الطائر والحسناء– قصة قصيرة
أتذكرين مقبضَ باب غرفتكِ، الذي كلما أدرته، أعدتِ الحياةَ لأحزانكِ؟
على جدرانه تقبعُ صورٌ لأزمنةٍ تنسكبُ في فضاء عقلك، وصولًا إلى شرايين قلبكِ.
على حافةِ الشرفة، يقف طائرٌ صغيرٌ، يرقبُ النافذةَ المرآة. ترينه الآن، لكنه لا يراكِ.
هذا النوعُ من الزجاجِ يَظهر كالمرآة لمن في الخارج، وفي الليلِ، يَظهر كالمرآة لمن في الداخل.
أيها الطائر، أتراكَ تكذّبُ عينيكَ؟
تنظرُ يمنةً ويسرةً، وتشعرُ بمن خلف الزجاجِ الكاذب.
أنا انعكاسُك في المرآة، لو تُبصرُ جيدًا.
وبقيتُ أتأمله حتى غابت الشمس، وبدأتِ النافذةُ المرآةُ تفقدُ ميزتها، وتكشف عمّا خلفها.
بدأت ملامحي تظهرُ له شيئًا فشيئًا... لكنه ما إن رآني جيدًا، حتى ما عدتُ أراهُ جيدًا! وظننت أنه غادر لينام في عشه.
وعوضًا عن صورةِ الطائر، ظهرتْ صورةُ وجهي في زجاجِ النافذة.
لكني ما زلتُ أحسُّ به، وأسمع زقزقته، وأتخيلُ مشاعره المرهفة لساعاتٍ طويلة...
حتى نمتُ، ويداي تحضنان رأسي على الشرفة .
لكن الطائر ظل يراقب الفتاة ، يتأمل جمال عينيها الساحرتين وشعرها الآخاذ، ولخبرته في الطيران كان يدرك أين يُبحر تأملها ، يحرك رأسه ويقفز من هنا إلى هناك ينقر تارة نقرة خفيفة على الزجاج لعل الفتاة تستيقظ.
وحين استيقظت الفتاة ، لفها خوف ما ، فتحت النافذة فرأت ريش الطائر منثوراً على حافة النافذة ، وكأنه ظل يتأملها حتى افترسه قط الجيران.
لا أعرف... هل أقتلُ قطَّ الجيران المفترس، أم أتركُ عادتي في تأملِ زجاجِ نافذتي؟
لكني، رغم حزني على الطائر، بقيتُ دائمًا عند نافذتي، أتأملُ العصافير.
وكلما اقترب أحدها من قلبي، أتأمله بشغف... ثم أسارعُ لأُصفّقَ بقوة، فيطيرُ بعيدًا، فابتسم له يطير ويلفُ حول الشرفة ،ثم يبتعد عالياً يرمقني بنظرةٍ غامضةٍ حزينة .
لكنها لن تكون أكثرَ حزنًا مني...
طارق حقي
أتذكرين مقبضَ باب غرفتكِ، الذي كلما أدرته، أعدتِ الحياةَ لأحزانكِ؟
على جدرانه تقبعُ صورٌ لأزمنةٍ تنسكبُ في فضاء عقلك، وصولًا إلى شرايين قلبكِ.
على حافةِ الشرفة، يقف طائرٌ صغيرٌ، يرقبُ النافذةَ المرآة. ترينه الآن، لكنه لا يراكِ.
هذا النوعُ من الزجاجِ يَظهر كالمرآة لمن في الخارج، وفي الليلِ، يَظهر كالمرآة لمن في الداخل.
أيها الطائر، أتراكَ تكذّبُ عينيكَ؟
تنظرُ يمنةً ويسرةً، وتشعرُ بمن خلف الزجاجِ الكاذب.
أنا انعكاسُك في المرآة، لو تُبصرُ جيدًا.
وبقيتُ أتأمله حتى غابت الشمس، وبدأتِ النافذةُ المرآةُ تفقدُ ميزتها، وتكشف عمّا خلفها.
بدأت ملامحي تظهرُ له شيئًا فشيئًا... لكنه ما إن رآني جيدًا، حتى ما عدتُ أراهُ جيدًا! وظننت أنه غادر لينام في عشه.
وعوضًا عن صورةِ الطائر، ظهرتْ صورةُ وجهي في زجاجِ النافذة.
لكني ما زلتُ أحسُّ به، وأسمع زقزقته، وأتخيلُ مشاعره المرهفة لساعاتٍ طويلة...
حتى نمتُ، ويداي تحضنان رأسي على الشرفة .
لكن الطائر ظل يراقب الفتاة ، يتأمل جمال عينيها الساحرتين وشعرها الآخاذ، ولخبرته في الطيران كان يدرك أين يُبحر تأملها ، يحرك رأسه ويقفز من هنا إلى هناك ينقر تارة نقرة خفيفة على الزجاج لعل الفتاة تستيقظ.
وحين استيقظت الفتاة ، لفها خوف ما ، فتحت النافذة فرأت ريش الطائر منثوراً على حافة النافذة ، وكأنه ظل يتأملها حتى افترسه قط الجيران.
لا أعرف... هل أقتلُ قطَّ الجيران المفترس، أم أتركُ عادتي في تأملِ زجاجِ نافذتي؟
لكني، رغم حزني على الطائر، بقيتُ دائمًا عند نافذتي، أتأملُ العصافير.
وكلما اقترب أحدها من قلبي، أتأمله بشغف... ثم أسارعُ لأُصفّقَ بقوة، فيطيرُ بعيدًا، فابتسم له يطير ويلفُ حول الشرفة ،ثم يبتعد عالياً يرمقني بنظرةٍ غامضةٍ حزينة .
لكنها لن تكون أكثرَ حزنًا مني...
طارق حقي