الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

شبهات حول الإسلام

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد المنعم جبر عيسي
    كاتب
    • Aug 2008
    • 811
    • moneim

    #16
    رد: شبهات حول الإسلام

    الرد على طعن الْملاحدة في تواتر القرآن

    تعلق بعض الْملاحدة بحديث أنس في حصر من جمع القرآن في عهد النبي ؟
    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : مَاتَ النَّبِيُّ ، وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ قَالَ : وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ . (1)
    وفي رواية قتادة قَالَ : قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ؟ قَالَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ : أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا زَيْدٍ . (2)
    فقالوا : كيف يكون القرآن متواترًا، مع ما يروى عن أنس مِن حَصْر مَن جمع القرآن في هؤلاء الأربعة .
    وتعلقوا أيضًا بأن أسانيد القراء تدور على ثمانية فقط من أصحاب النبي ، فقالوا : إن هذا العدد لا يبلغ مبلغ التواتر .
    وقد رد العلماء على هذه الشبهة ، بعدة وجوه :
    أولها : الجواب بأن الحصر في كلام أنس إضافي ، لا حقيقي .
    أي أن قول أنس ( أَرْبَعَةٌ ) لا مفهوم له ؛ وليس الحصر في كلامه حقيقيًّا ، بل هو حصر إضافي ، أي : بالإضافة إلى غيرهم ، وإلا فأين الخلفاء الأربعة ، وأين سالْم مولى أبي حذيفة ، وأين أبو موسى وغيرهم . على ذلك ثلاثة أدلة :
    الأول : كثرة الحفاظ من الصحابة :
    فقد روي حفظ جماعات من الصحابة في عهد النبي ، وثبت في الصحيح أنه قُتِل يوم بئر معونة سبعون مِمَّن جمع القرآن ،( 3 ) وروي أنه قتل في وقعة اليمامة ( 4 ) مثلهم .
    فهؤلاء الذين قتلوا من جامعيه يومئذ ، فكيف الظن بِمن لم يُقتل مِمَّن حضرها ، ومن لم يحضرها وبقي بالْمدينة أو بمكة أو غيرهما .
    الثاني : استحالة إحاطة أنس بحال كل الصحابة وأنَّهم لم يجمعوا القرآن كله .
    أي بتقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه ، وإلا فكيف له الإحاطة بكل من جمع القرآن مع كثرة الصحابة وتفرقهم في البلدان ، وهذا لا يتم إلا إن كان لقي كل واحد منهم على انفراده ، وأخبره عن نفسه أنه لم يكمل له جمع القرآن في عهد النبي ، وهذا في غاية البعد في العادة . وقد يكون مراده : الذين علمهم من الأنصار أربعة ، وأما غيرهم من الْمهاجرين والأنصار الذين لا يعلمهم فلم ينفهم ، ولو نفاهم كان الْمراد نفي علمه ، وإذا كان الْمرجع إلى ما في علمه لم يلزم أن يكون الواقع كذلك .
    كما أنه لم يذكر في هؤلاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم من كبار الصحابة ، الذين يبعد كل البعد أنَّهم لم يجمعوه ، ( 5 ) مع كثرة رغبتهم في الخير وحرصهم على ما دون ذلك من الطاعات ، وكيف نظن هذا بِهم ، ونحن نرى أهل العصور اللاحقة يحفظ القرآن منهم في كل بلدة ألوف ، مع بعد رغبتهم في الخير عن درجة الصحابة مع أن الصحابة لم يكن لهم أحكام مقررة يعتمدونَها في سفرهم وحضرهم إلا القرآن ، وما سمعوه من النبي ، فكيف نظن بِهم إهماله ؟ فكل هذا وشبيهه يدل على أنه لا يصح أن يكون معنى الحديث أنه لم يكن في نفس الأمر أحد جمع القرآن إلا الأربعة الْمذكورون . ( 6 )
    الثالث : اختلاف الرواية عن أنس في تحديد الأربعة
    فمِمَّا يدل على إرادة الحصر الإضافي اختلاف الرواية عن أنس في تحديد الأربعة ، ففي رواية : أبي ومعاذ وزيد وأبو زيد ، ( 7 ) وفي رواية أخرى أبو الدرداء مكان أبيٍّ ، ( 8 ) وهذا دليل على عدم إرادة الحصر الحقيقي ، فهو صادق في كلتا الروايتين ؛ لأنه ليس معقولاً أن يكذب نفسه ، فتعين أن الْمراد بالحصر هنا حصر إضافي ، بأن يقال : إن أنسًا تعلق غرضه في وقت ما بأن يذكر الثلاثة ، ويذكر معهم أبي بن كعب دون أبي الدرداء ، ثم تعلق غرضه في وقت آخر بأن يذكر الثلاثة ، ويذكر معهم أبا الدَّرْداء دون أُبَيِّ بن كعبٍ . ( 9 )
    كما اختلف العلماء في تحديد أبي زيدٍ الْمذكور في هذا الحديث ، فبعضهم يَجعله سعد بن عبيد الأوسي ، وبعضهم يجعله قيس بن السكن الخزرجي ، وبعضهم يصحح أنَّهما جميعًا جمعا القرآن على عهد رسول الله ( 10 ) وبعضهم يجعله قيس بن أبي صعصعة . ( 11 )
    والاختلاف في تحديد الْمعدود الْمحصور يدل على عدم إرادة الحصر الحقيقي .
    ثانيًها : الجواب بتقدير مراد أنس بالحصر الإضافي ، وذلك بوجوه :
    الأول : أن الْمراد به : لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بِها إلا أولئك .
    الثاني : أن الْمراد : لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته ، وما لم ينسخ غيرهم .
    الثالث : أن الْمراد بجمعه : تلَقِّيهِ من فِي رسول الله بغير واسطة ، بخلاف غيرهم ، فيحتمل أن يكون تلقى بعضه بالواسطة .
    الرابع : أنَّهم تصدوا لإلقائه وتعليمه ، فاشتهروا به ، وخفي حال غيرهم عمن عُرف حالهم ، فحصر ذلك فيهم بحسب علمه .
    ثالثهًا : مع التسليم بثبوت كلام أنس على الحصر الحقيقي ، فإن ذلك لا يقدح في تواتر القرآن .
    فلو ثبت أنه لم يجمعه إلا الأربعة ، لم يقدح ذلك في تواتر القرآن ؛ فإن أجزاءه حفظ كلَّ جزءٍ منها خلائق لا يحصون ، يحصل التواتر ببعضهم ، وليس من شرط التواتر أن ينقل جميعُهم جميعَه ، بل إذا نقل كل جزء عدد التواتر صارت الجملة متواترة بلا شك ، ولم يخالف في هذا مسلمٌ ولا ملحدٌ.( 12 )
    أما دوران أسانيد القراء على ثمانية من الصحابة فقط ، فيجاب بأن هؤلاء الثمانية هم الذين نقل إلينا قراءتهم ، ولا ينفي ذلك إقراء غيرهم ، ومعرفتهم بقراءة هؤلاء ، وإقرارهم عليها ، كما أن تواتر القرآن يختلف عن تواتر الحديث ، فعند علماء الحديث من أقسام الْمتواتر : تواتر الطبقة ، ومثلوا له بتواتر القرآن ، فقد تلقاه جيل عن جيلٍ ، فهو لا يحتاج إلى إسناد . ( 13 )



    ----------------------

    (1) رواه البخاري في كتاب فضائل القرآن باب القراء من أصحاب النبي ح 5004 (8/663). وقد صرح أنس في هذه الرواية بصيغة الحصر ، قال الحافظ : وقد استنكره جماعة من الأئمة. ( يعني التصريح ) ، انظر فتح الباري (8/668) .
    (2) رواه البخاري في كتاب الْمناقب باب مناقب زيد بن ثابت . صحيح البخاري مع فتح الباري (7/159) ح 3810، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي بن كعب. انظر صحيح مسلم مع شرح النووي (16/19) ح 2465.
    (3) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب من يُنْكَب في سبيل الله. صحيح البخاري مع فتح الباري (6/23) ح2801، ومسلم في كتاب الإمارة باب ثبوت الجنة للشهيد ح 677. صحيح مسلم مع شرح النووي (13/46-47).
    (4) اليمامة من حروب الردة ، وقعت سنة 11 هـ .
    (5) والذين منهم من كان يقول : وَاللهِ الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللهِ تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ. كما روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب القراء من أصحاب النبي ـ (8/662) ح 5002.
    (6) نكت الانتصار لنقل القرآن ص 67، وفتح الباري (8/667-668)، وشرح النووي على صحيح مسلم (16/19)، والإتقان (1/200).
    (7) رواه البخاري في كتاب الْمناقب باب مناقب زيد بن ثابت ح 3810. صحيح البخاري مع فتح الباري (7/159)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي بن كعب. انظر صحيح مسلم مع شرح النووي (16/19) ح 2465.
    (8) رواه البخاري في فضائل القرآن باب القراء من أصحاب النبي . انظر الصحيح مع فتح الباري (8/663) ح 5004.
    (9) مناهل العرفان (1/243-245).
    (10) أسد الغابة في معرفة الصحابة (6/128).
    (11) ذكره ابن أبي داود فيمن جمع القرآن. انظر فتح الباري (8/669).
    (12) شرح النووي على صحيح مسلم (16/20)، وفتح الباري (8/668)، والإتقان (1/200).
    (13) تعليقات اليماني على نزهة النظر ص 22.

    تعليق

    • أبو شامة المغربي
      السندباد
      • Feb 2006
      • 16639


      #17
      شكر وتقدير ...

      تعليق

      • عبد المنعم جبر عيسي
        كاتب
        • Aug 2008
        • 811
        • moneim

        #18
        رد: شبهات حول الإسلام

        شكرا جزيلا أستاذنا الدكتور عبد الفتاح ..
        للحضور الكريم والتشجيع المميز ..
        وبإذن الله نواصل قريبا ما بدأناه سويا ..
        لك تحياتى

        تعليق

        • عبد المنعم جبر عيسي
          كاتب
          • Aug 2008
          • 811
          • moneim

          #19
          رد: شبهات حول الإسلام

          يوضح القرآن أن الله لا يغفر أن يشرك به ( النساء : 48 . و مع ذلك فقد غفر الله لإبراهيم ، عليه السلام ، بل جعله نبياً رغم أنه عبد النجوم و الشمس و القمر ( الأنعام : 86-87 . فما الإجابة ؟

          الجواب :
          وقد تصدى للرد على هذه الشبهة فضيلة الدكتور / محمد عمارة ، فى كتابه : ( شبهات حول القرآن الكريم ) ، فقال رحمه الله :
          الشرك محبط للعمل : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } (الزمر : 64-66) ، { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (النساء : 48 .
          و الأنبياء و الرسل هم صفوة الله من خلقه ، يصطفيهم و يستخلصهم ، و يصنعهم على عينه ، و ينزهم - حتى قبل البعثة لهم و الوحي إليهم - عن الأمور التي تخل بجدارتهم للنبوة والرسالة . . و من ذلك الشرك ، الذي لو حدث منهم واقترفوه لكان مبرراً لغيرهم أن يقترفه ويقع فيه . . و لذلك ، لم يرد في القرآن الكريم ما يقطع بشرك أحد الأنبياء و الرسل قبل بعثته . . بمن في ذلك أبو الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام .
          أما الآيات التي يشير إليها السؤال . . وهي قول الله ، سبحانه و تعالى : { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ 78 إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } ( الأنعام : 74-83) .
          أما هذه الآيات ، فليس فيها دليل على أن إبراهيم عليه السلام ، قد مر بمرحلة شرك ، و حاشا له أن يقع في ذلك ، وإنما هي تحكي كيف آتى الله إبراهيم الحجة على قومه . . حجة التوحيد ، و دحض الشرك . . فهي حجاج و حوار يسلم فيه إبراهيم جدلاً - كشأن الحوار - بما يشركون ؛ لينقض هذا الشرك ، و يقيم الحجة على تهاوي ما به يحتجون ، و على صدق التوحيد المركوز في فطرته . . ليخلص من هذا الحوار و الحجاج و الاحتجاج إلى أن الخيار الوحيد المتبقي - بعد هذه الخيارات التي سقطت - هو التوحيد . . فهو حوار التدرج من توحيد الفطرة إلى التوحيد القائم على المنطق و البرهان والاستدلال ، الذي فند دعاوى و حجج الخصوم . . الاستدلال اليقيني - { و ليكون من الموقنين } - و ليس فيه انتقال من الشرك إلى التوحيد . . تلك هي الحقيقة التي رجحها المفسرون :
          فالقرطبي ، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (671ه 1273م) يقول في تفسيره ( الجامع لأحكام القرآن ) - مورداً الآراء المختلفة حول هذا الموضوع :
          قوله تعالى : " قال هذا ربي " اختلف في معناه على أقوال ؛ فقيل : كان هذا منه في مهلة النظر وحال الطفولية وقبل قيام الحجة ؛ وفي تلك الحال لا يكون كفر ولا إيمان .. وقال قوم : هذا لا يصح ؛ وقالوا : غير جائز أن يكون لله تعالى رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله تعالى موحد وبه عارف ، ومن كل معبود سواه بريء . قالوا : وكيف يصح أن يتوهم هذا على من عصمه الله وآتاه رشده من قبل ، وأراه ملكوته ليكون من الموقنين ، ولا يجوز أن يوصف بالخلو عن المعرفة ، بل عرف الرب أول النظر . قال الزجاج : هذا الجواب عندي خطأ وغلط ممن قال ؛ وقد أخبر الله تعالى عن إبراهيم أنه قال : " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " " إبراهيم : 35 " وقال جل وعز : " إذ جاء ربه بقلب سليم " " الصافات : 84 " أي لم يشرك به قط .
          لقد قال " هذا ربي " على قول قومه ؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام والشمس والقمر ؛ ونظير هذا قوله تعالى : " أين شركائي " " النحل : 27 " وهو جل وعلا واحد لا شريك له . والمعنى : ابن شركائي على قولكم .
          وقيل : إنما قال " هذا ربي " لتقرير الحجة على قومه فأظهر موافقتهم ؛ فلما أفل النجم قرر الحجة وقال : ما تغير لا يجوز أن يكون ربا . وكانوا يعظمون النجوم ويعبدونها ويحكمون بها . وقال النحاس : ومن أحسن ما قيل في هذا ما صح عن ابن عباس أنه قال في قول الله عز وجل : " نور على نور " [النور: 35] قال : كذلك قلب المؤمن يعرف الله عز وجل ويستدل عليه بقلبه ، فإذا عرفه أزداد نورا على نور؛ وكذا إبراهيم عليه السلام عرف الله عز وجل بقلبه واستدل عليه بدلائله ، فعلم أن له ربا وخالقا . فلما عرفه الله عز وجل بنفسه ازداد معرفة فقال : " أتحاجوني في الله وقد هدان " [الأنعام: 80].
          وقيل : هو على معنى الاستفهام والتوبيخ ، منكرا لفعلهم . والمعنى : أهذا ربي ، أو مثل هذا يكون ربا ؟ فحذف الهمزة . وفي التنزيل " أفإن مت فهم الخالدون " [الأنبياء : 34] أي أفهم الخالدون ؟ . (1)
          و مع هذا الرأي ايضاً الزمخشري ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (467-538هـ/1075-1144م) صاحب تفسير ( الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ) .. الذي يقول في تفسير هذه الايات :
          " وكان أبوه آزر وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب ، فأراد أن ينبههم على الخطأ في دينهم ، وأن يرشدهم إلى طريق النظر والاستدلال ، ويعرفهم أن النظر الصحيح مؤدّ إلى أن شيئاً منها لا يصحّ أن يكون إلٰهاً ، لقيام دليل الحدوث فيها ، وأن وراءها محدثاً أحدثها ، وصانعاً صنعها ، مدبراً دبر طلوعها وأفولها وانتقالها ومسيرها وسائر أحوالها .
          { هَـٰذَا رَبّى } قول من ينصف خصمه مع علمه بأنه مبطل ، فيحكي قوله كما هو غير متعصب لمذهبه . لأن ذلك أدعى إلى الحق وأنجى من الشغب ، ثم يكرّ عليه بعد حكايته فيبطله بالحجة .
          { لا أُحِبُّ ٱلأفِلِينَ } لا أحبّ عبادة الأرباب المتغيرين من حال إلى حال ، المتنقلين من مكان إلى آخر ، المحتجبين بستر ، فإنّ ذلك من صفات الأجرام .
          { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى } تنبيه لقومه على أنّ من اتخذ القمر إلٰهاً وهو نظير الكوكب في الأفول ، فهو ضال ، وأنّ الهداية إلى الحق بتوفيق الله ولطفه .
          { إِنّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ } أي للذي دلت هذه المحدثات عليه وعلى أنه مبتدؤها ومبتدعها . (2)
          و على هذا الرأي أيضاً - من المحدثين - الشيخ عبد الوهاب النجار (1278-1360هـ/1862-1941م) - صاحب ( قصص الأنبياء ) - الذي يقول : " لقد أتى إبراهيم في الاحتجاج لدينه وتزييف دين قومه بطريقة التدرج في الإلزام ، أو التدرج في تكوين العقيدة .. " . (3)
          ذلك هو موقف إبراهيم الخليل عليه السلام ، من الشرك .. لقد عصمه الله منه .. و إنما هي طريقة في الجدال يتدرج بها مع قومه ، منطلقاً من منطلقاتهم ؛ ليصل بهم إلى هدم هذه المنطلقات ، وإلى إقامة الدليل العقلي على عقيدة التوحيد الفطرية المركوزة في القلوب .
          ----------------------------------------------------
          (1) ( الجامع لأحكام القرآن ) جـ7 ص25 ، 26 . طبعة دار الكتاب العربي للطباعة و النشر – القاهرة سنة 1387 ه سنة 1967 م .
          (2) ( الكشاف ) جـ2 ص30 ، 31 طبعة دار الفكر – بيروت – بدون تاريخ – و هي طبعة مصورة عن طبعة طهران " انتشارات آفتاب – طهران " – و هي الأخرى بدون تاريخ للطبع .
          (3) ( قصص الأنبياء ) ص80 . طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان – بدون تاريخ للطبع .

          تعليق

          • عبد المنعم جبر عيسي
            كاتب
            • Aug 2008
            • 811
            • moneim

            #20
            رد: شبهات حول الإسلام

            الرد على شبهة وقوع ابراهيم ( عليه السلام ) فى الشرك


            يوضح القرآن أن الله لا يغفر أن يشرك به ( النساء : 48) . و مع ذلك فقد غفر الله لإبراهيم ، عليه السلام ، بل جعله نبياً رغم أنه عبد النجوم و الشمس و القمر ( الأنعام : 86-78) .

            *****
            وقد تصدى للرد على هذه الشبهة فضيلة الدكتور / محمد عمارة ، فى كتابه : ( شبهات حول القرآن الكريم ) ، فقال رحمه الله :
            الشرك محبط للعمل : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } (الزمر : 64-66) ، { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (النساء : 48) .
            و الأنبياء و الرسل هم صفوة الله من خلقه ، يصطفيهم و يستخلصهم ، و يصنعهم على عينه ، و ينزهم - حتى قبل البعثة لهم و الوحي إليهم - عن الأمور التي تخل بجدارتهم للنبوة والرسالة . . و من ذلك الشرك ، الذي لو حدث منهم واقترفوه لكان مبرراً لغيرهم أن يقترفه ويقع فيه . . و لذلك ، لم يرد في القرآن الكريم ما يقطع بشرك أحد الأنبياء و الرسل قبل بعثته . . بمن في ذلك أبو الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام .
            أما الآيات التي تشير إليها الشبهة . . وهي قول الله ، سبحانه و تعالى : { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } ( الأنعام : 74-83) .
            أما هذه الآيات ، فليس فيها دليل على أن إبراهيم عليه السلام ، قد مر بمرحلة شرك ، و حاشا له أن يقع في ذلك ، وإنما هي تحكي كيف آتى الله إبراهيم الحجة على قومه . . حجة التوحيد ، و دحض الشرك . . فهي حجاج و حوار يسلم فيه إبراهيم جدلاً - كشأن الحوار - بما يشركون ؛ لينقض هذا الشرك ، و يقيم الحجة على تهاوي ما به يحتجون ، و على صدق التوحيد المرتكز في فطرته . . ليخلص من هذا الحوار و الحجاج و الاحتجاج إلى أن الخيار الوحيد المتبقي - بعد هذه الخيارات التي سقطت - هو التوحيد . . فهو حوار التدرج من توحيد الفطرة إلى التوحيد القائم على المنطق و البرهان والاستدلال ، الذي فند دعاوى وحجج الخصوم . . الاستدلال اليقيني - { و ليكون من الموقنين } - و ليس فيه انتقال من الشرك إلى التوحيد . . تلك هي الحقيقة التي رجحها المفسرون :
            فالقرطبي ، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (671ه 1273م) يقول في تفسيره ( الجامع لأحكام القرآن ) - مورداً الآراء المختلفة حول هذا الموضوع :
            قوله تعالى : " قال هذا ربي " اختلف في معناه على أقوال ؛ فقيل : كان هذا منه في مهلة النظر وحال الطفولية وقبل قيام الحجة ؛ وفي تلك الحال لا يكون كفر ولا إيمان .. وقال قوم : هذا لا يصح ؛ وقالوا : غير جائز أن يكون لله تعالى رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله تعالى موحد وبه عارف ، ومن كل معبود سواه بريء . قالوا : وكيف يصح أن يتوهم هذا على من عصمه الله وآتاه رشده من قبل ، وأراه ملكوته ليكون من الموقنين ، ولا يجوز أن يوصف بالخلو عن المعرفة ، بل عرف الرب أول النظر . قال الزجاج : هذا الجواب عندي خطأ وغلط ممن قال ؛ وقد أخبر الله تعالى عن إبراهيم أنه قال : " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " " إبراهيم : 35 " وقال جل وعز : " إذ جاء ربه بقلب سليم " " الصافات : 84 " أي لم يشرك به قط .
            لقد قال " هذا ربي " على قول قومه ؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام والشمس والقمر ؛ ونظير هذا قوله تعالى : " أين شركائي " " النحل : 27 " وهو جل وعلا واحد لا شريك له . والمعنى : ابن شركائي على قولكم .
            وقيل : إنما قال " هذا ربي " لتقرير الحجة على قومه فأظهر موافقتهم ؛ فلما أفل النجم قرر الحجة وقال : ما تغير لا يجوز أن يكون ربا . وكانوا يعظمون النجوم ويعبدونها ويحكمون بها . وقال النحاس : ومن أحسن ما قيل في هذا ما صح عن ابن عباس أنه قال في قول الله عز وجل : " نور على نور " [النور: 35] قال : كذلك قلب المؤمن يعرف الله عز وجل ويستدل عليه بقلبه ، فإذا عرفه أزداد نورا على نور؛ وكذا إبراهيم عليه السلام عرف الله عز وجل بقلبه واستدل عليه بدلائله ، فعلم أن له ربا وخالقا . فلما عرفه الله عز وجل بنفسه ازداد معرفة فقال : " أتحاجوني في الله وقد هدان " [الأنعام: 80].
            وقيل : هو على معنى الاستفهام والتوبيخ ، منكرا لفعلهم . والمعنى : أهذا ربي ، أو مثل هذا يكون ربا ؟ فحذف الهمزة . وفي التنزيل " أفإن مت فهم الخالدون " [الأنبياء : 34] أي أفهم الخالدون ؟ . (1)
            و مع هذا الرأي ايضاً الزمخشري ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (467-538هـ/1075-1144م) صاحب تفسير ( الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ) .. الذي يقول في تفسير هذه الايات :
            " وكان أبوه آزر وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب ، فأراد أن ينبههم على الخطأ في دينهم ، وأن يرشدهم إلى طريق النظر والاستدلال ، ويعرفهم أن النظر الصحيح مؤدّ إلى أن شيئاً منها لا يصحّ أن يكون إلٰهاً ، لقيام دليل الحدوث فيها ، وأن وراءها محدثاً أحدثها ، وصانعاً صنعها ، مدبراً دبر طلوعها وأفولها وانتقالها ومسيرها وسائر أحوالها .
            { هَـٰذَا رَبّى } قول من ينصف خصمه مع علمه بأنه مبطل ، فيحكي قوله كما هو غير متعصب لمذهبه . لأن ذلك أدعى إلى الحق وأنجى من الشغب ، ثم يكرّ عليه بعد حكايته فيبطله بالحجة .
            { لا أُحِبُّ ٱلأفِلِينَ } لا أحبّ عبادة الأرباب المتغيرين من حال إلى حال ، المتنقلين من مكان إلى آخر ، المحتجبين بستر ، فإنّ ذلك من صفات الأجرام .
            { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى } تنبيه لقومه على أنّ من اتخذ القمر إلٰهاً وهو نظير الكوكب في الأفول ، فهو ضال ، وأنّ الهداية إلى الحق بتوفيق الله ولطفه .
            { إِنّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ } أي للذي دلت هذه المحدثات عليه وعلى أنه مبتدؤها ومبتدعها . (2)
            و على هذا الرأي أيضاً - من المحدثين - الشيخ عبد الوهاب النجار (1278-1360هـ/1862-1941م) - صاحب ( قصص الأنبياء ) - الذي يقول : " لقد أتى إبراهيم في الاحتجاج لدينه وتزييف دين قومه بطريقة التدرج في الإلزام ، أو التدرج في تكوين العقيدة .. " . (3)
            ذلك هو موقف إبراهيم الخليل عليه السلام ، من الشرك .. لقد عصمه الله منه .. و إنما هي طريقة في الجدال يتدرج بها مع قومه ، منطلقاً من منطلقاتهم ؛ ليصل بهم إلى هدم هذه المنطلقات ، وإلى إقامة الدليل العقلي على عقيدة التوحيد الفطرية المركوزة في القلوب .
            ----------------------------------------------------
            (1) ( الجامع لأحكام القرآن ) جـ7 ص25 ، 26 . طبعة دار الكتاب العربي للطباعة و النشر – القاهرة سنة 1387 ه سنة 1967 م .
            (2) ( الكشاف ) جـ2 ص30 ، 31 طبعة دار الفكر – بيروت – بدون تاريخ – و هي طبعة مصورة عن طبعة طهران " انتشارات آفتاب – طهران " – و هي الأخرى بدون تاريخ للطبع .
            (3) ( قصص الأنبياء ) ص80 . طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان – بدون تاريخ للطبع .

            تعليق

            • عبد المنعم جبر عيسي
              كاتب
              • Aug 2008
              • 811
              • moneim

              #21
              رد: شبهات حول الإسلام

              السُنَّة ليست وحيًا والنَّبِـي صلى الله عليه وسلم يُصيب ويخطئ
              وهذه شبهة أخرى من شبهات القرآنيين .. قالوا : إن السُنَّة النبوية ليست وحيًا من قبل الله - سبحانه وتعالى- على رسوله ، ولكنه اجتهاد وتصرف من النَّبِـي بمقتضى بشريته ، وهو بهذا الاعتبار يصيب ويخطئ ، وبالتالي فهي ليست مُنـزهة عن الخطأ ، لأن المُنـزه عن الخطأ إنما هو الوحي ، ولا وحي إلا القرآن المجيد ، ولسنا ملزمين باتباعها ، والدليل على ذلك أولًا : مسألة نزول جيش المسلمين في غزوة بدر ، حيث أنزله الرسول منـزلًا ثم ظهر خطأ هذا المنـزل ، فانتقل الجيش إلى منـزل آخر بناء على رأى صحابي من أصحابه ، ثانيًا : مسألة أسرى بدر ، حيث استحياهم الرسول ولم يقتلهم ، وأخذ منهم الفداء ، ونزل القرآن مبينًا خطأ ذلك الاجتهاد وإصابة اجتهاد عمر ورأيه في المسألة .
              * * * *
              وقد تصدى للرد على الشبهة وتفنيدها الأستاذ / عماد حسن أبو العينين ( * ) فقال :
              إن هذه الشبهة التي أوردها هؤلاء ما كان ينبغي أن تصدر عن مسلم ، أو عمن يدعي أنه مسلم ، فإن الأمة المسلمة مجمعة سلفًا وخلفًا وإلى أن تقوم الساعة على أن السُنَّة النبوية المطهرة وحي من قبل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن النَّبِـي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى ، وإجماع الأمة المسلمة على ذلك ليس صادرًا عن فراغ أو عن هوى ، ولكنه الحق الذي لا يعارضه إلا غويٌّ مبين . والأدلة على أن السُنَّة وحي من الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم كثيرة وعديدة نستيطع أن نلخص منها الآتى : أولًا : إخبار الله تعالى بذلك في نصوص قاطعة في آيات بينات من القرآن المجيد الذي ينتسب إليه هؤلاء .. من ذلك قوله تعالى عن النَّبِـي صلى الله عليه وسلم : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم3-4] ومن ذلك قوله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } [الحاقة44-47] فهذه الآيات ليس فيها إخبار بأن الرسول لا ينطق إلا بالوحي فقط ، بل فيها إخبار بأنه صلى الله عليه وسلم لو افترى على الله تعالى شيئًا لم يوحه الله إليه لقتله الله وقضى عليه ، وحيث إن الله تعالى لم يأخذ من رسوله باليمين ، ولم يقطع منه الوتين ، أي لم يقض عليه ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ما نطق إلا بما أوحاه الله تعالى إليه . ثانيًا : النصوص القاطعة من كتاب الله المجيد التي يأمر الله تعالى فيها المؤمنين باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يأخذ وما يدع ، وما يأمر وما ينهى ، من ذلك قول الله تبارك وتعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } [الحشر7] وقول الله سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } [محمد33] ثالثًا : ترتيب الله تعالى الإيمان على طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والرضا بحكمه ، والتسليم لأمره ونهيه في كل ما يراه ويحكم به ، وذلك في قول الله تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا } [النساء65] ومن ذلك وصف الله تعالى المؤمنين بأن شأنهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ، وذلك في قوله سبحانه : { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [النور51] رابعًا : إجماع الأمة كلها على أن السُنَّة وحي من قبل الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وبخاصة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانوا في حياته الشريفة يحفظون أقواله صلى الله عليه وسلم ويتذاكرونها فيما بينهم ، وكانوا يتحرون الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في كل ما يأتي وما يذر فيما ليس بخصوصية له صلى الله عليه وسلم مستجيبين لتوجيه الله تعالى في قوله لأمة الإسلام : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } [الأحزاب21] وقد كان الذي يعرف الكتابة منهم يكتب لنفسه خاصة ، وقد كان ثمة عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتبون لأنفسهم في حياته الشريفة ، ثم بعد حياته صلى الله عليه وسلم كانت المسألة تُعرَضُ للصحابة رضوان الله عليهم فيبحثون في القرآن ، فإذا لم يجدوا حكمها ، بحثوا في السُنَّة الشريفة وحكموا فيها بما وردت به السُنَّة ، وكان سائلهم يسأل أصحابه وإخوانه قائلًا : أنشدكم الله هل سمع أحدكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا في المسألة ؟ فإذا جاءهم حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على لسان أصحابه أو بعضهم سارعوا إلى تطبيقه والأخذ به . أما ما أثاروه من مغالطات مدعين أنها أدلة على أن السُنَّة النبوية المطهرة ليست وحيًا ؛ فهو كلام ظاهر البطلان ، ونحن نرد عليه رغم وضوح بطلانه إبطالا لمزاعمهم . أولًا : ما أثاروه من منـزل جيش المسلمين في غزوة بدر ؛ فقد كان ذلك بناءً على رأي رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن ذلك عن وحي ، وهذا بيِّن واضح ، فإنه لما سأله أحد أصحابه قائلًا : ( أهذا منزل أنزلكه الله يا رسول الله ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بل هو الرأي والحرب والمكيدة ) ، ولما أشار عليه صاحبه بمنزل أفضل انتقل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكون ذلك ليس عن وحي واضح ، فلا يصح الاستشهاد به في مجال نفي الوحي فيما هو وحي . ثانيًا : أما مسألة الأسرى في بدر ، فهي قد جمعت بين الرأي والوحي ، فقد كان الرأي أولًا ، ثم أعقبه الوحي بعد ذلك ، وقضية الأسرى ببدر توضح لنا أمرًا هامًا قد لا يتوفر في كثير غيرها من قضايا التشريع ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ في أسرى بدر بالرأي ، فاستشار أصحابه رضوان الله عليهم ، فكل أدلى برأيه ، ثم مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرأي القائل باستحيائهم وأخذ الفداء منهم ، وكان هذا رأي أبي بكر رضى الله عنه ، وكان رأي عمر رضى الله عنه أن يقتل الأسرى جميعًا وبعد أن استقر الأمر على ذلك نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يُبين ما كان ينبغي أن يفعل في مسألة الأسرى ، ويُبين الصواب في القضية ، يقول الله سبحانه في شأن فعل الرسول في أسرى بدر : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلًا طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [الأنفال67-69] فقضية الأسرى بدأت بالرأي ، ثم انتهت بالوحي ، وهذه القضية بجملتها شاهدة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول ولا يفعل فيما يتصل بالدين إلا بوحي من عند الله سبحانه ، وأن الله سبحانه لا يدع رسوله صلى الله عليه وسلم على غير صواب ، حتى في حالة تصرفه برأيه واجتهاده وذلكم هو الأمر الهام الذي نَوَّهنا به قبلًا ، وخلاصته أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله في أمور الدين وحي ، حتى ولو قال برأيه ، لأنه إن قال أو فعل برأيه وكان صوابًا موافقًا لأمر الله أقره الله تعالى على ذلك ، وكان إقرار الله سبحانه له دليلًا على موافقة عمله لمراد الله تعالى فيكون وحيًا ، وإن كان اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم ليس صوابًا موافقًا لمراد الله سبحانه فإن الله تعالى لا يقره على ما قال أو فعل اجتهادًا ، بل يصوب له ويصحح ، وذلك كما حدث في أسرى بدر ، حيث نزل فيها القرآن مصوبًا ؛ وكما حدث في أوائل سورة " عبس " حيث نزل القرآن معاتبًا ، وهكذا يتضح أن واقعة أسرى بدر شاهدة بأن السُنَّة وحي من عند الله تعالى ، وأن الله سبحانه يحيط أقوال وأفعال رسوله بالوحي حتى ولو اجتهد برأيه . وفيصل الأمر في الشبهات التي أثاروها ظانين أنها دليل على أن السُنَّة النبوية ليست وحيًا ؛ أن ما يصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم نوعان : نوع يفعله بمقتضى بشريته صلى الله عليه وسلم ، دون أن يوحى إليه فيه بشيء ، وهذا النوع لا صلة له بالتشريع ، وذلك في جل شؤونه المعيشية التي لا يتعلق شيء منها بالدين حلًا أو حرمة ومن ذلك رأيه في تأبير النخل ، ومنـزل الجيش ببدر ، ونوع آخر يفعله صلى الله عليه وسلم بمقتضى كونه بشرا رسولًا ، وفعله هذا إنما يقوم على وحي من قبل الله تعالى ، مثل أسرى بدر ، فقد اجتهد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم رأيه وآراء محل مشورته من الصحابة رضوان الله عليهم ، فنزل الوحي مصوبًا ومبينًا الحكم الصحيح .
              ---------------------------------------------------
              ( * ) فى كتابه (شبهات حول السنة والسيرة النبوية ) .

              تعليق

              • عبد المنعم جبر عيسي
                كاتب
                • Aug 2008
                • 811
                • moneim

                #22
                رد: شبهات حول الإسلام

                قالوا :
                ( يؤكد القرآن أنه لا يمكن للملائكة أن تعصى الله ( التحريم : 6 ) و مع ذلك فقد عصى إبليس الذي كان من الملائكة ، كما في الآية ( البقرة : 34 ) ؟
                أليس فى هذا تناقض ؟ )

                *****

                الملائكة مخلوقات مجبولة على طاعة الله و عبادته و التسبيح له و به . . فم لا يعصون الله سبحانه و تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ( التحريم : 6 ) .
                و مع تقرير هذه الآية أن هؤلاء الملائكة القائمين على النار { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } . . يقرر القرآن الكريم أن إبليس - و هو من الملائكة - في قمة العصيان و العصاة : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } (البقرة : 34) .
                قال الدكتور / محمد عمارة :
                ( هناك إمكانية للجمع بين معاني الآيتين ، وذلك بأن نقول : إن عموم الملائكة لا يعصون الله ، سبحانه و تعالى ، فهم مفطورون ومجبولون على الطاعة . . لكن هذا لا ينفي وجود صنف هم الجن - ومنهم إبليس ، شملهم القرآن تحت اسم الملائكة - كما وصف الملائكة أيضاً بأنهم جنة - لخفائهم و استتارهم - . . و هذا الصنف من الجن ، منهم الطائعون و منهم العصاة .. )
                و في تفسير الإمام محمد عبده ( 1265-1323ه / 1849- 1905م ) لآية سورة البقرة : 34 - قال :
                ( أي سجدوا إلا إبليس ، و هو فرد من أفراد الملائكة ، كما يفهم من الآية و أمثالها في القصة ، إلا أن آية الكهف ناطقة بأنه كان من الجن . . وليس عندنا دليل على أن بين الملائكة و الجن فصلاً جوهرياً يميز أحدهما عن الآخر ، وإنما هو اختلاف أصناف ، عندما تختلف أوصاف . فالظاهر ان الجن صنف من الملائكة . وقد اطلق القرآن لفظ الجنة على الملائكة ، على رأي جمهور المفسرين في قوله تعالى : { وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا } ( الصافات : 158 ) وعلى الشياطين في آخر سورة الناس ) (1) .
                ونجد هذا الرأي أيضاً عند القرطبي - في تفسيره ( الجامع لأحكام القرآن ) – حيث قال :
                ( وقال سعيد بن جبير : إن الجن سبط من الملائكة خلقوا من نار وإبليس منهم ، وخلق سائر الملائكة من نور .. والملائكة قد تسمى جنا لاستتارها ، وفي التنزيل : { وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً } ( الصافات : 158) ، وقال الشاعر في ذكر سليمان عليه السلام :
                وسخر من جن الملائك تسعة ** قياما لديه يعملون بلا أجر ) (2) .
                قال الدكتور عمارة رحمه الله :
                فلا تناقض إذاً بين كون الملائكة لا يعصون الله .. وبين عصيان إبليس - وهو من الجن ، الذين أطلق عليهم اسم الملائكة - فهو مثله كمثل الجن هؤلاء منهم الطائعون ومنهم العصاة .
                ----------------------------------------------------
                (1) ( الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ) ج 4 ص133 . دراسة و تحقيق : د. محمد عمارة . طبعة دار الشروق . القاهرة سنة 1414ه سنة 1993م .
                (2) ( الجامع لأحكام القرآن ) ج 1 ص294- 295.

                تعليق

                • عبد المنعم جبر عيسي
                  كاتب
                  • Aug 2008
                  • 811
                  • moneim

                  #23
                  نشر محمدٌ دينه الإسلامي بالسيف
                  واحدة من شبهات المستشرقين .. قالوا :
                  ( قام الإسلام على السيف ولم يدخل فيه معتنقوه بطريق الطواعية والاختيار، وإنما دخلوا فيه بالقهر والإكراه ، وقد حرض محمد أتباعه على القتال واتخذوا من تشريع الجهاد في الإسلام وسيلة لهذا التجني الكاذب الآثم ، وهذا ليس من صفة الأنبياء .. ! ) .
                  وقد تصدى للرد على هذه الشبهة وتفنيدها ؛ الأستاذ / عماد حسن أبو العينين ، فى كتابه : ( شبهات حول السنة والسيرة النبوية ) .. وقد بنى رده على عدة محاور ، كان أولها :
                  { إن تشريع الجهاد ثابت فى كل الأديان } ، ولابد لأى دين فى الأرض من قوة تحميه ، وتشريع يكون فيه ردع للبغاة ، الذين يتربصون به الدوائر .
                  والأدلة من الكتاب المقدس على أن الجهاد وحمل السيف والقتال هي من الأمور الربانية غير المسقطة للنبوات وقد أمر بها الرب وأوصى بها :
                  جاء في الكتاب المقدس قول الرب لموسى ( 1 ) : " هَا أَنَا مُرْسِلٌ مَلاَكِي أَمَامَكَ لِيَحْرُسَكَ طَوَالَ الطَّرِيقِ ، وَيَقُودَكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَعْدَدْتُهَا لَكَ ... إِذْ يَسِيرُ مَلاكِي أَمَامَكَ حَتَّى يُدْخِلَكَ بِلاَدَ الأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفَرِزِّيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ الَّذِينَ أَنَا أُبِيدُهُم ْ... إِيَّاكَ أَنْ تَسْجُدَ لآلِهَتِهِمْ ، وَلاَ تَعْبُدْهَا ، وَلاَ تَعْمَلْ أَعْمَالَهُمْ ، بَلْ تُبِيدُهُمْ وَتُحَطِّمُ أَنْصَابَهُمْ " .
                  وجاء في رسالة بولس إلى العبرانيين ( 2 ) :" أن نبي الله إبراهيم حارب الملوك وقهرهم وأخذ الغنائم منهم "!!
                  فإذا كان حَمْلُ السيف أمرًا منافيًا للنبوة فلماذا أمر الرب موسى وإبراهيم بحمله ؟
                  بل إن ما جاء فى الكتاب المقدس لا يخطر على البال من الحروب والإبادة وأخذ الأموال بأمر الرب مما لا يقارن بحال مع ما ينكرونه على المسلمين والدليل من الكتاب المقدس نفسه :
                  أولا : إباحة قتل الرجال والنساء والأطفال :
                  جاء في سفر التثنية قول الرب ( 3 ) : " وَحِينَ تَتَقَدَّمُونَ لِمُحَارَبَةِ مَدِينَةٍ فَادْعُوهَا لِلصُّلْحِ أَوَّلًا . فَإِنْ أَجَابَتْكُمْ إِلَى الصُّلْحِ وَاسْتَسْلَمَتْ لَكُمْ ، فَكُلُّ الشَّعْبِ السَّاكِنِ فِيهَا يُصْبِحُ عَبِيدًا لَكُمْ . وَإِنْ أَبَتِ الصُّلْحَ وَحَارَبَتْكُمْ فَحَاصِرُوهَا فَإِذَا أَسْقَطَهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ فِي أَيْدِيكُمْ ، فَاقْتُلُوا جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ . وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ ، وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ أَسْلاَبٍ ، فَاغْنَمُوهَا لأَنْفُسِكُمْ ، وَتَمَتَّعُوا بِغَنَائِمِ أَعْدَائِكُمُ الَّتِي وَهَبَهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ . هَكَذَا تَفْعَلُونَ بِكُلِّ الْمُدُنِ النَّائِيَةِ عَنْكُمُ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ الأُمَمِ الْقَاطِنَةِ هُنَا . أَمَّا مُدُنُ الشُّعُوبِ الَّتِي يَهَبُهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ مِيرَاثًا فَلاَ تَسْتَبْقُوا فِيهَا نَسَمَةً حَيَّةً ، بَلْ دَمِّرُوهَا عَنْ بِكْرَةِ أَبِيهَا ، كَمُدُنِ الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ ، لِكَيِ لاَ يُعَلِّمُوكُمْ رَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي مَارَسُوهَا فِي عِبَادَةِ آلِهَتِهِمْ ، فَتَغْوُوا وَرَاءَهُمْ وَتُخْطِئُوا إِلَى الرَّبِّ إِلَهِكُمْ " .
                  ثانيا : طرد والإبادة ، وعدم قبول العهد والصلح :
                  جاء أيضًا قول الرب لموسى ( 4 ) : " وَمَتَى أَدْخَلَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ مَاضُونَ إِلَيْهَا لِتَرِثُوهَا ، وَطَرَدَ مِنْ أَمَامِكُمْ سَبْعَ أُمَمٍ ، أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكُمْ ، وَهُمُ الْحِثِّيُّونَ وَالْجِرْجَاشِيُّونَ وَالأَمُورِيُّونَ وَالْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفِرِزِّيُّونَ وَالْحِوِّيُّونَ وَالْيَبُوسِيُّونَ . وَأَسْلَمَهُمُ الرَّبُّ إِلَيْكُمْ وَهَزَمْتُمُوهُمْ ، فَإِنَّكُمْ تُحَرِّمُونَهُمْ . لاَ تَقْطَعُوا لَهُمْ عَهْدًا ، وَلاَ تَرْفُقُوا بِهِمْ ، وَلاَ تُصَاهِرُوهُمْ . فَلاَ تُزَوِّجُوا بَنَاتِكُمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ ، وَلاَ أَبْنَاءَكُمْ مِنْ بَنَاتِهِمْ ، إِذْ يُغْوُونَ أَبْنَاءَكُمْ عَنْ عِبَادَتِي لِيَعْبُدُوا آلِهَةً أُخْرَى ، فَيَحْتَدِمُ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ سَرِيعًا . وَلَكِنْ هَذَا مَا تَفْعَلُونَهُ بِهِمْ : اهْدِمُوا مَذَابِحَهُمْ وَحَطِّمُوا أَصْنَامَهُمْ وَقَطِّعُوا سَوَارِيَهُمْ وَأَحْرِقُوا تَمَاثِيلَهُمْ " .
                  ناهيك عن صور النهب والخديعة التي يُقرها الكتاب المقدس ، واستحضر عدد بني إسرائيل لتعلم مدى الكارثة التي أصابت المصريين في أموالهم ، واستحضر كيف أبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في مكة ليرد إلى المشركين ودائعهم في حادث الهجرة .
                  أقول ( 5 ) : إن غاية ما فى الأمر أن المستشرقين حاروا في فهم هذه الظاهرة وهى أنه ما كاد يخرج صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرًا بدينه ، وما انفك العقد الأول من السنين حتى كانت جيوشه تقرع أبواب الروم ، ثم أفل القرن الأول وقد أضحت الأمة الإسلامية في انتشارها على وجه الأرض كالنار سرى في الهشيم ، فقد تحولت الأمم إلى الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجًا ، وامتد الوجود الإسلامي في فترة وجيزة فملأ ما بين الصين ( شرقا ) والأندلس ( غربا ) .
                  لقد حاروا في فهمها إذ لا تفهم إلا بالاعتراف بأن هذا الدين حق وافق فطرة الناس وعقولهم فأذعنوا له ، وهروبًا من هذه الحقيقة التي نشرت الإسلام في ربوع كانت تُحسب قلاعًا للنصرانية قال النصارى بأن الإسلام دين قام على السيف ، وبه انتشر ، وأرادوا من خلاله طمس تلك الحقيقة الناصعة.
                  ولننظر إلى واقع تاريخ الدعوة الإسلامية :
                  لقد مكث صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثة عشر عامًا ، يدعو إلى الله بالحجة والموعظة الحسنة ، وقد دخل في الإسلام في هذه الفترة خيار المسلمين من الأشراف والفقراء ، ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثراء ما يغري هؤلاء ، وقد تحمَّل المسلمون من صنوف العذاب والبلاء ألوانًا ، فما صرفهم ذلك عن دينهم ، وما تزعزعت عقيدتهم ، وما سمعنا أن أحدًا منهم ارتدّ سخطًا عن دينه ، أو أغرته مغريات المشركين في النكوص عنه .
                  ثم كان أن هاجر بعضهم إلى بلاد الحبشة هجرتين ، ثم هاجروا جميعًا الهجرة الكبرى إلى المدينة ، تاركين الأهل والولد والمال والوطن ، متحملين آلام الاغتراب ، ومرارة الفاقة والحرمان ، وقد دخل في الإسلام من أهل المدينة قبل الهجرة وبعدها عدد كثير عن رضًا واقتناع ويقين واعتقاد ، وما يكون لإنسان يحترم عقله ويذعن للمقررات التاريخية الثابتة ، أن يزعم أنه كان للنّبِـي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في هذه الأربعة عشر عامًا أو تزيد حول أو قوة ترغم أحدًا على الدخول في الإسلام ، إلا إذا ألغى عقله وهدم التاريخ الصحيح .
                  --------------------------------------------------------
                  ( 1 ) سفر الخروج [23: 22] ، وانظر أيضًا ما جاء فى نفس السفر [34: 11].
                  ( 2 ) رسالة الرسول بولس إلى العبرانيين [7: 1، 2].
                  ( 3 ) سفر التثنية [20: 10].
                  ( 4 ) سفر التثنية [7: 1].
                  ( 5 ) الأستاذ / عماد حسن أبو العينين ، فى كتابه : ( شبهات حول السنة والسيرة النبوية )


                  ( يُتَّبَعْ )

                  تعليق

                  • عبد الله نفاخ
                    كاتب
                    • Mar 2010
                    • 808
                    • ربما عابوا السمو الأدبي بأنه قليل ، ولكن الخير كذلك . وبأنه مخالف ، ولكن الحق كذلك ، وبأنه محير ، ولكن الحسن كذلك، وبأنه كثير التكاليف ، ولكن الحرية كذلك
                      إمام الأدب العربي (الرافعي)

                    #24
                    شكراً لك سيدي لهذا الموضوع ... و أنا أعترف لك بأني مهتم للغاية بهه القضايا و الشبهات التي يتعمد البعض اليوم إعادة إثارتها بطرق أشنع بكثير من طرق المستشرقين رغبة بإثارة الفتنة بين مسلمي العالم الإسلامي و مسيحييه التي يبدو أنها خطة الأعداء للمرحلة المقبلة ،و لكني كنت أرغب أن تعمدوا إلى توضيح حقيقة الجهاد الإسلامي القائمة على رد العدوان و دفع الخيانة و التسامح و الرحمة و الامتناع عن قتل النساء و الأطفال و الشيوخ و تخريب ممتلكات الغير إلا في حال الاضطرار كما في غزوة بني النضير ، فذلك في رأيي خير من البحث عن ما عند غيرنا و كأننا نعترف بكلامهم علينا و نسعى لتسويغه .... مع خالص الاحترام و الشكر لكم أستاذنا الفاضل

                    تعليق

                    • عبد المنعم جبر عيسي
                      كاتب
                      • Aug 2008
                      • 811
                      • moneim

                      #25
                      المشاركة الأصلية بواسطة عبد الله نفاخ
                      شكراً لك سيدي لهذا الموضوع ... و أنا أعترف لك بأني مهتم للغاية بهه القضايا و الشبهات التي يتعمد البعض اليوم إعادة إثارتها بطرق أشنع بكثير من طرق المستشرقين رغبة بإثارة الفتنة بين مسلمي العالم الإسلامي و مسيحييه التي يبدو أنها خطة الأعداء للمرحلة المقبلة ،و لكني كنت أرغب أن تعمدوا إلى توضيح حقيقة الجهاد الإسلامي القائمة على رد العدوان و دفع الخيانة و التسامح و الرحمة و الامتناع عن قتل النساء و الأطفال و الشيوخ و تخريب ممتلكات الغير إلا في حال الاضطرار كما في غزوة بني النضير ، فذلك في رأيي خير من البحث عن ما عند غيرنا و كأننا نعترف بكلامهم علينا و نسعى لتسويغه .... مع خالص الاحترام و الشكر لكم أستاذنا الفاضل

                      أخى الكريم أستاذ / عبد الله ..

                      أرحب بك بداية ؛ والشكر الجزيل لك أيضا .. كقارىء واع وكاتب واعد ..

                      وأسعد بمتابعتك لما أنقل وأكتب .. كما أسعد بإهتمامك بهذا الجانب من جوانب حياتنا ، وما نعانيه بسبب الهجوم على الإسلام العظيم والكيد له ؛ بإثارة الشبهات حوله .. وأتمنى لو تجد الوقت للكتابة فيه ودحض مثل هذه الافتراءات .. وفضح مثل هذا الفكر القاصر الشاذ .

                      وعن استفسارك أبشرك بأن رد الأستاذ عماد قد احتوى هذا الجانب الذى تفضلت وأشرت إليه .. وبإذن الله تعالى تجد فى المشاركات القادمة ما يثلج صدرك ..

                      لك منى خالص التحية والتقدير ..

                      أخوك .

                      تعليق

                      • عبد المنعم جبر عيسي
                        كاتب
                        • Aug 2008
                        • 811
                        • moneim

                        #26
                        وكان المحور الثانى الذى اعتمده الأستاذ / عماد حسن أبو العينين ، فى كتابه : ( شبهات حول السنة والسيرة النبوية ) ، فى معرض تفنيده لشبهة ( نشر محمد صلى الله عليه وسلم للإسلام بالسيف ) : { إن تشريع الجهاد في الإسلام لم يكن لإرغام أحد على الدخول في الإسلام كما زعموا } وإنما كان للدفاع عن العقيدة وتأمين سبلها ووسائلها ، وتأمين المعتنقين للإسلام ، وردِّ الظلم والعدوان ، وإقامة معالم الحق ، ونشر عبادة الله في الأرض ، فلما تمالأ المشركون على المسلمين أمرهم الله بقتالهم عامة ، ثم ماذا يقول هؤلاء المغرضون في قوله تعالى : { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَإِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [ الممتحنة 8 - 9 ] .
                        فالإسلام لم يقف عند حدِّ أن من سالمنا سالمناه ، بل لم يمنع من البر بهم والعدل معهم ، وعدم الجور عليهم ، وكذلك كان موقف القرآن كريمًا جدًا مع الذين قاتلوا المسلمين ، وأخرجوهم من ديارهم ، أو ساعدوا عليه ، فلم يأمر بظلمهم أو البغي عليهم ، وإنما نهى عن توليهم بإفشاء الأسرار إليهم أو نصرتهم وإخلاصهم الودِّ لهم ، فإن حاربونا حاربناهم ، وصدق الله { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ } [ البقرة 190 ] .
                        ونصوص القرآن والسُنَّة الصحيحة تردان على هذا الزعم وتكذِّبانه ، وقد صرح الوحي بذلك في غير ما آية قال تعالى : { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ } [ البقرة 256 ] .
                        " فالإسلام وهو أرقى تصور للوجود وللحياة وأقوم منهج للمجتمع الإنساني ينادى بأن لا إكراه في الدين وهو الذي يبين لأصحابه قبل سواهم أنَّهُم ممنوعون من إكراه الناس على هذا الدين " . ( 1 )
                        وقال تعالى : { أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين َ} [ يونس 99 ]
                        وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان واحترام إرادته وفكره ومشاعره وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه وهذه هي أخص خصائص التحرر الإنساني .
                        فالله تعالى لم يَبْنِ أمر الإيمان على الإجبار والقسر وإنما بناه على التمكن والاختيار .
                        وقضية العقيدة كما جاء بها هذا الدين قضية اقتناع بعد البيان والإدراك وليست قضية إكراه وغصب وإجبار ، ولقد جاء هذا الدين يخاطب الإدراك البشرى بكل قواه وطاقاته يخاطب العقل المفكر والبداهة الناطقة ويخاطب الوجدان المنفعل كما يخاطب الفطرة المستكنة يخاطب الكيان البشرى كله والإدراك البشرى بكل جوانبه في غير قهر حتى بالخارقة المادية التي قد تُلْجِئُ مشاهدها إلجاءً إلى الإذعان ولكن وعيه لا يتدبرها وإدراكه لا يتعقلها لأنَّهَا فوق الوعي والإدراك .
                        وإذا كان هذا الدين لا يواجه الحس البشرى بالخارقة المادية القاهرة فهو من باب أولى لا يواجهه بالقوة والإكراه ؛ ليعتنق هذا الدين تحت تأثير التهديد أو مزاولة الضغط القاهر والإكراه بلا بيان ولا إقناع ولا اقتناع .
                        فإنه لم يكن المسلمون قبل الهجرة قادرين على مجابَهَةِ الكفار أو إكراههم وبعد أن تقووا في المدينة وعلى مدى القرون الماضية لم يُكْرِهُوا أحدًا على الإسلام ، كما يفعل أتباع الملل والنحل الأخرى ، وقد نزلت هذه الآية في بداية السنة الرابعة من الهجرة حيث كان المسلمون أعزاءً أقوياء .
                        ولم يلجأ المسلمون إلى الحرب أو الجهاد إلا لرد العدوان والتمكين من حرية التدين ومنع تعسف السلطة الظالمة الحاكمة من استعمال المسلمين حقهم في الدعوة إلى الله ونشر الإسلام في أنحاء الأرض بدليل قبول المعاهدات والصلح على دفع الجزية وتخيير العدو بين ذلك وبين الاحتكام إلى القتال .
                        ولم يمنع النَّـبِيّ صلى الله عليه وسلم يهوديًّا من دخول النصرانيَّة ولا نصرانيًّا من الدخول في اليهوديَّة ، وكان علي عهد النَّـبِيّ صلى الله عليه وسلم أبناء للأنصار دخلوا في اليهودية ، كما رواه ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ( 2 ) : كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَكُونُ مِقْلَاتًا ( 3 ) فَتَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهَا إِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ أَنْ تُهَوِّدَهُ فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ كَانَ فِيهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا لَا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الْغَيِّ } .
                        قال صاحب ( معالم التنزيل ) ( 4 ) : فقال النَّبِـي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : « قد خير أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم وإن اختاروهم فأجلوهم معهم » .
                        وأخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال ( 5 ) : نزلت { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين ِ} في رجل من الأنصار من بنى سالم يقال له : الحصين كان له ابنان نصرانيَّان وكان هو مسلمًا فقال للنّبِـي صلى الله عليه وسلم : ألا استكرهما فإنَّهما قد أبيا إلا النصرانية ، فأنزل الله الآية .
                        وفي رواية أنه حاول إكراههما فاختصما إلى النَّبِـي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أيدخل بعضى النار وأنا أنظر؟ فنزلت الآية فخلاهما .
                        ولم يمنع النَّبِـي صلى الله عليه وسلم وثنيًّا دخل في دين أهل الكتاب بل ولا يهوديًّا تنصر أو نصرانيًّا تَهَوَّدَ أو مجوسيًّا دخل في التهوُّد والتنصُّر ، بل جمهور الفقهاء يُقِرُّوَنُه على ذلك كما هو مذهب مالك وأبِي حنيفة وأحمد في إحدى الروايات عنه .
                        وما أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم نصارى نجران يدل على ذلك أيضًا فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال َ( 6 ) : ( صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ نَجْرَانَ ..... عَلَى أَنْ لَا تُهْدَمَ لَهُمْ بَيْعَةٌ وَلَا يُخْرَجَ لَهُمْ قَسٌّ وَلَا يُفْتَنُوا عَنْ دِينِهِمْ مَا لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثًا أَوْ يَأْكُلُوا الرِّبَا ..... ) .
                        ---------------------------------
                        ( 1 ) سيد قطب ، فى ظلال القرآن : 1/ 291.
                        ( 2 ) ( صحيح ) : انفرد به أبو داود 2682، صحيح سنن أبى داود 3/58.
                        ( 3 ) قَالَ أَبُو دَاوُد : الْمِقْلَاتُ الَّتِي لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ .
                        ( 4 ) تفسير البغوى : 1/ 314.
                        ( 5 ) تفسير الطبري : 3/ 14.
                        ( 6 ) ( ضعيف ) : انفرد به أبو داود 3041، ضعيف سنن أبى داود 3/167.

                        تعليق

                        • عبد المنعم جبر عيسي
                          كاتب
                          • Aug 2008
                          • 811
                          • moneim

                          #27
                          وكان المحور الثالث ؛ الذى استند إليه الأستاذ / عماد حسن أبو العينين ، فى رده لهذه الشبهة هو : { أنه لم تعرف عصور الإسلام أنَّ المسلمين أكرهوا ذميًّا على ترك دينه } .
                          والكفر رأس الظلم ، فلا يتوهمن أحد أن حمل الآية على التخيير وعدم الإكراه يشعر بإباحة الكفر أو الرضا به ، حاشا لله أن يكون هذا ، ولعل خوف هذا التوهم هو الذي حدا بكثير من المفسرين على حمل الآية على التهديد والوعيد ، حتى مثَّل علماء البلاغة للأمر الذي يراد به التهديد بهذه الآية ، فالآية بنصها تخيير ، ولكنه تخيير يستلزم تهديدًا ووعيدًا لا محالة في حال اختيار الكفر على الإيمان ، وهي نصوص صريحة في عدم الإكراه على الإسلام .
                          وأما السُنَّة فقد جاءت مؤيدة لهذا المعنى : فعن بريدة قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ( 1 ) : « اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ » ، وهكذا ترى أن النَّبِـي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالقتال إلا بعد أن تستنفد الوسائل السلمية ، وليس بعد استنفادها إلا أنهم قوم مفسدون أو يريدون الحرب ، و في هذا السياق فإن الجزية ليست للإرغام على الإسلام ، وإنما هي نظير حمايتهم وتأمينهم وتقديم شتى الخدمات لهم ، وليس أدل على هذا مما رواه البلاذري ( 2 ) : أنه لما جمع هرقل للمسلمين الجموع ، وبلغ المسلمين إقبالهم إليهم لواقعة اليرموك ، ردوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الجزية وقالوا : ( قد شُغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم فأنتم على أمركم ) فقال أهل حمص : ( لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم ، ولندفعن جند هرقل - مع أنه على دينهم - عن المدينة مع عاملكم ) ، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود .
                          وقالوا : إن ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا إلى ما كنا عليه ، وإلا فإنا على أمرنا ما بقي للمسلمين عدد .
                          وقد يقول قائل فما تقول في حديث ابْنِ عُمَرَ( 3 ) : « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ » .
                          قلنا : المراد بالحديث فئة خاصة ، وهم وثنيو العرب ، أما غيرهم من أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم على التخيير بين الأمور الثلاثة التي نص عليها الحديث .
                          على أن بعض كبار الأئمة كمالك والأوزاعي ومن رأى رأيهما يرون أن حكم مشركي العرب كحكم غيرهم في التخيير بين الثلاثة : الإسلام ، أو الجزية ، أو القتال ، واستدلوا أيضًا بالحديث السابق .
                          وإذا نظرنا بعين الإنصاف إلى الذين حملوا حديث المقاتلة على وثنيي العرب ، لا نجدهم جافوا الحق والعدل ، فهؤلاء الوثنيون الذين بقوا على شركهم لم يدعوا وسيلة من وسائل الصد عن الإسلام إلا فعلوها ، ثم هم أعرف الناس بصدق الرسول ، فهو عربي من أنفسهم والقرآن عربي بلغتهم ، فالحق بالنسبة إليهم واضح ظاهر ، فلم يبق إلا أنهم متعنتون معوِّقون لركب الإيمان والعدل والحضارة عن التقدم .
                          هذا إلى أن الشرك مذهب فاسد ، والمذاهب الفاسدة تحارب ويحارب دعاتها بكل الوسائل ، من قتل أو نفي أو سجن ، وهذا أمر مقرر في القديم والحديث . وها هي دول الحضارة اليوم في سبيل سلامتها ، بل وفي سبيل إرضاء نزواتها وأهوائها تزهق الآلاف من الأرواح ، ويغمض الناظرون أعينهم عن هذا ولا يعترض المعترضون ، فهل هذا حلال لهم ، حرام على غيرهم ؟!.
                          فالإسلام حينما لم يقبل من مشركي العرب المحاربين إلا الإسلام بعد ما تبين لهم الحق ، وأصبحوا قلة تعتنق مذهبًا فاسدًا بجانب الكثرة الكاثرة من العرب التي أسلمت طواعية واختيارًا لم يكن متجنيًا ولا ظالمًا ، فالحديث كيفما فهمناه لا ينهض دليلًا للمفترين على الإسلام .
                          ويرد هذه الفرية ويقتلعها من أساسها ما التزمه الرسول صلى الله عليه وسلم في سيرته من التسامح مع أناس أُسروا وهم على شركهم ، فلم يلجئهم على الإسلام ، بل تركهم واختيارهم .
                          فقد أسر سيد بني حنيفة - ثُمامة بن أثال - فأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه وأكرمه ، وأبقاه عنده ثلاثة أيام ، وكان في كل يوم يعرض عليه الإسلام عرضًا كريمًا فيأبى ويقول : إن تسأل مالًا تُعطه ، وإن تقتل تقتل ذا دمٍ ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، فما كان من النَّبِـي صلى الله عليه وسلم إلا أن أطلق سراحه .
                          ولقد استرقت قلب ثمامة هذه السماحة الفائقة ، وهذه المعاملة الكريمة ، فذهب واغتسل ، ثم عاد إلى النَّبِـي صلى الله عليه وسلم مسلمًا مختارًا ، وقال له : ( يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ َّ) ( 4 ).
                          وقد سُر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه سرورًا عظيمًا ، فقد أسلم بإسلامه كثير من قومه ، ولم يقف أثر هذا التسامح في المعاملة عند إسلام ثمامة وقومه بل كانت له آثار بعيدة المدى في تاريخ الدعوة الإسلامية ، فقد ذهب مكة معتمرًا ، فهمَّ أهلها أن يؤذوه ولكنهم ذكروا حاجتهم إلى حبوب اليمامة ، فآلى على نفسه أن لا يرسل لقريش شيئًا من الحبوب حتى يؤمنوا ، فجهدوا جهدًا شديدًا فلم يرَوا بُدًّا من الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم ( 5 ) .
                          ترى ماذا كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ؟ أيدع ثمامة حتى يلجئهم بسبب منع الحبوب عنهم إلى الإيمان ؟ لا ، لقد عاملهم بما عرف عنه من التسامح ، وأن لا إكراه في الدين ، فكتب إلى ثمامة أن يخلِّي بينهم وبين حبوب اليمامة ، ففعل ، فما رأيكم أيها المفترون ؟ .
                          ولما فتح النَّبِـي صلى الله عليه وسلم مكة ودخلها ظافرًا منتصرًا كان صفوان بن أمية ممن أهدرت دماؤهم ؛ لشدة عداوتهم للإسلام ، والتأليب على المسلمين ، فاختفى وأراد أن يذهب ليلقي بنفسه في البحر ، فجاء ابن عمه عمير بن وهب الجمحي وقال : يا نبي الله ، إن صفوان سيد قومه ، وقد هرب ليقذف نفسه في البحر فأمِّنه ، فأعطاه عمامته ، فأخذها عمير حتى إذا لقي صفوان قال له : ( فداك أبي وأمي ، جئتك من عند أفضل الناس وأبر الناس ، وأحلم الناس ، وخير الناس ، وهو ابن عمك ، وعزه عزك ، وشرفه شرفك ، وملكه ملكك ) فقال صفوان : إني أخافه على نفسي ، فقال عمير : هو أحلم من ذلك وأكرم ، وأراه علامة الأمان و هي العمامة ؛ فقبل برده ، فرجع إلى رسول الله فقال : إن هذا يزعم أنك أمنتني ، فقال النَّبِـي :" صدق " . فقال صفوان : أمهلني بالخيار شهرين ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بل أربعة أشهر ) ، ثم أسلم بعد وحسن إسلامه ( 6 ) .
                          فهل بعد هذه الحجج الدامغة يتقوَّل متقوِّل على الإسلام زاعمًا أنه قام على السيف والإكراه ؟!.
                          ----------------------------
                          ( 1) ( صحيح ) : أحمد 22469، مسلم 1731، أبو داود 2612، الترمذى 1408، ابن ماجة 2858.
                          ( 2 ) فتوح البلدان 129.
                          ( 3 ) ( صحيح ) : البخارى 25، مسلم 22، أبو داود 1556، الترمذى 2609، النسائى 2443، أحمد 68.
                          ( 4 ) ( صحيح ) : البخارى 462، مسلم 1764، أبو داود 2679، النسائى 189، أحمد 9523.
                          ( 5 ) راجع قصة إسلامة ، ابن كثير البداية والنهاية 5/45، ابن هشام السيرة النبوية 6/35
                          ( 6 ) راجع قصة دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة ، ابن كثير البداية والنهاية 4/306، ابن هشام السيرة النبوية 3/213.

                          تعليق

                          • عبد الله نفاخ
                            كاتب
                            • Mar 2010
                            • 808
                            • ربما عابوا السمو الأدبي بأنه قليل ، ولكن الخير كذلك . وبأنه مخالف ، ولكن الحق كذلك ، وبأنه محير ، ولكن الحسن كذلك، وبأنه كثير التكاليف ، ولكن الحرية كذلك
                              إمام الأدب العربي (الرافعي)

                            #28
                            وإذا نظرنا بعين الإنصاف إلى الذين حملوا حديث المقاتلة على وثنيي العرب ، لا نجدهم جافوا الحق والعدل ، فهؤلاء الوثنيون الذين بقوا على شركهم لم يدعوا وسيلة من وسائل الصد عن الإسلام إلا فعلوها ، ثم هم أعرف الناس بصدق الرسول ، فهو عربي من أنفسهم والقرآن عربي بلغتهم ، فالحق بالنسبة إليهم واضح ظاهر ، فلم يبق إلا أنهم متعنتون معوِّقون لركب الإيمان والعدل والحضارة عن التقدم .

                            جزاك الله كل خير......
                            فهذا المعنى على غاية في الروعة للحديث .............. فهؤلاء المشركون ليسوا مشركين فحسب ........... بل هم الأعداء الذين لا يتركون وسيلة لمحاربة الإسلام إلا يفعلونها ............. و هنا ينبغي ربط الحديث بظرفه التاريخي .............. و بصراحة أنا أتوقف كثيراً عند قوله عليه الصلاة و السلام (أمرت) مع أنه في أحاديثه الأخرى عادة لا يستعمل أسلوب المتكلم المفرد في الأوامر، بل يستعمل صيغة الجمع المخاطب و الجمع المتكلم .......... أرجو أن تصححوا لي إن رأيتم في كلامي خطأ ...... و الرسول عليه الصلاة و السلام قبل الجزية من مجوس هجر كما في صحيح البخاري ......... و كما يقول ابن القيم و ليس دين المجوس بخير من دين مشركي العرب ، بل هو أشنع ، فهؤلاء يعبدون النار ، أما أولئك فيعبدون الله و يجعلون له شركاء ....... على كل لست أهلاً للكلام في هذا و ما أقوله ليس إلا تصورات أرجو تصحيحها منكم إن لمستم فيها أخطاء ............. و كل الشكر و المودة لكم

                            التعديل الأخير تم بواسطة عبد الله نفاخ; 05-27-2010, 05:40 PM.

                            تعليق

                            • عبد المنعم جبر عيسي
                              كاتب
                              • Aug 2008
                              • 811
                              • moneim

                              #29
                              وعن المحور الرابع والأخير الذى اعتمده الأستاذ عماد حسن أبوالعينين ؛ فى دحضه لفرية انتشار الإسلام بالسيف قال : ثم { إن من أُكره على شيء لا يلبث أن يتحلل منه إذا وجد الفرصة سانحة له } بل ويصبح حربًا على هذا الذي أكره عليه ، ولكن التاريخ الصادق يكذب هذا ، فنحن نعلم أن العرب - إلا شرذمة تسور الشيطان عليها - ثبتوا على ما تركهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحملوا الرسالة ، وبلَّغوا الأمانة كأحسن ما يكون البلاغ إلى الناس كافة ، ولم يزالوا يكافحون ويجاهدون في سبيل تأمين الدعوة وإزالة العوائق من طريقها حتى بلغت ما بلغ الليل والنهار في أقل من قرن من الزمان ، ومن يطَّلع على ما صنعه العرب في حروبهم وفتوحاتهم لا يسعه إلا أن يجزم بأن هؤلاء الذين باعوا أنفسهم رخيصة لله .
                              ثم ما رأي هؤلاء المفترين على الإسلام في حالة المسلمين لمَّا ذهبت ريحهم ، وانقسمت دولتهم الكبرى إلى دويلات ، وصاروا شيعًا وأحزابًا وتعرضوا لمحن كثيرة في تاريخهم الطويل كمحنة التتار ، والصليبيين في القديم ، ودول الاستعمار في الحديث ، وكل محنة من هذه المحن كانت كافية للمُكرَّهين على الإسلام أن يتحللوا منه ويرتدوا عنه ، فأين هم الذين ارتدوا عنه ؟ أخبرونا يا أصحاب العقول !!.
                              إن الإحصائيات الرسمية لتدل على أن عدد المسلمين في ازدياد على الرغم من كل ما نالهم من اضطهاد وما تعرضوا له من عوامل الإغراء ، وقد خرجوا من هذه المحن بفضل إسلامهم وهم أصلب عودًا وأقوى عزيمة على استرداد مجدهم التليد وعزتهم الموروثة .
                              بل ما رأي هؤلاء في الدول التي لم يدخلها مسلم مجاهد بسيفه ؟ وإنما انتشر فيها الإسلام بوساطة العلماء والتجار والبحّارة كأندونيسيا ، والصين ، وبعض أقطار إفريقيا ، وأوروبا وأمريكا ، فهل جرَّد المسلمون جيوشًا أرغمت هؤلاء على الإسلام ؟ ألا فليسألوا أحرار الفكر الذين أسلموا من أوروبا وغيرها ، وسيجدون عندهم النبأ اليقين .
                              لقد انتشر الإسلام في هذه الأقطار بسماحته ، وقربه من العقول والقلوب ، وها نحن نرى كل يوم من يدخل في الإسلام ، وذلك على قلة ما يقوم به المسلمون من تعريف بالإسلام ، ولو كنا نجرد للتعريف به عشر معشار ما يبذله الغربيون من جهد ومال لا يحصى في سبيل التبشير بدينهم وحضارتهم ، لدخل في الإسلام ألوف الألوف في كل عام ، ولن ترى - إن شاء الله - من يحل عروة الإسلام من عنقه أبدًا مهما أنفقوا في سبيل دعاياتهم التبشرية ، وبعثاتهم التعليمية والتنصيرية "( 1 ) .
                              " ومن أعظم الردود فى هذا المضمار لغة الأرقام والحصر ؛ فالذى يحصى عدد حروب الرسول صلى الله عليه وسلم فسيجدها عشرين ؛ ما بين سرية وغزوة وبعث ، على مدار عشر سنوات هى عمر الدعوة فى المدينة ، وسيجد أن عدد القتلى من الجانبين ؛ المسلمين والمشركين لا يتعدى 386 قتيلاً !! ، وهذا العدد لا يتعدى قتلى حوادث المرور فى قرية صغيرة فى أمريكا خلال شهر أو شهرين .
                              فى حين كان عدد القتلى بين طائفتين فى الديانة المسيحية ؛ وهما الكاثوليك والبروتستانت فى أوربا فى القرون الوسطى وعلى مدى قرنين من الزمان بلغ عشرة ملايين طبقًا لإحصاء فولتير !! " ( 2 ) .
                              فأى حديث بعد حديث الأرقام والواقع يمكن أن يقال ؟!!
                              ----------------------------------
                              ( 1 ) د/ منقذ السقار ، موقع www/haridy.com فى 25/12/2001.
                              ( 2 ) هذا الإحصاء مستفاد من د/ محمد عمارة .

                              تعليق

                              يعمل...