رد : صدرت مجموعة غابات الروح
الوردة النضرة تتمايلُ بين أصابعي، وأنا أتأمّلُها مليّاً: الآنَأحسستُ بشعورِكَ أيّها الحوت؛ كانت أحاسيسي تفيضُ وتدفعُني إلى شيءٍ أجهلُهُ،وغالباً لا أعرفُ منبعه، كانت أجوبة كل الأسئلة تطرقُ ذهني غير جواب واحد، وأشعرأنني حوتٌ أزرق.
تحت الأمواج المتلاطمة كان الحوت الأزرق يخترقُ عبابَ الماءضارباً بزعانفه كُتلاً ضخمةً من مياه البحر مطوّحاً بها بعيداً... كان مضطرباً.. تتدفّقُ منه ينابيع الحيوية إلا أنّ عينيهِ كانتا حائرتين وهما ترقبان شيئاً ماأمامَهُ وهو يلاحقه.. ينعطفُ من أقصى البحار إلى أقصاها.. يغوص إلى الأعماق وكلجوارحه تدفعه إلى البحث عن شيء ما، لكنه ما كان ليعرفه، فما يحسّ بأنّ شيئاً مايظهر أمامَه حتى يلاحِقَهُ.. تشكّل أمامه مرةً فتركَ أشغاله وبدأ بملاحقته وراحيعبر الأعماق والحوت خلفه يكاد يلاصقه.. تجاوزَ سطح الماء واندفع الحوت خلفَهُ بكلقواه وقفزَ خارجاً من البحر وقطرات الماء تلمع تحت أشعة الشمس الذهبية وتحوّلَ إلىمجموعة من النوارس البيضاء الجميلة الرشيقة... خطف كلُّ واحد بجناحه وأطلقَ صوتاًرفيعاً وشق طريقه إلى العُلا.. كان قرصُ الشمس يلتمع في عيونهم.. وأخذ كل نورسطريقاً له.. من بين العديد من النوارس شق نورسٌ طريقه نحو الشاطئ... طار هناوهناك.. جاب الأصقاع والبقاع.. ما ترك مكاناً إلا وحلّق في سمائه، كان حائراً وكلجوارحه تدفعه للبحث عن شيء ما.. صاد الأسماكَ.. بنى عشاً.. تشاجر مع أقرانه.. علا.. ابتعد، لحقه طير جارح.. هرب.. نجا.. أوشك على الموت منجرح أصابه.. شفي.. عادللطيران والبحث عن ذلك الشيء وملاحقته وهو لا يعرف لماذا يلاحقه. في وسط السماء ظهرفجأة أمامَه فانعطف سريعاً ومال بجناحيه تاركاً الرياح لتدفعه بقوة عبر الشاطئ.. الجبال.. وظهر أمامه سهل فسيح.. لفحته رائحة عطرٍ حملها نسيم عليل.. كان سهلاًمليئاً بالورود والرياحين ومن كل الأصناف والألوان... سرعته ازدادت.. كذلك شوقه.. اندفع نحو السهل اقترب ذلك الشيء من الأزهار.. اقترب السنونو.. اختفى الشيء بينطيّات الأزهار وغاص النورس في الأزهار وارتفعت في الهواء أوراق الورود.. تطاولتهاأيدي الرياح ونثرَتْها في المكان.. واندفعت من نفس المكان عشرات الفراشات وطارتمتجولة في السهل الفسيح.. من بين الفراشات فتحت فراشة جميلة لجناحيها حرية الاختيار فراحت تحط على الأزهار فهذه حمراء جذابة وتلك صفراء رقيقة تلتمع على أوراقها حباتالندى وتهف وريقاتُها مع هبوب النسيم.. ما تركت الفراشة زهرةً إلا وحطت عليها كانتتطير وتترك الأزهار وتلاحق شيئاً ما كان يظهر أمامها وتبقى حائرة فكلما شعرت بأنها وجدت ضالّتَها في إحدى الزهرات اليانعة حتى ما تشعر بظهور ذلك الشيء مرة أخرى.. فتلاحقه من هنا إلى هناك وهي لا تعرف لماذا كانت تلاحقه.. بالقرب من منزل صغير شعرتالفراشة بباعث جعلها تطير وتطير حتى دخلت المنزل كان الضوء مشتعلاً.. اقتربت من الضوء.. كان شيئاً مجهولاً بالنسبة إليها كان له جاذبية كبيرة.. كان يشعرها بشعورغريب يمتلك عليها نفسها لم تستطع إدراكه لكنها كانت تحس به.. اقتربت منه تريدالالتحام به.. اقتربت أكثر.. وضربت بجسدها المصباح الموجود أمام الطاولة.. من القربالشديد من المصباح أرجعت الفتاة وجهها من أمام ضوء المصباح لم تعد ترى جيداً تشوشتعيناها.. أحاسيس غريبة تمتلكها.. قلبت أوراق الكتاب أمامها.. تراجعت بكرسيها إلىالخلف.. مدت يدها إلى ربطة شعرها.. وأفلتت خصل الشعر الأسود الذي اندفـع بانسيابشلال أسود.. يتمايل على جانب كتفيها.. قامت من وراء طاولتها فتحت التلفاز.. هو ذامسلسلها المفضل قد بدأ.. دقائقَ كانت.. تركته ثم توجّهت إلى مسجلتها وضعت شريطاً لأغنية عذبة.. تركتها.. توجّهت إلى المطبخ تعد صحناً من الخضراوات وضعتها تحتالماء.. تركت الصنبور مفتوحاً.. توجهت إلى النافذة تركتها مفتوحة، تركت عينيهاتجولان في السماء مفتوحتين..
في الصباح.. كانت تحس بباعث غريب جعلها تنهض منفراشها.. تفتح الباب.. تمشي نحو السهل تقترب من إحدى الأزهار.. تقترب أكثر.. أكثر.. لاصق أنفها رحيق الزهرة.. فطارت فراشة جميلة صغيرة ابتسمت الفتاة وراحت تركض خلفهاتحاول إمساكها والفراشة تأخذ اتجاهات ملتوية وتطير بخفة والفتاة تلاحقها برشاقة وهيلا تعرف لماذا تلاحقها.. تقفز من هنا إلى هناك.. تتناثر ضحكاتها في الأرجاء كنثائر عطر رقيق تنساب يميناً.. شمالاً.. كانسياب حبيبات الندى العذبة.. كانت مفعمةبالأنوثة وأحاسيسها تتفجّر بداخلها وتطير في كل الأنحاء كنورس أبيض رشيق.. فجأةأحست الفتاة بشيء غريب.. إحساس غريب كأن شيئاً بداخلها يتحرك كأن حوتاً ضخماً يسبحبداخلها وهو يسبح بقوة. توقفت الفتاة عن الركض، فتوقف الحوت فجأة. وتوقف النورس عن الطيران.. وهدأت الفراشة وحطّت على الزهرة النضرة التي تنساب بين أصابعي وهي طائرةلا تعرف لماذا كانت تطير.
حـلـب 7/6/2001
المعادلاتالمحيرة
الوردة النضرة تتمايلُ بين أصابعي، وأنا أتأمّلُها مليّاً: الآنَأحسستُ بشعورِكَ أيّها الحوت؛ كانت أحاسيسي تفيضُ وتدفعُني إلى شيءٍ أجهلُهُ،وغالباً لا أعرفُ منبعه، كانت أجوبة كل الأسئلة تطرقُ ذهني غير جواب واحد، وأشعرأنني حوتٌ أزرق.
تحت الأمواج المتلاطمة كان الحوت الأزرق يخترقُ عبابَ الماءضارباً بزعانفه كُتلاً ضخمةً من مياه البحر مطوّحاً بها بعيداً... كان مضطرباً.. تتدفّقُ منه ينابيع الحيوية إلا أنّ عينيهِ كانتا حائرتين وهما ترقبان شيئاً ماأمامَهُ وهو يلاحقه.. ينعطفُ من أقصى البحار إلى أقصاها.. يغوص إلى الأعماق وكلجوارحه تدفعه إلى البحث عن شيء ما، لكنه ما كان ليعرفه، فما يحسّ بأنّ شيئاً مايظهر أمامَه حتى يلاحِقَهُ.. تشكّل أمامه مرةً فتركَ أشغاله وبدأ بملاحقته وراحيعبر الأعماق والحوت خلفه يكاد يلاصقه.. تجاوزَ سطح الماء واندفع الحوت خلفَهُ بكلقواه وقفزَ خارجاً من البحر وقطرات الماء تلمع تحت أشعة الشمس الذهبية وتحوّلَ إلىمجموعة من النوارس البيضاء الجميلة الرشيقة... خطف كلُّ واحد بجناحه وأطلقَ صوتاًرفيعاً وشق طريقه إلى العُلا.. كان قرصُ الشمس يلتمع في عيونهم.. وأخذ كل نورسطريقاً له.. من بين العديد من النوارس شق نورسٌ طريقه نحو الشاطئ... طار هناوهناك.. جاب الأصقاع والبقاع.. ما ترك مكاناً إلا وحلّق في سمائه، كان حائراً وكلجوارحه تدفعه للبحث عن شيء ما.. صاد الأسماكَ.. بنى عشاً.. تشاجر مع أقرانه.. علا.. ابتعد، لحقه طير جارح.. هرب.. نجا.. أوشك على الموت منجرح أصابه.. شفي.. عادللطيران والبحث عن ذلك الشيء وملاحقته وهو لا يعرف لماذا يلاحقه. في وسط السماء ظهرفجأة أمامَه فانعطف سريعاً ومال بجناحيه تاركاً الرياح لتدفعه بقوة عبر الشاطئ.. الجبال.. وظهر أمامه سهل فسيح.. لفحته رائحة عطرٍ حملها نسيم عليل.. كان سهلاًمليئاً بالورود والرياحين ومن كل الأصناف والألوان... سرعته ازدادت.. كذلك شوقه.. اندفع نحو السهل اقترب ذلك الشيء من الأزهار.. اقترب السنونو.. اختفى الشيء بينطيّات الأزهار وغاص النورس في الأزهار وارتفعت في الهواء أوراق الورود.. تطاولتهاأيدي الرياح ونثرَتْها في المكان.. واندفعت من نفس المكان عشرات الفراشات وطارتمتجولة في السهل الفسيح.. من بين الفراشات فتحت فراشة جميلة لجناحيها حرية الاختيار فراحت تحط على الأزهار فهذه حمراء جذابة وتلك صفراء رقيقة تلتمع على أوراقها حباتالندى وتهف وريقاتُها مع هبوب النسيم.. ما تركت الفراشة زهرةً إلا وحطت عليها كانتتطير وتترك الأزهار وتلاحق شيئاً ما كان يظهر أمامها وتبقى حائرة فكلما شعرت بأنها وجدت ضالّتَها في إحدى الزهرات اليانعة حتى ما تشعر بظهور ذلك الشيء مرة أخرى.. فتلاحقه من هنا إلى هناك وهي لا تعرف لماذا كانت تلاحقه.. بالقرب من منزل صغير شعرتالفراشة بباعث جعلها تطير وتطير حتى دخلت المنزل كان الضوء مشتعلاً.. اقتربت من الضوء.. كان شيئاً مجهولاً بالنسبة إليها كان له جاذبية كبيرة.. كان يشعرها بشعورغريب يمتلك عليها نفسها لم تستطع إدراكه لكنها كانت تحس به.. اقتربت منه تريدالالتحام به.. اقتربت أكثر.. وضربت بجسدها المصباح الموجود أمام الطاولة.. من القربالشديد من المصباح أرجعت الفتاة وجهها من أمام ضوء المصباح لم تعد ترى جيداً تشوشتعيناها.. أحاسيس غريبة تمتلكها.. قلبت أوراق الكتاب أمامها.. تراجعت بكرسيها إلىالخلف.. مدت يدها إلى ربطة شعرها.. وأفلتت خصل الشعر الأسود الذي اندفـع بانسيابشلال أسود.. يتمايل على جانب كتفيها.. قامت من وراء طاولتها فتحت التلفاز.. هو ذامسلسلها المفضل قد بدأ.. دقائقَ كانت.. تركته ثم توجّهت إلى مسجلتها وضعت شريطاً لأغنية عذبة.. تركتها.. توجّهت إلى المطبخ تعد صحناً من الخضراوات وضعتها تحتالماء.. تركت الصنبور مفتوحاً.. توجهت إلى النافذة تركتها مفتوحة، تركت عينيهاتجولان في السماء مفتوحتين..
في الصباح.. كانت تحس بباعث غريب جعلها تنهض منفراشها.. تفتح الباب.. تمشي نحو السهل تقترب من إحدى الأزهار.. تقترب أكثر.. أكثر.. لاصق أنفها رحيق الزهرة.. فطارت فراشة جميلة صغيرة ابتسمت الفتاة وراحت تركض خلفهاتحاول إمساكها والفراشة تأخذ اتجاهات ملتوية وتطير بخفة والفتاة تلاحقها برشاقة وهيلا تعرف لماذا تلاحقها.. تقفز من هنا إلى هناك.. تتناثر ضحكاتها في الأرجاء كنثائر عطر رقيق تنساب يميناً.. شمالاً.. كانسياب حبيبات الندى العذبة.. كانت مفعمةبالأنوثة وأحاسيسها تتفجّر بداخلها وتطير في كل الأنحاء كنورس أبيض رشيق.. فجأةأحست الفتاة بشيء غريب.. إحساس غريب كأن شيئاً بداخلها يتحرك كأن حوتاً ضخماً يسبحبداخلها وهو يسبح بقوة. توقفت الفتاة عن الركض، فتوقف الحوت فجأة. وتوقف النورس عن الطيران.. وهدأت الفراشة وحطّت على الزهرة النضرة التي تنساب بين أصابعي وهي طائرةلا تعرف لماذا كانت تطير.
حـلـب 7/6/2001
+++
تعليق