الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

لقاء أخير

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.هوب
    كاتب مسجل
    • Feb 2009
    • 1

    لقاء أخير

    " لقاء أخير "



    هز رأسه في عصبية؛ و قال في لهجة حادّة :


    " يا أخي قلت لك مائة مرّة؛ أخبر سعادة المستشار أني أريد أن أقابله لأمر مهم .."

    رد السكرتير ببرود مهذّب قائلا :


    " لا بد من وجود معاد مسبق يا أستاذ .."

    " يا أستاذي الأمر طارئ ولا بد من أن أقابله اليوم على وجه السرعة .. هذه مسألة حياة أو موت .."
    السكرتير و قد على صوته :

    " قلت لك لا بد من معاد مسبق؛ سيادة المستشار منشغل الآن في أمور غاية في الأهمّية؛ و لن يسمح لأحد أن يقاطعه الآن .. هل فهمت ؟؟ "
    ثم بعصبية : " و الآن انصرف من هنا ... "

    قال الرجل و قد بدأ الغضب يحفر ملامحه؛ و الغيظ يجثم على أنفاسه .. لكّنه أمسك بزمام أعصابه لئلا تنفلت؛ فيحدث ما لا يحدث عقباه؛ و ينتهي كل ما جاء من أجله ..

    : أنا أريد فقط توقيعه على عدّة أوراق؛ و لن يأخذ هذا ثواني معدودة .. لقد مضى لي الآن أربعة شهور و أنا ألف و أدور !!


    انتفض السكرتير واقفا و قد نفذ صبره و نادي بأعلي صوته على الحرّاس .. أجابه أحدهم؛ و كان ضخمَ الجثّة؛ صارمَ الملامح؛ يرتدي زيّا مميّزا لطاقم الأمن؛ و يحمل سلاحا مرخّصا ...

    وقف أمام السكرتير الذي قال في صرامة حاول أن يجعلها مهذبة :
    " أوصل الأستاذ إلى الخارج .. "


    و هكذا؛ ململما ما تبقّي من كرامته الجريحة خرج .. آثر ألا يسبب مزيدا من المشاكل ..

    ... مُبلبلَ الأقكار عبر بوّابة المبنى ...
    .
    متحسّرا على مجهود الشهور الماضية؛ مشي بعيدا ..

    ثم التفت .. ليلقى نظرة أخيرة على المبنى ...
    طرأت في ذهنه فكرة ..

    ..

    ******

    " نعم يا حضرة الظابط هذا ما حدث تماما .. "
    تأمّل العقيد"مجدي" الجثّة الملقاة أمامه؛ وكانت لشاب في الخامسة و العشرين؛ كما تقول بطاقته الشخصية ... تأمّل بركة الدماء .. و الملاءة التي غطّت وجهه؛ و التي وضعها أحدهم على عَجَل .. و تحسّر على إقدام شاب؛ يمتلئ شبابا و حيويّة على مثل هذا العمل الأخرق ..


    تقدّم من النافذة المكسورة .. و قال دون أن يلتفت ..


    " تقول إنه كسر الزجاج هذا و قفز للداخل ... "

    أجابه المستشار بالايجاب للمرة الثالثة و قد أصابه الضجر ..

    الظابط : من كان معك في هذه الوقت .. ؟

    ارتبك المستشار و تلعثم : كانت الآنسة .. آآ أقصد إحدى الحالات الإنسانية و الطارئة معي وقتها !!


    الظابط في سخرية : طارئة ... آها ..

    احمرّ وجه المستشار خجلا و سكت متشاغلا بمراقبة رجال المعمل الجنائي و هم يرفعون الأدلة و البصمات من الغرفة ... قال للظابط بعد برهة ..
    " ألن ننتهى من هذا الأمر ؟؟ "
    الظابط متجاهلا السؤال :
    " و ماذا كان يريد منك ؟ "

    ضحك المستشار ضحكة عصبية و قال و هو يهز كتفيه .. : لا أدرى قال إنه يسعي من شهور لمقابلتي للحصول على توقيعي على عدّة أوراق .. و أشياء من هذا القبيل ..

    ثم مط شفتيه و هو يقول متصعّبا :

    " لا أدري لِمَ لمْ يحدّد موعدا مسبقا مع السكرتير .. أو يخبره فقط .. أنه حالة طارئة و كنت سأقابله على الفور .. "

    الظابط يهمس متهكّما : آآه حالة طارئة؛ كالتي كانت معك !! ..

    المسشار : لولا يقظة الحارس؛ الذي سمع الجلبة؛ و أتى على الفور .. لكنتُ الآن في خبر كان ....


    تركه الظابط يستكمل كلامه .. و تأمّل الجثّة الملقاة على الأرض؛ و قد فقدت وقود الحياة؛ الروح ..

    بالأمس كان يملأ الأرض؛ طموحا و أملا في الحياة؛ و الآن هو جسم هامد؛ ينتظر من يحرّكه ..
    هذا الرأس الذي اخترقته الرصاصة؛ كم من فكرة حمل ؟ و كم من ذكريات حوى ؟ و كم من ماض جميل سجّل ؟


    طفولة .. شباب .. عنفوان .. أمل .. يأس .. حياة .. حب ... صداقة ...


    الآن انقطع الحاضر؛ و انسحق الماضي .. و انتهى المستقبل ..

    منع دمعة تحاول أن تقر بإصرار من عينيه ..

    يا صديقي؛ أنت ضحّية و لست مذنبا؛
    مصيبتك أنّك وُلِدت في زمن؛ يغدو فيه الذئب مؤتمَنا؛ و اللّص صدّيقا؛ و الداعر راهبا ..
    آآه يا دنيا ضاعت منك الرجولة؛ و انمحت منكِ المروءة ..
    آآه يا غابة؛ استأسد فيكِ ذوو النفوذ، و أولادُ الذوات .. و توارى أصحابُ الحقوق، بل أرغموا على ذلك ..

    حين تُصبح البراءة و الطيبة؛ فريسة للصيّادين؛ فقل على الدنيا السلام ..

    غرق في تأملاته؛ و لم يخرجه منها إلا صوت خبير الأدلّة الجنائية ..
    " وجدنا هذه الورقه في جيب القتيل سيادة العقيد .."
    فضّها العقيد مجدي سريعا و قرأ ما فيها ..

    " زوجتي حبيبتي ..
    بلغ شوقي لرؤيتك مداه .. سأنتهى خلال أيّام من أوراقي؛ ليكون سفري بعدها مباشرة .. يتبقّي لي مقابلة واحدة مع أحد المسؤولين؛ و أكون بعدها ملكك .. أتوق إلى لقائك؛ و أعد اللحظات التي تفصلني عنك .. أعدك لن تنتظري كثيرا .. أحبّك بجنون ..




    ماهر"
يعمل...