الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

من تحت الركام ؟!

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد كمال سالم
    كاتب مسجل
    • Jul 2009
    • 66
    • أحمد كمال سالم
      إنسان حر وحر وحر

    من تحت الركام ؟!

    من تحت الركام ؟!
    قصة قصيرة
    كتبها : أحمد كمال
    برق يخطف الأبصار .
    رعد يصم الآذان .
    ظلام دامس .
    ثبات عميق .
    جسدي محشور بين الركام ، أحجار البيت والآلام ، جسد لا تزال فيه بقايا من الحياة ، وروح تأبى البعث والاستسلام .
    لا أدري كم من الزمن مكثت في الظلام ؟! وإلى متى سوف أبقى في ثبات ؟أسئلة أطرحها منذ قديم الزمان ولم أجد لها أي جواب .
    عبرت إلى أذني دمدمت محركات ، وزلزلت أقدام ، فاستبشرت خيراً ورحت أصيح ، وأصيح ، مستغيثاً تارة ، وتارة متوسلاً ، ولكن بلا جواب ، فرحت أتلوى بجسدي الهزيل ، لأخرج من بين الركام .
    وبعد شقاء وعناء ، انسلخ جلد جسدي وسط الركام ، وتحررت من أسري ، وبدأت أصعد إلى الأعلى ، والضوء المريض يتسلل إلى عبر نفق مظلم يملأه الحطام ، بصرت عيني ، واستبشرت روحي ، ورحت أزحف نحو الآمال ، حتى برأت رأسي من تحت الركام .
    نظرت حولي بإعياء ، وأنا أكاد لا أرى إلا أشباح ، ولا أسمع إلاطقطة البنادق ، وهدير المدرعات ، وأزيز الطائرات .
    ولمع في ذهني بريق الذكريات ، كنت جالساً وسط أهلي ، في بيتي الذي يحيط به بستان ، وتطل شرفته على مسرى سيد البشرية ، وأري من غرفة نومي قبة المعراج ، لكن أين بيتي ؟ ماذا حدث لأهلي ؟ وكيف أشجار الزيتون ؟ ومن هؤلاء الأشرار .
    وإذا برافعة جرافة توشك أن تطيح برأسي ، وأنا أصيح في هياج :
    - توقف أيها السائق إنني لا زلت على قيد الحياة !!
    فساد صمت ، فسكون تام ، واحتشد الجميع من حولي يتأملونني كأنني شيء هام ، ثم تبادلوا نظرات الدهشة والاستغراب وإذا بقائدهم يسألني بصوت كعواء الذئاب :
    - كيف بقيت إلى الآن على قيد الحياة ؟!
    فرفعت رأسي إلى السماء ، ثم رنوت إليه ببصري قائلاً :
    - لقد نكب بيتي بالأمس ، وينجي من يشاء !!
    سرت دهشة عظيمة بين العقول ، والأذهان حتى عاد قائدهم يسأل بصوت الذئاب :
    - أتدعي أنك هنا منذ الأمس ، ألا ترى ما حولك من متغيرات ؟!
    فدرت برأسي والألم يعتصرني بلا رحمة ، وأنا أتفاجأ بما قال ، بيتي غير موجود ، ولا بيوت كانت حوله ، وبستان الزيتون ذهب وصار بستان من الدماء ، عشرات البيوت الشاحبة أتت مع الأشرار .
    فصرخت وأنا أنفجر من الغيظ قائلاً :
    - ماذا فعلتم بأرض الرباط ؟ أين ذهب أهلي أيها الأوغاد ؟ وماذا حل بأشجار الزيتون يا أشرار ؟
    فانحنى القائد ودنا برأسه من أذني هامساً :
    - الأرض لنا بالميعاد !! وأهلك تجدهم بين راقد تحت الثرى ، أو مشتت في الأمصار ، وأشجار زيتونك أحرقناها لنعيد حضارة شعب مختار .
    وعاد منتصباً وهو يصيح في سائق الجرافة قائلاً :
    - اسحقه يا فتى ولا تترك منه يوماً واحداً ؟!
    وراح سائق الجرافة يعتدل بجرا فته ليسحقني ، ورحت أقاوم بكل ما أوتيت من ميراث ، وما كادت رافعة الجرافة تدهسني حتى تحررت من بين الركام ، ورحت أتدحرج نحو لا شيء ، حتى أنجو من موت لا مستحق ، وعلى يد جماعة من الأشرار ، وبالرغم من كل الآلام وقفت ، وانتصبت هامتي وعلت إلى السماء ، وأنا أصيح في غضب :
    - هيا ارحلوا مع من رحلوا ، ولا تعودوا مرة أخرى لهذه الديار !!
    إستشاط القائد غضباً ، وهو يرى الجسد الذي ظن إنه ميت ، لا تزال فيه الحياة ، ووميض الذكريات التي بداخلي ، صارت وهجاً أحرق كل آمالهم في البقاء ، فصرخ بصوت الذئاب قائلاً :
    - اقتلوه ، انسفوه ، لا أريد حتى ذكراه ؟!
    فتدافعت نحوي عشرات الجنود المدججة بالسلاح ، وعشرات الدبابات الوحشية بزمجرة العنفوان ، وعشرات الطائرات الحربية بأزيز الكبرياء ، وراحت الطلقات ، والقذائف ، والصواريخ تلاحقني ، ورحت أركض نحو لا شيء وأنا أتطلع إلى السماء متمتاً :
    - يا ربي درع وسيف واستشهاد
    وتفتق جسدي الهزيل ، بدرع من حديد ، ما أدركته إلا بثقل حركتي ، وغصن زيتون يابس مهمل على الأرض ينجذب إلى يدي سيف مسلولاً، جامحاً ، وينبعث من بين التراب حصان أبيض تحيط به الدروع من كل جانب ، اقترب ، وحنا رأسه ، ثم جثا على ركبتيه لأمتطيه ، وانطلق نحو الأفق يطوي الأرض وأنا أظنه غوي شارداً ، فإذا به بعيداً ، بعيداً ، من تحت الشمس ، يغازل الأرض بحافره ، ثم راح يركض سريعاً ، وصهيله يملأ الآفاق ، متجهاً نحو المعركة ، وأنا أتمنى رمحاً فيأتيني ، فأرم به طائرة فتتحول إلى أشلاء ، وأتمنى قوساً وأسهماً ، فتأتيني وأرم بها الدبابات فتتحول إلى فتات ، وما أن اقتربت من الالتحام ، حتى وجدت كل ذرات تراب الديار من خلفي ينبعث منها فارس يرتدي درعاً ويمسك سيفاً ، ويمتطي جواد ، وراح الأوغاد يفرون في كل واد ، ونحن نقتلهم بلا هوادة ، وأنا أبحث عن قائدهم حتى وجدته يتحول إلى أفعى لها خمسين رأساً ونيف ، تطوحنا بذيلها ، وتسممنا بأنيابها ، فتكاتفنا جميعاً ، وأحطنا بها ، فتشتت جهدها ، وراحت تتلقى ضربات قاتلة على الأعناق ، حتى هوت وسقطت على الأرض بلا حراك .
    وانتهت المعركة بنصر ساحقاً لا لبس فيه ، وانطلقت والجيش من خلفي، أحمل راية لا كونية ، إيذاناً بانتهاء آلام البشرية .
    انتهى
  • حسن_العلوي
    كاتب مسجل
    • Aug 2009
    • 216

    #2
    رد: من تحت الركام ؟!

    قلت لك اخي انك تتمتع بخيال خصب,و هو ما يساعدك على الكتابة و تنويع الموضوعات.الاهتمام بالقضية الفلسطسنية شيئ رائع و حلم الانتصار يراودنا لكن ليس بالاحلام.
    مودتي

    تعليق

    • حسن_العلوي
      كاتب مسجل
      • Aug 2009
      • 216

      #3
      رد: من تحت الركام ؟!

      قلت لك اخي انك تتمتع بخيال خصب,و هو ما يساعدك على الكتابة و تنويع الموضوعات.الاهتمام بالقضية الفلسطسنية شيئ رائع و حلم الانتصار يراودنا لكن ليس بالاحلام.
      مودتي

      تعليق

      • أحمد كمال سالم
        كاتب مسجل
        • Jul 2009
        • 66
        • أحمد كمال سالم
          إنسان حر وحر وحر

        #4
        رد: من تحت الركام ؟!

        المشاركة الأصلية بواسطة حسن_العلوي
        قلت لك اخي انك تتمتع بخيال خصب,و هو ما يساعدك على الكتابة و تنويع الموضوعات.الاهتمام بالقضية الفلسطسنية شيئ رائع و حلم الانتصار يراودنا لكن ليس بالاحلام.
        مودتي
        بالإصرار يا أخ حسن
        دمت بخير

        تعليق

        يعمل...