الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

معاني الأدوات

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • طارق شفيق حقي
    المدير العام
    • Dec 2003
    • 11929

    #31
    رد : معاني الأدوات

    لكن : مخففة النون حرف عاطف , معناه : الاستدراك , أي : التدرك , وفسره المحققون برفع التوهم الناشئ من الكلام السابق مثل ما جاءني زيد لكن عمرو . إذا توهم المخاطب عدم مجيء عمر أيضا بناء على مخالطته وملابسته بينهما . وفي المفتاح " أنه يقال لمن توهم أن زيدا جاءك دون عمرو , وبالجملة وضعها للاستدراك ومغايرة ما بعدها لما قبلها , فإذا [ ص: 210 ] عطف بها مفرد وهو لا يحتمل النفي فيجب أن يكون ما قبلها منفيا لتحصيل المغايرة , وإذا عطف بها جملة فهي تحتمل الإثبات فيكون ما قبلها منفيا , وتحتمل النفي فيكون ما قبلها مثبتا . فحصل اختلاف الكلامين سواء كان المنفي هو الأول أم الثاني . قال النحويون : وهي في عطف الجمل نظير " بل " أي : في الوقوع بعد النفي والإيجاب , كما أنها في عطف المفردات نقيض " لا " حيث تختص " لا " بما بعد الإيجاب و " لكن " بما بعد النفي . وإنما تعطف بعد النفي نحو ما جاء زيد لكن عمرو . فإن جاءت بعد الإثبات كانت عندهم لترك قضية تامة إلى قضية أخرى تامة مخالفة للأولى كقولك : جاء زيد لكن عمرو لم يأت , وهي في النفي بمنزلة " بل " لكن " بل " أعم منها في الاستدراك , وموضوعها مخالفة ما قبلها لما بعدها من الإيجاب والنفي .

    تعليق

    • طارق شفيق حقي
      المدير العام
      • Dec 2003
      • 11929

      #32
      رد : معاني الأدوات

      إذا : ظرف لما يستقبل غالبا نحو قمت إذا قام زيد . قال ابن خروف : وزعم أبو المعالي أنها تكون للماضي ك " إذ " وخالف الجماعة . وهذا منه عجيب فقد ذهب جماعة من النحويين إلى ذلك وجعلوا منه قوله تعالى : { ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه } { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها } . وقوله :


      وندمان يزيد الكأس طيبا سقيت إذا تغورت النجوم

      بل صار جماعة إلى مجيئها للحال بعد القسم نحو { والليل إذا يغشى } فإذا هنا مجردة عن الشرط ; لأن الجواب في الشرط لا بد [ ص: 213 ] من ذكره أو من شيء متقدم يدل عليه , فلو دل عليه المتقدم لصار المعنى إذا يغشى الليل اقسم , وكان القسم معلقا على شرط وهو ظاهر الفساد , لكن الأقوى أنها بدل من الليل أي : وقت غشيانه وما منعوا به تعليق القسم بغشيان الليل , وتقييده بذلك الوقت هو بعينه يقتضي منع كونه حالا من الليل ; لأنه أيضا يفيد تقييد القسم بذلك الوقت .

      وعلى هذا بني أصحابنا ما لو قال : إذا لم أطلقك فأنت طالق , فمضى زمن فلم يطلق وقع , وبنوه على أن " إذا " للوقت وأنها تنفك عن الشرط . واحتج الحنفية على أنها للوقت بقوله تعالى { إذا الشمس كورت } قالوا : ولهذا دخلت على الاسم , وهذا ضعيف بل هي في الآية للشرط , ولهذا أتى فيها بالجواب وهو قوله { علمت نفس } والشمس مرفوعة بالفاعلية ورافعها تفسيره فعل مضمر يفسره " كورت " ; لأن " إذا " تطلب الفعل لما فيها من معنى الشرط . وقال شمس الأئمة السرخسي في أصوله " " إذا " عند نحاة الكوفة تستعمل للوقت تارة وللشرط أخرى فتجازي إن أريد بها الشرط , ولا يجازى بها إن أريد بها الوقت , وهو قول أبي حنيفة , وعند نحاة البصرة للوقت , فإن استعملت للشرط لا تخلو عن الوقت . وقال البزدوي : عند نحاة الكوفة تستعمل للوقت والشرط على السواء فيجازى بها على اعتبار سقوط الوقت عنها كأنها حرف شرط , وهو قول أبي حنيفة كما قال سيبويه في " إذ " ما يجازى بها فتكون حرفا . وقال السرخسي : وتصير مثل " إن " .

      [ ص: 214 ] وقال ابن عمرون في شرح المفصل " : إذا دخلتها " ما " يجازى بها في الأخبار بدون " ما " لأن الإضافة تزيل إبهامها , فإذا كفتها " ما " عن الإضافة بقي إبهامها فجوزي بها . وقال أبو البقاء في اللباب " إنما لم يجاز بها في الأخبار ; لأنها تستعمل فيما لا بد من وقوعه , مثل إذا احمر البسر , وإذا طلعت الشمس , ووقته متعين لما يضاف , وباب الشرط الإبهام . والفرق بين " إذا " و " متى " أن الوقت في " متى " لازم للمجازات دون " إذا " عند الكوفيين والمبرد من البصريين . والخلاف عند عدم النية . فلو نوى بها آخر عمره فإنه يصدق عند الحنفية بلا خلاف . قالوا : ولو لم يكن حقيقة في الشرط لما صدق ; لأنه حينئذ يكون نوى بها مجاز كلامه , وفيه تخفيف على نفسه , وفي مثله لا يصدق . وقال أصحابنا في كتاب الخلع لو قال : إذا أعطيتني ألفا فأنت طالق اشترط إعطاؤها على الفور , وليس ذلك من جهة الصيغة , ولهذا ألحقوا بها " إن " في ذلك . قال الشيخ في المهذب " كذا ذكر الأصحاب , وعندي أن " إذا " حكمها حكم " متى " وأي وقت في اقتضاء التراخي , ولهذا لو قال : متى القتال ؟ جاز أن يقول : إذا شئت , كما يجوز أن يقول : متى شئت , بخلاف " إن " فإنه لا يجوز أن يقال : إن شئت . انتهى . وما ذكره الشيخ من دلالة " إذا " على الزمان صحيح لكن بينها وبين " متى " فرق ; لأن " متى " عامة تقتضي الدلالة على كل زمان بخلاف " إذا " .

      [ ص: 215 ] واختلف النحويون في عمومها قيل : إذا قلت : إذا قام زيد قام عمرو . كانت بمنزلة " كلما " وقيل : إنما يلزم قيامه مرة واحدة , ولا تقتضي تكرارا . قال ابن عصفور : والأصح هو الأول كسائر أدوات الشرط , ويدل عليه قول الشاعر :


      إذا وجدت أوار الحب في كبدي أقبلت نحو سقاء القوم أنبرد



      فإن المعنى على العموم كأنه قال : متى وجدت
      التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 05-07-2007, 02:26 AM.

      تعليق

      • طارق شفيق حقي
        المدير العام
        • Dec 2003
        • 11929

        #33
        رد : معاني الأدوات

        كيف : إن وقع بعدها مفرد كانت في موضع الخبر , نحو كيف زيد ؟ فإن وقع بعدها جملة اختلف في إعرابها , فذهب سيبويه إلى أنها في موضع نصب على الظرف ; لأنها في تقدير الظرف , ولذلك يقدر ب على أي حال فإن قلت : كيف زيد قائم ؟ فتقديره عنده على أي حال زيد قائم ؟ ومذهب الأخفش والسيرافي وابن جني أنها في موضع نصب على الحال . وضعفه ابن عصفور بأن الحال خبر و " كيف " استفهام , فلا يصح وقوعها خبرا . قال ابن الصائغ : وهو غلط فاحش فليس معنى قولهم في الحال : أنها خبر قسيم الإنشاء , وإنما المراد خبر المبتدأ . وقال ابن مالك : لم يقل أحد أن " كيف " ظرف ; إذ ليست زمانا ولا مكانا , ولكنها لما كانت تفسر بقولك : على أي حال ؟ لكونها سؤالا عن الأحوال سميت ظرفا , ولأنها في تأويل الجار والمجرور , واسم الظرف يطلق عليها مجازا , ثم هي للاستفهام أي : للسؤال عن الحال خاصة , وهل يلحظ فيها معنى الأصل ; لأن الحال يستدعي وجود ذلك ؟ ولهذا قيل :


        يقول خليلي كيف صبرك بعدنا فقلت وهل صبر فيسأل عن كيف

        ومن ثم اختلف أصحابنا فيما لو قال : أنت طالق كيف شئت .

        أنها [ ص: 218 ] تطلق [ إن ] شاءت أم لا تطلق حتى تشاء ؟ على وجهين . قال البغوي : وكذا الحكم فيما لو قال : أنت طالق على أي وجه شئت . قلت : وهذا منه تفريع على أنها في موضع النصب على الظرف ; لأنه سوى بين هذا وبين " كيف " . قيل : إنها في الأصل بمنزلة أي الاستفهامية , ولهذا يفسرون كيف شئت بأي حالة شئت , فاستعيرت لأي الموصولة بجامع الإبهام على معنى أنت طالق بأي كيفية شئتها من الكيفيات , وذكر بعضهم أنه سلب عنها معنى الاستفهام واستعملت اسما للحال , كما حكى قطرب : انظر إلى كيف تصنع ؟ أي : إلى حال صنعه , وعلى هذين الوجهين تكون كيف منصوبة بنزع الخافض . وذكر كثير من النحويين أنها تأتي شرطا بناء على أنها للحال , والأحوال شروط . ومرادهم الشرط في المعنى لا العمل وهو الجزم فإنه إنما يجزم بها إلا إذا انضمت إليها " ما " نحو كيف تصنع أصنع
        التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 05-07-2007, 02:16 AM.

        تعليق

        • طارق شفيق حقي
          المدير العام
          • Dec 2003
          • 11929

          #34
          رد : معاني الأدوات

          أما كلما : فهي مضافة إلى " ما " وهي مصدرية لكنها نائبة بصلتها عن ظرف زمان كما ينوب عن المصدر الصريح , والمعنى : كل وقت , ولذا تسمى " ما " هذه المصدرية الظرفية أي : النائبة عن الظرف لا أنها ظرف في نفسها , فكل من " كلما " منصوب على الظرفية لإضافته إلى شيء هو قائم مقام الظرف ثم ذكر الفقهاء والأصوليون أن " كلما " للتكرار قال الشيخ أبو حيان : وإنما ذلك من عموم " ما " ; لأن الظرفية يراد بها العموم , فإذا قلت : أصحبك ما ذر لله شارق فإنما تريد العموم " فكل " أكدت العموم الذي أفادته " ما " الظرفية لا أن لفظ " كلما " وضع للتكرار كما يدل عليه كلامهم , وإنما جاءت " كل " توكيدا للعموم المستفاد من ما الظرفية , فإذا قلت : كلما جئتني أكرمتك فالمعنى أكرمك في كل فرد فرد من جيئاتك إلي . انتهى . وقوله : إن التكرار من عموم " ما " ممنوع فإن " ما " المصدرية لا عموم لها , ولا يلزم من نيابتها عن العموم دلالتها على العموم , وإن استفيد عموم في مثل هذا الكلام من " ما " إنما هو من التركيب بجملته .



          مسألة: الْجُزْء الثَّالِث[ ص: 219 ] أَمَّا كُلَّمَا : فَهِيَ مُضَافَةٌ إلَى " مَا " وَهِيَ مَصْدَرِيَّةٌ لَكِنَّهَا نَائِبَةٌ بِصِلَتِهَا عَنْ ظَرْفِ زَمَانٍ كَمَا يَنُوبُ عَنْ الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ , وَالْمَعْنَى : كُلُّ وَقْتٍ , وَلِذَا تُسَمَّى " مَا " هَذِهِ الْمَصْدَرِيَّةَ الظَّرْفِيَّةَ أَيْ : النَّائِبَةَ عَنْ الظَّرْفِ لَا أَنَّهَا ظَرْفٌ فِي نَفْسِهَا , فَكُلٌّ مِنْ " كُلَّمَا " مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِإِضَافَتِهِ إلَى شَيْءٍ هُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الظَّرْفِ ثُمَّ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ أَنَّ " كُلَّمَا " لِلتَّكْرَارِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ : وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ " مَا " ; لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ يُرَادُ بِهَا الْعُمُومُ , فَإِذَا قُلْت : أَصْحَبُك مَا ذَرَّ لِلَّهِ شَارِقٌ فَإِنَّمَا تُرِيدُ الْعُمُومَ " فَكُلٌّ " أَكَّدَتْ الْعُمُومَ الَّذِي أَفَادَتْهُ " مَا " الظَّرْفِيَّةُ لَا أَنَّ لَفْظَ " كُلَّمَا " وُضِعَ لِلتَّكْرَارِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ , وَإِنَّمَا جَاءَتْ " كُلٌّ " تَوْكِيدًا لِلْعُمُومِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ مَا الظَّرْفِيَّةِ , فَإِذَا قُلْت : كُلَّمَا جِئْتنِي أَكْرَمَتْك فَالْمَعْنَى أُكْرِمُك فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ جِيئَاتِك إلَيَّ . انْتَهَى . وَقَوْلُهُ : إنَّ التَّكْرَارَ مِنْ عُمُومِ " مَا " مَمْنُوعٌ فَإِنَّ " مَا " الْمَصْدَرِيَّةَ لَا عُمُومَ لَهَا , وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نِيَابَتِهَا عَنْ الْعُمُومِ دَلَالَتُهَا عَلَى الْعُمُومِ , وَإِنْ اُسْتُفِيدَ عُمُومٌ فِي مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ " مَا " إنَّمَا هُوَ مِنْ التَّرْكِيبِ بِجُمْلَتِهِ .


          مسألة: الجزء الثالث[ ص: 219 ] أما كلما : فهي مضافة إلى " ما " وهي مصدرية لكنها نائبة بصلتها عن ظرف زمان كما ينوب عن المصدر الصريح , والمعنى : كل وقت , ولذا تسمى " ما " هذه المصدرية الظرفية أي : النائبة عن الظرف لا أنها ظرف في نفسها , فكل من " كلما " منصوب على الظرفية لإضافته إلى شيء هو قائم مقام الظرف ثم ذكر الفقهاء والأصوليون أن " كلما " للتكرار قال الشيخ أبو حيان : وإنما ذلك من عموم " ما " ; لأن الظرفية يراد بها العموم , فإذا قلت : أصحبك ما ذر لله شارق فإنما تريد العموم " فكل " أكدت العموم الذي أفادته " ما " الظرفية لا أن لفظ " كلما " وضع للتكرار كما يدل عليه كلامهم , وإنما جاءت " كل " توكيدا للعموم المستفاد من ما الظرفية , فإذا قلت : كلما جئتني أكرمتك فالمعنى أكرمك في كل فرد فرد من جيئاتك إلي . انتهى . وقوله : إن التكرار من عموم " ما " ممنوع فإن " ما " المصدرية لا عموم لها , ولا يلزم من نيابتها عن العموم دلالتها على العموم , وإن استفيد عموم في مثل هذا الكلام من " ما " إنما هو من التركيب بجملته .

          تعليق

          • طارق شفيق حقي
            المدير العام
            • Dec 2003
            • 11929

            #35
            رد : معاني الأدوات

            إلى : لانتهاء الغاية زمانا ومكانا , ولا يأتي فيها خلاف " من " في [ ص: 220 ] الزمان . وعبارة الراغب : حرف يحد به النهاية من الجوانب الستة , وهل يدخل ما بعدها فيما قبلها أم لا أم يفرق بين أن يكون من جنس للغاية فيدخل , وإلا فلا ؟ خلاف . ونسب الثالث إلى سيبويه كما قاله القرطبي . قلت : ورأيته مجزوما به لابن سريج في كتابه المسمى بالودائع بمنصوص الشرائع " في باب الوضوء قال : ومن أوجب إدخال المرفقين في الغسل ; لأنه من جنسه ; لأن اليد من أطراف الأصابع إلى المنكب , وقيل : يدخل أول جزء من المنتهى إليه كما يدخل آخر جزء من المبتدأ منه . حكاه النيلي . وقال ابن الحاجب في شرح المفصل " : جاءت وما بعدها داخل , وجاءت وما بعدها خارج , فمنهم من حكم بالاشتراك , ومنهم من حكم بظهور الدخول , ومنهم من حكم بظهور انتفاء الدخول وعليه النحويون . انتهى .

            وحكى إمام الحرمين وابن السمعاني وغيرهما عن سيبويه التفصيل بين أن تقترن بمن فتقتضي التحديد , ولا يدخل الحد في المحدود , نحو بعتك من هذه الشجرة إلى تلك , فلا يدخلان في البيع , وإن لم تقترن جاز أن تكون تحديدا , وأن تكون بمعنى " مع " كقوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } وأنكر ابن خروف هذا على إمام الحرمين , وقال : لم يذكر سيبويه في كتابه من هذا ولا حرفا ولا هو [ ص: 221 ] مذهبه , والذي قاله في باب عدة الكلم : وأما " إلى " فمنتهى الابتداء تقول : من مكان كذا إلى كذا , وكذلك " حتى " وقد بين ذلك في بابها بمعنى " حتى " ولها في الفعل حال ليس ل " إلى " تقول للرجل : إنما أنا إليك أي : إنما أنت مطلوبي وغايتي , ولا تكون " حتى " هنا فهذا أمر " إلى " وأصلها وإن اتسعت , وهي أعم في الكلام من " حتى " تقول : قمت إليه بجعله منتهاك من مكانك ولا تقول : حتاه . انتهى .

            وليس فيه إلا أنها لانتهاء الغاية وإن اتسع فيها . وقال الزمخشري : الغاية لا تدخل شيئا ولا تخرجه , بل إن كان صدر الكلام متناولا قبل دخول حرف الغاية يكون داخلا وإلا فلا . وقال إلكيا الهراسي : وما ذكروه من دخوله في المحدود ليس مأخوذا من معنى " إلى " وإنما فائدة " إلى " التنبيه عن أنها ما ابتدئ به فبمن , وأما دخول ما ينتهي إليه فيه وعدمه فبدليل من خارج . وقال بعض النحاة : لا تفيد إلا انتهاء الغاية من غير دلالة على الدخول أو عدمه بل هو راجع إلى الدليل . وتحقيقه : أن " إلى " للنهاية فجاز أن يقع على أول الحد وأن يتوغل في المكان لكن تمتنع المجاوزة ; لأن النهاية غاية , وما كان بعده شيء لم يسم غاية . قلت : وهذا هو ظاهر نص الشافعي في الرسالة " حيث قال : ودلت السنة على أن الكعبين والمرفقين مما يغسل ; لأن الآية تحتمل أن يكونا حدين للغسل , وأن يكونا داخلين في الغسل , فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ويل [ ص: 222 ] للأعقاب من النار } دل على أنه غسل . انتهى .

            وتجيء بمعنى " مع " في قول بعضهم , والمحققون أنها على بابها وهي متعلقة بفعل محذوف دل عليه الكلام , والتقدير في قوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } أي : لا تضيفوها إلى أموالكم , فأما قوله تعالى : { وأيديكم إلى المرافق } فمن أوجب غسلها قال بمعنى " مع " وعلى قول المحققين : هي على بابها ولا تفيد انتهاء الغسل إلى المرافق . قال الأزهري وغيره : إن لفظ اليد اسم لهذه الجارحة من رءوس الأصابع إلى المرفقين فالمرافق داخلة في حقيقة اليد , وإذا جاءت إلى التحديد ببعض الشيء دخل المحدود إليه في الحد , كقولك : بعتك من هذا الحائط إلى هذه الشجرة , فإن الشجرة تدخل , فعلى هذا لا يحتاج إلى تأويلها بمعنى " مع " . وقيل : دخلت المرافق في الغسل لأن المرافق منتهى الذراع , فلزم من وجوب غسل الذراع وجوب غسل المرافق , وقيل : إنها غاية للإسقاط لا لمد الحكم . وذكروا لهذا الكلام تفسيرين : أحدهما : أن صدر الكلام إذا كان متناولا للغاية كاليد فإنها اسم [ ص: 223 ] للمجموع إلى الإبط ; لأن ذكر الغاية لإسقاط ما وراءها لا لمد الحكم إليها ; لأن الامتداد حاصل , فيكون قوله : { إلى المرافق } متعلقا بقوله : " اغسلوا " وغاية لكن لأجل إسقاط ما وراء المرفق عن حكم الغسل . الثاني : أنه غاية للإسقاط ومتعلق به كأنه قيل : اغسلوا أيديكم مسقطين إلى المرافق فتخرج عن الإسقاط , فتبقى داخلة تحت الغسل , والأول أوجه لظهور أن الجار والمجرور متعلق بالفعل المذكور , وأثار بعضهم هنا بحثا , وهو أنه إذا قرن بالكلام غاية أو استثناء أو شرطا لا يعتبر بالمطلق لم يخرج بالقيد عن الإطلاق بل يعتبر مع القيد جملة واحدة , فالفعل مع الغاية كلام واحد للإيجاب إليها لا للإيجاب والإسقاط ; لأنهما ضدان فلا يثبتان إلا بالنص , والنص مع الغاية بمعنى واحد . وقال القاضي أبو الطيب : مجيئها بمعنى " مع " لا يصار إليه إلا بدليل ولهذا قلنا : إذا قال : بعتك بشرط الخيار إلى الليل , إن الليل لا يدخل في زمن الخيار خلافا لأبي حنيفة . قال الشيخ في المهذب " : وترد لابتداء الغاية , نحو فلان خارج إلى شهر أي : أن ابتداء خروجه إلى شهر , وفرع عليه : أنت طالق إلى شهر فلا تطلق إلا بعد شهر , لاحتمال أن يريد ابتداء الغاية , ونقله الرافعي عن المتولي
            التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 05-07-2007, 02:15 AM.

            تعليق

            • طارق شفيق حقي
              المدير العام
              • Dec 2003
              • 11929

              #36
              رد : معاني الأدوات

              إلا : للاستثناء . قال الفراء : ويأتي بمعنى " سوى " وذلك في استثناء زائد من ناقص : قال تعالى { خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك } يعني سوى ما شاء ربك من زيادة المضاعفة لا إلى نهاية , فعلى هذا لو قال لفلان علي ألف إلا ألفين , فقد أقر بثلاثة آلاف .

              [ ص: 230 ] قال في القواطع " : وهذا لا يعرفه الفقهاء . قلت : لكنه صحيح ; لأن الاستثناء المنقطع يكون من عموم المفهوم , فلما قال : علي ألف , كأنه قال : لا غيرها , وهذا عام فاستثنى منه ألفين . وتجيء بمعنى " غير " , كقوله تعالى { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } وجعل الخطابي منه قولنا : لا إله إلا الله . قال : فإلا هنا بمعنى غير لا بمعنى الاستثناء ; لأن الاستثناء إما من جنس المستثنى منه أو من غير جنسه , ومن توهم في صفة الله تعالى واحدا من الأمرين فقد أبطل . قال عبد القاهر : وهذا توهم منه من غير أصل , ويلزم عليه أن لا تكون " إلا " في قوله تعالى : { فإنهم عدو لي إلا رب العالمين } وقوله { ضل من تدعون إلا إياه } استثناء وأن يكون بمعنى " غير " ولا يقوله أحد ; لأن " إلا " إذا كانت صفة كان الاسم الواقع بعدها إعراب الموصوف به , أو كان تابعا له في الرفع والنصب والجر . قال : والاسم بعد " إلا " في الآيتين منصوب كما ترى , وليس قبل " إلا " في واحدة منهما منصوب , فيصح أن يقال : إنه موصوف بإلا
              التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 05-07-2007, 02:15 AM.

              تعليق

              • طارق شفيق حقي
                المدير العام
                • Dec 2003
                • 11929

                #37
                رد : معاني الأدوات

                الثاني : من المواضع في سبب إفادتها الحصر ويعرف من أنها مفردة أو مركبة , وفيه طرق : أحدها : أنها لفظة مفردة وضعت للحصر ابتداء من غير اعتبار تركيب ومن غير وضعها لمعنى , ثم نقلها لمعنى الحصر , ودليله أنها للحصر , والأصل عدم التركيب والنقل , وكونها على صورة " إن " مع " ما " لا يستدعي [ ص: 242 ] التركيب منهما بل المجموع حرف واحد , كما أن الجزء الأول من لفظ إنسان على صورة حرف الشرط وليس مركبا منه . الثانية : للإمام فخر الدين الرازي أن " إن " للإثبات و " ما " للنفي فإذا جمعا فقيل : إنما زيد قائم , فالأصل بقاء معناه بعد التركيب على ما كان عليه , وليس النفي والإثبات متوجهين إلى المذكور , ولا إلى غير المذكور للتناقض , بل أحدهما للمذكور والآخر لغير المذكور , وليس " إن " لإثبات ما عدا المذكور و " ما " لنفي المذكور وفاقا , فتعين عكسه , وهو معنى القصر . ورد بأن حكم الإفراد غير حكم التركيب , ولا نسلم كونهما كلمتين بل كلمة واحدة والأصل عدم التركيب والنقل , وأيضا حكم غيره لم يذكر فكيف ينفى حكمه ؟ هذا على تقدير تسليم المقدمتين , وهما أن " إن " للإثبات و " ما " للنفي , لكنهما ممنوعتان باتفاق النحاة أما " إن " فليست للإثبات , ولا ما للنفي بدليل استعمالها مع كل منهما . تقول : إن زيدا قائم , وإن زيدا لا يقوم , فلو كانت لأحدهما دون الآخر لم تستعمل معهما , وأما " ما " فليست للنفي وإنما هي كافة . وأجيب عن ذلك بأن الكفر حكم لفظي لا ينافي أن يقارنه حكم معنوي , واستدل السكاكي على أنها ليست بنافية بأن النافية لها صدر الكلام , وهذه ليست كذلك , وبأنه يلزم اجتماع حرفي النفي والإثبات بلا فاصل , وبأنه لو كانت النافية لجاز نصب قائم في : إنما زيد قائم ; لأن الحرف وإن زيد يعمل , ولكان معنى إنما زيد قائم تحقق عدم قيام زيد ; لأن ما يلي النفي منفي , والتوالي الأربعة باطلة .

                [ ص: 243 ] وانتصر القاضي عضد الدين للإمام , وقال : مراده أن كلمة " إنما " هكذا للحصر كسائر الكلمات المركبة الموضوعة لمعنى , لا أن لفظة " إن " ولفظة " ما " ركبتا وبقيتا على أصلهما حتى لا يرد عليه الاعتراضات , وما ذكره الإمام بيان وجه المناسبة لئلا يلزم النقل الذي هو خلاف الأصل , لكن يرد عليه في بيان وجه المناسبة أن قولك : " ما " لنفي غير المذكور كنفي غير قيام زيد في قولك : إنما زيد قائم غير متعين فلم لا يجوز أن تكون لنفي قيام غير زيد ؟ وقال الشيخ أبو حيان كون " ما " هنا للنفي قول من لم يشتم رائحة النحو . قلت : قد حكاه في المحصول " عن الفارسي في الشيرازيات " أنه حكاه عن النحويين , قال : وقولهم حجة , لكن قال الشيخ جمال الدين في المغني " لم يقل ذلك الفارسي في الشيرازيات " ولا قاله نحوي غيره , وإنما الذي في الشيرازيات " أن العرب عاملوا " إنما " معاملة النفي , وإلا في فصل الضمير . قلت : سبق من كلامه ما يدل على أنه أراد إشرابها معنى النفي أيضا وقال ابن برهان من أئمة النحويين في شرح اللمع " ما نصه : تأول قوم " إنما " على معنى ما وإلا , واستدلوا بقول الفرزدق :


                وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

                وهذا قول ذكره أبو علي عن بعض البغداديين في قوله تعالى : { إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها } أي ما حرم إلا الفواحش , وهذا قول لا نتبين صحته عندنا , وقد قال تعالى : { إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله } . انتهى . [ ص: 244 ] وسيأتي جوابه أنه لم يخرج عن الحصر لكنه مجازي
                التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 05-07-2007, 02:15 AM.

                تعليق

                • طارق شفيق حقي
                  المدير العام
                  • Dec 2003
                  • 11929

                  #38
                  رد : معاني الأدوات

                  الثالثة : " إن " للتأكيد و " ما " حرف زائد للتأكيد , ولا فائدة لهما مجتمعين إلا الحصر ; لأنه تأكيد ثان , وهذا حكاه السكاكي عن علي بن عيسى واستلطفه . وحكاه ابن بابشاذ في شرح الجمل " عن المحققين من أصحابه , وليس بشيء ; لأن النفي عن غيره ليس تأكيدا لثبوته لاختلاف المعنيين . ويرده اجتماع " إن " و " ما " النافيتين ولا يفيد إلا النفي , وكذلك يجتمع المؤكدان ولا يفيد إلا التأكيد وأولى ; لأن النفي قد ينفى وأيضا فإنك تقول : قام القوم كلهم أجمعون وليس بحصر ونقول : والله إن زيدا ليقومن فقد حصل التأكيد أربع مرات , ولم يقل أحد باقتضائه الحصر .

                  قال القاضي العضد : وهو الذي قاله الربعي من باب إيهام العكس , فإنه لما رأى أن القصر تأكيد على تأكيد ظن أن كل ما كان تأكيدا على تأكيد كان حصرا , وأيضا يلزم تخصيص كونه للحصر بما وقع في جواب الرد لكنه للحصر في جميع المواضع . الرابعة : للإمام في المعالم " واعتمده ابن دقيق العيد : أن أهل اللسان فهموا ذلك فإن ابن عباس فهم الحصر من قوله عليه السلام : { إنما الربا في النسيئة } وخالفه الصحابة بدليل يقتضي تحريم ربا الفضل ولم يخالف في فهمه الحصر , فكان إجماعا . انتهى , وهو حسن إلا أن فيه نظرا من وجهين : أحدهما : أنه قد ثبت في الصحيح عن ابن عباس رواية : { لا ربا إلا في النسيئة } فلعله فهم الحصر من هذه الصيغة لا من إنما ولو أنه ذكر [ ص: 245 ] أن الصحابة فهمته من قوله { إنما الماء من الماء } لكان أقرب .

                  ثانيهما : أن المخالف لا يلزمه أن يذكر جميع أوجه الاعتراض بل قد يكتفي بأحدها إذا كان قويا ظاهرا , وحينئذ فلا يلزم من استنادهم إلى الدليل السمعي واقتصارهم عليه تسليم كونها للحصر . الخامسة : اختيار السكاكي وهو أقربها : أنا وجدنا العرب عاملتها في الكلام معاملة إلا المسبوقة بالنفي , وهي مفيدة للحصر بالاتفاق , فإنهم يقولون : قمت ولم يقم زيد , ولا يقولون : قام أنا , ولم يقم زيد , فإذا أدخلوها قالوا : إنما قام أنا ولم يقم زيد , كما يقولون : ما قام إلا أنا , فأجروا الضمير مع إنما مجرى المضمر مع إلا وتلك تفيد الحصر كقوله : ما قطر الفارس إلا أنا . الثالث : القائلون بالحصر قال محققوهم : هي حاصرة أبدا لكن يختلف حصرها فقد يكون حقيقيا , كقوله تعالى : { إنما الله إله واحد } وقد يكون مجازيا على المبالغة , نحو إنما الشجاع عنترة , وحمل عليه ابن عطية قوله : { إنما يفتري الكذب } وقوله : { إنما أنا بشر مثلكم } محمول على معنى التواضع والإخبات أي : ما أنا إلا عبد متواضع . ومنهم من يقول : تارة يكون مطلقا , نحو { إنما الله إله واحد } وتارة يكون مخصوصا بقرينة , نحو { إنما أنت [ ص: 246 ] منذر } فإنه لا ينحصر في النذارة { إنما الحياة الدنيا لعب ولهو } وليست منحصرة في ذلك ; لأنها مزرعة للآخرة وإنما الحصر بالنسبة , فقوله : إنما أنت منذر بالنسبة إلى خطاب الكفار لنفي كونه قادرا على إنزال ما اقترحوه من الآيات كقوله : { ما على الرسول إلا البلاغ } وقوله : { إنما الحياة الدنيا لعب } أي : بالنسبة لمن آثرها ولم يعمل فيها للآخرة . وقال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام " : كلمة " إنما " للحصر , والحصر فيها على وجهين : أحدهما : أن لا يكون فيما دخلت عليه تخصيص ولا تقييد { إنما الله إله واحد } { إنما إلهكم الله } { إنما وليكم الله ورسوله } .

                  والثاني : أن يقع فيما دخلت عليه إما في جانب الإثبات بأن يكون هو المقصود أو في جانب النفي بأن يكون هو المقصود , والقرائن ترشد إلى المراد , وهو في العمد الكبرى في فهمه , نحو { إنما الحياة الدنيا لعب ولهو } { إنما أنا بشر مثلكم } { إنما أنت منذر } فإن جميع هذه الأوصاف التي دخلت عليها " إنما " ليست للعموم بل تختص كونها لعبا ولهوا بمن لا يريد بعمله فيها الآخرة والتزود بها , والرسول صلى الله عليه وسلم لا ينحصر في البشرية والنذارة بل له أوصاف أخرى جليلة زائدة على البشرية والنذارة , لكن فهم منه أنه ليس على صفة تقتضي العلم بالغيب , أو أنها في قوله صلى الله عليه وسلم : { إنما أنا بشر مثلكم تختصمون إلي } , وفي { إنما أنا بشر [ ص: 247 ] مثلكم } في الآية الكريمة يفهم من أنه ليس قادرا على خلق الإيمان قهرا لسبق قوله تعالى : { وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون قل إنما أنا بشر مثلكم } أي : والله أعلم لا أقدر على إجباركم على الإيمان . وكذلك أمر النذارة لا ينحصر فيها { إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا } إذا عرفت هذا فإن دلت القرائن والسياق على التخصيص فاحمله على العموم فيما دخلت عليه " إنما " على هذا حمل ابن عباس ( إنما الربا ) على العموم حتى نفى ربا الفضل , وقيل : إنه رجع عنه , وحمل غيره { إنما الماء من الماء } على ذلك ولم يوجب الغسل بالتقاء الختانين , ومن خالف في الأمرين فبدليل خارجي .

                  الرابع : زعم النحويون أن الأخير هو المحصور , فإذا قلت : إنما زيد قائم , فالقائم هو المحصور , وإذا قلت : إنما المال لك , فالمحصور أنت أي : لا غيرك , وإذا قلت : إنما لك المال , فالمحصور المال أي : لا غيره , وعلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم : { إنما الأعمال بالنيات } لا يحسن الاحتجاج به على مشروعية النية في كل عمل ; إذ المحصور النية لا العمل , ولكن إجماع الأئمة على خلافه . وأجمع النحاة على أنه متى أريد الحصر في واحد من الفاعل والمفعول مع " إنما " يجب تأخيره وتقديم الآخر , فتقول : إنما ضرب عمرو هندا إذا أردت الحصر في المفعول , وإنما ضرب هندا عمرو إذا أردت الحصر في الفاعل . واختلفوا فيه إذا كان مع " ما " و " إلا " على ثلاثة مذاهب : فذهب قوم منهم الجزولي والشلوبين إلى أنه كذلك في " إنما " إن أريد [ ص: 248 ] الحصر فيه وجب تأخيره ك " إلا " وتقديم غير المحصور . وذهب الكسائي إلى أنه يجوز فيه من التقديم والتأخير ما جاز في كل واحد منهما إذا لم يكن معه " ما " وإلا . وذهب البصريون والفراء وابن الأنباري إلى أنه إن كان الفاعل هو المقرون بإلا وجب تقديم المفعول , وإن كان المفعول هو المقرون بإلا لم يجب تقديم الفاعل على المفعول , بل يجوز تقديم الفاعل على المفعول وتأخيره . وحكاه عنه الشيخ بهاء الدين بن النحاس في التعليقة
                  التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 05-07-2007, 02:15 AM.

                  تعليق

                  • طارق شفيق حقي
                    المدير العام
                    • Dec 2003
                    • 11929

                    #39
                    رد : معاني الأدوات

                    إنما : والكلام فيها في مواضع : الأول : هل هي تفيد الحصر أو لا ؟ قولان . وإذا قلنا : تفيده , فهل هو بالمنطوق يعني أنها وضعت للإثبات والنفي معا أي : لإثبات المذكور ونفي ما عداه أو للإثبات خاصة وللنفي بطريق المفهوم ؟ قولان . وبالأول قال القاضي أبو حامد المروذي فيما حكاه الشيخ أبو إسحاق في التبصرة " قال : مع نفيه القول بدليل الخطاب لكن الماوردي في أقضية الحاوي " نقل عن أبي حامد المروروذي وابن سريج أن حكم ما عدا الإثبات موقوف على الدليل من الاحتمال . وبالثاني قال القاضي والغزالي وذكراه في بحث المفاهيم , وقال سليم الرازي في التقريب " : إنه الصحيح .

                    [ ص: 237 ] وقال ابن الخوبي : هذا الخلاف مبني على أن الاستثناء من النفي إثبات أم لا ؟ فإن قلنا : إنه إثبات فالحصر ثابت بالمنطوق , وإلا فهو من طريق المفهوم , وهذا الكلام يقتضي جريان هذا الخلاف في " ما " و " إلا " وهو بعيد , والقول بأنها لا تفيده أصلا هو رأي الآمدي , وإنما يفيد تأكيد الإثبات وبه يشعر كلام إمام الحرمين في البرهان " حيث قال : فأما ما ليس له معنى , فما الكافة تعمل ما يعمل دونها تقول : إن زيدا منطلق , وإنما زيد منطلق . وحكاه ابن الفارض المعتزلي في النكت " عن أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم . قال : وهو يحكى عن أهل اللغة . ونصره ابن برهان النحوي في شرح اللمع " واختاره الشيخ أبو حيان . واشتد نكيره على من خالفه , ونقله عن البصريين . ونقل الغزالي عن القاضي أنه ظاهر في الحصر , ويحتمل التأكيد ثم قال : وهو المختار , ووافقه إلكيا , والذي في التقريب " للقاضي أنها محتملة لتأكيد الإثبات ومحتملة للحصر , وزعم أن العرب استعملتها لكل من الأمرين , ثم قال : ولا يبعد أن يقال : إنها ظاهرة في الحصر . وأنكر ابن الحاج في تعليقه على المستصفى " والعبدري في شرحه " إفادتها الحصر وقالا : إنه غير معروف في اللغة : وإنما معناه الاقتصار على الشيء .

                    قال ابن السيد : قال نحاة البصرة : معناها الاقتصار كقولك : إنما زيد شجاع , لمن ادعى له غير ذلك من الصفات , والتحقير كقولك : إنما وهبت درهما , لمن يزعم أنه وهب أكثر من ذلك , وهذا راجع إلى الاقتصار . وقد يستعمل في رد النفي إلى حقيقته إذا وصف بما لا يليق به , كقوله تعالى : { إنما الله إله واحد } { إنما أنا بشر مثلكم } .

                    [ ص: 238 ] وهو راجع للأول . قالا : فإن أراد القاضي بالحصر الاقتصار فقد أصاب , وإلا ففيه نظر . وتابعهما الشيخ أبو حيان في إنكار إفادتها الحصر , وقال : إنه معروف في اللغة وهو عجيب , فقد حكاه ابن السيد في الاقتضاب " عن الكوفيين . فقال : وذكر الكوفيون أنها تستعمل بمعنى النفي , واحتجوا بقول الفرزدق :


                    . وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

                    ومعناه ما يدافع إلا أنا أو مثلي هذا كلامه . وفي الزاهر " للأزهري عن أهل اللغة أنها تقتضي إيجاب شيء ونفي غيره , وقال صاحب البرهان " : قال أبو إسحاق الزجاج : والذي أختاره في قوله تعالى : { إنما حرم عليكم الميتة } أن تكون " ما " هي التي تمنع " إن " من العمل , ويكون المعنى : ما حرم عليكم إلا الميتة ; لأن " إنما " تأتي لإثبات ما بعدها ونفي ما عداه .

                    وقال أبو علي في الشيرازيات " يقول ناس من النحويين { إنما حرم ربي الفواحش } المعنى : ما حرم إلا الفواحش , قال : وأجيب ما يدل على صحة القول في ذلك , وهو قول الفرزدق .


                    . وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي



                    وعزاه ابن السيد للكوفيين , ولم يعنوا بذلك أنهما بمنزلة المترادفين فإنه [ ص: 239 ] يمتنع إيقاع كل منها موضع الآخر على الإطلاق . انتهى . وممن ذكر أنهما للحصر الرماني عند تفسير قوله تعالى : { إنما يستجيب الذين يسمعون } فقال : إنما تفيد تخصيص المذكور بالصفة دون غيره بخلاف " إن " كقولك : إن الأنبياء في الجنة , فلا تمنع هذه الصيغة أن يكون غيرهم فيها كما منع إنما هم في الجنة . انتهى .

                    وكذا قال الزمخشري عند قوله تعالى : { إنما الصدقات للفقراء } وكذا ابن عطية في غير موضع , وقال ابن فارس : سمعت علي بن إبراهيم القطان يقول : سمعت ثعلبا يقول : سمعت سلمة يقول : سمعت الفراء يقول : إذا قلت : إنما قمت , فقد نفيت عن نفسك كل فعل إلا القيام , وإذا قلت : إنما قام أنا , فقد نفيت القيام عن كل أحد وأثبته لنفسك . قال الفراء : ولا يكون ابتداء إلا ردا على أمر , ولا يكون ابتداء كلام . قال ابن فارس : والذي قاله الفراء صحيح وحجته : { إنما الولاء لمن أعتق } . قلت : ينبغي أن يكون الرد لأمر محقق أو مقدر , وإلا لورد عليه { إنما الأعمال بالنيات } ونحوه . [ ص: 240 ] من أحسن ما يستدل به أنها للحصر : قوله تعالى : { إنما يتقبل الله من المتقين } ; لأنه لم يتقبل من أخيه , فلو كان يتقبل من غير المتقين لم يجز الرد على الأخ بذلك , ولو كان المانع من عدم القبول فوات معنى في المتقرب به لا في الفاعل لم يحسن ذلك , فكأنه قال : استوينا في الفعل وانحصر القبول في بعلة التقوى , وكذلك قوله تعالى : { وإن تولوا فإنما عليك البلاغ } فإنها لو لم تكن للحصر لكان بمنزلة قولك : فإن تولوا فعليك البلاغ , وهو عليه البلاغ تولوا أم لا , وإنما الذي رتب على توليهم نفي غير البلاغ ليكون تسلية له أن توليهم لا يضره , وهكذا أمثال هذه الآية مما يقطع الناظر بفهم الحصر , كقوله تعالى : { أنما إلهكم إله واحد } { إنما الله إله واحد } { إنما أنت منذر } { إنما أنت نذير } { إنما تعبدون من دون الله أوثانا } { إنما مثل الحياة الدنيا } { إنما يأمركم بالسوء والفحشاء } { إنما البيع مثل الربا } { إنما الحياة الدنيا لعب ولهو } { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } { إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء } { إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله } { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه } { إنما الآيات عند الله } وقوله تعالى .

                    [ ص: 241 ] { إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين } { قل إنما يأتيكم به الله إن شاء } { قل إنما علمها عند ربي } فإنه إنما يحصل بها مطابقة الجواب إذا كانت " إنما " للحصر , ليكون معناها لا آتيكم إنما يأتي به الله , ولا أعلمها إنما يعلمها الله , وقوله : { ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس } قال ابن فارس : وزعم بعضهم مجيئها للتحقير تقول : إنما أنا بشر محقرا لنفسك , ورده بقوله تعالى : { إنما الله إله واحد } وحكى ابن بابشاذ عن بعض النحاة أنها تجيء للتعليل , واحتج بقول سيبويه : إنما سرت حتى أدخلها أنك إذا بيت السير وقيل : تجيء للتأكيد نحو إنما الرجل زيد . قال ابن دقيق العيد : والأقرب أنها فيه للحصر المجازي , أو بجعل المجاز في الألف واللام التي في الرجل بأن يستعمل للكمال ويحصر الكمال فيه
                    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي; 05-07-2007, 02:14 AM.

                    تعليق

                    • طارق شفيق حقي
                      المدير العام
                      • Dec 2003
                      • 11929

                      #40
                      رد: معاني الأدوات

                      للرفع

                      موضوع يستحق

                      تعليق

                      • ريمه عبد الإله الخاني
                        كاتب مسجل
                        • May 2007
                        • 349

                        #41
                        رد: معاني الأدوات

                        تسجيل مرور موضوع يستحق العودة مرارا

                        تعليق

                        يعمل...