الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

بنية القصيدة في "مديح من أهوى " للشاعر محمد عمران (2 من 2 )

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صلاح الحسن
    كاتب مسجل
    • Feb 2004
    • 227
    • أقلل عتابك فالمقام قليلُ

      والدهر يعدل تارة ويميلُ

    بنية القصيدة في "مديح من أهوى " للشاعر محمد عمران (2 من 2 )

    3 - الصورة التركيبية: حيث تكون الصورة الشعرية متولدة من سابقتها , بعلاقة سببية , أو بالتكرار الوظيفي التغيري , حتى يتركب النص كلاً واحداً , ولكي نوضح هذا نقرأ ما قاله عمران في قصيدة " مديح من أهوى " :
    لو قلتُ: قلب الأرض ينبض ملْءَ قلبكِ ,
    لن يصدّقني أحدْ
    لو قلتُ: وجهك غيمةٌ , وأنا أرى أمطاره السوداءَ تهطلُ ,
    لن يصدقني أحدْ
    لو قلت: في عينيك نهر صنوبرِ يجري ,وإني جالس في ضفتيهِ ,
    لن يصدقني أحدْ (20)
    وبتكرار العبارتين (لو قلت , لن يصدقني أحد) , تتعدد الإجابات , وتتوالد الصور من بعضها, ضمن صورة المحبوبة الكلية , أما قصيدة " شجرة التكوين " فهي خير مثال على التركيب , الذي يرادف التكوين , في عنوان القصيدة :
    ورق أزرقٌ ..
    كان يبتكر امرأةً , ويلوّن إيقاعَها المبتكرْ
    يرسم الوجهَ قصرَ عصافير بيضاءَ , والشَّعر ضوءَ قمرْ
    ثم يرسم مرجاً , يسميه عينينِ , ترتع فيه صبايا ذهبْ
    ثم يرسم ضحكتها زهر لوزٍ , ويرسم للصوت نهر شجرْ
    ويسمي يديها سنونوتينِ , ويرسم قرميدتين , لنومهما المختصرْ
    ثم يرسم منحدراً من ظلالٍ يسمي تقاسيمه جسداً
    ويرشّ النجوم على المنحدرْ (21)
    فالشاعر يبتكر حبيبته , ويركبها من صور مختلفة , ضمن نظرته الصوفية إليها , وهو هنا يختلف عن شعراء العصرين العثماني والمملوكي , الذين حاولوا تجزئة الحبيبة , ولا سيما الجسد , إلى صفات جزئية , حيث كانوا يشرحونها إلى حاجبٍ كالسيف , ورمشٍ كالسهم , وقدٍّ كقضيب البان , وغير ذلك. أما عمران فيركبها من حسي ومعنوي , دون حدود فاصلة , ويجمع فيها كل غريب , وقريب , ليرسم لنا صورتها الكاملة .
    4 - العناصر القصصيّة: استفاد عمران في قصيدته من عناصر القصة : كالسرد , والحوار , والاستغراق الزماني والمكاني . وتجنباً للإطالة سأتناول واحداً من هذه العناصر وهو السرد الذي يعدّ لبنة من لبنات البناء الشعري الحداثي ,استعاره الشعر من شقيقته الرواية في ظل ما يسمى بتداخل الأجناس الأدبية , وهو عنصر أساسي في قصائد عمران , ويتخذ أهميته في هذه المجموعة من كونها تنتمي في معظم قصائدها إلى أدب السيرة الذاتية , التي تتسم كلياً بالسردية , وسنقف عند قصيدته الأخيرة في المجموعة " قصيدة لم تتم ":
    من هنا مرّ .. , كان صباحٌ من الأقحوانِ ,
    تحسس قلب السماءِ على قلبه ,
    ومشى باتجاه البعيدِ... (22)
    فالراوي هو الشاعر , الذي يتحدث عن نفسه بضمير الغائب في المقطعين الأول والثاني , ثم ينتقل في المقطع الثالث - وهذا ما سأعود إليه بعد قليل - إلى ضمير المتكلم , ويسرد حكايته على طريقته , فيعود إلى ماقبل ولادته , ليضعنا في حيثيات هذه الولادة , وكيف كان البيت , وكيف دخلته امرأة هي ربما زوجته , واسمها مريم , وكيف كان الموت يتدخل في هذه الأحداث , ثم يتدخل بين الشاعر وقصيدته :
    يا أبي طلع الضوءُ , قم نتناول معاً
    كأس شايٍ ,
    سيجارة واحده
    جلسنا أحدثه ويحدّثني
    وأتى الأقرباء إلينا :
    أبو يوسفٍ , وعليٌّ , وعمي حسينُ
    ومدت أحاديث عن سفر البر والجوعِ ,
    والحرب ضد فرنسا , وأسلحة العرب الفاسده
    ومدَّ حديث عن الزرع والضرع , والسنة الجامده (23)
    ولعل من أهم سمات السرد لدى عمران اللامنطقية في الأحداث , فلا يعترف بتسلسلها المنطقي , وإنما يجاور ما بينها , فتتناوب , وتتحاور.
    5 - التنقل النصي : وقد لمسته في هذه المجموعة , متمثلاً شكلاً من خلال الانتقال من التفعيلة في قصيدة , إلى النثر في أخرى , ومن تفعيلة إلى أخرى داخل القصيدة الواحدة , والمقطعية , وما تبع هذا الانتقال , من استيعاب الحالات المختلفة؛ ومضموناً من خلال تناوب الضمائر , وتعددها , ومن خلال التعبير بالثنائيات المتوازية, الأمرالذي ينتقل بالمتلقي من حالة إلى أخرى , ونورد هنا هذين المقطعين من قصيدة " مدار بديعة ":
    أنا في مدار بديعة ارتفع الحجابُ
    أرى قباب النور دانية القطوفْ
    وأرى سماء من أريج الشعرِ , ترفل بالجلال الأنثويْ
    وأرى بديعة تستوي شمساً على عرش القصيدة في مرايا الأطلسيْ (24)
    ويقول في المقطع التالي :
    كيف لي أن أمدّ يدي , فأراود برق بديعةَ ,
    إن الفضاء الذي تحتوي يدها من شموسٍ
    وإن كوكبها في سفورْ
    وهي بين الخفاء وبي التجلي
    يغيّبها جسد من حضورْ (25)
    نلاحظ أن لكل مقطع تفعيلته , مرة على تفعيلة الكامل , ومرة على تفعيلة المتدارك, ولكل مقطع ضميره المختلف , وحالته االشعورية.
    خاتمة : لقد حاولت في السطور السابقة الحديث في تجربة الشاعر , وربما سهوت أحياناً فتحدّثت عنها أو حولها , وإذا كانت قصيدة عمران في هذه المجموعة قصيدة القارئ التي تحمل مشتركاً إنسانياً , و تنفتح على دلالات لانهائية , فما هذه المحاولة إلا قراءة , تخضع لقانون التراكم , وتنتظر من يضيف إليها .
    صلاح إبراهيم الحسن
    أبو كهف 21/3 / 2004
    هوامش الدراسة:
    1. د. خليل الموسى - عالم محمد عمران الشعري- منشورات وزارة الثقافة- 2003م - ص 19
    2. محمد عمران - الأعمال الشعرية الكاملة - منشورات وزارة الثقافة - 2000م - الجزء الرابع - ص197
    3. المصدر السابق - ص200
    4. المصدر السابق - ص207
    5. المصدر السابق - ص208
    6. د.أحمد محمد قدور - اللسانيات وآفاق الدرس اللغوي - دار الفكر - دمشق - 2001 م - ط 1- ص 127
    7. محمد عمران - الأعمال الشعرية الكاملة - منشورات وزارة الثقافة - 2000م - الجزء الرابع- ص199
    8. سورة الحاقة , الآيتين 22 – 23
    9. سورة الرحمن الآية 5
    10. محمد عمران - الأعمال الشعرية الكاملة - منشورات وزارة الثقافة - 2000م - الجزء الرابع - ص
    11. المصدر السابق - ص
    12. د. خليل الموسى - عالم محمد عمران الشعري- منشورات وزارة الثقافة- 2003م - ص205
    13. محمد عمران - الأعمال الشعرية الكاملة - منشورات وزارة الثقافة - 2000م - الجزء الرابع- ص251
    14. المصدر السابق - ص233
    15. المصدر السابق - ص246
    16. المصدر السابق - ص208
    17. المصدر السابق - ص238
    18. محمد عمران - الأعمال الشعرية الكاملة - منشورات وزارة الثقافة - 2000م - الجزء الثالث- ص216
    19. د. خليل الموسى - عالم محمد عمران الشعري- منشورات وزارة الثقافة- 2003م - ص173
    20. محمد عمران - الأعمال الشعرية الكاملة - منشورات وزارة الثقافة - 2000م - الجزء الرابع- ص218
    21. المصدر السابق - ص244 - 245
    22. المصدر السابق - ص248
    23. المصدر السابق - ص 251
    24. المصدر السابق - ص199
    25. المصدر السابق – ص200
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 12-29-2005, 03:26 PM.
يعمل...