الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

إلى أمي

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.أسد محمد
    كاتب مسجل
    • Jan 2006
    • 97

    إلى أمي

    إلى أمي

    إلى أمِّي
    في مرقدِها ،
    إلى كلَّ أمٍّ في الكونِ
    إلى كل من تستعد لتكون أماً ،
    أقدم قرنفلة تبقى على غصنها ،
    أقدم قلبي يبقى في نبضاته ،
    أقدم سربا من ذكريات تأبى أنْ ترحلَ
    ***
    فاجأني العيدُ من الخلفِ ،
    وأغمضَ عينا نسياني بعصابة ،
    ثم أيقظهُ ،
    كنتُ مشغولا بالحياة
    أو تشتغل بي الحياةُ ،
    لا بأس ،
    كلُّ شيء رائع:
    الرجوع إلى الوراء ،
    الذاكرة دون حروف ،
    الانتظار عند مفترق القلوبِ ،
    خربشتنا على جدار اللعبِ ..
    ***
    ولأنَّ لي أمّاً ، فلي عيد ،
    ولأنَّ لي عيداً ، تعلمتُ كيف أقطفُ الكلماتِ عن أغصان الفجرِ ، لأقدمَها إلى أمِّي ،
    ولأنَّ للعيد أمهات ، يقطفني عن غصن عمري ،
    ويقدمني هديةً للشكر .
    ***
    بيني وبين ذكراك ،
    حلم ، وقبلة ، ويد نبتَ عليها الدهرُ أياماً من وجع ،
    ومن بقاياه ،
    هل جاءَ العيدُ ؟
    هل راحَ العيدُ ؟
    عبثا يمر بي رصيفُ السؤالِ ، ويدوسني،
    وأعلمه كيف لا يكون بي رحيماً،
    وأعلمه معنى الاغترابِ في الفرح ،
    رغم أني لا أزال في الصفوف الأولى أتلقى مناهج :
    الأمل ،
    الحب ،
    المال ،
    الأنثى،
    والتمني .
    ***
    أمي ، كلُّ عيدٍ ، وأنتِ تزهرين ذكرى ، وأتقاسم مع الماضي جهدا أغراني لأكونَ كما كنتِ تحلمين ، فإذْ بي أتسللُ من تحت جنح الأمل لأصلَ إلى استلاد الحنان من براعم الوداع الخير : ليلتُها ودعتِني بابتسامة ، وقبلَ الفجرِ كنتُ ذاهبا معك إلى فرح، وسبقني إلى روحك ملكُ الموتِ ، قمتُ يائسا بإجراء تنفسٍ اصطناعي ( فم – فم ) ، ثم صرختُ صرخةً مدويةً - فارقتْ الحياة - ونبتتْ صرختي تحت جفني دمعةً ، ولا تزال ، وبعد عشرِ سنواتٍ من حملي شمعة الوداع ، اكتشفتُ أنك أخذتني معك ، لم أميزْ بعد كثيرا بأن مهمة الحواس تتعطلُ في لحظة يُطلَب منها أن تنفعلَ ، فتلك الصدمة هي مدى ، حرية ، إنذار ، وربما ميلاد : الأمٌّ لا يمكن أن ترحلَ ، أو تموتَ..
    أمَّي ، رغم أنك لم تدخلي مدرسةً، و لم تقرئي في كتاب، لكنني أشهدُ أنك عرفت الكثير من أسرار الوقت ، والنجوم ، والسماء ، وأشهدُ أنكِ روضتِ الأرضَ ، والشتاء ، والظلمة ، والخوفَ ، فمنك تعلمتُ أنَّ الروحَ مثل نحلة تزور الجسم ، وتأخذ منه فقط الرحيقَ ، وعندما تزعل ، أو لا تجدُ ما يكفيها فيه ، ترحلُ عنه لتكونَ نجمةً في السماء إنْ كانت خيّرةً ، أو عتمةً بين النجومِ إن كانت شريرة ..
    أمي :
    أنا وأنتِ تقاسمنا حمْلَ ( الصمد والنير والسكة وكيس الحنطة ) ، فلحنا ، وزرعنا وحصدنا ، يوم ثارت بقرتنا ( حميرة ) وفلتت من النير ، ضربتِها بحجرة فأصابتني ، تحملت الوجع ، وعدنا للفلاحة من جديد ..
    أنتِ أول من رفع جسمي الصغير الناحل مثل عود الجوز ليصل ظهر سيارة ( الهوب هوب) ، ثم تناولتُ منك كيسا من حشائش جمعتها ، مع قليل من السمنة والجبن والشنكليش ، بعتها في السوق وعدت إلى المدرسة متأخرا فضربني مدربُ الفتوةِ – في الأول الإعدادي – الذي لم يقبلْ تبريري ..
    سربٌ من ذكريات : حملتني يوم وقعتُ عن ظهرِ الحمار وكسرت ساعدي ، وقتها سقطت دمعاتك الحارة في فمي ، لا يزال طعمُها حيّا ..
    لن أنسى يومَ نظرتِ إلى راحة كفيّك المشققتين ، وأظافرك الناشبةِ في اللّحمِ ، وقلتِ باكية " أكلتها الأرض" .. أم ليلة ، تهدمَ بيتنا الطيني ذات شتاء ماطر ، ونجونا بأعجوبة ، أم يوم زففتِ لي خبر قبولي في بعثة خارجية لدراسةِ الطب ، وعندما غبتُ طويلا ، طلبت عودتي ، ولم أعدْ إلا ومعي شهادتي ، فاحتفلتِ على طريقتك الخاصة ، أم يوم خبأتِ مجلة النافذة التي عملت فيها ، تحت الوسادة إلى حين عودة من سفر طويل ، وقلت " بلالك ها الشغلة فيها وجع رأس " ، ثم تباهيتِ بها أمام النسوة بعد حين .
    أمِّي، آخر شيء تعلمته منك الاستعداد لخسارة ما كسبت بما فيه الحياة والحزن والفرح ، وقبله تعلمت الكثير ، حتى أول شيء – لفظة أمي ..
    كنت بفضلك أسقي عمري من عمري ، واجتهد ليكون وردا ، عندما خسرتك ،تعلمت أن أذهب بقدمي إلى الحب وإلى نقيضه ، ولا أزال بينهما أتخيرُ مَن أكون، وكلما جاء العيدُ أصغر ، وأمنحُه من عمري وردةً وذكرى
    أمّي ، لا أزال كما تركتني آخر مرة ، أبيع الزمن ، و الأمكنة ببراعة
    فأنتِ لست عيدا وحسب ، بل جعلت من العيد أنثى ، تقطفُ الفرحَ لأبنائِها من أجلِ أن يفرحوا بأن لهم أماًّ ، تمدُّ يدَها لتمطرَ عليهم حبّاً
  • طارق شفيق حقي
    المدير العام
    • Dec 2003
    • 11929

    #2
    رد : إلى أمي

    مشاعر نبيلة


    كم هي خسارة عظيمة ان تبقى وحيداً بلا قلب يساندك كقلب أمك

    المربد أمنا جميعاً

    تعليق

    • د.أسد محمد
      كاتب مسجل
      • Jan 2006
      • 97

      #3
      رد : إلى أمي

      أستاذ طارق
      بقلب مفعم بالحياة
      نتقبل القدر
      شكرا للمربد

      تعليق

      • مرجان الأطرش
        كاتب مسجل
        • Oct 2004
        • 162

        #4
        رد : إلى أمي

        المشاركة الأصلية بواسطة د.أسد محمد
        إلى أمي

        إلى أمِّي
        في مرقدِها ،
        إلى كلَّ أمٍّ في الكونِ
        إلى كل من تستعد لتكون أماً ،
        رحمها الله وادخلها فسيح جنانه
        مرجان

        تعليق

        • د.أسد محمد
          كاتب مسجل
          • Jan 2006
          • 97

          #5
          رد : إلى أمي

          أستاذ مرجان
          الف تحية
          ووردة من كلام
          يليق بحضورك

          تعليق

          يعمل...