حبيبتي !
تصادمت الأقلام وسال مدادها ألما بين مروج الأوهام، فنبتت قصائد تستغيث من جفاف الأصوات وغياب الصدى، حيث ضاقت الحروف من كلمات اللغو والاستهزاء، من السخرية والخداع، لغو داس ورفس كل المبادئ وعكر كل الأجواء.....
حبيبتي، سأسافر بعد قليل... وإذا عدت، سأعود شبحا هرما ... فلا تنتظريني
وضع الرسالة بصندوق البريد ثم حمل حقيبته ورحل.
رحل يطوي الأمكنة والأزمنة ويخترق الأمواج والأهوال، لعله يصل يوما إلى مبتغاه،... إلى مدينة أحلامه.
عن ماذا يبحث؟ عن هوية، عن وطن ؟ أم عن رغبة فقط للسفر ...
لن ينسى أبدا يوم أغمي عليه،
يوم وجد نفسه مكبلا في زنزانة قضبان حديدها صدأ ينخر جسده، وسخرية قهقهات عيون زرقاء تخرق طبلتي أذنيه، والتي رمت به طريحا على جنبات شاطئ رماله محرقة ...
ولما استفاق من غيبوبته، علم أنه قد رجع خاوي الوفاض، مكسور الخاطر وفاقدا للأحلام،
لم ينتظر كثيرا، نهض ينفض صدى الأمواج والرمال وانزوى بين أركان الدرب أمام حبيبته التي كانت تحتضر، ليكتب رواية تحت عنوان : الرحلة إلى السراب.
كان يوما مشهودا، في الساحة الكبرى للمدينة، سكتت الطبول ونُصب تمثال محبط الكتفين، بدون رأس ولا رجلين، ووضع الحجر الأساسي لبناء ضريح لمحبوبته ...بينما المترجمون استهزؤوا من الرواية، تائهين كعادتهم في فضاءات من السراب.