الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

أصول أهل السنة والجماعة

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • طارق شفيق حقي
    المدير العام
    • Dec 2003
    • 11929

    #16
    رد: أصول أهل السنة والجماعة

    سلام الله عليك
    أخي الكريم عبد المنعم أول مرة أسمع عن اب الأمير الذي استشهدت به
    ابن الأمير: افتراق الأمة ـ

    ثم لو لاحظت أن الحديث قد ورد بأكثر من صيغة
    صيغة لا تختم ب ( كلها في النار إلا واحدة) وقد قال كثير من العلماء في هذه الخاتمة ومنهم أخيراً الشيخ القرضاوي

    وحديث يختم بها ،ومن رواة هذا الحديث بهذه التتمة هو
    الراوي: عوف بن مالك
    وقد أنكرت كثير من الكتب هذا الحديث كما أوردت


    باعتقادي أن ترك الشبهات أسلم للإنسان المسلم
    وهذه عقيدة المسلم في ترك الشبهات
    وطالما أن هناك شبهة حول صحة هذا الحديث لنأخذ الصحيح

    وهو الوارد بالشكل الأول

    والسؤال ما الغاية من ذلك:
    إن الخاتمة التي يختم بها الحديث كما ورد" كلها في النار إلا واحدة)

    تفسر من كل مذهب بطريقة
    وتأتي على قياس أصحاب المذهب
    سبحانك اللهم

    كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول:
    لو كانت إحدى قدماي في الجنة والأخرى خارجها لما أمنت مكر الله"

    أو بمعنى قوله

    وهذا المنهج هو منهج أهل الصلاح والفلاح
    لا يدّعون أنهم أصحاب الجنان مستنيرين بتفسير ذاتي واشراق نفسي

    هذا النهج هو النهج الصحيح ولن يدخل أحد الجنة بعمله ولا بنسبه ولا بمذهبه
    لن يدخل إلا من رحمه الله

    تعليق

    • عبد المنعم جبر عيسي
      كاتب
      • Aug 2008
      • 811
      • moneim

      #17
      رد: أصول أهل السنة والجماعة

      المشاركة الأصلية بواسطة طارق شفيق حقي
      سلام الله عليك
      أخي الكريم عبد المنعم
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
      الحديث صحيح استاذ طارق ...
      واليك آخر ما وصل اليه بحثى :
      صح من حديث أبى هريرة رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتتفرق امتى على ثلاث وسبعين فرقة ) .
      وخرجه الترمذى هكذا.
      وفى رواية أبى داود ، قال : ( افترق اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة ).قال الألبانى.. رحمه الله تعالى:
      ( أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجة وابن حبان والآجرى فى "الشريعة" والحاكم وأحمد وأبو يعلى فى "مسنده" من طرق عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعاً به. وقال الترمذى: "حديث حسن صحيح". وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم". ووافقه الذهبي ) .
      قلت ( أى الألبانى): ( وفيه نظر فإن محمد بن عمرو، فيه كلام ولذلك لم يحتج به مسلم، وإنما روى له متابعة، وهو حسن الحديث، وأما قول الكوثرى فى مقدمة "التبصير فى الدين" (ص5) أنه لا يحتج به إذا لم يتابع، فمن مغالطاته، أو مخالفاته المعروفة، فإن الذى استقر عليه رأى المحدثين من المحققين الذين درسوا أقوال الأئمة المتقدمين فيه أنه حسن الحديث يحتج به، من هؤلاء النووى والذهبى والعسقلانى وغيره. على أن الكوثرى إنما حاول الطعن فى هذا الحديث لظنه أن فيه الزيادة المعروفة بلفظ : (كلها فى النار إلا واحدة) وهو ظن باطل، فإنها لم ترد فى شئ من المصادر التى وقفت عليها من حديث أبى هريرة رضى الله عنه من هذا الوجه عنه ) .
      وقد وردت الزيادة المشار إليها من حديث معاوية رضى الله عنه، وهذا لفظه :
      ( ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون فى النار، وواحدة فى الجنة، وهى الجماعة ) .
      أخرجه أبو داود والدارمى وأحمد وكذا الحاكم والآجرى وابن بطة واللالكائى من طريق صفوان قال : حدثنى أزهر بن عبد الله الهوزنى عن أبى عامر عبد الله بن لحى عن معاوية بن أبى سفيان أنه قام فينا فقال: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال فذكره. وقال الحاكم وقد ساقه عقب حديث أبى هريرة المتقدم:
      "هذه أسانيد تقام بها الحجة فى تصحيح هذا الحديث". ووافقه الذهبى وقال الحافظ فى "تخريج الكشاف" (ص63): "وإسناده حسن".
      والحديث أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره (1/390) من رواية أحمد، ولم يتكلم على سنده بشىء، ولكنه أشار إلى تقويته بقوله: "وقد ورد هذا الحديث من طرق".
      ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية فى "المسائل" (83/2) :
      "وهو حديث صحيح مشهور". وصححه أيضاً الشاطبى فى "الاعتصام" (3/3.
      ومن طرق الحديث التى أشار إليها ابن كثير، وفيها الزيادة، ما ذكره الحافظ العراقى فى "تخريج الإحياء" (3/199) قال:
      "رواه الترمذى من حديث عبد الله بن عمرو وحسنه، وأبو داود من حديث معاوية، وابن ماجة من حديث أنس وعوف بن مالك، وأسانيدها جياد".
      قال (الألبانى): قلت: ولحديث أنس طرق كثيرة جداً تَجَمَّعَ عندى منها سبعة، وفيها كلها الزيادة المشار إليها، مع زيادة أخرى يأتى التنبيه عليها.
      فقد تبين بوضوح أن الحديث ثابت لا شك فيه، ولذلك تتابع العلماء خلفاً عن سلف على الاحتجاج به حتى قال الحاكم فى أول كتابه "المستدرك": ( أنه حديث كبير فى الأصول ) ولا أعلم أحداً قد طعن فيه، إلا بعض من لا يعتد بتفرده وشذوذه، أمثال الكوثرى الذى سبق أن أشرنا إلى شئ من تنطعه وتحامله على الطريق الأولى لهذا الحديث، التى ليس فيها الزيادة المتقدمة: "كلها فى النار"، جاهلاً بل متجاهلاً حديث معاوية وأنس على كثرة طرقه عن أنس كما رأيت. وليته لم يقتصر على ذلك، إذن لما التفتنا إليه كثيراً، ولكنه دعم رأيه بالنقل عن بعض الأفاضل، ألا وهو العلامة ابن الوزير اليمنى، وذكر أنه قال فى كتابه: "العواصم والقواصم" ما نصه:
      "إياك أن تغتر بزيادة" كلها فى النار إلا واحدة" فإنها زيادة فاسدة، ولا يبعد أن تكون من دسيس الملاحدة. وقد قال ابن حزم: إن هذا الحديث لا يصح".

      وقفت على هذا التضعيف منذ سنوات. ثم أوقفنى بعض الطلاب فى "الجامعة الإسلامية" على قول الشوكانى فى تفسيره "فتح القدير" (2/56):
      "قال ابن كثير فى تفسيره: وحديث افتراق الأمم إلى بضع وسبعين، مروى من طرق عديدة، قد ذكرناها فى موضع آخر. انتهى. قلت: أما زيادة كونها فى النار إلا واحدة "فقد ضعفها جماعة من المحدثين" (!)، بل قال ابن حزم: إنها موضوعة".
      ولا أدرى من الذين أشار إليهم بقوله: "جماعة ..." فإنى لا أعلم أحداً من المحدِّثين المتقدمين ضعف هذه الزيادة، بل أن الجماعة قد صححوها وقد سبق ذكر أسمائهم، وأما ابن حزم فلا أدرى أين ذكر ذلك ؟! ، وأول ما يتبادر للذهن أنه فى كتابه "الفصل فى الملل والنحل" وقد رجعت إليه، وقلبت مظانه فلم أعثر عليه، ثم إن النقل عنه مختلف، فابن الوزير قال عنه: "لا يصح"، والشوكانى قال عنه: "إنها موضوعة"، وشتان بين النقلين كما لا يخفى، فإن صح ذلك عن ابن حزم، فهو مردود من وجهين:
      الأول: أن النقد العلمى الحديثى قد دل على صحة هذه الزيادة، فلا عبرة بقول من ضعفها.
      والآخر: أن الذين صححوها أكثر وأعلم بالحديث من ابن حزم، لا سيما وهو معروف عند أهل العلم بتشدده فى النقد، فلا ينبغى أن يحتج به إذا تفرد عند عدم المخالفة فكيف إذا خالف؟!

      وأما ابن الوزير، فكلامه الذى نقله الكوثرى يشعر بأنه لم يطعن فى الزيادة من جهة إسنادها، بل من حيث معناها، وما كان كذلك فلا ينبغى الجزم بفساد المعنى لا مكان توجيهه وجهة صالحة ينتفى به الفساد الذى ادعاه. وكيف يستطاع الجزم بفساد معنى حديث تلقاه كبار الأئمة والعلماء من مختلف الطبقات بالقبول وصرحوا بصحته، هذا يكاد يكون مستحيلاً !
      وإن مما يؤيد ما ذكرته أمرين :
      الأول: أن ابن الوزير فى كتاب آخر له قد صحح حديث معاوية هذا، ألا وهو كتابه القيم: "الروض الباسم فى الذب عن سنة أبى القاسم" فقد عقد فيه فصلا خاصاً فى الصحابة الذين طعن فيهم الشيعة وردوا أحاديثهم، ومنهم معاوية رضى الله عنه، فسرد ما له من الأحاديث فى كتب السنة مع الشواهد من طريق جماعة آخرين من الصحابة لم تطعن فيه الشيعة، فكان هذا الحديث منها !
      الأمر الآخر: أن بعض المحققين من العلماء اليمانيين من نقطع أنه وقف على كتب ابن الوزير، ألا وهو الشيخ صالح المقبلى، قد تكلم على هذا الحديث بكلام جيد من جهة ثبوته ومعناه، وقد ذكر فيه أن بعضهم ضعف هذا الحديث فكأنه يشير بذلك إلى ابن الوزير. وأنت إذا تأملت كلامه وجدته يشير إلى أن التضعيف لم يكن من جهة السند، وإنما من قِبَلِ استشكال معناه، وأرى أن أنقل خلاصة كلامه المشار إليه لما فيه من الفوائد. قال رحمه الله تعالى فى "العلم الشامخ فى إيثار الحق على الآباء والمشايخ" (ص414):
      ( حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، رواياته كثيرة يشد بعضها بعضاً بحيث لا يبقى ريبة فى حاصل معناها. (ثم ذكر حديث معاوية هذا، وحديث ابن عمرو ابن العاص الذى أشار إليه الحافظ العراقى وحسنه الترمذى) ثم قال: والإشكال فى قوله: "كلها فى النار إلا ملة"، فمن المعلوم أنهم خير الأمم، وأن المرجو أن يكونوا نصف أهل الجنة، مع أنهم فى سائر الأمم كالشعرة البيضاء فى الثور الأسود حسبما صرحت به الأحاديث، فكيف يتمشى هذا؟ فبعض الناس تكلم فى ضعف هذه الجملة، وقال: هى زيادة غير ثابتة. وبعضهم تأول الكلام. قال: ومن المعلوم أنه ليس المراد من الفرقة الناجية أن لا يقع منها أدنى اختلاف، فإن ذلك قد كان فى فضلاء الصحابة ) .
      ------------------------------------
      المصدر :
      أصول وتاريخ الفرق الاسلامية : للشيخ / مصطفى بن محمد بن مصطفى .
      التعديل الأخير تم بواسطة عبد المنعم جبر عيسي; 02-14-2009, 03:14 PM.

      تعليق

      • عبد المنعم جبر عيسي
        كاتب
        • Aug 2008
        • 811
        • moneim

        #18
        رد: أصول أهل السنة والجماعة

        استاذنا الكريم / طارق ..
        السلام علسكم ورحمة الله وبركاته ..
        أشكر لك حضورك الدائم معى ..
        ومناقشتك الهادئة التى أثرت الموضوع .. وتوجيهك الدائم للجميع بضرورة الفهم الصحيح والسليم والبحث المبنى على العلم النافع .. والذى دفعنى الى ضرورة البحث ومواصلة الأطلاع ..
        شكرا جزيلا لك على كل شىء ..
        والى أن تعود الى مربدك .. بين اخوانك وتلاميذك .. أحب أن أواصل ما بدأناه .. بذكر ما يجب أن تكون عليه عقيدة المسلم فى الايمان بالقضاء والقدر .. وهو الركن السادس من أركان الايمان ، فى الأصل الأول من أصول أهل السنة والجماعة ..
        محبتى الدائمة لك .. وتحياتى وتقديرى .

        تعليق

        • عبد المنعم جبر عيسي
          كاتب
          • Aug 2008
          • 811
          • moneim

          #19
          رد: أصول أهل السنة والجماعة

          القضاء والقدر

          والقضاء والقدر ما زال النزاع فيه بين الأمة قديما وحديثا فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القدر فنهاهم عن ذلك وأخبر أنه ما أهلك الذين من قبلكم ألا هذا الجدال
          ولكن فتح الله على عباده المؤمنين السلف الصالح الذين سلكوا طريق العدل فيما علموا وفيما قالوا وذلك أن قضاء الله تعالى وقدره من ربوبيته سبحانه وتعالى لخلقه فهو داخل في أحد أقسام التوحيد الثلاثة التي قسم أهل العلم إليها توحيد الله عز وجل :
          القسم الأول : توحيد الألوهية ، وهو إفراد الله تعالى بالعبادة .
          القسم الثاني : توحيد الربوبية وهو إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير .
          القسم الثالث : توحيد الأسماء والصفات ، وهو توحيد الله تعالى بأسمائه وصفاته .
          فالأيمان بالقدر هو من ربوبية الله عز وجل ولهذا قال الأمام احمد رحمه الله تعالى : القدر قدرة الله لأنه من قدرته ومن عمومها بلا شك وهو أيضا سرٌ الله تعالى المكتوم الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى .
          مكتوب في اللوح المحفوظ في الكتاب المكنون الذي لا يطٌلع عليه أحد ونحن لا نعلم بما قدّره الله لنا أو علينا أو بما قدَّره الله تعالى في مخلوقاته إلا بعد وقوعه أو الخبر الصادق عنه .
          ان الأمة الإسلامية انقسمت في القدر إلى ثلاثة أقسام :
          القسم الأول : غلوا في إثبات القدر وسلبوا العبد قدرته واختياره وقالوا : أن العبد ليس له قدرة ولا اختيار وإنما هو مسير لا مخير كالشجرة في مهب الريح ، ولم يفرقوا بين فعل العبد الواقع باختياره وبين فعله الواقع بغير اختياره .
          ولا شك أن هؤلاء ضالون لأنه مما يعلم بالضرورة من الدين والعقل والعادة أن الإنسان يفرق بين الفعل الاختياري والفعل الإجباري.
          القسم الثاني : غلوا في إثبات قدرة العبد واختياره حتى نفوا أن يكون الله تعالى مشيئة أو اختيار أو خلق فيما يفعله العبد وزعموا أن العبد مستقل بعمله حتى غلا طائفة منهم فقالوا أن الله تعالى لا يعلم بما يفعله العباد ألا بعد أن يقع منهم وهؤلاء أيضا غلوا وتطرفوا تطرفا عظيما في إثبات قدرة العبد واختياره .
          القسم الثالث: وهم الذين آمنوا فهداهم الله لما اختلف فيه من الحق وهم أهل السنة والجماعة سلكوا في ذلك مسلكاً وسطاً قائماً على الدليل الشرعي وعلى الدليل العقلي وقالوا إن الأفعال التي يحدثها الله تعالى في الكون تنقسم إلى قسمين :
          القسم الأول :
          ما يجريه الله ـ تبارك وتعالى من فعله في مخلوقاته فهذا لا اختيار لأحد فيه كإنزال المطر وإنبات الزرع والإحياء والإماتة والمرض والصحة وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تشاهد في مخلوقات الله تعالى وهذه بلا شك ليس لأحد فيه اختيار وليس لأحد فيها مشيئة وإنما المشيئة فيها لله الواحد القهار .
          القسم الثاني:
          ما تفعله الخلائق كلها من ذوات الإرادة فهذه الأفعال تكون باختيار فاعليها و أرادتهم لان الله تعالى جعل ذلك إليهم قال الله تعالى {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ }التكوير28 وقال تعالى {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }آل عمران152 وقال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( الكهف : 29 ) والإنسان يعرف الفرق بين ما يقع منه باختياره وبين ما يقع منه باضطرار وإجبار
          فالإنسان ينزل من السطح بالسلم نزولاً اختيارياً يعرف انه مختار ولكنه يسقط هاوياً من السطح يعرف انه ليس مختاراً لذلك ويعرف الفرق بين الفعلين وأن الثاني إجبار والأول اختيار وكل إنسان يعرف ذلك .
          وكذلك الإنسان يعرف انه إذا أصيب بمرض سلس البول فإن البول يخرج منه بغير اختياره وإذا كان سليما من هذا المرض فإن البول يخرج منه باختياره .
          ويعرف الفرق بين هذا وهذا ولا أحد ينكر الفرق بينهما . وهكذا جميع ما يقع من العبد يعرف فيه الفرق بين ما يقع اختياراً وبين ما يقع اضطراراً وإجباراً بل إن من رحمة الله عز وجل أن من الأفعال ما هو باختيار العبد ولكن لا يلحقه منه شيء كما في فعل الناسي والنائم ويقول الله تعالى في قصة أصحاب الكهف {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً }الكهف18 وهم الذين يتقلبون ولكن الله تعالى نسب الفعل إليه لان النائم لا اختيار له ولا يؤاخذ بفعله ، فنسب فعله إلى الله عز وجل ويقول صلى الله عليه وسلم ( من نسى وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه )
          فنسب هذا الإطعام وهذا الإسقاء إلى الله عز وجل لأن الفعل وقع منه بغير ذكر فكأنه صار بغير اختياره وكلنا يعرف الفرق بين ما يجده الإنسان من ألم بغير اختياره وما يجده من خفة في نفسه أحياناً بغير اختياره ولا يدرى ما سببه وبين أن يكون الألم هذا ناشئاً من فعل هو الذي اكتسبه أو هذا الفرح ناشئاً من شي هو الذي اكتسبه وهذا الأمر ولله الحمد واضح لا غبار عليه .
          إننا لو قلنا بقول الفريق الأول الذين غلوا في إثبات القدر لبطلت الشريعة من أصلها لأن القول بأن فعل العبد ليس له فيه اختيار يلزم من أن لا يحمد على فعل محمود ولا يلام على فعل مذموم لانه في الحقيقة بغير اختيار وارادة منه وعلى هذا فالنتيجة إذن أن الله تبارك وتعالى يكون ـ تعالى عن ذلك علواً كبيراً ـ ظالما لمن عصى إذا عذبه وعاقبه على معصيته ، لأنه عاقبة على أمر لا اختيار له فيه ولا إرادة وهذا بلا شك مخالف للقران صراحة يقول الله تبارك وتعالى وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ{23} أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ{24} مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ{25} الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ{26} قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ{27} قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ{28} مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{29} [ ق :23- 29 ] .
          فبين سبحانه أن هذا العقاب منه ليس ظلما بل هو كمال العدل لانه قد قدم إليهم بالوعيد وبين لهم الطرق وبين لهم الحق وبين لهم الباطل ولكنهم اختاروا لانفسهم أن يسلكوا طريق الباطل فلم يبق لهم حجة عند الله عز و وجل ولو قلنا بهذا القول الباطل لبطل قول الله تعالى : {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }النساء165 فإن الله تبارك وتعالى نفى أن يكون للناس حجة بعد إرسال الرسل لأنهم قامت عليهم الحجة بذلك فلو كان القدر حجة لهم لكانت هذه الحجة باقية حتى بعد بعث الرسل لان قدر الله تعالى لم يزل ولا يزال موجودا قبل إرسال الرسل وبعد إرسال الرسل أذن فهذا القول تبطله النصوص ويبطله الواقع كما فصلنا بالأمثلة السابقة .
          أما أصحاب القول الثاني فانهم أيضا ترد عليهم النصوص والواقع ذلك لان النصوص صريحة في أن مشيئة الإنسان تابعة لمشيئة الله عز وجل لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ{28} وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{29} [ التكوير : 28 ، 29 ] {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }القصص68 وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{25} يونس.
          والذين يقولون بهذا القول هم في الحقيقة مبطلون لجانب من جوانب الربوبية وهم أيضا مدعون بان في ملك الله تعالى ما لا يشاء ولا يخلقه والله تبارك وتعالى شاء لكل شي خالق لكل شي مقدر لكل شي وهم أيضا مخالفون لما يعلم بالاضطرار من أن الخلق كله ملك لله عز وجل ذواته وصفاته لا فرق بين الصفة والذات ولا بين المعنى وبين الجسد أذن فالكل لله عز وجل ولا يمكن أن يكون في ملكه ما لا يريد تبارك وتعالى ولكن يبقى علينا إذا كان الأمر راجعا إلى مشيئة الله تبارك وتعالى وأن الأمر كله بيده فما طريق الإنسان أذن وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قدر عليه أن يضل ولا يهتدي ؟
          فنقول الجواب عن ذلك . أن الله تبارك وتعالى إنما يهدى من كان أهلاً للهداية ، ويضل من كان أهلاً للضلالة ، يقول الله تبارك وتعالى {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }الصف5
          ويقول تعالى {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }المائدة13 فبين الله تبارك أن أسباب إضلاله لمن ضل إنما هو بسبب من العبد نفسه ، والعبد كما أسلفنا آنفاً لا يدرى ما قدر الله تعالى له ، لانه لا يعلم بالقدر إلا بعد وقوع المقدور .
          فهو لا يدرى هل قدر الله له أن يكون ضالا أم أن يكون مهتديا ؟ فما باله يسلك طريق الضلال ثم يحتج بان الله تعالى قد أراد له ذلك أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهداية ثم يقول أن الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم ؟ أيجدر به أن يكون جبريا عند الضلالة وقدريا عند الطاعة كلا لا يليق بالإنسان أن يكون جبريا عند الضلالة والمعصية فإذا ضل أو عصى الله قال هذا أمر قد كتب علي وقدر علي ولا يمكنني أن أخرج عما قضى الله وقدر وإذا كان في جانب الطاعة ووفقه الله للطاعة والهداية زعم أن ذلك منه ثم منّ به على الله وقال أنا أتيت به من عند نفسي فيكون قدريا في جانب الطاعة جبريا في جانب المعصية هذا لا يمكن أبداً فالإنسان في الحقيقة له قدرة وله اختيار وليس باب الهداية بأخفى من باب الرزق وبأخفي من أبواب طلب العلم . والإنسان كما هو معلوم لدى الجميع قد قدر له ما قدر من الرزق ومع ذلك هو يسعى في أسباب الرزق في بلده وخارج بلده يميناً وشمالاً لا يجلس في بيته ويقول إن قدر لي رزق فانه يأتيني ، بل هو يسعى في أسباب الزرق مع أن الرزق نفسه مقرون بالعمل كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ( أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقه مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ).
          فهذا الرزق أيضا مكتوب كما أن العمل من صالح أو سيئ مكتوب فما بالك تذهب يمينا وشمالاً وتجوب الأرض والفيافي طلباً لزرق الدنيا ولا تعمل عملا صالحا لطلب رزق الآخرة والفوز بدار النعيم إن البابين واحد ليس بينهما فرق فكما انك تسعى لرزقك وتسعى لحياتك وامتداد أجلك ، فإذا مرضت بمرض ذهبت إلى أقطار الدنيا تريد الطبيب الماهر الذي يداوى مرضك ومع ذلك فإن لك ما قدر من الأجل لا يزيد ولا ينقص ، ولست تعتمد على هذا وتقول أبقى في بيتي مريضاً طريحاً وإن قدر الله لي أن يمتد الأجل امتد . بل نجدك تسعى بكل ما تستطيع من قوة وبحث لتبحث عن الطبيب الذي ترى أنه أقرب الناس إن يقدر الله الشفاء على يديه فلماذا لا يكون عملك في طريق الآخرة وفى العمل الصالح كطريقك فيما تعمل للدنيا ؟ وقد سبق أن قلنا أن القضاء سر مكتوم لا يمكن أن تعلم عنه فأنت الآن بين طريقين طريق يؤدى بك إلى السلامة وإلى الفوز والسعادة والكرامة وطريق يؤدى بك إلى الهلاك والندامة والمهانة وأنت الآن واقف بينهما ومخير ليس أمامك من يمنعك من سلوك طريق اليمين ولا من سلوك طريق الشمال إذا شئت ذهبت إلى هذا وإذا شئت ذهبت إلى هذا فما بالك تسلك الطريق الشمال ثم تقول أنه قد قدر علي آفلا يليق بك أن تسلك طريق اليمين وتقول إنه قد قٌدٌر لي فلو أنك أردت السفر إلى بلد ما وكان أمامك طريقان إحداهما معبد قصير آمن والآخر غير معبد وطويل ومخوف لوجدنا أنك تختار المعبد القصير الآمن ولا تذهب إلى الطريق الذي ليس بمعبد وليس بقصير وليس بآمن هذا في الطريق الحسي إذن فالطريق المعنوي مواز له ولا يختلف عنه أبداً ولكن النفوس والأهواء هي التي تتحكم أحياناً في العقل وتغلب على العقل والمؤمن ينبغي أن يكون عقله غالبا على هواه وإذا حكم عقله فالعقل بالمعنى الصحيح يعقل صاحبه عما يضره ويدخله فيما ينفعه ويسره .
          بهذا تبين لنا أن الإنسان يسير في عمله الاختياري سيراً اختيارياً ليس إجبارياً وأنه كما يسير لعمل دنياه سيراً اختيارياً وهو إن شاء جعل هذه السلعة أو تلك تجارته ، فكذلك أيضا هو في سيره إلى الآخرة يسير سيراً اختيارياً ، بل إن طرق الآخرة أبين بكثير من طرق الدنيا لأن بيّن طرق الآخرة هو الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . فلابد أن تكون طرق الآخرة أكثر بيانا أجلى وضوحا من طرق الدنيا . ومع ذلك فإن الإنسان يسير في طرق الدنيا التي ليس ضامنا لنتائجها ولكنه يدع طرق الآخرة التي نتائجها مضمونة معلومة لأنها ثابتة بوعد الله و الله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد .
          بعد هذا نقول : إن أهل السنة والجماعة قرروا هذا وجعلوا عقيدتهم ومذهبهم أن الإنسان يفعل باختياره وانه يقول كما يريد ولكن أرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته ثم يؤمن أهل السنة والجماعة بأن مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته وأنه سبحانه و تعالى ليس مشيئته مطلقة مجردة ولكنها مشيئة تابعة لحكمته لأن من أسماء الله تعالى الحكيم والحكيم هو الحاكم المحكم الذي يحكم الأشياء كوناً وشرعاً ويحكمها عملاً وصنعاً والله تعالى بحكمته يقدر الهداية لمن أرادها لمن يعلم سبحانه وتعالى انه يريد الحق وأن قلبه على الاستقامة ويقدر الضلالة لمن لم يكن كذلك لمن إذا عرض عليه الإسلام يضيق صدره كأنما يصعد في السماء فان حكمة الله تبارك وتعالى تأبى أن يكون هذا من المهتدين آلا أن يجدد الله له عزماً ويقلب أرادته إلى إرادة أخرى والله تعالى على كل شي قدير ولكن حكمة الله تأبى إلا أن تكون الأسباب مربوطة بها مسبباتها .
          ومراتب القضاء والقدر عند أهل السنة والجماعة
          المرتبة الأولى : العلم وهي أن يؤمن الإنسان أيمانا جازما بأن الله تعالى بكل شي عليم وأنه يعلم ما في السماوات والأرض جملة وتفصيلاً سواء كان ذلك من فعله أو من فعل مخلوقاته وأنه لا يخفى على الله شي في الأرض ولا في السماء .
          المرتبة الثانية : الكتابة وهي أن الله تبارك وتعالى كتب عنده في اللوح المحفوظ مقادير كل شي .وقد جمع الله تعالى بين هاتين المرتبتين في قوله .( آلم تعلم أن الله يعلم ما في السماوات والأرض أن ذلك في كتاب أن ذلك على الله يسير)[الحج :70] فبدأ سبحانه بالعلم وقال إن ذلك في كتاب أي انه مكتوب في اللوح المحفوظ كما جاء به الحديث عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم.(إن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال رب ماذا اكتب ؟ قال اكتب ما هو كائن فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة )) .
          ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم عما نعمله أشي مستقبل أم شي قد قضي وفرغ منه ؟ قال (( انه قد قضى وفرغ منه )) وقال أيضا حين سئل : أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب الأول قال ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ).
          فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل فأنت يا أخي اعمل وأنت ميسر لما خلقت له .
          ثم تلا صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : (( فآما من أعطى واتقى (5) وصدق بالحسنى (6) فسنيسره لليسرى (7) وأما من بخل واستغنى (وكذب بالحسنى (9) فسنيسره للعسرى)) [ الليل: 5 ـ 10]
          المرتبة الثالثة : المشيئة وهى أن الله تبارك وتعالى شاء لكل موجود أو معدوم في السماوات أو في الأرض فما وجد موجود إلا بمشيئة الله تعالى وما عدم معدوم إلا بمشيئة الله تعالى وهذا ظاهر في القران الكريم وقد أثبت الله تعالى مشيئته في فعله ومشيئته في فعل العباد فقال الله تعالى : ( لمن شاء منكم أن يستقيم (2 وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) [ التكوير : 28، 29 ] ( ولو شاء ربك ما فعلوه ) [ الأنعام : 112 ] ( ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ) [ البقرة : 253 ] .
          فبين الله تعالى أن فعل الناس كائن بمشيئته وأما فعله تعالى فكثير قال تعالى ( ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها )[ الأنعام :13] وقوله(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ) [ هود 118] إلى آيات كثيرة تثبت المشيئة في فعله تبارك وتعالى فلا يتم الإيمان بالقدر إلا أن نؤمن بأن مشيئة الله عامة لكل موجود أو معدوم فما من معدوم إلا وقد شاء الله تعالى عدمه وما من موجود إلا وقد شاء الله تعالى وجوده ولا يمكن أن يقع شي في السماوات ولا في الأرض إلا بمشيئة الله تعالى .
          المرتبة الرابعة : الخلق أي أن نؤمن بأن الله تعالى خالق كل شي فما من موجود في السماوات والأرض إلا الله خالقه حتى الموت يخلقه الله تبارك وتعالى وان كان هو عدم الحياة يقول الله تعالى : {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك2 فكل شي في السماوات أو في الأرض فإن الله تعالى خالقه لا خالق إلا الله تبارك وتعالى وكلنا يعلم أن ما يقع من فعله سبحانه وتعالى بأنه مخلوق له فالسماوات والأرض والجبال والأنهار والشمس والقمر والنجوم والرياح والإنسان والبهائم كلها مخلوقات الله وكذلك ما يحدث لهذه المخلوقات من صفات وتقلبات أحوال كلها أيضا مخلوقة لله عز وجل .ولكن قد يشكل على الإنسان كيف يصح أن نقول في فعلنا وقولنا الاختياري انه مخلوق لله عز وجل . فنقول نعم يصح أن نقول ذلك لان فعلنا وقولنا ناتج عن أمرين .
          أحدهما : القدرة
          والثاني الإرادة :
          فإذا كان فعل العبد ناتجا عن إرادته وقدرته فان الذي خلق هذه الإرادة وجعل قلب الإنسان قابلاً للإرادة هو الله عز وجل وكذلك الذي خلق فيه القدرة هو الله عز وجل ويخلق السبب التام الذي يتولد عنه المسبب نقول إن خالق السبب التام خالق للمسبب أي أن خالق المؤثر خالق للأثر فوجه كونه تعالى خالقا لفعل العبد أن نقول فعل العبد وقوله ناتج عن أمرين هما :
          1ـ الإرادة
          2ـ القدرة
          فلولا الإرادة لم يفعل ولولا القدرة لم يفعل لأنه إذا أراد وهو عاجز لم يفعل لعجزه عن الفعل وإذا كان قادرا ولم يرد لم يكن الفعل فإذا كان الفعل ناتجا عن إرادة جازمة وقدرة كاملة فالذي خلق الإرادة الجازمة والقدرة الكاملة هو الله وبهذه الطريق عرفنا كيف يمكن أن نقول إن الله تعالى خالق لفعل العبد وألا فالعبد هو الفاعل في الحقيقة فهو المتطهر وهو المصلي وهو المزكي وهو الصائم وهو الحاج وهو المعتمر وهو العاصي وهو المطيع لكن هذه الأفعال كلها كانت ووجدت بإرادة وقدرة مخلوقتين لله عز وجل والأمر ولله الحمد واضح .
          وهذه المراتب الأربع المتقدمة يجب أن تثبت لله عز وجل وهذا لا ينافى أن يضاف الفعل إلى فاعله من ذوى الإرادة .
          كما أننا نقول النار تحرق والذي خلق الإحراق فيها هو الله تعالى بلا شك فليست محرقة بطبيعتها بل هي محرقة بكون الله تعالى جعلها محرقة ولهذا لم تكن النار التي ألقى فيها إبراهيم محرقة لأن الله قال لها {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ }الأنبياء69 فكانت بردا وسلاماً على إبراهيم فالنار بذاتها لا تحرق ولكن الله تعالى خلق فيها قوة الإحراق وقوة الإحراق هي في مقابل فعل العبد كإرادة العبد وقدرته فبالإرادة والقدرة يكون الفعل وبالمادة المحرقة في النار يكون الإحراق فلا فرق بين هذا وهذا ولكن العبد لما كان له إرادة وشعور واختيار وعمل صار الفعل ينسب إليه حقيقة وحكماً وصار مؤاخذا بالمخالفة معاقبا عليها لأنه يفعل باختيار ويدع باختيار .
          وأخيرا نقول : على المؤمن أن يرضى بالله تعالى رباٌ ومن تمام رضاه بالربوبية أن يؤمن بقضاء الله وقدره ويعلم أنه لا فرق في هذا بين الأعمال التي يعملها وبين الأرزاق التي يسعى لها وبين الآجال التي يدافعها ، الكل بابه سواء والكل مكتوب والكل مقدر وكل إنسان ميسر لما خلق الله .
          أسال الله عز وجل أن يجعلنا ممن ييسرون لعمل أهل السعادة وان يكتب لنا الصلاح في الدنيا والآخرة .

          تعليق

          • طارق شفيق حقي
            المدير العام
            • Dec 2003
            • 11929

            #20
            رد: أصول أهل السنة والجماعة

            ولا أدرى من الذين أشار إليهم بقوله: "جماعة ..." فإنى لا أعلم أحداً من المحدِّثين المتقدمين ضعف هذه الزيادة، بل أن الجماعة قد صححوها وقد سبق ذكر أسمائهم، وأما ابن حزم فلا أدرى أين ذكر ذلك ؟! ، وأول ما يتبادر للذهن أنه فى كتابه "الفصل فى الملل والنحل" وقد رجعت إليه، وقلبت مظانه فلم أعثر عليه، ثم إن النقل عنه مختلف، فابن الوزير قال عنه: "لا يصح"، والشوكانى قال عنه: "إنها موضوعة"، وشتان بين النقلين كما لا يخفى، فإن صح ذلك عن ابن حزم، فهو مردود من وجهين
            في نقدنا لهذه المحاكمة الغير العلمية الواردة عن من كتب هذا الكلام
            ولعمري فيه كثير من الاشراق النفسي والبعد عن العلمية في تناول مادة البحث أياً كانت
            فهو يقول لا أدري أين أتى بها
            وكأن لا أدري هذه فيها شك بأصل القول كله، وهذا الكلام ربما لطلاب علم غير مختص أو باحث يظن الظنون

            وهذا غير مناسب في البحث العلمي
            ثم يقارن بين لفظ موضوع وقول ابن حزم لا يصح
            وما وجه المقارنة بين قولين كل منها لعالم
            ثم ناقل هذا الكلام فيما بحث في الشابكة والكلام المنقول له


            يقول فيما معناه: أن الشيخ القرضاوي الذي تناول بشك هذا الحديث وتكلم عن تتمته المذكورة يحتاج ربما لنظارة جديدة

            وفي هذا القدح من هذا الطالب
            طعن في أخلاقه في تهكمه بعالم جليل مثل القرضاوي

            لذلك نرد كل ما قاله ونضرب به عرض الحائط
            ريثما يعيد لذاته احترامها ولخلقه اتزانها


            ونعود لما ذكرت
            فالواضح أن المشكل هو نهاية هذا الحديث

            وقد ضعفها وشكك بها كثر
            وربما صححها البعض
            بذلك ندخل في باب الريبة

            والفصل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم

            دع ما يريبك إلى ما لا يريبك

            وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

            تعليق

            • عبد المنعم جبر عيسي
              كاتب
              • Aug 2008
              • 811
              • moneim

              #21
              رد: أصول أهل السنة والجماعة

              المشاركة الأصلية بواسطة طارق شفيق حقي


              ثم ناقل هذا الكلام فيما بحث في الشابكة والكلام المنقول له


              يقول فيما معناه: أن الشيخ القرضاوي الذي تناول بشك هذا الحديث وتكلم عن تتمته المذكورة يحتاج ربما لنظارة جديدة


              حاشا لله أن يكون هذا مقصدى ..
              فما قصدت الا البحث عن الحقيقة .. وبلوغها ..
              والفهم الصحيح .. والعقيدة السوية ..
              والخلاف عندنا - بين العلماء - لا يفسد قضية الود .. ولا يخرج عن اطار : ( الكل يؤخذ من قوله ويرد .. الا صاحب هذا القبر .. ( رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .. ) .. ولا يتجاوز حد الفروع ..
              وأشهد أنى لم أجد فيما قرأت من البحث المذكور ما يطعن فى العلامة الدكتور القرضاوى .. أو يشير اليه .. أو يقدح فى علمه ..
              والا لما نقلت عنه ..
              والله من وراء القصد ..

              تعليق

              • عبد المنعم جبر عيسي
                كاتب
                • Aug 2008
                • 811
                • moneim

                #22
                رد: أصول أهل السنة والجماعة

                المشاركة الأصلية بواسطة عبد المنعم جبر عيسي
                يثبت لأهميته ...


                يلغى التثبيت ...

                تعليق

                • طارق شفيق حقي
                  المدير العام
                  • Dec 2003
                  • 11929

                  #23
                  رد: أصول أهل السنة والجماعة

                  المشاركة الأصلية بواسطة عبد المنعم جبر عيسي
                  حاشا لله أن يكون هذا مقصدى ..
                  فما قصدت الا البحث عن الحقيقة .. وبلوغها ..
                  والفهم الصحيح .. والعقيدة السوية ..
                  والخلاف عندنا - بين العلماء - لا يفسد قضية الود .. ولا يخرج عن اطار : ( الكل يؤخذ من قوله ويرد .. الا صاحب هذا القبر .. ( رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .. ) .. ولا يتجاوز حد الفروع ..
                  وأشهد أنى لم أجد فيما قرأت من البحث المذكور ما يطعن فى العلامة الدكتور القرضاوى .. أو يشير اليه .. أو يقدح فى علمه ..
                  والا لما نقلت عنه ..
                  والله من وراء القصد ..

                  أخي الكريم عبد المنعم
                  أنا بالطبع لا أقصدك فأنت الكريم الطيب

                  لكني أقصد من نقلت عنه وقد قرأت فيما قرأت ما كتب ، وكان قد رد في ذات المقال على الشيخ العلامة القرضاوي وقال ما قال

                  بالله عليك هل يؤخذ من رجل يتهم العلامة القرضاوي
                  ( سأرسل لك الرابط الذي وجدته فيه التطاول)

                  ثم نحن نقر باختلاف الرؤى لدى علماء المسلمين ونرى فيه خيراً كثيراً لهذه الأمة
                  لكن حين يصبح الرأي يطال الآخر وينكر عليه ندخل في باب الخلاف لا الاختلاف

                  من صميم عقيدي أن الإسلام انتصر فكرياً على كل العقائد والأفكار من حوله
                  بمعنى لو أخذ فرصة شريفة في أي ساحة لانتصر في أي حوار فكري
                  لأنه دين الله وليس من صنع أيدينا نحن الفقراء
                  وقد يأتي يوم نتفكه بهذه الخلافات بين العلماء وبين المذاهب

                  لكني أقر أن ما أجده في الساحات لهو من باب المراء ونشر المذهبية

                  وقد نصح أغلب العلماء في عدم الدخول في هذا الباب
                  كما نهى عنه قبلهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم


                  لك كل الشكر أخي الكريم عبد المنعم

                  تعليق

                  يعمل...