العلم أن يستنيروا به في طريق الطلب .
    قال العراقي: (لا ينبغي للمحدث أن يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك، وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء ).
    وقال ابن الشافعي: ( ما سمعت أبي ناظر أحداً قط فرفع صوته ).
    وقال يحيى بن معين: ( الذي يحدث في بالبلد وفيها من هو أولى منه بالتحديث فهو أحمق ).
    وقال الصُّعلوكيّ: ( من قال لشيخه: لم - على سبيل الاستهزاء - لم يفلح أبدا ).
    وتأدب ابن عباس – رضي الله عنه - مع عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه - حيث مكث سنة يريد أن يسأله عن مسألة من مسائل العلم ، فلم يفعل .
    وقال طاووس بن كيسان : ( من السُّنة أن يُوقر العالمُ ).
    وقال الزهري : ( كان سلمةَ يماري ابن عباس ؛ فحُرم بذلك علماً كثيراً ).
    وقال البخاري : ( ما رأيت أحدا أوقر للمحدثين من يحيى بن معين ).
    وقال المغيرة: ( كنا نهاب إبراهيم كما نهاب الأمير ).
    وقال عطاء بن أبي رباح : ( إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأنُصت له كأني لم أسمعه أبداً . وقد سمعته قبل أن يولد ).
    وقال الشافعي: ( ما ناظرت أحداً قط إلا وتمنيت أن يجري الله الحق على لسانه).
    ذُكر أحد العلماء عند الإمام أحمد بن حنبل - وكان متكئاً من علة - فاستوى جالساً وقال لا ينبغي أن يذكر الصالحون فنتكئ .
    وقال الجزري: ( ما خاصم ورع قط ) .
    وبمثل هؤلاء يحسن الإقتداء { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } . [ سورة الأنعام ، الآية : 90 ]

    2- أن نعلم أنه لا معصوم إلا من عصم الله ، وهم الأنبياء والملائكة.وعلى ذلك فيجب أن ندرك أن العالم معرضٌ للخطأ ، فنعذره حين يجتهد فيخطئ ، ولا نذهب نتلمس أخطاء العلماء ونحصيها عليهم .
    ولقد كان سلف الأمة – رحمهم الله – يستحضرون هذا الأمر ، ويفقهونه حقَّ الفقه .
    قال الإمام سفيان الثوري: ( ليس يكاد يثْبُتُ من الغلط أحد ).
    وقال الإمام أحمد: ( ومن يعرى من الخطأ والتصحيف !! ).
    وقال الترمذي: ( لم يسلم من الخطأ والغلط كبيرُ أحدٍ من الأئمة مع حفظهم ).
    وقال ابن حبان : ( وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت صحة عدالته بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك تُرك حديث الزهري، وابن جُريج، والثوري ، وشعبة ، لأنهم أهل حفظ وإتقان، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في رواياتهم ).

    3 - أن ندرك أن الخلاف موجود منذ عهد الصحابة وإلى أن تقوم الساعة :
    لذلك يجب أن تتسع صدورنا للخلاف بين العلماء ، فلكل واحد منهم فهمه ، ولكل واحد إطلاعه على الأدلة ، ولكل واحد نظرته في ملابسات الأمور ؛ فمن الطبيعي أن يوجد الخلاف بينهم ، وانظر ما ذكره كثير من العلماء في هذا الموضوع ، ككتاب (( رفع الملام عن الأئمة الأعلام )) ، لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - .

    4- أن نفوت الفرصة على الأعداء، و ننتبه إلى مقاصدهم وأغراضهم، وأن ندافع عن علمائنا،لا أن نكون من وسائل تمرير مخططات الأعداء من حيث لا يشعرون

    5 - أن نحمل أقوال علمائنا وآراءهم على المحمل الحسن، و ألا نسيء الظن فيهم ، وإن لم نأخذ بأقوالهم.
    حقاً أننا لسنا ملزمين بالأخذ بكل أقوال العلماء،لكن ثمة فرقاً كبيراً بين عدم الأخذ بقول العالم- إذا كان هناك دليل يخالفه - الجرح فيه ، فلا يعني عدم اقتناعنا برأي العالم أن نستبيح عرضه ، ونأكل لحمه .
    ولقد كان الإمام الشافعي – رحمه الله - يقول: ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) ونُقل ذلك عن غير واحد من الأئمة ؛ فقد كانوا يُدركون أنه ليس أحد متعبداً بقول عالم ، فقد يكون قوله مخالفاً للدليل ، لأنه لم يبلغه – مثلاً – لكن تبقى حرمةً العالم مصونة ً من الطعن والوقيعة .
    قال عمر - رضي الله عنه- : ( لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً ).

    6 - أن ننتبه إلى أخطائنا وعيوبنا نحن، وننشغل بها عن عيوب الناس عامة، وعن أخطاء العلماء خاصة.يا واعظ الناس قد أصبحت متهما ****** إن عـبت منهـم أمورا أنت تأتـيها
    وأعظـم الإثـم بعـد الـشرك نـعـلمه ****** في كل نفس ؛عماها عن مساويها
    عـرفـتها بعـيوب الناس تــبـصرهـا ****** منـهم ولا تبصر العيب الذي فيها
يعمل...