رؤية العواد النقدية (2/1) / د. محمد الصفراني@
إن تأريخ كتابة العواد مدونته النقدية لا يقل أهمية عن تأريخ 1921م الذي نشر فيه نص "تحت أفياء اللواء" في صحيفة القبلة. وقد حدد العواد تأريخ بداية كتابة مدونته النقدية في معرض حديثه عن الجزء المهم من تلك المدونة وهو كتاب "خواطر مصرحة" حيث يقول "كتبته في ثنايا أيام سنة 1344ه 1926م وكنت أستقبل السنة العشرين من حياتي وكان أسلوبي فيه أسلوب المتعلم الثائر على منهج تعليمه" 1.ويضاف إلى كتاب الخواطر كتاب "الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية"، ومقدمات دواوين العواد الشعرية التي بث قيها آراءه النقدية مبلورا من خلالها ومن خلال كتابيه ما اسميته مدونة العواد النقدية. فقد كان العواد يحرص على كتابة مقدمات دواوينه الشعرية بنفسه بخلاف غيره من شعراء المملكة "وإذا كان بعض الرواد من أدباء المملكة في بحثهم عن الانتشار والشهرة قد جعلوا كبار أدباء الوطن العربي يكتبون مقدمات دواوينهم وكتبهم فإن العواد قد آثر أن يكتب مقدماته بنفسه وقد يكون الباعث من وراء ذلك رغبته في بسط آرائه النقدية وإحساسه العميق بمكانته الأدبية والتي لا تقل - في نظره على الأقل - عن مكانة الأدباء العرب خارج بلاده كالعقاد، وطه حسين، ومحمد حسين هيكل، وغيرهم" 2ومن هنا نستنتج أن إبداع العواد الشعر الحر قد سبق تنظيره له بخمس سنوات.
إن خطاب العواد في مجمله يقوم على الدعوة إلى التحرر والانعتاق من التصورات المسبقة والأحكام القبلية للقضايا الراهنة من خلال إعمال النظرة الواقعية البراجماتية التي تنبع من الموضوع في ذاته ومن أجل ذاته. فهو يرى أنه "يجب أن نكون متحررين في ألسنتنا، وفي أقلامنا، وفي تفكيرنا، وفي دفاعنا" 3.ويستعمل العواد مصطلحات متعددة مثل: التحرر، والثورة، والعصرية، والتجديد، للدلالة على مفهوم واحد هو (التطور) ويعرف العواد التطور بقوله "إن التطور هو الانسلاخ من الماضي بما له وما عليه" 4.ومفهوم التطور عند العواد يشبه - إلى حد ما - ما يعرف في أيامنا هذه بالحداثة بوصفها حالة من التجديد الواعي الذي يترتب عليه التقدم نحو الأفضل في شتى الميادين. ولذلك اختار العواد لنفسه طريق التطور عندما قدمت له هزازة الهديتين: "جاءت هزازة يوما لإيقاظ فكري، هزازة الجنية رسولة الخير والشر والباطل والحق، هزازة ملاك الوحي والشعر والإلهام رأيت في إحدى يديها مشعلا ناريا وسيفا مسلولا يبرق ويضيء ولكنه يرسل شررا، وفي الأخرى رأيت صفحة حلوى وكوبا من الماء العذب الفرات. وإذ قدمت هزازة نحوي هديتها مددت يدي وتناولت الهدية الأولى مؤثرا مشعل النار لأننا في ظلمات، وسيف الحرب لأننا في بدء تكوين ثورة فكرية - هي ثورة الجديد على القديم، والحرية على التقليد - وبالرغم من هذا فالرأي العام في بني قومي لا يريد إلا حلوى" 5.وقد حمل العواد مشعل النار وسيف الحرب معلنا بدء حركته الأدبية: "كفى يا أدباء الحجاز أن لا نزال مقلدين حجريين إلى الممات ؟ وأقسم لولا حركة عصرية في الأدب تقوم الآن في الحجاز بهمة لفيف من أحرار الأدب العصري الحديث لما عرف العالم شيئا في الحجاز يدعى الأدب الصحيح" 6.وقد كانت الحركة العصرية في الأدب التي انطلقت في الحجاز هي حركة الشعر الحر.
ولكي يعرف العواد بحركة الشعر الحر أقدم على صياغة نظرية نقدية بلور فيها المفاهيم الرئيسة الصانعة لحركة الشعر الحر. وقد انطلقت حركة الشعر الحر لدى العواد من قضية مركزية هي قضية الشكل الشعري ومتطلبات المرحلة الجديدة من حياة الشعر والشعراء. فهي النواة التي بنى عليها اعتراضه على القصيدة العمودية. إذ يرى العواد أن الموضوعات الحديثة التي جدت ونادى بها تتطلب نظاما موسيقيا على نفس مستواها من الجدة. ويرى أن القصيدة العمودية لم تعد تلائم مستجدات المرحلة، وأن تكرارها سيفضي إلى تكرار الروح واللغة والموضوعات القديمة مما يبقي الشعر في دائرة الماضي الذي ينشد العواد الخلاص منه نحو ارتياد آفاق جديدة. وبتتبع آراء العواد النقدية نستطيع نسج خيوط نظريته في الشعر الحر التي تتضمن مجموعة من القضايا المهمة مثل: مفهوم الشعر الحر وشكله وأوزانه وقوافيه، ومقياس الشعر الحر، وقضية الإلهام، وعناصر الشعر، ووظيفته، ورسالته، وموضوعاته وقضية الوحدة العضوية بحيث تشكل هذه القضايا في مجملها نظرية العواد في الشعر الحر.
يقارب العواد مفهوم الشعر الحر من خلال موسيقى الشعر فيرى أن "للشعر نوعان من الموسيقى، نوع داخلي يحس به الشاعر الموهوب داخل أعماقه، ويسمى الموسيقى الداخلية. ونوع خارجي تحققه الكلمات والأداء التعبيري العام وتحدده الأوزان والقوافي وهذا النوع الأخير هو الذي يتناوله علم العروض" 7.فالعواد يحدد موسيقى الشعر في أربعة جوانب هي: الكلمات، والتعبير الشعري العام، والأوزان، والقوافي. من غير أن يلتفت إلى جانب المعنى. ويشير العواد إلى وجود طبيعتين مختلفتين للشعر والعروض "فطبيعة الشعر تتصل بالروح والنفس وما فيها من أفكار ومشاعر وخلجات وهذه أشياء داخلية. أما طبيعة العروض فتتصل بالعمليات الفنية الخارجية التي تباشر قوالب الشعر، وليس الشعر ذاته وهذه العمليات هي أساليب لنظم الشعر" 8.ويؤكد العواد أن النظم / الوزن العروضي ليس من شروط الشعر حيث يقول "ليس باللازم أن لا يكون الشعر إلا منظوما"9، محددا قيود الشعر حيث يقول "وقيود الشعر المقيد - عندي - هي القافية والبحر والتفعيلة: فالبحر هو الوزن العام لكل القصيدة في مجموعها. أما التفعيلة فهي الوزن الخاص لكل بيت من أبيات القصيدة. وقد تشترك عدة أبيات في وزن واحد خاص. وهذه القيود كما هو ظاهر قيود تتناول شكل الشعر ليس إلا ولا تمس مضمونه بشيء فالوزن والمعنى والفكرة والهدف والإشارات والأوحاء يجب أن تنطلق. أن تتحرر. أن لا تخضع لشيء من خطط القدماء أو سياسة ذوي السلطة الزمنية أو السلطة الروحية إن كان لهذه وجود بعد" 10.فالدعوة إلى انطلاق (الوزن، والمعنى، والفكرة، والهدف، والإشارات، والأوحاء) والإبقاء على (التفعيلة كوحدة موسيقية) هي أسس حركة الشعر الحر التي تزعمها العواد الذي يرى أن الشعر الحر هو "الذي يقوم على التفعيلة الخليلية" 11ولذا فإن "الخليل بن أحمد الفراهيدي هو مبتكر الأساس الذي يقوم عليه بناء الشعر الحر"
12.ويرى العواد أن الشعر الحر "موزون مقفى" 13ويقصد بالوزن التفعيلة ويقصد بالقافية "تلك القافية الرشيقة التي يترك اختيارها للمعنى وللجرس الموسيقي الخارجي وللانسجام العام مع هيكل ما قبلها وما بعدها من القوافي انسجاما موسيقيا لا لفظيا" 14.وبعد أن يحدد العواد أسس ومبادئ حركة الشعر الحر يثور على شكل القصيدة التي كان يكتبها معاصروه حيث يقول "ولكن أين الشعر الذي تنظمونه أو تروونه ؟ هل تلمسه في تخميس أو تشطير أو تشجير. أواه: كل هذا أيها المتشاعرون صديد فكري، وقيوء لو أنفق العمر أجمعه في مثلها لما وصل الناظم إلى الشعر. الشعر جميل، أما أمثال هذا فلا... ما الشعر إلا روح متمردة شيطانية عاتية تأبى أن تسكن أمثال هذه الخرائب البالية المتحطمة. الشعر روح سام يهبط من السماء فإن وجد في الأرض مستقرات وأكسية من الألفاظ تليق بعظمته وسموه وإلا عاد أدراجه طائرا إلى حيث مقر الأملاك. أو مباءة الشياطين. ليس الشعر ألفاظا ومعاني فقط وإنما الشعر أمر آخر وراء الألفاظ والمعاني وفوق الأفكار والتعابير" 15.فالعواد يركز على شكل الشعر الحر في تعريفه للشعر نابذا كل أشكال الشعر المهترئة من تشجير وتخميس وتشطير مرورا بشكل القصيدة العمودية. فشكل الشعر الحر هو الأثير لدى العواد، وهو الذي رافقه منذ أول حرف خطه في مملكة الشعر حيث يقول "بدأت أنظم بعد أن شعرت فعلا بالشعر، ولم يكن شعري كله نظما، بل كان يبرز مع النظم الشعر المنثور والشعر المطلق (أو المرسل). والشعر الحر وكنت أنظم - إذا نظمت - على بعض الأوزان دون البعض الآخر، وقد تعلمتها من النماذج الشعرية دون أن أعرف أسماءها وقواعدها" 16.ويقول في مقدمة ديوان البراعم "ولم أكن أعرف الشعور الأوتوماتيكي الرتيب، أو ما يسمونه نظم الشعر، ولكني كنت أبحث جاهدا عن القوالب وطرق التعبير" 17وقد تمثل شعر العواد الحر في بداياته الشعرية في النماذج التي عرضناها في مدونته الشعرية مثل نص "تحت أفياء اللواء"، و"نطلب العزة أو يهراق دم" وما تلاهما من نصوص من الشعر الحر ضمنها دواوينه المطبوعة.
@ جامعة طيبة
M_alsafrani@hotmail.com
- 1عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص / ج
2- عقاد - آمنة عبدالحميد - محمد حسن عواد شاعرا - ص
3104- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ط2- ص
4115- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص
532- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص
619- عواد، محمد حسن- خواطر مصرحة - ص
751- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ط1- دار الطباعة الحديثة - د ت - ص
825- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
9165- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
1059- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- في الأفق الملتهب - ص
1165- عواد محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
1249- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
1316- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
14109- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
15110- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص 30-
1633- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 2- رؤى أبو لون - ص
17252- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- البراعم - ص 101
المصدر
إن خطاب العواد في مجمله يقوم على الدعوة إلى التحرر والانعتاق من التصورات المسبقة والأحكام القبلية للقضايا الراهنة من خلال إعمال النظرة الواقعية البراجماتية التي تنبع من الموضوع في ذاته ومن أجل ذاته. فهو يرى أنه "يجب أن نكون متحررين في ألسنتنا، وفي أقلامنا، وفي تفكيرنا، وفي دفاعنا" 3.ويستعمل العواد مصطلحات متعددة مثل: التحرر، والثورة، والعصرية، والتجديد، للدلالة على مفهوم واحد هو (التطور) ويعرف العواد التطور بقوله "إن التطور هو الانسلاخ من الماضي بما له وما عليه" 4.ومفهوم التطور عند العواد يشبه - إلى حد ما - ما يعرف في أيامنا هذه بالحداثة بوصفها حالة من التجديد الواعي الذي يترتب عليه التقدم نحو الأفضل في شتى الميادين. ولذلك اختار العواد لنفسه طريق التطور عندما قدمت له هزازة الهديتين: "جاءت هزازة يوما لإيقاظ فكري، هزازة الجنية رسولة الخير والشر والباطل والحق، هزازة ملاك الوحي والشعر والإلهام رأيت في إحدى يديها مشعلا ناريا وسيفا مسلولا يبرق ويضيء ولكنه يرسل شررا، وفي الأخرى رأيت صفحة حلوى وكوبا من الماء العذب الفرات. وإذ قدمت هزازة نحوي هديتها مددت يدي وتناولت الهدية الأولى مؤثرا مشعل النار لأننا في ظلمات، وسيف الحرب لأننا في بدء تكوين ثورة فكرية - هي ثورة الجديد على القديم، والحرية على التقليد - وبالرغم من هذا فالرأي العام في بني قومي لا يريد إلا حلوى" 5.وقد حمل العواد مشعل النار وسيف الحرب معلنا بدء حركته الأدبية: "كفى يا أدباء الحجاز أن لا نزال مقلدين حجريين إلى الممات ؟ وأقسم لولا حركة عصرية في الأدب تقوم الآن في الحجاز بهمة لفيف من أحرار الأدب العصري الحديث لما عرف العالم شيئا في الحجاز يدعى الأدب الصحيح" 6.وقد كانت الحركة العصرية في الأدب التي انطلقت في الحجاز هي حركة الشعر الحر.
ولكي يعرف العواد بحركة الشعر الحر أقدم على صياغة نظرية نقدية بلور فيها المفاهيم الرئيسة الصانعة لحركة الشعر الحر. وقد انطلقت حركة الشعر الحر لدى العواد من قضية مركزية هي قضية الشكل الشعري ومتطلبات المرحلة الجديدة من حياة الشعر والشعراء. فهي النواة التي بنى عليها اعتراضه على القصيدة العمودية. إذ يرى العواد أن الموضوعات الحديثة التي جدت ونادى بها تتطلب نظاما موسيقيا على نفس مستواها من الجدة. ويرى أن القصيدة العمودية لم تعد تلائم مستجدات المرحلة، وأن تكرارها سيفضي إلى تكرار الروح واللغة والموضوعات القديمة مما يبقي الشعر في دائرة الماضي الذي ينشد العواد الخلاص منه نحو ارتياد آفاق جديدة. وبتتبع آراء العواد النقدية نستطيع نسج خيوط نظريته في الشعر الحر التي تتضمن مجموعة من القضايا المهمة مثل: مفهوم الشعر الحر وشكله وأوزانه وقوافيه، ومقياس الشعر الحر، وقضية الإلهام، وعناصر الشعر، ووظيفته، ورسالته، وموضوعاته وقضية الوحدة العضوية بحيث تشكل هذه القضايا في مجملها نظرية العواد في الشعر الحر.
يقارب العواد مفهوم الشعر الحر من خلال موسيقى الشعر فيرى أن "للشعر نوعان من الموسيقى، نوع داخلي يحس به الشاعر الموهوب داخل أعماقه، ويسمى الموسيقى الداخلية. ونوع خارجي تحققه الكلمات والأداء التعبيري العام وتحدده الأوزان والقوافي وهذا النوع الأخير هو الذي يتناوله علم العروض" 7.فالعواد يحدد موسيقى الشعر في أربعة جوانب هي: الكلمات، والتعبير الشعري العام، والأوزان، والقوافي. من غير أن يلتفت إلى جانب المعنى. ويشير العواد إلى وجود طبيعتين مختلفتين للشعر والعروض "فطبيعة الشعر تتصل بالروح والنفس وما فيها من أفكار ومشاعر وخلجات وهذه أشياء داخلية. أما طبيعة العروض فتتصل بالعمليات الفنية الخارجية التي تباشر قوالب الشعر، وليس الشعر ذاته وهذه العمليات هي أساليب لنظم الشعر" 8.ويؤكد العواد أن النظم / الوزن العروضي ليس من شروط الشعر حيث يقول "ليس باللازم أن لا يكون الشعر إلا منظوما"9، محددا قيود الشعر حيث يقول "وقيود الشعر المقيد - عندي - هي القافية والبحر والتفعيلة: فالبحر هو الوزن العام لكل القصيدة في مجموعها. أما التفعيلة فهي الوزن الخاص لكل بيت من أبيات القصيدة. وقد تشترك عدة أبيات في وزن واحد خاص. وهذه القيود كما هو ظاهر قيود تتناول شكل الشعر ليس إلا ولا تمس مضمونه بشيء فالوزن والمعنى والفكرة والهدف والإشارات والأوحاء يجب أن تنطلق. أن تتحرر. أن لا تخضع لشيء من خطط القدماء أو سياسة ذوي السلطة الزمنية أو السلطة الروحية إن كان لهذه وجود بعد" 10.فالدعوة إلى انطلاق (الوزن، والمعنى، والفكرة، والهدف، والإشارات، والأوحاء) والإبقاء على (التفعيلة كوحدة موسيقية) هي أسس حركة الشعر الحر التي تزعمها العواد الذي يرى أن الشعر الحر هو "الذي يقوم على التفعيلة الخليلية" 11ولذا فإن "الخليل بن أحمد الفراهيدي هو مبتكر الأساس الذي يقوم عليه بناء الشعر الحر"
12.ويرى العواد أن الشعر الحر "موزون مقفى" 13ويقصد بالوزن التفعيلة ويقصد بالقافية "تلك القافية الرشيقة التي يترك اختيارها للمعنى وللجرس الموسيقي الخارجي وللانسجام العام مع هيكل ما قبلها وما بعدها من القوافي انسجاما موسيقيا لا لفظيا" 14.وبعد أن يحدد العواد أسس ومبادئ حركة الشعر الحر يثور على شكل القصيدة التي كان يكتبها معاصروه حيث يقول "ولكن أين الشعر الذي تنظمونه أو تروونه ؟ هل تلمسه في تخميس أو تشطير أو تشجير. أواه: كل هذا أيها المتشاعرون صديد فكري، وقيوء لو أنفق العمر أجمعه في مثلها لما وصل الناظم إلى الشعر. الشعر جميل، أما أمثال هذا فلا... ما الشعر إلا روح متمردة شيطانية عاتية تأبى أن تسكن أمثال هذه الخرائب البالية المتحطمة. الشعر روح سام يهبط من السماء فإن وجد في الأرض مستقرات وأكسية من الألفاظ تليق بعظمته وسموه وإلا عاد أدراجه طائرا إلى حيث مقر الأملاك. أو مباءة الشياطين. ليس الشعر ألفاظا ومعاني فقط وإنما الشعر أمر آخر وراء الألفاظ والمعاني وفوق الأفكار والتعابير" 15.فالعواد يركز على شكل الشعر الحر في تعريفه للشعر نابذا كل أشكال الشعر المهترئة من تشجير وتخميس وتشطير مرورا بشكل القصيدة العمودية. فشكل الشعر الحر هو الأثير لدى العواد، وهو الذي رافقه منذ أول حرف خطه في مملكة الشعر حيث يقول "بدأت أنظم بعد أن شعرت فعلا بالشعر، ولم يكن شعري كله نظما، بل كان يبرز مع النظم الشعر المنثور والشعر المطلق (أو المرسل). والشعر الحر وكنت أنظم - إذا نظمت - على بعض الأوزان دون البعض الآخر، وقد تعلمتها من النماذج الشعرية دون أن أعرف أسماءها وقواعدها" 16.ويقول في مقدمة ديوان البراعم "ولم أكن أعرف الشعور الأوتوماتيكي الرتيب، أو ما يسمونه نظم الشعر، ولكني كنت أبحث جاهدا عن القوالب وطرق التعبير" 17وقد تمثل شعر العواد الحر في بداياته الشعرية في النماذج التي عرضناها في مدونته الشعرية مثل نص "تحت أفياء اللواء"، و"نطلب العزة أو يهراق دم" وما تلاهما من نصوص من الشعر الحر ضمنها دواوينه المطبوعة.
@ جامعة طيبة
M_alsafrani@hotmail.com
- 1عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص / ج
2- عقاد - آمنة عبدالحميد - محمد حسن عواد شاعرا - ص
3104- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ط2- ص
4115- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص
532- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص
619- عواد، محمد حسن- خواطر مصرحة - ص
751- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ط1- دار الطباعة الحديثة - د ت - ص
825- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
9165- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
1059- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- في الأفق الملتهب - ص
1165- عواد محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
1249- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
1316- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
14109- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص
15110- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص 30-
1633- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 2- رؤى أبو لون - ص
17252- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- البراعم - ص 101
المصدر
تعليق