الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

السقا حي

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.مصطفى عطية جمعة
    كاتب مسجل
    • Aug 2007
    • 76

    السقا حي

    السقا حي
    - نبوية ، خذي المياه .
    من مجلسها أمام البيت ، في بقعة الشمس ، ترد :
    - صب المياه في الزير ، وما يتبقى في الطبق البلاستيك .
    يتحرك حاملاً " زمزميتيه " الكبيرتين المعلقتين في خشبة على كتفه .
    قالت : - فاكر أيام الصفيحتين يا " بدوي " .
    - هل لابد أن تذكريني ؟
    *
    قالتْ رفيقتها " أم سليم " :
    - لماذا لا توصلين المياه مثل باقي الحارة ؟
    - تحتاج فلوسًا كثيرة .
    - ارحمي نفسك من السقا .
    - مياهه كلها بركة .
    *
    سألته : - كم بيتًا تعطيهم ماء ؟
    - الرزق من ربنا .
    - اشتغل في السوق ، بعْ أي شيء .
    - هل أبيع المياه في السوق ؟! لا أعرف غيرها .
    *
    قالت له ، وهي تستدفىء أمام المجمرة في ساحة البيت :
    - أولادي وإخوتي ، كلهم تركوني وحيدة ، أنت الذي تطرق بابي كل يوم .
    - البيت قديم ، وحيطانه مشققة .
    - الشقق الجديدة علب والنفوس أضيق .
    - أنتِ مثلي ، كلهم يسخرون من شغلتي .
    سكت ، متلذذًا بالوهج الساخن :
    - لكن أبي الله يرحمه قال لي السقا خادم المياه ، والمياه روح الجسم .
    - لو متنا أنا وباقي العجائز مثلي ، من سيشتري منك ؟
    ضحك عاليًا ، وقام حاملاً الزمزيتين الخاويتين .
    *
    قابلها تحمل الفول والخبز :
    - صباحك رائق يا نبوية .
    ردت التحية ، وأردفت :
    - افطر معي ، ألم تملأ رائحة الكمون خياشيمك ؟
    …………..
    في ساحة الدار ، قال وهو يقرّب رأسه من وابور الشاي :
    - جاءني سكان عمارة الحاج " جلال " .
    قالتْ يتؤدة : - لماذا ؟
    - المياه لا تصل للشقق العالية . تكسرت أقدامي وأنا أصعد .
    سكت ، تهدج صوته :
    - لمحت ابتسامتهم وأنا أمشي وسط الشقة على السجاد .. ، خافوا أن يتسخ من ملابسي وحذائي
    - " معلهش " .. يا بدوي .
    - بيوت زمان ، كانت الأزيار جانب الباب الأرضي ، ولم أكن أرى حرمة البيت .
    تهدج صوته :
    - قلت في نفسي : باب رزق وانفتح لك …
    قالتْ مبتسمة بفمها الخاوي من الأسنان :
    - كنت تقول دائمًا إن السقا لازم يكون قلبه صافيًا مثل مياهه .
    *
    سقط الزمزميتان الكبيرتان ، سال الماء وتجمع في حفرة بالحارة . كانت رفيقتها " أم سليم " تصرخ وسط ساحة بيتها . قال :
    - دعوتك يارب أن تجعل يومي قبلها .
يعمل...