هل الموتى يسمعون يا فضيلة الدكتور الشيخ السعدي؟
داود سلمان الشويلي
في برنامج افتائي بث على قناة بغداد الفضائية التي لها جمهور اسلامي عريض في العراق وفي الوطن العربي ، ومن يتكلم العربية من مسلمي العالم ، مساء يوم الاربعاء 11نيسان2012 ، وكان الضيف الدائمي لحلقات البرنامج الاسبوعي الشيخ الدكتور عبد الملك السعدي الذي يجيب عن كافة اسئلة المتسائلين ذات الطابع الافتائي ، وجه احد المشاهدين سؤالا عن شرعية قراءة سورة الفاتحة في مجالس العزاء وعلى القبور،واجاب فضيلته بأن ذلك وارد شرعا لان (الموتى سيسرون بذلك) خاصة ان السورة تقرأ من باب الدعاء كما هي في صلاة الميت (حسب قوله) ، وهم - أي الموتى - يسمعون القول.
هذه الاجابة – سماع الموتى للقول - وضعتني في حيرة من امري ، خاصة ان القرآن الكريم يقول عكس ذلك عندما يخاطب النبي في سورة النمل / 80 ،(( فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين)). عندها رجعت الى التفاسير المتيسرة بين يدي (في قرص الكتروني) وهي اكثر من خمسين تفسيرا، بين سني وشيعي وزيدي ، واخترت اربع تفاسيرخشية الاطالة، وكانت تلك التفاسير تذكر الاتي:
جاء في جامع البيان للطبري :
(( يقول تعالى ذكره : فإنك يا محمد لا تسمع الموتى يقول : لا تجعل لهم أسماعا يفهمون بها عنك ما تقول لهم ، وإنما هذا مثل معناه : فإنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين قد ختم الله على أسماعهم ، فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله ، كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين قد سلبهم الله أسماعهم ، بأن تجعل لهم أسماعا . وقوله : ولا تسمع الصم الدعاء يقول : وكما لا تقدر أن تسمع الصم الذين قد سلبوا السمع الدعاء ، إذا هم ولوا عنك مدبرين ، كذلك لا تقدر أن توفق هؤلاء الذين قد سلبهم الله فهم آيات كتابه ، لسماع ذلك وفهمه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فإنك لا تسمع الموتى : هذا مثل ضربه الله للكافر فكما لا يسمع الميت الدعاء ، كذلك لا يسمع الكافر . ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين يقول : لو أن أصم ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع ، كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع)) . ( جامع البيان - إبن جرير الطبري - ج 21 - ص 67.)
وقال الرازي في تفسيره:
(( حدثنا أبي ثنا هشام بن خالد ، ثنا شعيب بن إسحاق ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : انك لا تسمع الموتى قال : هذا مثل ضربه الله للكافر ؛ كما لا يسمع الميت كذلك لا يسمع الكافر ولا ينتفع به)) . ( تفسير ابن أبي حاتم - ابن أبي حاتم الرازي - ج 9 - ص 2921).
ويقول الفخر الرازي في تفسيره:
(( وأما قوله ( والموتى يبعثهم الله ) ففيه قولان : الأول : أنه مثل لقدرته على إلجائهم إلى الاستجابة والمراد : أنه تعالى هو القادر على أن يبعث الموتى من القبور يوم القيامة ثم إليه يرجعون للجزاء ، فكذلك ههنا أنه تعالى هو القادر على إحياء قلوب هؤلاء الكفار بحياة الإيمان وأنت لا تقدر عليه . والقول الثاني : أن المعنى : وهؤلاء الموتى يعني الكفرة يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ، فحينئذ يسمعون وأما قبل ذلك فلا سبيل إلى استماعهم ، وقرئ ( يرجعون ) بفتح الياء . وأقول : لا شك أن الجسد الخالي عن الروح يظهر منه النتن والصديد والقيح وأنواع العفونات ، وأصلح أحواله أن يدفن تحت التراب ، وأيضا الروح الخالية عن العقل يكون صاحبها مجنونا يستوجب القيد والحبس والعقل بالنسبة إلى الروح كالروح بالنسبة إلى الجسد ، وأيضا العقل بدون معرفة الله تعالى وصفاته وطاعته كالضائع الباطل ، فنسبة التوحيد والمعرفة إلى العقل كنسبة العقل إلى الروح ، ونسبة الروح إلى الجسد فمعرفة الله ومحبته روح روح الروح فالنفس الخالية عن هذه المعرفة تكون بصفة الأموات ، فلهذا السبب وصف الله أولئك الكفار المصرين بأنهم الموتى . والله أعلم)) . ( تفسير الرازي – الفخر الرازي - ج 12 - ص 209).
وقال القرطبي:
(( ( إنك لا تسمع الموتى ) يعنى الكفار لتركهم التدبر ، فهم كالموتى لا حس لهم ولا عقل . وقيل : هذا فيمن علم أنه لا يؤمن . ( ولا تسمع الصم الدعاء ) يعنى الكفار الذين هم بمنزلة الصم عن قبول المواعظ ، فإذا دعوا إلى الخير أعرضوا وولوا كأنهم لا يسمعون ، نظيره " صم بكم عمى " كما تقدم . وقرأ ابن محيصن وحميد وابن كثير وابن أبي إسحاق وعباس عن أبي عمرو " ولا يسمع " بفتح الياء والميم " الصم " رفعا على الفاعل . الباقون " تسمع " مضارع أسمعت " الصم " نصبا . مسألة : وقد احتجت عائشة رضي الله عنها في إنكارها أن النبي صلى الله عليه وسلم أسمع موتى بدر بهذه الآية ، فنظرت في الامر بقياس عقلي ووقفت مع هذه الآية . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما أنتم بأسمع منهم " قال ابن عطية : فيشبه أن قصة بدر خرق عادة لمحمد صلى الله عليه وسلم في أن رد الله إليهم إدراكا سمعوا به مقاله ولولا إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة ، وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين)) . ( تفسير القرطبي - القرطبي - ج 13 - ص 232)
ويمكن مراجعة الكثير من التفاسير التي سأشير لبعضها لا على التعيين:
- زاد المسير – ابن الجوزي – ج6 – ص 79 .
- معاني القرآن – النحاس – ج5 – ص 271 .
- مفردات غريب القرآن – الراغب الاصفهاني – 242 .
- تفسير النسفي – ج3 – ص222 .
- تفسير البيضاوي – ج4 – ص277 .
- ... الخ.
فهل يريدنا فضيلة الدكتور الشيخ السعدي ان نصدقه ، ام نصدق قول الله في كتابه ؟
وكذلك لمن يريد ان يعتمد حادثة اسماع النبي لموتى بدر ، فإن السيدة عائشة جنبتنا الرد ، اذ انكرت الحادثة كما ذكر القرطبي في تفسيره.
فيما ذكر القرطبي عن ابن عطية ان هذا الامر – ان صح - هو خرق للعادة (معجزة للنبي).
وبعد القرآن الكريم ، ورد السيدة عائشة ، لا يمكن ان نصدق الخبر الذي ينقل من ان النبي قال: بأن الميت يسمع قرع النعال إذا انصرفوا عنه ، مهما كان المصدر الذي ورد فيه.
فلماذا يا فضيلة الشيخ نترك قول الله الصريح البين الواضح ونعتمد قول البشر؟ ولماذا نثقف الناس على مثل هذه الاقوال في الفضائيات؟
الصور
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.
هل الموتى يسمعون يا فضيلة الدكتور الشيخ السعدي؟
تقليص
X
تقليص
وما قولك بالقول: إذا مات الميت قامت قيامته
-
أما عن سورة الزلزلة فهذه هي :
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا 1 وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا 2 وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا 3 يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا 4 بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا 5 يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ 6 فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ 7 وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ 8
قبيل يوم القيامة تزلزل الأرض وتخرج أثقالها ويقوم الناس من قبورهم ليروا أعمالهم وصحائفهم ويكون الحساب دقيقاً دقيقاً
لكن ما حالة القائمين قبل القيام، هل يسمعون أو لايسمعون
هذا في علم الغيب ولن ندرك حقيقة هذا العالم ونحن غير قادرين على فهمه بماديتنا الدنيوية هذه
لكن كل ما نستطيع فهمه هو أن هذه القبور المادية وهذا الجسد الميت هو عبرة للمتبقي من البشر
أم الميت عندنا والمولود في العالم الآخر
فمن يعلم كيف يولد وبأي صيغة وشكل
وقد تخلصت الروح من أثقال المادية المكبلة وعادت لها ذاكرتها
فبصرك اليوم حديد
في لحظة واحدة وقبيل الاقتراب من الانفكاك أصبح البصر حديد
فكيف ما بعد ذلك
هل يمكن أن يكون السمع كذلك حديد
؟؟
من يعرف
لا اعرف من اين اتيت بمقولة (إذا مات الميت قامت قيامته)، هل هي حديث نبوي ، ام قول عام ؟
فقد بحثت في كتب الحديث السنية والشيعية لم اجد حديثا يقول هذا القول .
اما اذا كانت مقولة عامة فهي ملزمة لقائلها ، وليست ملزمة لي .
وهي مقولة تتناقض وسورة الزلزلة .
اما عن كون البصر قد اصبح حديدا ، او كالحديد قوة كما في سورة "ق" فهذا يكون عند يوم القيامة والحشر، اويوم الوعيد :
((* وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد * ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد * وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد * لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد *وقال قرينه هذا ما لدي عتيد *ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد * قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد)). [ق:19 - 27 ]
اما عن قولك :
((لكن ما حالة القائمين قبل القيام، هل يسمعون أو لايسمعون
هذا في علم الغيب ولن ندرك حقيقة هذا العالم ونحن غير قادرين على فهمه بماديتنا الدنيوية هذه لكن كل ما نستطيع فهمه هو أن هذه القبور المادية وهذا الجسد الميت هو عبرة للمتبقي من البشر)).
فالله سبحانه يقول:
((وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا )).[مريم :98 ]
انهم فاقدوا الاحساس.
((إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين)). [النمل : 80 ]
هم لا يسمعون.
اما بالنسبة الى الروح التي معرفتها هي ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)) [الإسراء: 85]
فهي عند الله ، اذ تنتقل بعد الوفاة ، الى ربها ، فالشهداء والصالحين والانبياء والاولياء ،تذهب ارواحهم الى دار السلام ((لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:127]
وعند ربهم - أي دار السلام - لا يمكن ان نعرفه ، فهو من الغيب ، فضلا عن ذلك فان "عند ربهم " تعني انهم في عناية الله.
وهم – أي ارواح الشهداء والصالحين والانبياء والاولياء - ((فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ)) [آل عمران:170] و ((لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)).
وهم في عالم البرزخ ، او عالم القبر ، أي العالم الفاصل بين الحياة الدنيوية ، والحياة الاخروية.
و " عالم البرزخ " او " عالم القبر " هو عالم انعدام الوعي والحس والشعور عند الميت .
فإذا كانت ارواحهم في دار السلام – عند ربهم – في عالم البرزخ ،فهذا يعني انهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
فكيف يستمع الموتى الى يسمعوا الاحياء ،مثلا؟
اليس الاستغاثة بهم او طلب عونهم ، او تقديم الشكوى لهم هو مما يجلب الاسى والحزن لهم ، فيما يقول الله ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟
ان هذا يدل دلالة كاملة على ان الشهداء والصالحين والانبياء والاولياء لم ولن يطلعوا على أي شيء مما يقوله اهل الحياة الدنيا ، والا لاصابهم الحزن والاسى والغم لما في الدنيا من مظالم كثيرة.
واما الاخرون – من غير الشهداء والانبياء والاولياء الصالحين – كذلك يبقون في عالم البرزخ .
وعندما اقول ان الموتى لا يسمعون ، فهذا مصداق لقوله تعالى ((إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ الله ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)) [الأنعام:36] ففرّق الله بين الذين يسمعون وبين الموتى لانهم لا يسمعون الا بعد ان يبعثهم الله.
وقال كذلك : ((وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ الله يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)) [فاطر:22].
وكذلك: ((إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ)) [النمل:80] و ((فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ)) [الروم:52].
وكذلك قوله تعالى مصداق لما ذهبت اليه:
قال تعالى : ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [البقرة: 259].
فعندما امات الله عزير - او الشخص الذي مر بالقرية – مئة عام فانه لم يعرف كم لبث، ولا بحماره ولا بطعامه ولا بشرابه .
وكذلك يمكن القول عن اصحاب الكهف ، فهم لم يعرفوا بتغير احوال الناس بعد موتهم ولا كم لبثوا. فعزير نبي ، واصحاب الكهف من اولياء الله الصالحين.
وكذلك قوله تعالى :
((وَإِذْ قَالَ الله يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا الله رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) [المائدة:116-117].
فالآية هذه تبين أن عيسى الذي كان نبيا، لم يكن له علم بأحوال أمته بعد وفاته.
ودم لاخيك
داود الشويلي
لا اعرف من اين اتيت بمقولة (إذا مات الميت قامت قيامته)، هل هي حديث نبوي ، ام قول عام ؟
فقد بحثت في كتب الحديث السنية والشيعية لم اجد حديثا يقول هذا القول .
اما اذا كانت مقولة عامة فهي ملزمة لقائلها ، وليست ملزمة لي .
وهي مقولة تتناقض وسورة الزلزلة .
اما عن كون البصر قد اصبح حديدا ، او كالحديد قوة كما في سورة "ق" فهذا يكون عند يوم القيامة والحشر، اويوم الوعيد :
((* وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد * ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد * وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد * لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد *وقال قرينه هذا ما لدي عتيد *ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد * قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد)). [ق:19 - 27 ]
اما عن قولك :
((لكن ما حالة القائمين قبل القيام، هل يسمعون أو لايسمعون
هذا في علم الغيب ولن ندرك حقيقة هذا العالم ونحن غير قادرين على فهمه بماديتنا الدنيوية هذه لكن كل ما نستطيع فهمه هو أن هذه القبور المادية وهذا الجسد الميت هو عبرة للمتبقي من البشر)).
فالله سبحانه يقول:
((وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا )).[مريم :98 ]
انهم فاقدوا الاحساس.
((إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين)). [النمل : 80 ]
هم لا يسمعون.
اما بالنسبة الى الروح التي معرفتها هي ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)) [الإسراء: 85]
فهي عند الله ، اذ تنتقل بعد الوفاة ، الى ربها ، فالشهداء والصالحين والانبياء والاولياء ،تذهب ارواحهم الى دار السلام ((لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:127]
وعند ربهم - أي دار السلام - لا يمكن ان نعرفه ، فهو من الغيب ، فضلا عن ذلك فان "عند ربهم " تعني انهم في عناية الله.
وهم – أي ارواح الشهداء والصالحين والانبياء والاولياء - ((فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ)) [آل عمران:170] و ((لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)).
وهم في عالم البرزخ ، او عالم القبر ، أي العالم الفاصل بين الحياة الدنيوية ، والحياة الاخروية.
و " عالم البرزخ " او " عالم القبر " هو عالم انعدام الوعي والحس والشعور عند الميت .
فإذا كانت ارواحهم في دار السلام – عند ربهم – في عالم البرزخ ،فهذا يعني انهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
فكيف يستمع الموتى الى يسمعوا الاحياء ،مثلا؟
اليس الاستغاثة بهم او طلب عونهم ، او تقديم الشكوى لهم هو مما يجلب الاسى والحزن لهم ، فيما يقول الله ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟
ان هذا يدل دلالة كاملة على ان الشهداء والصالحين والانبياء والاولياء لم ولن يطلعوا على أي شيء مما يقوله اهل الحياة الدنيا ، والا لاصابهم الحزن والاسى والغم لما في الدنيا من مظالم كثيرة.
واما الاخرون – من غير الشهداء والانبياء والاولياء الصالحين – كذلك يبقون في عالم البرزخ .
وعندما اقول ان الموتى لا يسمعون ، فهذا مصداق لقوله تعالى ((إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ الله ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)) [الأنعام:36] ففرّق الله بين الذين يسمعون وبين الموتى لانهم لا يسمعون الا بعد ان يبعثهم الله.
وقال كذلك : ((وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ الله يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)) [فاطر:22].
وكذلك: ((إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ)) [النمل:80] و ((فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ)) [الروم:52].
وكذلك قوله تعالى مصداق لما ذهبت اليه:
قال تعالى : ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [البقرة: 259].
فعندما امات الله عزير - او الشخص الذي مر بالقرية – مئة عام فانه لم يعرف كم لبث، ولا بحماره ولا بطعامه ولا بشرابه .
وكذلك يمكن القول عن اصحاب الكهف ، فهم لم يعرفوا بتغير احوال الناس بعد موتهم ولا كم لبثوا. فعزير نبي ، واصحاب الكهف من اولياء الله الصالحين.
وكذلك قوله تعالى :
((وَإِذْ قَالَ الله يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا الله رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) [المائدة:116-117].
فالآية هذه تبين أن عيسى الذي كان نبيا، لم يكن له علم بأحوال أمته بعد وفاته.
ودم لاخيك
داود الشويلي