الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

من قصص الانتفاضة : زواج مجاني

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.مصطفى عطية جمعة
    كاتب مسجل
    • Aug 2007
    • 76

    من قصص الانتفاضة : زواج مجاني

    من أدب الانتفاضة الفلسطينية :
    حسين أبو نصر : زواج مجاني !

    قال " حسين " وهو يستقبل أمه معانقًا ومقبّلاً لها :
    - هل دعوتِ لي يا أمي كما طلبتُ منكِ ؟
    اتخذت الأم مجلسها ، بينما أحاط بها أبناؤها الستة ، وبناتها الأربع . هتف " حسين " مكررًا مقولته وهو ينظر في عينيها بقوة :
    - أماه ، هل دعوتِ لي وأنتِ تقفين على جبل عرفات ؟
    صمتت الأم ، صمت إخوانه وأخواته ، حتى الأحفاد الصغار .جالت الأم ببصرها بين أبنائها ، ثم استقرت مقلتاها على وجه " حسين " ، همست له :
    - كنتُ قد نسيت كل شيء عندما حطتْ قدماي أرض مكة المباركة . لم أكن أتخيل أن الله سبحانه قد رزقني الحج . لم أتصور أنني أسير على نفس الأرض التي سار عليها رسولنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . لقد نسيت كل الدنيا وأنا في الحج .
    بدا القلق على ملامح " حسين " ، غير أنه لاذ بالصمت ، بينما أردفت الأم :
    - وأنا على جبل عرفات ، أتطلع إلى السماء … ، أسبح في نور الإيمان ، تذكرتك يا حسين .. ، وتذكرت كل أحبابي . دعوتُ لكم جميعًا .
    حسين : بمثل ما طلبتُ منك يا أمي ؟
    الأم : نعم ، دعوتُ وقلتُ : " اللهم ارزق ابني حسين الشهادة " .
    استطردت الأم وهي تسرح بعينيها :
    - تذكرتُ أخاك عبد الله ، الذي فاز بها في انتفاضة 1987 .
    * * * *
    قالتْ " ليلى " لشقيقها " حسين " :
    - ألن تشاهد بدلة زفافك ؟
    كان مطرقًا ، رفع وجهه ، ونظر إليها بعينين غائمتين مستفهمًا . أعادت الأخت كلماتها بإسهاب :
    - أخوك اشترى لك بدلة عرسك .
    أسرعت ، وفضت أوراقًا وكيسًا بلاستيكيًا كبيرًا ، وراحت تخرج البدلة له .
    - انظر يا حسين . إنها فخمة وجميلة .
    دلفت الأم الغرفة ، وهي تبتسم ، وهتفت :
    - اتفقنا على أن يكون عرسك على ابنة عمك في شهر يوليو القادم ، وقد اشتريتُ لحافًا جميلاً لعرسك .
    قال حسين ضاحكًا :
    - لقد كلّف أخي نفسه ، إن نفقاتي عرسي جاهزة بإذن الله ، ليست لزوجة واحدة ، وإنما لزوجات …
    * * *
    - متى الأمر ؟ إنني في شوق إلى … ، إنني أتقلب ليلاً ولا أستطيع النوم .
    قال له إخوانه وهم يتحلقون حوله :
    - حسين ، ما دمت قد اشتقت ، فأعد نفسك .
    بحرارة هتف : إنني جاهز منذ فترة طويلة .
    قال أحدهم : هل تعرف مفترق طرق الشهداء .
    حسين : نعم .. ، وهل أنسى مكان استشهاد أنور الشبراوي وعبد الله المدهون ، لقد استشهدا عند هذا المفترق ، جنوب غزة ، وأنا أحفظ التاريخ جيدًا ، أول إبريل 1997 .
    - هل تودّ الثأر لهما ؟
    - نعم ، فلم تخمد نارهما في قلبي .
    - إذن ، فاحفظ ما سنقوله لك .
    * * *
    قالتْ " ليلى " وهي تنظر لشقيقها :
    - حسين دائمًا شارد ! فيم تفكر ؟
    ابتسم " حسين " بغموض ، وقال :
    - أفكر في رؤيا رأيتها في منامي منذ فترة .
    - وما هي هذه الرؤيا ؟
    - كنتُ أقف مع صديقيّ " الشبراوي والمدهون " في رفقة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) في روضات الجنة .
    بكتْ " ليلى " بشدة وهي تتنشج بصوت عال ، اقترب منها " حسين " مهدئًا ، قالتْ مشيرةً لصدرها :
    - صدري ضيق ، وكأنني أتنفس من خرم إبرة .
    - هيا اذهبي لزوجكِ حتى لا يقلق عليكِ .
    - سآتي غدًا الجمعة حتى أصنع لك الفطائر التي تحبها .
    - إن شاء الله يا حبيبتي .
    استمعتْ الأم لحديثهما وهي جالسة في ركنٍ بالبيت ، قالتْ :
    - حسين ، هل … ؟
    - أماه .. ، أماه … ، إنني متعجل لعرسي ، أتمنى أن يكون غدًا ، لابد أن توزّعي الحلوى بيديك على أحبابنا .
    قبلهما ، ثم تحرّك خارجًا ، كان الليل يقترب من منتصفه .
    * * *
    مع تنفس الصبح ، سار " حسين " مستنشقًا النسمات الرطبة . كان وحيدًا عند مفترق طرق الشهداء . هنا كان الشبراوي والمدهون ، هل سأنال ما نالاه ؟ تحسس اللفائف المحيطة ببطنه . استمع صوت سيارة ، اختبأ خلف أحد الكثبان الرملية ، ارتفع الصوت، تحرك ، كانت شاحنة لليهود في طريقها إلى معسكر الشرطة الحربية اليهودية، اقترب من الشاحنة وهي تسير بتؤدة ، على الطريق الأسفلتي الضيق ، تسلق صندوقها الخلفي ، تطلع من فوقها ، شاهد مباني المعسكر ، الشاحنة تتباطأ عند البوابة …
    دوّى انفجار هائل .
    * * *
    أعلن راديو الصهاينة عصر الجمعة 25 / 5 / 2001 م : " قام أحد الإرهابيين بتفجير نفسه عند مفترق الطرق بجنوب غزة ، ولم تسفر العملية إلا عن قتل منفذها " .

    بينما أكدت حركة المقاومة الإسلامية " حماس " في بيان وزّع على وكالات الأنباء :
    " … وقد نجحت العملية بفضل الله ، ونال منفذها حسين حسن محمد أبو نصر الشهادة ، وقد نتج عن العملية تفجير الشاحنة ، والموقع العسكري الصهيوني جنوب غزة ، وكتائب الشهيد عز الدين القسام تنعى بكل آيات الجهاد شهيدها " أبا نصر ".
    * * *
    في الموكب الجنائزي المهيب ، تحركت جموع الناس مودعة شهيدها في شارع كبير وسط مدينة غزة ، سارت الأم تمسح دمعاتها المترقرقة ، وهي تقول :
    - كنت أتمنى أن تكتحل عيناي برؤيته قبل أن يستقر في مثواه الأخير ، مثل كافة أمهات الشهداء ، كانت تلك أمنيتي الوحيدة بعدما سمعتُ نبأ … ، ولكن يكفيني فخرًا أن جسد ابني المتفحم ، حطّم موقعًا لليهود ، كان سببًا في استشهاد عشرات الفلسطينيين من قبل .
    وقالت " ليلى " شقيقته وكأنها تناجيه :
    - لقد ذهبت إلى بيتنا صباح الجمعة ، لأساعد أمي في عمل الفطائر التي تحبها … ، توقعت أن تعود عقب صلاة الجمعة .
    الأم : سأوزّع الحلوى يوم عرسك يا بني .
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 09-29-2007, 05:29 PM.
  • ريمه عبد الإله الخاني
    كاتب مسجل
    • May 2007
    • 349

    #2
    رد: من قصص الانتفاضة : زواج مجاني

    نعم استاذنا
    لكنه ليس مجاني فجائزته جنة الخلد
    اثابنا الله واياكم وانالنا اياها
    سلم قلمك

    تعليق

    يعمل...