رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي
غزة : شق الصراع الغاطس
بقلم: فهمي هويدي
..................
هذه أربع لقطات مختلفة المصادر توفر لنا بعض المفاتيح التي تساعدنا على فهم خلفيات الصراع الحاصل في الأرض المحتلة. ففي الأسبوع الماضي تناقلت وكالات الأنباء تقريرا مثيرا حول الجهود الحثيثة التي تبذلها الولايات المتحدة لتعزيز الحرس الرئاسي الفلسطيني (في الوقت الذي تمارس فيه واشنطون ضغوطا اخرى قوية لإحكام الحصار حول الشعب الفلسطيني وتجويعه). أشار التقرير الى ان وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس ناقشت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء اجتماعهما الأحد في رام الله ضرورة تحسين مستوى القوات الأمنية التابعة للرئاسة، التي تتلقى في الوقت الراهن تدريبات أمريكية، ومعدات أوروبية، وأسلحة مصرية وأردنية. كما تحدث عن انه بعد فوز حركة حماس فى الانتخابات التي تمت في شهر يناير/كانون الثانى الماضى. ارتفع عدد أفراد الحرس الرئاسى من 2500 عنصر الى ما بين 3500 و4000. وتهدف الخطة الامريكية الموضوعة الى زيادة حجم تلك القوات بحيث تضم 6000 عنصر. وقد عرضت الولايات المتحدة 20 مليون دولار لتمويل التوسع فى العدد ورفع كفاءة القوات، بحيث تقدم واشنطون نصف المبلغ، في حين يغطي النصف الآخر أصدقاء الولايات المتحدة في اوروبا والعالم العربي.
(حسب التقرير فعملية التعزيز جارية الآن على قدم وساق، حيث يجرى الآن بناء معسكر للتدريب خلف أسوار أريحا في الضفة الغربية على مساحة تقدر بحوالي 16 فدانا من المقرر الانتهاء منه بحلول يناير/كانون الثاني القادم، وهناك اتجاه لإقامة معسكر آخر في غزة. لكن عملية التدريب وتعزيز الحرس الرئاسي بالسلاح لم تنتظر بناء العسكريين. لان الامريكيين يتولون عملية تدريب تلك القوات منذ بداية صيف هذا العام في معسكر مقام حاليا بجوار اريحا على مساحة 1,2 فدان كما ذكر التقرير، الذي اشار الى ان الولايات المتحدة «تفاهمت» مع السلطات الاسرائيلية بشأن السماح لقوات الحرس الرئاسي بتلقي أسلحة وذخائر جديدة من مصر والأردن.
من الملاحظات اللافتة للانتباه التى أوردها التقرير، أن الدبلوماسيين الغربيين في الأرض المحتلة ذكروا ان كل تلك الخطوات محاطة بدرجة عالية من الكتمان، وان التدريبات التي يباشرها الخبراء الأمريكيون وشحنات الأسلحة التي تأتي من الاردن ومصر، وتمررها إسرائيل إلى الحرس الرئاسي، هذه الخطوات كلها يجري التعتيم عليها، لتفادي إحراج رئيس السلطة أمام الرأي العام الفلسطيني.
(اللقطة الثانية من النسخة العربية لموقع صحيفة «هآرتس» فى الاول من شهر اكتوبر/تشرين الحالي، حيث نقلت عن المصادر الإسرائيلية قولها إن الادارة الامريكية تعتزم القيام بسلسلة من «الخطوات الإبداعية» من اجل تعزيز مكانة الرئيس محمود عباس وإضعاف حركة حماس وحكومته، باعتبار أن ذلك يحقق مصلحة استراتيجية أمريكية في الطراز الاول. وقالت تلك المصادر ان تلك الخطوات ابلغتها واشنطون للحكومة الاسرائيلية لتكون تفصيلاتها موضع مناقشة اثناء زيارة وزيرة الخارجية الامريكية لتل أبيب، تمهيدا لحسم الأمر تماما، خلال الزيارة التي يفترض أن يقوم بها رئيس الوزراء الاسرائيلي لواشنطون في الشهر القادم. وطبقا لما ذكره موقع صحيفة هآرتس، فان الادارة الامريكية ترغب في تسوية للصراع بين اسرائيل والفلسطينيين، لكن بسبب ضعف موقف حكومة اولمرت بعد فشل العدوان على لبنان، الى جانب عدم قدرة الادارة الامريكية على ممارسة اي ضغط على تل ابيب بسبب قرب الانتخابات الجزئية للكونجرس وعدم رغبة الرئيس بوش في إغضاب جماعات الضغط اليهودية، الى جانب تولى حركة حماس الحكم في مناطق السلطة السلطة الفلسطينية، فإن كل هذه العوامل تجعل من المستحيل إجراء مفاوضات جدية للتوصل الى تسوية سياسة للقضية الفلسطينية. وحسب المصادر الاسرائيلية فان الخطة الامريكية «الابداعية» لتعزيز عباس واضعاف حركة حماس وحكومتها تتضمن الاجراءات التالية:
(استئناف ضخ المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية عن طريق ديوان ابو مازن، مع حرص الإدارة وجميع الجهات الممولة على التأكيد للجمهور الفلسطينى انه لا يوجد لحركة حماس أو حكومتها أى دور فى وصول هذه المساعدات وهو ما يعنى ايجاد آليات خاصة لتحويل وصرف أموال المساعدات، بحيث لا يكون لوزارات الحكومة الفلسطينية أي دور في استقبال وتوزيع وصرف هذه الأموال.
دعم وتعزيز الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تعمل تحت إمرة الرئيس عباس لاسيما جهاز حرس الرئاسة المعروف بـ«القوة 17»، والذي يخضع مباشرة لسيطرة عباس، في نفس الوقت يتم حرمان جهاز القوة التنفيذية الذي أنشأه وزير الداخلية الفلسطينية بعد تشكيل الحكومة الحالية من هذه المساعدات، مع العلم أن جهاز القوة التنفيذية هم من العناصر السابقين في الأذرع العسكرية لحركات المقاومة الفلسطينية، سيما «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة حماس. ويذكر أن الإدارة الأمريكية أقنعت الدول المانحة بأن يحصل منتسبو الأجهزة الأمنية على أعلى الرواتب بغض النظر عن الشهادات الأكاديمية التي يحصلون عليها. وقد فسر الاصرار الأمريكي في حينه على ان رغبة أمريكية في تكريس الطابع الأمني لعمل السلطة والمتمثل في مواجهة حركات المقاومة.
(تطبيق خطة «دايتون» التي تقوم على اعادة فتح المعابر الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل، بحيث يتم تطبيق نفس آليات العمل المتبعة في معبر رفح الحدودي الذي يصل قطاع غزة بمصر، بحيث يتمركز في هذه المعابر مراقبون دوليون، بالإضافة إلى عناصر من جهاز «حرس الرئاسة» التابع لأبو مازن.
(اللقطة الثالثة أوردتها القناة العاشرة للتليفزيون الاسرائيلى، التي بثت مساء يوم 3/10 الحالي حوارا مع وزير البنى التحتية وأحد ابرز قادة حزب العمل بنيامين اليعازر، علق فيه على المواجهات الحاصلة في غزة بين حركتي فتح وحماس، قائلا: إنني أصلي من اجل ان تنتصر حركة فتح في هذه المواجهة، لأنه من المهم جدا لاسرائيل ان تخرج حركة حماس خاسرة بشكل واضح. وأضاف الرجل الذي سبق أن تولى منصب وزير الحرب قائلا: انه يتوجب على اسرائيل ان تمد يد العون لحركة فتح ولابو مازن، الذي يتزعم معسكر الاعتدال في الساحة الفلسطينية. واعتبر ان المواجهات الحالية يمكن ان توفر فرصة لتجاوز نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وإيجاد قيادة أخرى يمكن أن تشكل عنوانا مناسبا لاسرائيل. \ هذا الموقف عبر عنه بكلمات اخرى شمعون بيريز القائم بأعمال رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي قال في اتصال هاتفي اجرته معه الاذاعة الاسرائيلية العامة صبيحة يوم 4/10 ان الاخبار الواردة من الضفة الغربية وقطاع غزة «تبعث على الارتياح، لأنها تدل على أن معسكر الاعتدال الفلسطيني حي ويتنفس».
اللقطة الرابعة فى الصحافة الاسرائيلية فقد نشرت صحيف هآرتس في 4/10 مقالة مهمة لمراسلتها في الضفة الغربية وقطاع غزة عميرة هاس، شددت فيها على أن هناك تحالفا بين اسرائيل وبين المسئولين عن تنظيم الاحتجاجات على حكومة حماس. وقالت إن كلا من اسرائيل ومنظمي عمليات الاحتجاج لهم هدف واحد هو: إزاحة حركة حماس عن الحكم، لأن ذلك من شأنه ان يسمح باستنئاف المفاوضات المضللة مع السلطة والتي توظفها اسرائيل في التغطية على عمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية الى جانب عمليات القمع. وشددت هاس على انه مقابل ذلك يقوم العالم بدفع الأموال للشعب الفلسطيني لكي يغض الطرف عن ممارسات اسرائيل. وأكدت ان اسرائيل هي المسؤولة عن الأزمة المالية الخانقة في السلطة وليس حكومة حماس، التي تقوم بفرض الاغلاقات والحصار وتسجن مئات الآلاف من الفلسطينيين في زنزانة كبيرة، إلى جانب سرقة أموال السلطة التى تجبيها لصالحها كضرائب على البضائع التي تستورد لمناطق السلطة. وحذرت هاس الحكومة الاسرائيلية من مغبة الرهانات الخاسرة، مشددة على أنه بدون موافقة اسرائيل على اقامة دولة فلسطينية مستقلة فإنه لا يوجد امكانية ان يسود الهدوء في المنطقة.
(من ناحية ثانية قال الصحافي روني شاكيد فى صحيفة «يديعوت احرونوت» ان ابو مازن يريد ان يفهم قادة حماس الآن بأنه من الأفضل لهم الموافقة على انتخابات عامة جديدة أو الاعلان عن وضع طوارئ واقامة حكومة مؤقتة حتى موعد الانتخابات القادمة بعد ثلاث سنوات، وهو الذي وظف عمليات العنف الاخيرة من اجل اقناع حماس بالتنازل عن الحكم، وخلص إلى القول بأن احراق مكاتب «حماس» واحراق مكاتب الحكومة، ومحاولات اغتيال وزراء ومسئولين كبار، والإضراب العام وتهديد حياة زعماء «حماس» هي ليست مجرد معارك شوارع، بل تمرد وانقلاب. ودعا شاكيد الحكومة الاسرائلية الى الحذر في تدخلها في الشأن الفلسطيني، مشيرا الى ان «التدخل الاسرائيلي لصالح أبو مازن يجب ان يكون حكيما وناجحا» ومنبها الى ان «أي عمل عسكري شاذ في غزة سيوحد الفلسطينيين ضد اسرائيل ويعزز موقف حماس». كثيرة هي المعاني التي تتداعى الى ذهن المرء وهو يستعرض هذه اللقطات لعل أبرزها ان الصراع الحاصل في غزة والضفة ليس بين فتح وحماس كما تشير الأنباء، وليس فقط بين أطراف في السلطة مصرة على استعادة مكانتها ومستعدة في سبيل ذلك لتحدي ارادة الشعب الفلسطيني الذي أوصلت حكومة حماس الى السلطة. ولكن شقا غامضا تقوم فيه الولايات المتحدة واسرائيل بدور المحرك والراعي والداعم المباشر وغير المباشر، وهدفه ليس اسقاط حكومة حماس، ولكن هدفه الحقيقي هو توفير فرصة مواتية لتصفية القضية الفلسطينية برمتها.
.............................
*الشرق الأوسط ـ في 11/10/2006م
غزة : شق الصراع الغاطس
بقلم: فهمي هويدي
..................
هذه أربع لقطات مختلفة المصادر توفر لنا بعض المفاتيح التي تساعدنا على فهم خلفيات الصراع الحاصل في الأرض المحتلة. ففي الأسبوع الماضي تناقلت وكالات الأنباء تقريرا مثيرا حول الجهود الحثيثة التي تبذلها الولايات المتحدة لتعزيز الحرس الرئاسي الفلسطيني (في الوقت الذي تمارس فيه واشنطون ضغوطا اخرى قوية لإحكام الحصار حول الشعب الفلسطيني وتجويعه). أشار التقرير الى ان وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس ناقشت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء اجتماعهما الأحد في رام الله ضرورة تحسين مستوى القوات الأمنية التابعة للرئاسة، التي تتلقى في الوقت الراهن تدريبات أمريكية، ومعدات أوروبية، وأسلحة مصرية وأردنية. كما تحدث عن انه بعد فوز حركة حماس فى الانتخابات التي تمت في شهر يناير/كانون الثانى الماضى. ارتفع عدد أفراد الحرس الرئاسى من 2500 عنصر الى ما بين 3500 و4000. وتهدف الخطة الامريكية الموضوعة الى زيادة حجم تلك القوات بحيث تضم 6000 عنصر. وقد عرضت الولايات المتحدة 20 مليون دولار لتمويل التوسع فى العدد ورفع كفاءة القوات، بحيث تقدم واشنطون نصف المبلغ، في حين يغطي النصف الآخر أصدقاء الولايات المتحدة في اوروبا والعالم العربي.
(حسب التقرير فعملية التعزيز جارية الآن على قدم وساق، حيث يجرى الآن بناء معسكر للتدريب خلف أسوار أريحا في الضفة الغربية على مساحة تقدر بحوالي 16 فدانا من المقرر الانتهاء منه بحلول يناير/كانون الثاني القادم، وهناك اتجاه لإقامة معسكر آخر في غزة. لكن عملية التدريب وتعزيز الحرس الرئاسي بالسلاح لم تنتظر بناء العسكريين. لان الامريكيين يتولون عملية تدريب تلك القوات منذ بداية صيف هذا العام في معسكر مقام حاليا بجوار اريحا على مساحة 1,2 فدان كما ذكر التقرير، الذي اشار الى ان الولايات المتحدة «تفاهمت» مع السلطات الاسرائيلية بشأن السماح لقوات الحرس الرئاسي بتلقي أسلحة وذخائر جديدة من مصر والأردن.
من الملاحظات اللافتة للانتباه التى أوردها التقرير، أن الدبلوماسيين الغربيين في الأرض المحتلة ذكروا ان كل تلك الخطوات محاطة بدرجة عالية من الكتمان، وان التدريبات التي يباشرها الخبراء الأمريكيون وشحنات الأسلحة التي تأتي من الاردن ومصر، وتمررها إسرائيل إلى الحرس الرئاسي، هذه الخطوات كلها يجري التعتيم عليها، لتفادي إحراج رئيس السلطة أمام الرأي العام الفلسطيني.
(اللقطة الثانية من النسخة العربية لموقع صحيفة «هآرتس» فى الاول من شهر اكتوبر/تشرين الحالي، حيث نقلت عن المصادر الإسرائيلية قولها إن الادارة الامريكية تعتزم القيام بسلسلة من «الخطوات الإبداعية» من اجل تعزيز مكانة الرئيس محمود عباس وإضعاف حركة حماس وحكومته، باعتبار أن ذلك يحقق مصلحة استراتيجية أمريكية في الطراز الاول. وقالت تلك المصادر ان تلك الخطوات ابلغتها واشنطون للحكومة الاسرائيلية لتكون تفصيلاتها موضع مناقشة اثناء زيارة وزيرة الخارجية الامريكية لتل أبيب، تمهيدا لحسم الأمر تماما، خلال الزيارة التي يفترض أن يقوم بها رئيس الوزراء الاسرائيلي لواشنطون في الشهر القادم. وطبقا لما ذكره موقع صحيفة هآرتس، فان الادارة الامريكية ترغب في تسوية للصراع بين اسرائيل والفلسطينيين، لكن بسبب ضعف موقف حكومة اولمرت بعد فشل العدوان على لبنان، الى جانب عدم قدرة الادارة الامريكية على ممارسة اي ضغط على تل ابيب بسبب قرب الانتخابات الجزئية للكونجرس وعدم رغبة الرئيس بوش في إغضاب جماعات الضغط اليهودية، الى جانب تولى حركة حماس الحكم في مناطق السلطة السلطة الفلسطينية، فإن كل هذه العوامل تجعل من المستحيل إجراء مفاوضات جدية للتوصل الى تسوية سياسة للقضية الفلسطينية. وحسب المصادر الاسرائيلية فان الخطة الامريكية «الابداعية» لتعزيز عباس واضعاف حركة حماس وحكومتها تتضمن الاجراءات التالية:
(استئناف ضخ المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية عن طريق ديوان ابو مازن، مع حرص الإدارة وجميع الجهات الممولة على التأكيد للجمهور الفلسطينى انه لا يوجد لحركة حماس أو حكومتها أى دور فى وصول هذه المساعدات وهو ما يعنى ايجاد آليات خاصة لتحويل وصرف أموال المساعدات، بحيث لا يكون لوزارات الحكومة الفلسطينية أي دور في استقبال وتوزيع وصرف هذه الأموال.
دعم وتعزيز الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تعمل تحت إمرة الرئيس عباس لاسيما جهاز حرس الرئاسة المعروف بـ«القوة 17»، والذي يخضع مباشرة لسيطرة عباس، في نفس الوقت يتم حرمان جهاز القوة التنفيذية الذي أنشأه وزير الداخلية الفلسطينية بعد تشكيل الحكومة الحالية من هذه المساعدات، مع العلم أن جهاز القوة التنفيذية هم من العناصر السابقين في الأذرع العسكرية لحركات المقاومة الفلسطينية، سيما «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة حماس. ويذكر أن الإدارة الأمريكية أقنعت الدول المانحة بأن يحصل منتسبو الأجهزة الأمنية على أعلى الرواتب بغض النظر عن الشهادات الأكاديمية التي يحصلون عليها. وقد فسر الاصرار الأمريكي في حينه على ان رغبة أمريكية في تكريس الطابع الأمني لعمل السلطة والمتمثل في مواجهة حركات المقاومة.
(تطبيق خطة «دايتون» التي تقوم على اعادة فتح المعابر الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل، بحيث يتم تطبيق نفس آليات العمل المتبعة في معبر رفح الحدودي الذي يصل قطاع غزة بمصر، بحيث يتمركز في هذه المعابر مراقبون دوليون، بالإضافة إلى عناصر من جهاز «حرس الرئاسة» التابع لأبو مازن.
(اللقطة الثالثة أوردتها القناة العاشرة للتليفزيون الاسرائيلى، التي بثت مساء يوم 3/10 الحالي حوارا مع وزير البنى التحتية وأحد ابرز قادة حزب العمل بنيامين اليعازر، علق فيه على المواجهات الحاصلة في غزة بين حركتي فتح وحماس، قائلا: إنني أصلي من اجل ان تنتصر حركة فتح في هذه المواجهة، لأنه من المهم جدا لاسرائيل ان تخرج حركة حماس خاسرة بشكل واضح. وأضاف الرجل الذي سبق أن تولى منصب وزير الحرب قائلا: انه يتوجب على اسرائيل ان تمد يد العون لحركة فتح ولابو مازن، الذي يتزعم معسكر الاعتدال في الساحة الفلسطينية. واعتبر ان المواجهات الحالية يمكن ان توفر فرصة لتجاوز نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وإيجاد قيادة أخرى يمكن أن تشكل عنوانا مناسبا لاسرائيل. \ هذا الموقف عبر عنه بكلمات اخرى شمعون بيريز القائم بأعمال رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي قال في اتصال هاتفي اجرته معه الاذاعة الاسرائيلية العامة صبيحة يوم 4/10 ان الاخبار الواردة من الضفة الغربية وقطاع غزة «تبعث على الارتياح، لأنها تدل على أن معسكر الاعتدال الفلسطيني حي ويتنفس».
اللقطة الرابعة فى الصحافة الاسرائيلية فقد نشرت صحيف هآرتس في 4/10 مقالة مهمة لمراسلتها في الضفة الغربية وقطاع غزة عميرة هاس، شددت فيها على أن هناك تحالفا بين اسرائيل وبين المسئولين عن تنظيم الاحتجاجات على حكومة حماس. وقالت إن كلا من اسرائيل ومنظمي عمليات الاحتجاج لهم هدف واحد هو: إزاحة حركة حماس عن الحكم، لأن ذلك من شأنه ان يسمح باستنئاف المفاوضات المضللة مع السلطة والتي توظفها اسرائيل في التغطية على عمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية الى جانب عمليات القمع. وشددت هاس على انه مقابل ذلك يقوم العالم بدفع الأموال للشعب الفلسطيني لكي يغض الطرف عن ممارسات اسرائيل. وأكدت ان اسرائيل هي المسؤولة عن الأزمة المالية الخانقة في السلطة وليس حكومة حماس، التي تقوم بفرض الاغلاقات والحصار وتسجن مئات الآلاف من الفلسطينيين في زنزانة كبيرة، إلى جانب سرقة أموال السلطة التى تجبيها لصالحها كضرائب على البضائع التي تستورد لمناطق السلطة. وحذرت هاس الحكومة الاسرائيلية من مغبة الرهانات الخاسرة، مشددة على أنه بدون موافقة اسرائيل على اقامة دولة فلسطينية مستقلة فإنه لا يوجد امكانية ان يسود الهدوء في المنطقة.
(من ناحية ثانية قال الصحافي روني شاكيد فى صحيفة «يديعوت احرونوت» ان ابو مازن يريد ان يفهم قادة حماس الآن بأنه من الأفضل لهم الموافقة على انتخابات عامة جديدة أو الاعلان عن وضع طوارئ واقامة حكومة مؤقتة حتى موعد الانتخابات القادمة بعد ثلاث سنوات، وهو الذي وظف عمليات العنف الاخيرة من اجل اقناع حماس بالتنازل عن الحكم، وخلص إلى القول بأن احراق مكاتب «حماس» واحراق مكاتب الحكومة، ومحاولات اغتيال وزراء ومسئولين كبار، والإضراب العام وتهديد حياة زعماء «حماس» هي ليست مجرد معارك شوارع، بل تمرد وانقلاب. ودعا شاكيد الحكومة الاسرائلية الى الحذر في تدخلها في الشأن الفلسطيني، مشيرا الى ان «التدخل الاسرائيلي لصالح أبو مازن يجب ان يكون حكيما وناجحا» ومنبها الى ان «أي عمل عسكري شاذ في غزة سيوحد الفلسطينيين ضد اسرائيل ويعزز موقف حماس». كثيرة هي المعاني التي تتداعى الى ذهن المرء وهو يستعرض هذه اللقطات لعل أبرزها ان الصراع الحاصل في غزة والضفة ليس بين فتح وحماس كما تشير الأنباء، وليس فقط بين أطراف في السلطة مصرة على استعادة مكانتها ومستعدة في سبيل ذلك لتحدي ارادة الشعب الفلسطيني الذي أوصلت حكومة حماس الى السلطة. ولكن شقا غامضا تقوم فيه الولايات المتحدة واسرائيل بدور المحرك والراعي والداعم المباشر وغير المباشر، وهدفه ليس اسقاط حكومة حماس، ولكن هدفه الحقيقي هو توفير فرصة مواتية لتصفية القضية الفلسطينية برمتها.
.............................
*الشرق الأوسط ـ في 11/10/2006م
تعليق