الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. حسين علي محمد
    كاتب مسجل
    • Jun 2006
    • 1123

    #16
    رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

    المومس العمياء .. وخيانة الشيوعيين !

    بقلم: أ.د. حلمى محمد القاعود
    ................................

    الشاعر العراقى الراحل " بدر شاكر السياب " ( 1924-1964م ) ، من رواد الشعر الحرّ فى العصر الحديث ، ومن أصحاب التجارب العميقة والتحولات المثيرة ، ومع أنه عاش عمراً قصيراً نسبيّاً ، ( أربعين عاما ) ، فقد ترك تراثا ضخما من الشعر والنثر ، وقد جمع شعره فى مجلد ضخم يتجاوز سبعمائة صفحة من القطع الصغير ، وله مجموعة من الكتب ، أخطرها ما نُشر مؤخراً عن دار الجمل فى ألمانيا بعنوان " كنت شيوعيا " يتضمن مقالاته التى كتبها عام 1959م ، فى جريدة الحرية البغدادية ، ووصلت إلى أربعين مقالاً يرصد من خلالها تجربته مع الحزب الشيوعى العراقى ؛ التى انتهى فيها صدامه مع الشيوعيين إلى الانفصال عنهم ، وكشف فضائحهم وخيانتهم للأوطان والدين .
    لقد اشتعل الصدام عندما كتب السيّاب قصيدته الشهيرة " المومس العمياء " ، وفيها يرصد تجربة قطاع من النساء تستباح أجسادهن نظير لقمة العيش المغموسة بالذل والعار، ويربط تلك الاستباحة باستباحة الأوطان والأمة العربية ، والقصيدة ذات نفس طويل ، يحتشد بالرموز والأساطير والإشارات .. وقد جاءت إشارته إلى العروبة فى القصيدة لتكون قشة تقصم ظهر البعير الشيوعى ، وتجعل السيّاب يترك البعير وأصحابه ، وينتقل إلى عالم آخر عالم الجذور العربية الإسلامية التى تجلت فيما بعد فى قصيدته الأشهر : سفر أيوب .
    كانت إشارته فى " المومس العمياء " تقول :
    " كالقمح لونك ياابنة العرب / كالفجر بين عرائش العنب : /أو كالفرات على ملامحه / دعة الثرى وضراوة الذهب / لا تتركونى .. فالضحى نسبى : / من فاتح ، ومجاهد ، ونبى ! / عربية أنا أمتى دمها / خير الدماء .. كما يقول أبى "
    ولم يكتف السيّاب بهذه الإشارة، بل علّق عليها فى هامش القصيدة بقوله : " ضاع مفهوم القومية عندنا بين الشعوبيين والشوفينيين يجب أن تكون القومية شعبية ، والشعبية قومية . يجب جعل أحفاد محمد وعمر وعلى وأبى ذر والخوارج والشيعة الأوائل والمعتزلة يعيشون عيشة تليق بهم كبشر وكورثة لأمجاد الأمة العربية "
    كانت تلك الإشارة وهذا التعليق ، بداية الانفصال بين الشيوعيين العراقيين والسيّاب ، مما جعله يفيق من وهم الدعاية الشيوعية السوداء ، فيكشف معاناته ومشاهداته فى خضم التجربة الشيوعية ، أو الحداثية كما يُسميها بعضهم ، وفى عام 1959م أخذ يكتب سلسلة مقالاته الأربعين التى ضمها كتابه الذى صدر مؤخراً ، وأعده وليد خالد أحمد حسن .
    وهناك تشابه بين تجربة الحزب الشيوعى فى مصر ، ونظيره فى العراق ، فالقادة والمؤسسون هنا وهناك من اليهود . فى مصر كان " هنرى كورييل " اليهودى الغامض وآخرون يمثّلون الآباء الروحيين للشيوعيين المصريين . وفى العراق كان رؤساء الحزب الشيوعى من اليهود أيضاًُ ، أبرزهم : يهودا صديق ، ساسون دلال ، إبراهيم يوسف زلخة ، ناجى شميل .. وقد وصمهم السيّاب بالخونة الذين دفعوه مع أقاربه لتوزيع منشورات تخدم الحركة الصهيونية ، من خلال شعار يقول فى أثناء حرب فلسطين ونكبتها " نحن إخوان اليهود " وقد اتفق الشيوعيون العرب فى البلاد العربية ، وخاصة مصر والعراق على الوقوف إلى جانب الصهاينة ، مهاجمين القوات العربية التى شاركت فى معارك 1948 دعما للفلسطينيين الذين هجّرهم اليهود بالقوة . وقد وصف الشيوعيون هذه المشاركة بالقذرة لأن المعسكر الشيوعى آنذاك بقيادة موسكو كان يؤيد قيام دولة العدو .
    لقد كانت صحوة السيّاب بعد ثمانى سنوات قضاها مخلصا للحزب الشيوعى العراقى ، وعيا جديداً بالإسلام والعروبة ، وهو ما جعله يرى الإسلام أفضل الأديان ، ومحمداً – عليه الصلاة والسلام – أفضل الأنبياء ، مؤكداً أنه يُدافع عن الدين والقومية والتقاليد والتراث ..
    لقد تجلت هذه الصحوة فى الروح الإيمانية التى تخللت قصيدته " سفر أيوب " ، وهى تفيض تسليماً بالقضاء ، والقدر ، وترى فى تجربة المرض العضال التى أقعدته وآلمته " هدية " من هدايا الخالق المحبوب :
    " ولكن أيوب إن صاح صاح : لك الحمد إن الرزايا ندى / وإن الجراح هدايا الحبيب " / أضم إلى الصدر باقاتها ، هداياك فى خافقى لا تغيب ، / هداياك مقبولةٌ ، هاتها ! "
    كما تجلت هذه الصحوة فى كشفه للطبيعة الشيوعية الخسيسة ، فالشيوعيون العراقيون لصوص وقتلة ( مجازر كركوك ) ومنحلون خلقيا وخاصة النساء ، ولا يتورعون عن الاغتصاب كما فعل أحد القياديين مع الرفيقة اليهودية " مادلين مير " ، وهم كذبة ومخادعون .. ويعترف أنه شاركهم فى خداع الفلاحين ، حيث أوهمهم أنهم سيمتلكون الأراضى ، ويعيشون فى رفاهية إذا انضموا إلى الحزب الشيوعى ، وقضوا على حكم نورى السعيد !
    إنه يُشبّه الشيوعيين بالقرامطة ، وهو ما يذكرنا برواية الأديب العبقرى الراحل " على أحمد باكثير " المسماة " الثائر الأحمر " التى عبّر فيها عن ثورة حمدان قرمط ، وتنبأ فيها بسقوط الشيوعية وقد تحققت نبوءته بسقوط الاتحاد السيوفياتى أوائل التسعينيات !
    لقد وصف السيّاب " كارل ماركس " فيلسوف الشيوعية باليهودى التائه ، أو اليهودى القذر قاسى القلب الذى ألف " رأس المال " بدافع الحقد والحسد والتعصب اليهودى ، وتأثير التوراة .
    كما هاجم لينين أيضا ، وحزب " تودة " الشيوعى الإيرانى الذى تآمر على أعضائه عام 1952 مما أدى إلى إعدام 732ضابطاً شيوعياً فى إيران .. ولم يكتف السيّاب بالهجوم على زعماء الشيوعية وأحزابها ، بل امتد هجومه إلى الشعراء الشيوعيين الأجانب والعرب ، مثل ناظم حكمت ، حيث يراه شاعراً تافها ، وكونستانتين سيمونوف ، وبابلونيرودا ، وعبدالوهاب البياتى ، فهؤلاء وأمثالهم أصحاب شعر سخيف .
    لقد كان هجومه الصاعق على الشيوعيين العراقيين دافعاً لوصفهم بالجبن والقسوة والإجرام والسرقة وخداع الجماهير. .(وهل أغلبية نظرائهم في مصر والبلاد العربية غير ذلك؟) ..!
    لقد كان السيّاب كما قال فى قصيدته" حفار القبور " :
    " .. فى ساعة الشفق الملون كان إنسان يثورْ / بين الجنادل والقبورْ ، / نفس معذبة تثورْ / بين الجنادل والقبور :
    " أأظل أحلم بالنعوش ، وأنفض الدرب البعيدْ
    بالنظرة الشزراء ، واليأس المظلل بالرجاءْ
    يطفو ويرسب ، والسماء كأنها صنمٌ بليدْ
    لا مأملٌ فى مقلتيه .. ولا شواظ .. ولا رثاءْ؟ .... "
    تمزّق السيّاب فى أحضان الشيوعية ، ولكنه تدارك نفسه ، وأدركته رحمة الله ، فاستيقظ من غفوته ، ليكشف الأكاذيب التى ما زال يدمنها الشيوعيون المعاصرون ، ومازالوا يُصرّون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة ، والنقاء الكامل ، والاستنارة الحقيقة ..
    وللأسف الشديد ، فإن ما نراه فى أيامنا ، من تصرفاتهم وأدبياتهم ، يؤكد ما قاله السيّاب فى كتابه الجديد / القديم .. حيث يرون أن اليهود إخوانهم ، وأن وجودهم فى أرض فلسطين مسألة منتهية ، وأن عودة الفلسطينيين إلى فلسطين وهم كبير يجب أن يطرده العرب والمسلمون من أذهانهم . وأن اعتماد اليهود على التوراة والتلمود مسألة لا غضاضة فيها ، بينما يُقيم الشيوعيون الدنيا ، ولا يقعدونها إذا تلفظ أحد باسم " الإسلام " فهو ظلامى أو إظلامى ، وهو إرهابى ومتطرف ومتحجر ومتخلف وسلفى .. إلى غير ذلك من أوصاف ونعوت تُهين الإسلام والمسلمين جميعاً .
    لقد وصل بهم الأمر فى أيامنا إلى وصف الإسلام بأنه أخطر على المجتمعات العربية من الغزو النازى اليهودى ، واختلقوا معارك مفتعلة مع " الدولة الدينية " المتوهمة التى سيُقيمها المسلمون ، وراحوا يُسقطون الدولة الكنسية الأوروبية على الدولة الإسلامية ، وأغرقوا فى أكاذيبهم حول الحضارة العربية لدرجة أن جعلوا الإسلام عدوّاً للمساواة والمواطنة وغير المسلمين .. وقد رأينا مؤخراً حملتهم الضارية على جعل الإسلام ديناً رسمياً للدولة ومصدراً رئيسياً للتشريع بحجة أن هناك أقليات غير إسلامية تعيش مع المسلمين ...
    لقد جاء كتاب السيّاب " كنت شيوعياً " فى أوانه ، ليفضح أكذوبة كبرى اسمها الشيوعية ، أو الحداثة كما يتجمل بعضهم فى تسميتها .

    تعليق

    • د. حسين علي محمد
      كاتب مسجل
      • Jun 2006
      • 1123

      #17
      رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

      مقال كاشف

      بقلم: أ.د. حسين علي محمد
      ................................

      (تعليقاً على المقال السابق)
      ليت السياب كان موجوداً الآن ليكتب عن الشيوعيين السابقين ـ في مصر والعراق ـ الذين هم خدم لأمريكا الآن؛ لقد انقلبوا من النقيض إلى النقيض لأنهم لا تحركهم إلا مطامعهم الرخيصة، وحبهم لكل ما هو ضد الأمة وثوابتها، وشكراً للدكتور حلمي على مقاله الكاشف، الجميل.

      تعليق

      • د. حسين علي محمد
        كاتب مسجل
        • Jun 2006
        • 1123

        #18
        رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

        أمّنا الغولة .. وتزغيط البط !

        بقلم: أ. د. حلمى محمد القاعود
        ...........................................


        أمّنا الغولة ، ليست هذه العجوز الشمطاء ، المنكوشة الشعر ، التى تصادم المجتمع بكلامها وأفكارها وسلوكها ، مع قبح الهيئة وبشاعة المنظر !
        أمنا الغولة كيان هلامى يتكون من أشتات فكرية وأخلاط ثقافية ، تشيع فى حياتنا الراهنة ، وتملؤها زيفاً وتدليساً وتضليلاً ، وتصنع مفارقات غريبة ، تصبّ فى حالة الفساد التى تضرب بجذورها فى أعماق المجتمع المقهور البائس ، الذى تكالبت عليه الأكلة ، بعد أن تحول إلى قصعة مستباحة ، يردها كل وارد وشارد !
        هزيمة الوطن الداخلية فى شتى المجالات بدءاً من السياسة حتى كرة القدم ، مروراً بقضايا التعليم والتصنيع والزراعة والإدارة وغيرها ، أتاحت الفرصة للطابور الخامس ، كى يلعب أدواره غير المقدسة فى استباحة الأمة وثقافتها وفكرها وعقيدتها ، فى سياق ملفوف بالتدليس والتضليل والصلافة وانتفاخ الذات ، وتمثيل دور الشهداء والأبطال !
        عندما تسمع عن وصف الصحابى الجليل أبى هريرة – رضى الله عنه – براوى الأكاذيب ، فماذا تقول عن دين الأمة ؟ هل صار الإسلام قائماً على الأكاذيب والخيالات والاختراعات ؟ وكم يبقى منه ؟
        عندما تنشر مجلة تصدرها الدولة بأموال المسلمين فى العقيدة أو الثقافة ، نصوصاً تطعن فى دين المسلمين ونبى المسلمين – صلى الله عليه وسلم – لليهودى الصهيونى " مكسيم رودنسون " ، ويُقال لك إن هذه حرية فكر ، بينما لا تستطيع بحكم القانون الدولى أن تناقش عدد ضحايا ما يُسمى المحرقة الصهيوينة فى ألمانيا النازية ، فماذا معنى هذا ؟
        عندما تسمع عن عرض شعرى موسيقى فى دولة خليجية ، ينال من الإسلام وتشريعاته ، ثم يُقال لك إن " المتطرفين " – الاسم الكودى للمسلمين – احتجوا على هذا العرض الرخيص ، وصادروا حرية الإبداع والتفكير .. فماذا تقول رداً على ذلك ؟
        عندما تقرأ فى مجلة ، تصدرها السلطة المصرية كلاماً يسميه صاحبه شعراً ، يصور فيه الخالق عز وجل بعبد المأمور ، هو والأنبياء عليهم السلام ، ويستدعيهم المذكور بأسلوب يخلو من الأدب والذوق ، كما يصف الذات الإلهية بعسكرى المرور الذى ينظم السير فى شارع زكريا أحمد ، أو يشبهها بالقروى الذى يزغط البط فى الريف .. ماذا يكون رد فعلك ؟ وماذا تقول لمن يدافعون عن ذلك " الانحطاط " و " الإسفاف " ، ويتهمون الآخرين فى وقاحة ملحوظة بأنهم لا يفهمون قراءة الشعر ، ولا يعرفون اللغة المجازية التى يعتمد عليها الشعراء ؟
        ثم ماذا يكون شعورك عندما تقرأ فى جريدة حكومية أسبوعية ينفق عليها فقراء هذا الوطن لمن سمّى نفسه ناقداً سينمائياً عربيا ، ويتحدث عن رحلاته إلى مصر وعمّان وبغداد ، فيُيشير دون حياء إلى ممارسة اللذة مع المثقفات اللاتى يحضرن المؤتمرات ، ولا يعنيه أمر " الأهرامات " المصرية ولا آثار المصريين ، ولكن الذى يعنيه " كاس التكيلا " فى أحد بارات دمشق والقاهرة ، خاصة بار " الباذنجانة " ، ثم ممارسة الحب مع فتاة سمراء نحيلة تشبه الإغريقيات ، وتعجبه ممثلة لبنانية سمراء تشبه الشيكولا ويضعها تحت مجهره ولكنه يكتشف أنها صديقة مخرج العرض ، فيضطر إلى استعادة موقعه لدى صحافية بدينة كانت ترافقه ، ثم يفكر بكتابة رواية عن الحب فى فنادق المهرجانات ، والوسائل التى يستخدمها المثقفون العرب للإطاحة بالنساء ، ويخبرنا أن كاتبة عربية تعرضت لمحاولات إغواء كثيرة فى المهرجانات ، وكان أغرب عرض تلقته من مثقف كبير هو عبارة مبتكرة على هيئة سؤال يعبر عن رغبة يقول فيه : ما رأيك بقيلولة ؟
        ماذا تقول لهؤلاء الذين يحرصون على الإساءة إلى أم المؤمنين عائشة والصحابة رضوان الله عليهم من حين لآخر ، ويعدّون ذلك حرية تفكير ، وحرية تعبير ، وحرية إبداع ؟
        ماذا يعنى أن تجد فريقاً من الطابور الخامس متخصصاً فى تشويه الإسلام والمسلمين والإفتاء بغير علم ، وبعضهم لم يقرأ القرآن الكريم ، ولا يحسن قراءة حديث شريف ، ولم يطلع على كتاب فقه أو تفسير ؟
        هل لذلك علاقة برغبات الدولة الصليبية الاستعمارية الأم فى واشنطن ، بما يُسمى تغيير الخطاب الدينى ، وتعديل المناهج التعليمية ، وعدّ التمسك بالإسلام تطرفاً وتشدّداً وظلامية ؟
        لاشك أن " الطابور الخامس " = الذى يضم مثقفى الحظيرة والماسون وكتاب لاظوغلى واليسار المتأمرك والمرتزقة الذين يبحثون عن الرزق الحرام = يقوم بدور مهم مستغّلا الهزيمة الوطنية الداخلية ، وقهر السلطة البوليسية الفاشية للشعب ؛ فى استباحة الإسلام والإغارة عليه ، ومحاولة تغييبه أو استئصاله ، وهو أمر يلقى قبولاً لدى خصوم الإسلام وأعدائه على السواء .
        والعدوان على الإسلام من جانب الطابور الخامس أو " أمنا الغولة " – إذا شئنا تعبيراً أدق – يتم تحت مظلة من التدليس والتضليل يتقن صنعها الواقفون فى هذا الطابور . فهم لا يكفون عن الزعيق والصياح بحرية التفكير والتعبير والإبداع ، وهم أول من يصادر هذه الحرية إذا حاول غيرهم أن يمارسها .. لقد هيمنوا على وسائل الإعلام والصحافة ووسائط التعبير الأخرى ، وحرموا على غير أتباعهم والمنتمين إليهم مجرد الاقتراب من هذه الوسائط وتلك الوسائل ، بل وصلت الخسة ببعضهم إلى حدّ حذف الأسماء التى لا تعجبهم من الأخبار الأدبية والثقافية والاجتماعية ، حتى لو جاء ذلك على حساب الأداء المهنى !
        وقد راودنى سؤال بسيط للغاية ، ملخصه : هل يستطيع أى دعىّ من هؤلاء الذين يزعمون أنهم مبدعون أن يصف رئيس الجمهورية مثلاً بأنه شرطى ينظم المرور ، أو قروى يزغط البط فى الريف ، أو عبدالمأمور ، أو شخص ... ؟
        بلاش رئيس الجمهورية ، هل يمكن وصف وزير الثقافة بالأوصاف السابقة التى وصفت بها الذات الإلهية أو الأنبياء أو الصحابة ؟
        بلاش وزير الثقافة ، هل يمكن وصف ماركس أو لينين أو خالد محى الدين أو اللواء مدير هيئة النشر الرسمية أو رئيس تحرير جريدة " طشة الملوخية " بهذه الأوصاف ؟
        لقد تطاول " الطابور الخامس " مذ أتاحت لهم السلطة البوليسية الفاشية فرصة الهيمنة على الحياة الفكرية والأدبية ، واستخدمتهم لمحاربة الإسلام تحت راية محاربة الإرهاب ، فتمادوا إلى الدرجة التى طالبوا فيها بتجريد الدولة من إسلامها ، وحذف المادة الثانية من دستورها ، وصفقوا لبوليسية الدولة ، وقمعها المتزايد يوماً بعد يوم ، وكانوا فى كل الأحوال أدوات قمع وقهر فى يد السلطة الفاشية !
        ومن المفارقات أن بعض الجهات والمنظمات التى تدعى الدفاع عن حقوق الإنسان ، تملأ الدنيا ضجيجاً ودفاعاً عن الطابور الخامس ، ولا تهتم ، بل تتجاهل القبض على الأبرياء وتحويلهم إلى محاكم عسكرية ، وتعتّم على الممارسات الفاشية ومصادرة الأموال واعتقال الأفراد فى جوف الليل ، لأنهم لا ينتمون إلى مكونات الطابور الخامس : أعنى مثقفى السلطة والماسون واليسار المتأمرك وكتاب لاظوغلى والمرتزقة الذين يأكلون حراماً !
        من المؤكد أن مصر المسلمة بالعقيدة أو الثقافة ستهزم الطابور الخامس فى يوم ما ، وإذا كان عمال مطبعة بسطاء يكتشفون إجرام بعض الأدعياء فى حق الذات الإلهية والأنبياء ، فهو دليل على أن مصر المسلمة ما زالت حية ولن تبيع إسلامها ، وعقيدتها .. لأنها عقل الإسلام ومستقبله العظيم المنتظر ؛ إن شاء الله ، ولن تُخيفها أمنا الغولة مهما تورّمت وتجبرت وتوحشت وتشعّبت !
        ....................................
        *المصريون ـ في 17 - 4 - 2007م.

        تعليق

        • د. حسين علي محمد
          كاتب مسجل
          • Jun 2006
          • 1123

          #19
          رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

          طبعة مزيدة ومنقحة من كتاب « محمد صلى الله عليه وسلم » للقاعود
          .................................................. .................................

          صدرت الطبعة الثانية من كتاب « محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الشعر العربي الحديث » ، للأستاذ الدكتور حلمي محمد القاعود في مجلد في 646 صفحة عن دار النشر الدولي بالرياض، وكانت الطبعة الأولى قد صدرت منذ فترة طويلة عن دار الوفاء بالمنصورة.
          هذه الطبعة مزيدة ومنقحة، والكتاب في الأصل رسالة دكتوراه حصل عليها المؤلف من قسم النقد والبلاغة والأدب المقارن من كلية دار العلوم.
          والمؤلف ناقد معروف، وأستاذ بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة طنطا.
          وقد عمل فترة من حياته الوظيفية في كلية المعلمين بالرياض، وكلية التربية للبنات بحفر الباطن.

          تعليق

          • د. حسين علي محمد
            كاتب مسجل
            • Jun 2006
            • 1123

            #20
            رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

            الوعي والغيبوبة.. كتاب حول الرواية المعاصرة
            .................................................. ..................

            صدر مؤخرا في السعودية كتاب تحت عنوان الوعي والغيبوبة.. دراسات في الرواية المعاصرة للدكتور حلمي محمد القاعود .يؤكدالدكتور القاعود في المقدمة علي انطلاقه في الكتاب من الأهمية التي باتت منعقدة علي فن الرواية الذي صار بامتياز ديوانا آخر للعرب إلي جانب ديوان الشعر، ويشير إلي سلسلة الكتب التي أصدرها في هذا السياق مثل الرواية التاريخية في أدبنا الحديث، الواقعية الإسلامية في روايات نجيب الكيلاني، الرواية الإسلامية المعاصرة، الرؤية الإسلامية في الرواية، وحوار مع الرواية في مصر وسورية .ويشير القاعود الي أن ما شجعه علي إصدار هذه السلسلة من الكتب حول الرواية، هو أن هذا الفن بات يرصد الحياة بصورة بانورامية، ويعرض لصراع الأفكار والمعتقدات والتصورات، وذلك من منطلق أن الرواية مجال خصب وفسيح ـ حسب الكاتب ـ بحكم قرابتها من مخاطبة الوجدان، ومناغاة النظرة، وإشباع الرغبة والتشويق إلي معرفة المصائر والنهايات، ولذا وجدت اهتماما نقديا ودراسيا عظيما في المجال الثقافي والأكاديمي.ويؤكد المؤلف أن فكرة الكتاب جاءت امتدادا للكتب التي سبق أن أصدرها في تقديم الرواية الإسلامية ، والرواية المضادة لها، كي يري الأدباء الإسلاميون تأثير الرواية الإسلامية ونقيضها علي القارئ، وفي الوقت ذاته ـ علي حد تعبير المؤلف ـ ينهضون للاهتمام بهذا الفن والاستفادة منه في خدمة التصور الإسلامي وقضايا الأمة الإسلامية.
            في الفصل الأول يناقش القاعود رواية ثريا في غيبوبة للكاتب إسماعيل فصيح، وهي رواية ترصد صورة المجتمع الإيراني عقب انهيار نظام السافاك في إيران. يعرض المؤلف لفكرة الرواية ثم يناقش دور مجموعة المثقفين الهاربين في باريس كأبطال متعددين، ثم وصف لحال ثريا المضطربة حسب وصفه ووصف الرواية ثم المكان متعدد الدلالة، ويري القاعود أن جزءا أساسيا من أهمية تلك يكمن في الفترة الزمنية التي تناولتها، حيث تعتبر مرصدا للواقع الإيراني عقب انهيار نظام الشاه حيث تبدأ أحداثها عام 1979 حين انطلقت الجمهورية الإسلامية ونشبت الحرب العراقية الإيرانية.ثم ينتقل القاعود إلي رواية للكاتب علي أبو المكارم هي أشجان العاشق وهي ـ كما يقول ـ جزء من ثلاثية في العشق كتبها مؤلفها علي مدي خمس عشرة سنة، حيث كان الجزء الأول قد صدر تحت عنوان الموت عشقا ، والثاني العاشق ينتظر ، والثالث هو موضوع الدراسة، ويشير المؤلف إلي تناوله للجزء الثاني بالذات لأنه يتعرض للفساد الثقافي الذي يعيشه المجتمع بينما كان الجزء الأول قد تناول الفساد السياسي ومقاومة المجتمع له، أما الجزء الثالث فقد تناول ما أسماه تجليات الاستبداد علي قطاعات الشعب المختلفة، مع إضافة عنصر الهيمنة الأمريكية وتجلياتها العنصرية الاستعلائية علي حد تعبير المؤلف.
            وفي فصل تحت عنوان محنة الاستلاب وتشويه الإسلام يتناول المؤلف رواية ليلة القدر للروائي المغربي الطاهر بن جلون وهي الرواية الفائزة بجائزة الجونكور وهي المرة الأولي ـ حسب المؤلف ـ التي تمنح فيها الجائزة لرواية غير فرنسية الأصل، مع أن الكاتب بن جلون يكتب بالفرنسية، وقد قام بترجمة الراوي الناقد فتحي العشري وصدرت في العام 1988.
            ويعترض القاعود علي مقدمة المترجم فيما يتعلق بحديثه حول الرواية العربية التي حققت العالمية، حسبما يراها.
            ويشير القاعود الي أن اعتراضه مؤسس علي أن العالمية تحكمها مواصفات غير دقيقة أو غير مؤسسة علي قواعد ثابتة، ويضيف: ان كل كاتب شريف أو مثقف حقيقي يرفض محاكم التفتيش التي دخلت إلي ضمائر المسلمين وغيرهم وحاسبتهم علي ما عدته نوايا ومعتقدات تخالف أفكار الصليبيين الغزاة المنتصرين في الأندلس، ويضيف المؤلف ـ فيما يشبه المانيفستو ـ كما نري نؤمن برفض الوصاية والمصادرة والكتابة الجنسية، لأنها ضد الحرية والأخلاق، وفي المقابل نطلب التسامح والحوار والعقلانية مع التصور الإسلامي ومعطياته، خاصة أن السادة المهيمنين علي الساحة الثقافية في العالم العربي والإسلامي، يصادرونه ويفرضون عليه الوصاية، ويتعاملون معه غالبا بعدوانية مقيتة لا يملكها إلا خصومه من مثقفي الدول الاستعمارية المتوحشة.ثم يستعرض المؤلف بعد ذلك جانبا من سيرة مؤلف الرواية (الطاهر بن جلون)، يستعرض الرواية وتكوينها وفصولها ثم يستعرض المكان الروائي الذي أتي غير محدود رغم أن الإشارة عنت بعضه، ثم ما أسماه لعبة الزمان التي ترتبط عنده بصورة المكان، ثم يستعرض ما أسماه بالشخصيات المجهولة حيث يقول عنها: إنها شخصيات لا أسماء لها ولا هوية مميزة أو محددة علي امتداد الصفحات التي ضمت أحداث الرواية وشخصياتها.
            أما من حيث الموضوع الروائي فيشن المؤلف هجوما لاذعا علي بن جلون ويراه نجح في تقديم أبشع الصور للإسلام من خلال عملية الختان وفضح مرجعيتها وطقوسها، ولم يغفر للكاتب محاولته نفي تلك البشاعة التي تخلفها مثل هذه الصورة، ويأتي تحفظ القاعود علي القضية من زاوية أن الغرب يروج لها وكأنها القضية الاستراتيجية الأولي لهم، ويري كذلك أن شخصية البطلة تقدم صورة متناقضة مع الغايات التي يطمح إليها الكاتب، ويرصد العديد من أوصافها القاسية التي يراها تناقض فطرة المرأة، حيث تبدو صورة التمرد والرفض لكل الأعراف والتقاليد قائمة في سلوك البطلة بشكل دائم، ويشير الي ذلك قائلا: لا تكف البطلة في رحلتها الدامية عن هجاء المجتمع المسلم ورجاله، ويربط بين رواية بن جلون ورواية السوري خيري الذهبي حسيبة للتماثل بين البطلتين حيث تتحول البطلة في هذه الرواية أيضا إلي رجل.
            وفي النهاية يري القاعود أن المؤلف الطاهر بن جلون حول شخصياته إلي أبواق دعائية تتكلم باسمه أكثر مما تتكلم بمنطق الفن الروائي، ويضيف قائلا: لقد حول مقولاتهم وأفكارهم الي منشورات سياسية تشارك الفكر الاستعماري والتصور الاستشراقي الحملة المزمنة والظالمة ضد الإسلام وقيمه.ثم يتناول القاعود رواية احترس من الدولار للكاتب محمد نور الدين التي تعالج فكرة السفر الي الخارج والرغبة في جمع المال لمواجهة الظروف المادية القاسية، وما يتخلف عن ذلك من مشكلات مادية، ثم يتناول بعد ذلك، من خلال وقائع الرواية، ما أسماه زمن التحولات الذي يأتي مكثفا جدا في الرواية ولا يستغرق أكثر من يومين ثم يستعرض المكان وتغيراته، وفكرة المباشرة في السرد ويري الرواية نكهة جديدة في الكتابة الروائية. ثم ينتقل الكاتب الي رواية جديدة للكاتب نهاد رضا تحت عنوان منافسة في باريس في فصل تحت عنوان صراع الهوية وفساد الطوية ثم ينسي، بعد أن يأخذه الاستطراد التاريخي، أن يذكر اسم المؤلف.وتحت عنوان وحشية الرغبات وإخفاق الطموحات يتناول المؤلف حياة الكاتب محمد صدقي وأعماله .

            تعليق

            • د. حسين علي محمد
              كاتب مسجل
              • Jun 2006
              • 1123

              #21
              رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

              المرأة المسلمة والأعاصير الغربية

              بقلم: د.حلمى محمد القاعود
              ............................................

              تمثل المرأة في التفكير الغربي الاستعماري الحديث محورًا مهمًّا من محاور الصراع ضد الإسلام والمسلمين ، الذي غايته - أو محصلته - هيمنة الغرب الصليبي على مقدرات الأمة الإسلامية ، والسيطرة على إرادتها ، واستنزاف مواردها ، وإدخالها دائرة التبعية المطلقة من منظور السيّد الخادم .
              ولا يكفّ الغرب الصليبي عن إثارة موضوع المرأة المسلمة في شتى المناسبات الممكنة ، وبوساطة الأقلام المحلية والأجنبية ، ليكون بديلاً
              عن القضايا الأساسية التي تعنى الأمّة وتشغلها وتؤرقها مثل : الحريّة والشورى والتعليم والثقافة والإدارة والبحث العلمي والقوة الاقتصادية والقوة العسكرية ، وما إلى ذلك من قضايا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بواقع المسلمين ومستقبلهم .
              إن الإلحاح على قضية المرأة وإثارتها في الأدبيات المطروحة يثير من الرّيبة أكثر مما يثير من اليقين ، وخاصّة أن الأمر تجاوز المؤسسات الغربية الصليبية إلى المؤسسات العالمية أو الدولية التي يفترض أنها تمثل أمم الأرض جميعًا ، وأعني بها مؤسسات الأمم المتحدة .
              إن معظم بلاد المسلمين الآن تغصّ بالمدارس التي تعلّم البنات ، والكليات المخصّصة للبنات ، فضلاً عن المؤسسات التعليمية المشتركة للبنين والبنات ، فضلاً عن امتلاء الشوارع ومؤسسات العلم والإنتاج والمستشفيات والمصالح الحكومية والجمعيات الخاصة والعامة ، والمجالس الشعبية والنيابية بالنساء من مختلف الأعمار والتخصّصات ، مما يعني أن المرأة المسلمة لا مشكلة جوهرية لديها .. صحيح أن هناك مشكلات محددة تصنعها التقاليد الظالمة والعادات السخيفة ، ولكن من قال إن هذه العادات أو تلك التقاليد تمثّل حالة عامة في المجتمات الإسلامية تحتاج إلى عملية تحرير ؟ وتحرير ممن ؟
              إن الإسلام يحقق للمرأة ما لا تحققه لها المجتمعات الغربية الصليبية و لقد أعزّ الإسلام المرأة ، وحقق لها إنسانيتها، وراعى ظروفها الطبيعية والبيولوجية فألزم المجتمع - ممثلاً في الأب أو الزوج أو الأقارب - بحمايتها وصيانتها ورعايتها ، وفضلاً عن ذلك فقد جعل الإسلام للمرأة ذمّتها المالية الخاصة ، وحقوقها المادية التي لا يجوز لأحد أن ينال منها أو يستبيحها .. في الوقت الذي تحوّلت فيه المرأة الغربية الصليبية إلى مجرد سلعة يتداولها رجال الأعمال ، ومنتجو السينما والتلفزيون ، ومنظمو حفلات ملكات الجمال المحلية والعالمية ، وغيرهم من رجال المافيا والدعاية وشبكات الدعارة وما شابه .. ولعل هذا يفسّر سرّ زيادة عدد النساء الأوروبيات الداخلات في الإسلام أكثر من الرجال .
              إن المرأة المسلمة تؤدي دورها الإنساني بكفاءة وتفوّق وسعادة ، فهي مدبّرة منزلها ومربّية أولادها .... وحافظة أسرتها دون ادّعاء عريض ، أو صراخ بغيض ، وهي على مستوى الجمهور الكبير في البلاد الإسلامية - تواجه مع الرجل - صعوبات الحياة وقسوتها بما يشبه البطولة ، وتسعى - مع الرجل - إلى توفير أساسيات الحياة في صبر وجهاد عظيم ، ثم إنها تذهب إلى المدرسة وتتعلم وتتفوّق وتنافس الرجال ، دون أن تكون هناك قيود أو سدود ؛ اللهم إلا ما يفرضه الخلق الإسلامي والقيم الكريمة التي يتحلى بها الرجال والنساء معاً .
              بيد أن العالم الصليبي يصر على تصدير انحلاله ، أو انحلال بعض النماذج النسائية عنده إلى أمتنا . ويتخذ من بعض المقولات العامة طريقًا عامًا لعملية التصدير والإقناع بها .. إنه يطرح قضيّة المساواة المطلقة بين الرجال والنساء في كل شيء ، دون مراعاة لخصائص كل من الرجل والمرأة ، بوصفها حقًّا من حقوق الإنسان ، ويطمح من وراء ذلك أن يكون عدد النساء مثلاً مساويًا لعدد الرجال في الحكومات والمجالس النيابية والإدارات المحلية ومواقع السلطة في كل مكان .
              نقل عن السيد "كوفي عنان" أمين عام الأمم المتحدة قوله : "لا أستطيع أن أفكر في أي قضيّة ترتبط بمنظمة الأمم المتحدة إلا وكانت تتعرض لقضية المرأة وتتداخل فيها . فالمرأة أصبح لها دور مساوٍ للرجل في تحقيق السلام ، والأمن وحقوق الإنسان ، لذلك فإن من الحق ، بل من الضروري ، أن تكون المرأة ممثلة في مواقع السلطة واتخاذ القرار لتحقيق هذه الأهداف . وأن تكون نسبة تمثيلها في هذه المراكز مساوية لعدد الرجال لأنها تملك القدرة نفسها والأداء المتميز لخروج خططها إلى حيّز التنفيذ (الأهرام : 7/ 16 / 2000 ) .
              وهذا القول ، مع ما فيه من مبالغة ، لا يخلو من خيال واسع ، يبتعد عن أرض الواقع ، وحقائق التكوين الإنساني البيولوجي للرجل والمرأة . كما وأنه غير محقق في أي دولة على مستوى العالم مهما كانت دعواها في تحرير المرأة.
              إن قدرات المرأة - مهما تفوقت في المجالات الإنسانية والإدارية والعلمية - تظل مرتبطة بالمجال الأساسي والرئيس للمرأة ، وهو الإنجاب وتربية الأبناء ، وتكوين الأسرة ، وهذه مهمة من أشرف المهام وأنبلها .
              وإذا كانت بعض المجتمعات الغربية الصليبية قد أهملت شأن الأسرة ، ولم تعد تعدّ بها ، فإن الأسرة - وفقاً للفطرة الإنسانية - كيان ضروري ، لا تستطيع المجتمعات الطبيعية التفريط فيه ، أو النظر إليه بعدم مبالاة .
              إن " كوفي عنان " يطمح إلى أن تكون نسبة المرأة بين موظفي الأمم المتحدة 50% ، حيث وصلت الآن إلى ما يقرب من 38.9 % ، وهدف خطة "عنان" من ذلك أن يقدم نموذجًا عالمياً لأمم الأرض كي تحذو حذوه ، وتصنع مثله ، وتجعل المرأة مساوية للرجل في الوظائف القيادية والإدارية ، واتخاذ القرار ، مما سيعطي المرأة فرصة الاهتمام بقضاياها وهمومها التي تلح عليها دول الغرب الصليبي . ومن هذه القضايا : التطرف الديني والأيديولوجي وتأثيره السلبي في المساواة بين الرجل ، وعدم الاعتراف بالأم المراهقة والأم العزباء ( خارج نطاق الزوجية ) ، وتنفيذ خطة بكين على الصعيدين الدولي والإقليمي ، والحدّ من الممارسات الضارة ( من وجهة نظر هذه الدول ) مثل ختان الإناث والزواج المبكر والزواج بالإكراه وتعدد الزوجات .
              وكما نرى فإن هذه القضايا التي تطرح في المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة ، وآخرها "مؤتمر نيويورك 2000" أو الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة ( المرأة 2000 ) ، تصدر عن تصوّر غربي يركّز بالدرجة الأولى على المفاهيم الإسلامية الأساسية حول المرأة ؛ لنسفها ، وإحلال السوك الغربي الإباحي محلّها !
              فالتطرّف الديني - مثلاً - مفهوم غير واضح وغير محدد ، ولكن المفهوم من الكتابات الغربية والكتابات المحلية المشايعة له : أنه السلوك المعادي للحرية والإنسانية وللمرأة أيضًا ، وفكرنا الإسلامي يرفض هذا السلوك ويدينه ، ولكن القوم يقصدون من وراء طرح مفهوم التطرّف الديني نبذ الإسلام ، وعدم تحكيمه في قضايا المجتمعات الإسلامية بصفة عامة ، والمرأة بصفة خاصة ، وبالطبع فإن القوم يرون ارتداء الحجاب تطرّفًا ، وأداء الصلوات تطرّفًا ، والزواج الإسلامي تطرّفًا .. وهكذا .
              أما موضوع الأم المراهقة والأم العزباء ، فهو إصرار من جانب الدول الغربية الصليبية - ومن خلال الأمم المتحدة - على إلزام الدول الإسلامية بتقنين الإباحية ، وفرضها على المجتمع الإسلامي بوصفها حقًّا من حقوق الإنسان .. أي يصبح من حق أي فتاة أن تمارس الزنا مع من تريد ، وتحمل منه ، وعلى المجتمع الإسلامي أن يقرّ هذا السلوك ، بوصفه أمراً واقعًا يترتب لصاحبته حقوق الاعتراف والمشروعية وطلب المساعدة المادية والمعنوية!
              ولنا أن نتصوّر كيف يكون الواقع الاجتماعي حين نسمح لبناتنا بممارسة الزنا والولادة غير الشرعية ، ثم يتوجب علينا بعدئذٍ أن نقرّ هذا الوضع ونتماهى فيه ؟
              لا ريب أن تصدير الإباحية والانحلال إلى مجتمعاتنا عدوان سافر على قيمنا وأخلاقنا وحقوقنا الإنسانية المشروعة في الاعتقاد والتصّور والتفكير والحرية .
              وقس على ذلك ما يتعلق بمسائل الختان والزواج المبكر وتعّدذ الزوجات ، وغيرها من أمور لها طبيعتها في المنظور الإسلامي الذي يختلف اختلافًا جذريًّا مع التصور الدولي الصليبي وغاياته . وإذا كانت المؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي تتصدى لهذا القهر الدولي الصليبي بما تستطيع ، فإنه من المؤسف ، أن تتولى مجموعة من النساء العاملات في المجال النسائي والجمعيات النسائية على الأرض الإسلامية الترويج لهذه المفاهيم والدعوة لها ، والدفاع عنها ، في الوقت الذي تتناسى فيه حقوق الأمة كلها في الحرية والشورى والأمل .
              ....................................
              *الشبكة الإسلامية ـ في 8/3/2004م.

              تعليق

              • د. حسين علي محمد
                كاتب مسجل
                • Jun 2006
                • 1123

                #22
                رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

                مدينة أكادير تحتضن الملتقى الدولي الثالث للأدب الإسلامي

                بقلم: د.حلمى محمد القاعود
                ...........................................

                عقد الملتقى الدولي للأدب الإسلامي دورته الثالثة بعنوان "دورة محمد المختار السوسي" في مدينة أكادير بالمغرب الأقصى، بتنسيق بين كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة ابن زهر، و المكتب الإقليمي لدول المغرب العربي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية، و مجلة "المشكاة" المغربية.
                كان ذلك أيام 21، 22، 23، شوال 1421هـ، الموافق 16، 17، 18، يناير 2001مو كان موضوع الدورة هو، "النقد التطبيقي بين النص و المنهج".و قد افتتح الملتقى أشغاله بحضور والي ولاية أكادير، و رئيس المجلس البلدي، وبكلمات كل من قيدوم كلية الآداب، و رئيس الرابطة و نائبه، و رئيس مكتب البلاد العربية، و رئيس المكتب الإقليمي لدول المغرب العربي. تلا ها قراءة قصيدتين للشاعرين: جابر قميحة من مصر، و الراضي اليزيد من المغرب.و بعدها توجه المشاركون إلى المعرض الذي نظم على هامش الملتقى، ثم إلى حفل شاي بالمناسبة.
                ثم انطلقت جلسات العروض و البحوث المقدمة للدورة يتقدمها عرض الدكتور عماد الدين خليل، بعنوان: " إشكالية النقد التطبيقي لدى الأدباء الإسلاميين".ثم توالت العروض في خمس جلسات موزعة على أيام الملتقى، اشتملت كل جلسة على ستة عروض.
                و في ما يلي بيان لأسماء الأساتذة المشاركين في الملتقى، و عناوين عروضهم و بحوثهم المقدمة فيه:الجلسة الأولى: في محور: النقد التطبيقي إشكالات و مفاهيم. 1. الأستاذ عباس ارحيلة، من المغرب: "النقد بين الغلو في التنظير و القصور في التطبيق".
                2. الأستاذ إبراهيم وليد قصاب، من الإمارات العربية: "الاتجاه الديني و الخلقي في النقد التطبيقي عند العرب".
                3. الأستاذ عبد الرحيم الرحموني، من المغرب: "مزالق النقد التطبيقي: قراءة نقدية في كتاب (مقالات في النقد الإسلامي تأصيل و تجريب، للأستاذ سعيد الغزاوي)".
                4. الأستاذ صالح أوزكاي: "شروط النقد التطبيقي و ضوابطه".
                5. الأستاذ مصطفى رمضاني، من المغرب: "النقد المسرحي بين النص والعرض".
                6. الأستاذ عمر بوقرورة، من الجزائر: "النص بين التألق و الاضطراب". الجلسة الثانية: في محور: النقد التطبيقي و الشعر.
                1. الأستاذ العربي المنزيل، من المغرب: "النقد التطبيقي و القصيدة الإسلامية المعاصرة".
                2. الأستاذ بوجمعة جمي، من المغرب: "الفطرة السوية و الخصائص العقدية في إبداعات شعرية عربية، تحليل و نقد".
                3. الأستاذ محمد ناجي، من المغرب: "المرجعية الدينية عند ابن قتيبة في نقده التطبيقي".
                4. الأستاذ عبد الجليل هنوش، من المغرب: "التذوق و أسرار النص، قراءة في المنهج النقدي عند محمود محمد شاكر". 5. الأستاذ عبد الرحمن حوطش، من المغرب: "الملامح الفنية في ديوان نجاوى محمدية للشاعر عمر بهاء الدين الأميري، رحمه الله".
                6. الأستاذ محمد الأمين، من المغرب: "قراءة نقدية في ديوان (القادمون الخضر)، للشاعر سليم عبد القادر". الجلسة الثالثة:
                1. الأستاذ محمد الواسطي، من المغرب: "تجليات الأدب الإسلامي عند أبي تمام في قصيدته فتح عمورية".
                2. الأستاذ جابر قميحة، من مصر: "شرائح النثر في شعر بهاء الدين الأميري".
                3. الأستاذ محمد الحسناوي، من سوريا: "خماسية الأميري: هدية الأدب الإسلامي للأدب العالمي".
                4. الأستاذ محمد خضر عريف، من السعودية: "الإسلام و العروبة في شعر محمد حسن فقي".
                5. الأستاذة خديجة الفيلالي، من المغرب: "حضور القرآن في شعر أحمد مطر".
                6. الأستاذ محمد بلاجي، من المغرب: "تجليات القدس في الشعر العربي الحديث".الجلسة الرابعة: في محور: النقد التطبيقي و السرد. 1. الأستاذ محمد بسام ساعي: "الفن القصصي في الأدب الإسلامي و نقده". 2. الأستاذ سعد أبو الرضا، من مصر: "الصراع بين القيم و المذاهب الأدبية في الرواية الإسلامية".
                3. الأستاذ حلمي محمد القاعود، من مصر: "مملكة البعلوطي و نموذج القرية الأسلامية".
                4. الأستاذ عبد السلام أقلمون، من المغرب: "تحليل و دراسة آخر أعمال أحمد التوفيق الروائية:غريبة الحسين، أو موسم الهجرة إلى الجنوب".
                5. الأستاذ عيسى باطاهر، من الإمارات: "النقد و الالتزام عند الشيخ أبي الحسن الندوي، مع قراءة في كتابه: مسيرة حياة".
                6. الأستاذ محمد همام، من المغرب: "الاعتراف و التوبة في السيرة الذاتية المغربية".الجلسة الخامسة: في محور: محمد المختار السوسي مبدعا و ناقدا. 1. الأستاذ محمد خليل: "محمد المختار السوسي ناقدا".
                2. الأستاذ البشير التهالي: "مفهوم الأدب عند محمد المختار السوسي بين التاريخي و الجمالي".
                3. الأستاذ محمد الحاتمي: "المعرفي و الأدبي في الكتابة الرحلية- نموذج (من الحمراء إلى إليغ) لمحمد المختار السوسي".
                4. الأستاذ المهدي السعيدي: "محمد المختار السوسي شارحا للشعر: (الثريدة المناغية للعصيدة)".
                5. الأستاذ أحمد الهاشمي: "الأثر الإسلامي في أعلام الأماكن بسوس".
                6. الأستاذ أحمد أبو القاسم: "صناعة الشعر و نقده في المدرسة الإليغية بين النظري و التطبيقي: محاكمة إبداعية".و قد كان الملتقى مسرحا للمناقشات العلمية، و القراءات الشعرية التي شارك فيها شعراء مبدعون من المشرق و المغرب.
                و تميز بالحضور الكثيف في جلسات المؤتمر كلها، و بغزارة البحوث المقدمة للملتقى، و كثرة المداخلات المناقشة للبحوث المقدمة فيه، و كذلك حضور عدد كبير من الشعراء الإسلاميين.
                و اختتم الملتقى أعماله بقراءة التوصيات التي أسفر عنها، و هي كما يلي:توصيات الملتقى الدولي الثالث للأدب الإسلامي 1. طباعة البحوث المقدمة في هذا الملتقى، مع الاستفادة من المداخلات المنهجية التي حدثت خلاله، و تيسيرها للباحثين و المهتمين.
                2. تنشيط نشر الأدب الإسلامي و دراساته، و البحث عن سبل تجاوز الصعوبات و العقبات القائمة.
                3. البحث عن أساليب ناجعة لتواصل أفضل بين أقطار العالم الإسلامي فيما يخص الإبداع الأدبي الإسلامي.
                4. تخصيص ندوات و مؤتمرات لبحث قضايا تهم مجتمعاتنا الإسلامية، منها: صورة المرأة في الأدب- أدب الطفل- المسرح بين النص و العرض- النقد الإسلامي والمناهج المعاصرة- الأدب الإسلامي و العولمة- الأدب الإسلامي و تقنيات الإعلام الحديث- إبداع الشباب في إطار الأدب الإسلامي- الأدب الإسلامي و المناهج الدراسية- السيرة الذاتية إبداعا و نقدا- أعلام الأدب الإسلامي المعاصر.
                5. الاهتمام بترجمة الأعمال الأدبية الإسلامية، من العربية و إليها.
                6. الاهتمام بتوفير النصوص الأدبية الإسلامية المناسبة للأعمال الدرامية، و خاصة التي تقدم في الفضائيات.
                7. الاهتمام بإيجاد صيغة منهجية للحوار مع الآخر بما هو مفيد.
                8. الاهتمام بتطوير موقع الرابطة على شبكة الإنترنت العالمية، و إتاحة الفرصة لعرض أنشطة المكاتب الإقليمية من خلالها.
                9. عقد الملتقى الدولي الرابع للأدب الإسلامي في مدينة فاس، و تسمية الدورة باسم علال الفاسي، و يكون موضوعها: "الرواية المعاصرة بين الواقع والتطلع".
                10 تكليف المكتب الإقليمي في المغرب العربي بإصدار بيان إعلامي باسم الملتقى يتضمن تحية لانتفاضة الأقصى المباركة، و شكرا للجهات الداعمة والمساهمة في إنجاح هذا الملتقى، و نص التوصيات التي صدرت عنه، و توزيع هذا البيان على وسائل الإعلام المتاحة. و الله ولي التوفيق.
                ....................................
                *الشبكة الإسلامية ـ في 12/3/2001م.

                تعليق

                • د. حسين علي محمد
                  كاتب مسجل
                  • Jun 2006
                  • 1123

                  #23
                  رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

                  فرنسا والحجاب .. إنهم أناس يتطهرون !!

                  بقلم: د.حلمى محمد القاعود
                  ............................................

                  كان قوم لوط من الشواذ ، يمارسون الفحشاء مع أمثالهم من الرجال ، وعدوا الشذوذ هو الأصل ، والطهارة هى الاستثناء ، ولذا حاربوها وحاربوا الداعين إليها ، وعلى رأسهم سيدنا لوط عليه السلام ، وكانت تساعدهم فى حربهم ضد الطهارة زوجه التى كانت تنقل أخباره إلى قومه ،وكانت نهاية هؤلاء القوم طبيعية حين انقلبت بهم الأرض فصار عاليها سافلها ، ومعهم زوج لوط ، الذى أنجاه الله ومن آمن به .
                  وقد وردت قصة لوط وقومه فى أكثر من سورة على امتداد القرآن الكريم ، وأكدت القصة دائما على النهاية التى يستحقونها وهى التدمير بخسف الأرض وإمطارهم بحجارة من سجيل لقد وردت القصة فى سور منها :هود ،والحجر ،والأنبياء ،والشعراء ،والعنكبوت .والنمل ،والصافات ،وسأكتفى بإيراد آيات سورة النمل لكشف التفكير المعوج الذى يجادل به قوم لوط ، مع أنهم كانوا أصحاب عقل وبصر : (ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون .أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون .فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم ،إنهم أناس يتطهرون .فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين .وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين) (النمل:54- 58 ).
                  وتكشف الآيات أن قوم لوط أصروا على شذوذهم وإجرامهم ،وكان ردهم على الاستفهام الإنكارى التوبيخى من جانب لوط عليه السلام هو طلب إخراج لوط ومن معه لأنهم أناس يتطهرون ، الطهارة والعفة والنقاء مسوغات الطرد من الديار عند الشواذ والمنحرفين ..
                  معاناة المسلمين في فرنسا
                  وهذه المسوغات بعينها هى ما يرفعه الصليبيون الاستعماريون المتعصبون فى فرنسا ضد المسلمين ، دع قضية الحجاب جانبا ، وانظر إلى مجمل ما يعانيه المسلمون من تمييز عنصرى بشع وكريه فى أرجاء البلاد الفرنسية ،مع أنهم يمثلون القوة الثانية بعد الكاثوليك ،ويبلغ عددهم أكثر من خمسة ملايين مسلم ،منهم ثلاثة ملايين يحملون الجنسية الفرنسية ،والباقى من المقيمين الذين قضوا فترات طويلة هناك فلا يوجد وزير مسلم واحد فى فرنسا ،ولا يوجد مسئولون مسلمون فى الإدارات الفرنسية حتى المستويات الدنيا ..والمسلمون يسكنون غالبا فى الأحياء الفقيرة ،ويعيشون مستوى اقتصاديا أقل من اليهود والكاثوليك ..ومع ذلك فهم يخدمون الدولة الفرنسية بإخلاص ، ويعطونها جهدهم وعمرهم ، ويأبى عليهم المتعصبون أن يكون لهم وجود إنسانى أو كيان محترم ..بل يريدونهم عبيدا بلا دين ولا عقيدة ولا ثقافة ولا هوية !.
                  الحجاب يقضي على النظام الجمهوري!!
                  إن فرنسا تمتلئ بالنساء العاريات والداعرات والمدمنين والشواذ والإباحيين ، ولكن ذلك لا يشغلها ولا يمثل لها مشكلة خطيرة ، فقط يشغلها استراتيجيا وقوميا حجاب المرأة الفرنسية المسلمة الذى يعلن من وجهة نظرهاعن هوية صاحبتها الإسلامية ..صار الحجاب علامة وشارة لدى فرنسا المتعصبة الظلامية ،وليس جزءا من العقيدة الإسلامية التى تلزم المرأة بالطهارة والعفة والنقاء ..ويجب التخلص من هذه الشارة وتلك العلامة لأن ذلك يخل بالمعادلة العلمانية ويقضى على النظام الجمهورى ؟!.
                  مشابهة بين منطقين
                  ولا ريب أن المشابهة قائمة بين قوم لوط فى منطقهم المعوج ضد المتطهرين ،و المتعصبين الفرنسيين ضد الحجاب ،وكلا الطرفين يملك عقلا وبصرا وعلما وفقها ،ولكن الشذوذ والتعصب ضربا بظلامها على الجميع ،وإذا كان قوم لوط قد نالوا جزاءهم قديما ،فلا أظن المتعصبين الفرنسيين سيفلتون من العقاب الإلهى قريبا أو بعيدا.. وصدق الله إذ يقول " وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا " الكهف ، فالظلم هو سبب الهلاك ومقدمته فى كل مكان وزمان !.
                  ليست قضية حجاب
                  القضية فى كل الأحوال ليست قضية الحجاب ، وإن كان الحجاب جزءا منها ، إنها قضية الإسلام الذى يكرهه الصليبيون المتعصبون ، ويحاربونه ليل نهار ، ويحققون انتصارات عظيمة ( في هذا المضمار ) .. .. ومع كل هذه الانتصارات الصليبية الاستعمارية ، فإنهم يخافون الإسلام والمسلمين ،لأن قيمه ضد طموحاتهم الشريرة وغاياتهم العدوانية وسلوكهم الإجرامى ضد الآخر استعمارا ونهبا وإذلالا واستعبادا .
                  المفارقة!!
                  والمفارقة أن الإسلام ينتشر فى عقر دارهم ،وبين أبنائهم الذين يهديهم الله تعالى إلى التعرف عليه وعلى مبادئه وتشريعاته ، وقد كثر القول مؤخرا عن دخول عدد كبير من الأوربيين والأمريكان إلى الإسلام عقب أحداث سبتمبر (2001) الغامضة ،التي اتهم المسلمون بتدبيرها ،حيث تهافت عدد كبير من أهل أوربا وأمريكا على شراء نسخ القرآن الكريم ومحاولة التعرف على ما فيه وكانت النتيجة إسلام بعضهم ، وتحجب نسائهم المسلمات ،مما أثار ذعرا وقلقا فى دوائر المتعصبين الصليبيين الظلاميين الذين مازالوا يعيشون بمنهج بطرس الحافى !!.
                  والمسيحية أبعد ما تكون عن الصليبية الاستعمارية ،ولقد اتخذ الاستعماريون الهمج من الصليب شارة وعلامة على المسيحية ،وهم يذبحون ويقتلون المسلمين والنصارى على السواء( الحملة الصليبية الثالثة توجهت إلى بيزنطة بدلا من القدس ،فأعملت فى أهلها النصارى قتلا وتشريدا ونهبا مما تقشعر له الأبدان).
                  وهو ما يكرره الصليبيون المعاصرون فى هيستريا لا تقل خطورة عن الهيستريا الصليبية القديمة ، حين يرون فى الحجاب تدل على تمدد الإسلام داخل المجتمع الصليبى الاستعمارى ،وهو ما يضعه الاستراتيجيون الغربيون تحت دائرة الضوء والتشريح لمعرفة مستقبله وتأثيره على المعادلة الاجتماعية والثقافية والسياسية فى الغرب ،كما يرى بعض الباحثين .إن الإسلام اليوم وهو حاضر المسلمين دائما فى الشارع الأوروبى يجعل الأوربيين يتساءلون دائما عن الإسلام ، وعن أولئك القوم الذين يتطهرون بالحجاب والعفة والنقاء ولا ينضوون تحت لواء الإباحية أو الإدمان أو الشذوذ ..وهذا ما تراه الحكومات الاستعمارية المتعصبة خطرا على وجودها فى المدى القريب أو البعيد .. ومهما يكن من أمر ،فإن الحملة المسعورة ضد الحجاب لن تزيد المسلمين إلا تمسكا بدينهم وحرصا عليه ودفاعا عنه وانتماء إليه ، والله غالب على أمره.
                  ....................................
                  *الشبكة الإسلامية ـ في 19/1/2001م.

                  تعليق

                  • د. حسين علي محمد
                    كاتب مسجل
                    • Jun 2006
                    • 1123

                    #24
                    رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

                    التفسير الماسونى لتزغيط البط !

                    بقلم: أ. .د. حلمى محمد القاعود
                    ...............................................

                    فى أواخر ثمانينيات القرن العشرين كتبت " الورد والهالوك : شعراء السبعينيات فى مصر " ، وأصدرت منه طبعتين ، ورصدت فيه ملامح شعراء الأصالة ، وشعراء الادعاء . يومها كان هناك من يتهمنى بالمغالاة فى الحكم على شعراء الادعاء أو الهالوك . ولكن الأيام أثبتت صحة ما ذهبت إليه وما أيدني فيه يومها ، الناقد الراحل عبد القادر القط – رحمه الله - ، حيث لم يتبق من كتابات هؤلاء شىء يُذكر فى أذهان الناس أو أفئدتهم . لسبب بسيط : أنهم دخلاء على الفن ، فلا موهبة ولا خبرة ولا مضمون ، كانت إمكاناتهم التى سوّغت لهم البقاء على سطح الحياة الثقافية والأدبية هى انتماؤهم للفكر الماركسى الذى تأمرك ، وصار خادماً مأجوراً فى الحرب على الإسلام وعميلاً للنظام البوليسى الفاشى ، ومسوغاً لسلوكياته ، الاستبدادية ، ومصادراً للفكر الإسلامى وعاملاً على استئصاله من الصحافة ووسائط التعبير أو تشويهه والتنديد به عن طريق التدليس والتضليل والأكاذيب المفضوحة .
                    كانت صداماتهم مع الإسلام ومشاعر المسلمين بشعة ومتوحشة ، أثارت رجل الشارع فى مصر والأمة الإسلامية ، وأساءت لمستخدميهم قبل أن تُسىء إليهم ، وكشفت عوراتهم الفكرية والثقافية ، وجعلتهم أمثولة للخيانة الفكرية والعمالة السياسية ، ولم تغن عنهم مكاسبهم التى أغدقتها عليهم السلطة البوليسية الفاشية شيئاً !
                    كما كانت مشكلة الكلام عن " تزغيط البط " وتشبيه الذات الإلهية بالقروى أو عسكرى المرور ، دليلاً جديداً يُضاف إلى ما سبق من أدلة على الخواء والسطحية والابتذال التى تصم كتاباتهم الرديئة التى لا تخضع لمعايير فنية أو فكرية ..
                    ومن المؤسف أن القوم لم يحترموا عقول الناس ، ولم يتوقفوا عن الهرطقات الرخيصة ، والتفسيرات الساذجة لجريمتهم فى حق الذات الإلهية ، وحق الأمة ، ولكنهم راحوا يقنعوننا بمنطق يخلو من المنطق ، وأسلوب ينم عن الفكر الماسونى الخبيث – وبعضهم ينتسب إليه بالفعل – أن ما جرى هو انحياز للجمال وللفن وللحرية .. ويستشهدون بنماذج من التاريخ الأدبى لا صلة بينها وبين جريمتهم واستهتارهم بالذات الإلهية ومشاعر الأمة الإسلامية ، وسفح أموالها دون طائل ( قال اللواء مدير هيئة النشر الرسمية إن عدد المجلة التى نشرت الجريمة بلغت تكاليفه قرابة ستين ألف جنيه مصرى دفعها الفقراء والكادحون ) .
                    كيف يمكن أن نقارن بين ما يقوله هالوكى أو متمركس متأمرك ، مع ما يقوله أبو نواس أو ابو العلاء المعرى ؟
                    أين الجمال أو الفن فى كلام الهالوكى ، لنقارنه بالجمال الفنى فى أدب أبى نواس وأبى العلاء المعرى وحسان وعمر بن أبى ربيعة .؟
                    إن التفسير الماسونى لتزغيط البط ، يدعى أن الجمال هو القيمة التى يجب على المجلة الأدبية أن توفرها لنا ، وأن الحقيقة المؤكدة هى التى تقدمها لنا المجلة العلمية ، كما يدعى أن جماهير الأمة بعلمائها وأدبائها الحقيقيين ونقادها المتخصصين يعيشون طفولة دائمة يفرضها الطغاة !
                    وهذا السخف الماسونى يتجاهل أن الأدب على مرّ التاريخ ، يقوم على تقاليد وخصائص وقيم ، تتطور بتطور الزمان والمكان ، ولكنها تبقى معياراً للإنتاج الأدبى ، الذى لا يجوز أن ينفلت من كل معيار وكل قيمة ، كما يذهب الأدعياء وخدّام الاستبداد الرسميون . لقد صادرت الولايات المتحدة – معبودهم الجديد وملهمهم العتيد – فى خمسينيات القرن الماضى ، فن الهوى لأوفيد ، مع أنه نشر فى مصر بترجمة ثروت عكاشة ، كما صادرت الديكاميرون لبوكاتشيو ، وفى عام 1948م أعدت الكنيسة قائمة بحظر أربعة آلاف كتاب منها : سقوط الامبراطورية لجيبون ، ومبادئ الاقتصاد السياسى لجون ستيوارت ميل ، وكتب بلزاك ، ودوماس الأب ، ودوماس الابن ، وأناتول فرانس ، وستندال ، وزولا ، ومورافيا ..
                    إن التفسير الماسونى لتزغيط البط ، لا يسعى إلى الدفاع عن الأدب والفن والجمال ، بقدر ما يسعى إلى الدفاع عن مصالحه فى خدمة النظام البوليسى المستبد ، لأنه أول من يعلم أن نبى الإسلام – صلى الله عليه وسلم – كافأ الأدب والفن والجمال الحقيقى ببردته التى ألقاها على كعب بن زهير حين أنشده " بانت سعاد " ، كما يعلم أن أبا نواس وأبا العلاء وحسانا وعمر بن أبى ربيعة ، كانوا أبناء الأمة وثقافتها الحقيقية ، ومن شذّ لسبب ذاتى ، عاد إلى رشده ، واعتذر عن خروجه ، ولعل استغاثات أبى نواس " إلهى ليس لى إلاك عونا .. " كانت وثيقة توبة صادقة عن بعض إنتاجه المخالف للقيم والأعراف .
                    أما حكاية أن الجمال هو القيمة التى يجب أن يحتفى بها الأدب ، دون مراعاة للقيم أو اعتبار للأعراف فهى مغالطة لم تعد مقبولة فى زمن توظف فيه الجماعة البشرية على اختلاف أعراقها ومذاهبها وعقائدها ، الفن الأدبى لخدمة أهدافها وأغراضها ومعتقداتها ..ولا أظن أنهم فى الكيان النازى اليهودى الغاصب فى فلسطين المحتلة مثلاً يوافقون على أن يكون أدبهم هجاء للرب الذى خلق الشعب المختار ، أو إهانة للنازية اليهودية التى تقتل الفلسطينيين والعرب والمسلمين على مدار الساعة ، أو شريط " بورنو " يتم تصويره على الورق بحجة حرية التعبير !
                    لقد كشفت حادثة " تزغيط البط " عن عالم من العفن فى مجتمع " الهالوك " الخادم للاستبداد ، المعادى للإسلام ، فقد عرفنا أن بعضهم يتعامل يوميا مع المخبرين داخل هيئة النشر الرسمية وخارجها ، وعرفنا أن بعضهم سواء كان لينينى الهوى أو تروتسيكيا ، هو من يكتب التقارير الاستخبارية ، ويشى برفاقه إلى من يعنيهم الأمر ، كى يصل إلى مركز مرموق ، أو يحلّ مكان رفاقه ، وعرفنا أن الهدف الأسمى للهالوك فى السبعينيات وما بعدها ، هو الانطلاق بمشروع التنوير ، أي التغريب الذى يُقاوم الظلامية والسلفية ، أي الإسلام ، وعرفنا أن صراعات المصالح داخل المؤسسة = خدمة السلطة ، وداخل لجنة الشعر هى التى تحكم واقع هؤلاء ، وعرفنا أن مناخ التربص والترصد يفرض حضوره على الواقع الثقافى الرسمى الذى يصنعه هؤلاء ، وعرفنا أن بعضهم يرفض تجربة البعض الآخر التى تمثل فى رأيه نموذجا لشعرية عصور الانحطاط والجمود والسكون والافتعال اللغوى والقدرة الموروثة من القديم ، وعرفنا أن العمل الثقافى بالدولة – كما يرى بعضهم – لا ضرورة له إلا لخداع وتزييف وعى الجماعة البشرية بكل طبقاتها وشرائحها الفاعلة ، مما دفع فريقاً منهم إلى عقد صفقات على المستوى العربى والعالمى من خلال علاقاتهم التى وفرتها لهم الدولة ، وعرفنا أن بعضهم فى عصر الانحطاط الثقافى تحول إلى مملوك جديد وأمير حرب ، يتصارع لبسط النفوذ ونهب الثروات ، مع أن الخراب قد شمل كل شىء، ولم يبق إلا الموتى ، وعرفنا أن الضجة التى أثارها الهالوك حول " تزغيط البط " تساوى عند بعضهم القذارة واللغط والتواطؤ والطفح ، وعرفنا أن بعضهم لا يخافت فى إيمانه بضرورة إهانة المقدس الدينى والعدوان عليه ، ولا يرى ذلك نقيصة شعرية أو أدبية ...
                    وهذا الذى عرفناه ، نشرته جريدة أسبوعية حكومية يوم 22/4/2007م فى مقالات عديدة ونسى ( أصحاب !) الجريدة أننا نعيش في دولة دينها الرسمى الإسلام ، وتمنع ازدراء الأديان والمقدسات .. والعجيب أن أحداً ممن يمثلون صوت الإسلام لم يكن له وجود على صفحات هذه الجريدة ، ولو من باب ذرّ الرماد فى العيون !
                    المفارقة أن محرر الجريدة المذكورة طالب أجهزة الأمن بالكشف عن التقارير الاستخباراتية أو المباحثية التى كان يكتبها الأدباء والمثقفون ضد بعضهم منذ خمسين عاماً كما تفعل دول أوروبا .. ولو تحقق ذلك فسوف نرى أفلاماً أكثر إثارة من أفلام السينما عن المناضلين الذين صدّعوا رءوسنا بالكلام عن الكفاح ضد الطغمة البرجوازية الحاكمة وفسادها واستبدادها وتبعيتها للإمبريالية العالمية .. وساعتها نهتف :
                    - ياويلنا من سلالة هنرى كورييل وأساتذتهم الماسون !
                    ولا عزاء للبط الذى لم يجد أحداً يقوم بتزغيطه !
                    .................................................. ........
                    *المصريون ـ في 24 - 4 - 2007م.

                    تعليق

                    • د. حسين علي محمد
                      كاتب مسجل
                      • Jun 2006
                      • 1123

                      #25
                      رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

                      بركاتك يا شيخ رجب !

                      بقلم: أ.د. حلمي محمد القاعود
                      .............................................

                      كان مهرجاناً شاملاً ، انتقل من تلفزة النظام البوليسي الفاشي ، إلى قنوات رجال القروض ، إلى صحف لاظوغلى وطشة الملوخية ولحم البعرور وتبولة الشام .. كان المهرجان بسبب موافقة رئيس الدولة على علاج الشيخ " رجب هلال حميدة عضو مجلس الشعب ( المعارض !) على نفقة الحكومة لمدة ستة شهور في عاصمة أجنبية .. أسهبت أجهزة الدعاية الحكومية وشبه الحكومية في الحديث عن كرم الدولة وسخائها مع مواطنيها الذين لا تفرق بينهم على أساس الموالاة والمعارضة ، فمع أن الشيخ رجب ( معارض !) وصوته عال ضد الحكومة، وضد الفساد، وضد محاربتها للأحرار، فقد اتصل به سيادة الرئيس، بعد أن نقل إليه سيادة اللواء رئيس الديوان الجمهورية خبر الموافقة على العلاج .
                      قالت أجهزة الدعاية إن الشيخ رجب فوجئ بالرئيس يتصل به، ويتحدث معه حديثاً أبوياً ويطمئن عليه وعلى أسرته ويتمنى له الشفاء، ويُعبّر عن تضامن الدولة معه حتى يرجع بالسلامة عائداً في إهاب الصحة والعافية وطول العمر.
                      الشيخ رجب عبّر هو الآخر عن شكره وامتنانه واعتزازه بأبوة السيد الرئيس، وقال ذلك في الاتصالات الهاتفية التلفزيونية والصحفية التي انهالت عليه عقب إذاعة خبر علاجه على نفقة الدولة، وقال الشيخ رجب إنه كتب طلبا – مجرد طلب على ورقة بيضاء – وأرسله إلى السيد الرئيس، فجاءت الموافقة بأسرع مما يتوقع، وحققت حلمه في العلاج خارج البلاد.
                      فرحت – والله – لموقف الدولة ، وموافقتها على علاج مواطن مصرى ، قبل أن يكون عضواً أو نائبا بمجلس الشعب ، مؤيداً أو معارضاً ، حقيقيا أو مستأنسا ، فهذا لا يعنينى ، بقدر ما يعنينى أن من جرّب الألم وعاش محنة المرض ، يتمنى العافية لكل الناس ، ولو كانوا من خصومه وأعدائه ، فلا شىء يقهر الإنسان إلا الدّاء والدواء . كلاهما مرّ وقاس ، وكلاهما يُعيد الإنسان إلى ربّه ليستشعر قدرته وعظمته ورحمته ، حيث لا يُساوى المريض وهو سليم جناح بعوضة ، ولا يزن مثقال ذرة عند ربّه حتى وهو سليم معافى ، ولكنه كرّمه وأعطاه العقل وأفاض عليه نعمة الدين ليتعرف على خالقه ، فيسمع له ويُطيع ، ويبتعد عن الطغيان والجبروت وقهر أخيه الإنسان .
                      ويبدو أن بركات الشيخ رجب كانت حاضرة ، حيث غابت عن الدكتور عبدالوهاب المسيرى ، مثقف الأمة ، الذى أبت نفسه أن تذلّ لأحد غير لله ، وتعفف عن قبول التبرعات من الشعب لعلاجه ، ورضى بقدره مستسلماً لإرادة الله . فى حين صمتت السلطة البوليسية الفاشية عن نداءات من يملكون الأقلام والأصوات لمعالجته على حساب الشعب ومن ميزانيته ، لأنه فى أبسط الأحوال مواطن مصرى خدم بلاده خدمة جليلة تفوق ما يقدمه أعضاء مجلس الشعب أجمعين ، مع احترامى لهم جميعاً ، فالذى أنجزه لا يقدرون جميعاً على إنجاز بعضه ، وفى الوقت ذاته كان ينفق من جيبه وميراثه على موسوعته – كما أشرت فى المقال السابق – ثم إنه كان أكثر تطبيقا عمليا لما تعلمه ولما يؤمن به ، حين نزل إلى الشارع ليتظاهر ضد الطغيان والفرعنة وإهدار كرامة الإنسان ، مع أن من فى مثل عمره – وقد قارب السبعين – يجب أن يخلد إلى الراحة والهدوء ، ولكنه أبى أن يقعد مع القاعدين ، أو يكتفى بكلام يذهب مع الريح ، وراح يتقدم الشباب والرجال والنساء الذين واجهوا الخوذات الغبية والنبابيت البلهاء والبيادة العمياء !
                      المسيرى معارض للدولة ، ولكن معارضته – كما يرى النظام البوليسى – تخرجه من سياق المعارضة إلى نوع آخر ، لا أعرف كيف أسميه ، بدليل أنها فرّقت بينه وبين المؤيدين ، ورفضت أن تعالجه على نفقتها ، وتركته أو تركت أمره ، ليتولاه أمير سعودى ، أو تاجر مصرى يعرف قيمة الرجل ، فرقّ لحاله ، وتبرع من ممتلكاته أو ثروته ، ليقوم بما كان ينبغى أن تقوم به الدولة تجاه أحد مواطنيها اسمه عبدالوهاب المسيرى !
                      كان الرجل منتسباً إلى إحدى الجامعات المصرية ، وأستاذا بها ، ولا أدرى أظل مرتبطاً بها ، أم انفصل عنها ، وإن كانت السيدة حرمه مازالت – فيما أعلم – أستاذة بإحدى الكليات الجامعية ، ويُفترض أن الجامعة التى تنتسب إليها أو ينتسب هو إليها ، أن تعالجه وتتولى شئونه الصحية ، ولكن أمر علاج أساتذة الجامعة ، يمثل جرحاً غائراً فى أعماق هيئة التدريس عموماً ، باستثناء من التحقوا ببلاط النظام ، وعاشوا على أعتابه ، وعيّنوا أنفسهم فى وظيفة " مسوّغاتى " أو " مشعللاتى " على رأى " سعاد حسنى " حين عيّنت " فريد شوقى " فى وظيفة " مشعللاتى " !
                      أستاذ الجامعة البعيد عن النظام البوليسى الفاشى ، أمامه طريقان للعلاج لا ثالث لهما ، أولهما ما يُسمى بالتأمين الصحى ، نظير الخصم الإجبارى الذى يُستقطع من مرتبه الشهرى المحدود ، وعليه إذا أراد الكشف والتشخيص والعلاج ، أن يأخذ بطاقته ، ويذهب بعد طلوع الشمس – لا أبالغ – ليحجز مكانه وسط طوابير الموظفين والعمال والطلاب الذين حضروا للعلاج ، وحتى يأتى موعد الكشف عليه يكون النهار قد بدأ يميل إلى الشيخوخة والشمس تستعد للغروب ، ناهيك عن " بهدلة " الزحام و " بعثرة " الكرامة !
                      أما الطريق الآخر ، فهو اختراع أخذت به بعض الجامعات – أو كلها لا أعرف – وهو خصم مبلغ إضافى من المرتب ، نظير ما يُسمى الرعاية الصحية ، حيث تتعاقد الجامعة مع بعض المستشفيات الخاصة على علاج الأساتذة وحدهم دون أسرهم . فيأخذ الأستاذ خطابا من كليته ويذهب إلى المستشفى التى تُحوّله إلى طبيب متعاقد معها حيث يجلس فى انتظار دوره .. ثم يقرر له العلاج المطلوب ، وقد يسبق ذلك تحاليل وأشعة ونحوها ، فيضطر للذهاب – وهو غالباً شيخ مهدّم تجاوز الستين – إلى مستشفى الجامعة التعليمى لينتظر دوره أو أدواره وسط الزحام القادم من التأمين الصحى والأقسام الاقتصادية ( يعنى التى تعالج بالفلوس ) ثم يعود ليكتب طلباً بالعلاج إلى رئيس الجامعة الذى يُحوّله إلى لجنة طبية التى تقرر الاستحقاق من عدمه ، وبعدئذ يدخل متاهة الموافقات والمراجعات والبحث عن الأصناف الموجودة فى صيدلية الجامعة ، أو شراء البديل ، وتحرير طلب بقيمتها مع الفواتير التى تصرف أو لا تصرف بعد شهور ومشاوير تهدّ الحيل ، إذا كان هذا " الحيل " موجوداً أصلاً !
                      أما العلاج فى الخارج ، فأيامه "بيضاء" . " أبيض " من قرن الخروب ! وقد رأيتم ما جرى للمسيرى !
                      ولكن الأساتذة المحظوظين من أهل البلاط أو الحرملك ، فالطريق أمامهم مفتوح ، والتسهيلات بلا حدود ، وباقات الورد ، ولو فى باريس – بلا عدد !
                      لا تحدثنى عن بقية الناس من الذين أنهكتهم الأغذية المسرطنة والمياه الملوثة ، والغلاء الفاحش ، والمجارى الطافحة ، والمخدرات المنتشرة ، والمساكن الزدحمة ، والأيام الخانقة .. فهؤلاء الذين يمثلون الأكثرية الساحقة التى لا تعرف السلطة البوليسية الفاشية عنها شيئاً ، ولا تُريد ، وبالتالى ، فإن حلمهم بالعلاج المجانى أو شبه المجانى ، قد تم وأده تماماً ، فأقل تذكرة دواء لا تقل قيمتها اليوم عن مائة أو مائتى جنيه . مرتب شهر كامل للشخص المحظوظ الذي يجد عملا ؛ وربما أكثر ..ومع ذلك فإن كتاب لاظوغلى لا يذكرونهم بكلمة ، وإن كان أحدهم سخر بوقاحة من المسيرى وتمنى له الشفاء !
                      .................................
                      *المصريون ـ في 5/6/2007م.

                      تعليق

                      • د. حسين علي محمد
                        كاتب مسجل
                        • Jun 2006
                        • 1123

                        #26
                        رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

                        سعيكم مشكور.. " على جزمتنا" !

                        بقلم: أ. د . حلمي محمد القاعود
                        ........................................

                        لم أكن أنوي الإشارة إلى ما يسمى بانتخابات مجلس الشورى . فمعروف سلفا ؛ أنها ليست انتخابات " ولا يحزنون " ، بل هي تمثيلية سخيفة اخترعها النظام البوليسي الفاشي ، ليجمّل وجهه القبيح أمام العالم ، وليس لاصطفاء نخبة حقيقية من ذوي الخبرة والإخلاص تؤدي دورا حقيقيا يخدم البلاد والعباد .والبسطاء الأميون في أعماق الريف يدركون جيدا أن مثل هذه المجالس ؛ لاتخدم سوى أعضائها والنظام الذي أتي بها ، وتحليل – من الحلال – كل ما يقترفه النظام من محرّمات ضد الشعب والأمة جميعا .
                        كنت أتمنى أن تنفق المائة مليون جنيه – وقيل ثلاثمائة مليون – المخصصة للانتخابات على مصالح الناس ، بدلا من إنفاقها على انتخابات صورية ، يعلم الناس جميعا أنها مزورة ، وأنها تتم بإرادة البوليس وإشرافه ، وليس القضاء ؛ كما يكذبون علينا صباح مساء .
                        عاجلني صوت المذيعة الكذابة في نشرة التاسعة مساء الأحد 11/6/2007م، وهي تجزم بصيغة قاطعة أن خمسة وثلاثين مليونا من الناخبين المصريين قد توجهوا إلى لجان الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى ، بعد أن فاز أحد عشر عضوا بالتزكية . المذيعة الكذابة كانت تستخدم صيغة الفعل الماضى التي تفيد التقرير والحدوث ، وكان الواقع يكذب كلامها والصحف الحكومية نفسها التي صدرت في اليوم التالى تؤكد أن نسبة الحضور 22% مع أن الواقع يؤكد أن الذين ذهبوا أقل من واحد بالمائة من مجموع الناخبين !
                        كنت أتمني أن يستفيد الناس بما أنفق على هذه الانتخابات الصورية في مشروعات مفيدة مثل الصرف الصحى وتنقية المياه الملوثة التي أهلكت كُلى المصريين وأكبادهم وأمعائهم ، ثم تقوم بتعيين من تختارهم وتجد لديهم الاستعداد للتصفيق الحاد ، والهتاف القوي ، والردح الأصيل لخصوم السلطة البوليسية الفاشية .
                        لن يعارضها أحد ،ولن يقف في طريقها أحد ، فكل الناس تخشى منهج " الفرم" الذي ظهر مع أزهى عصور الحرية والديمقراطية والرخاء والعدل والإنصاف !
                        كنت أتمنى أن تريح الحكومة البوليسية نفسها ، ولا تعلن عن انتخابات صورية ، لا يحضرها أحد ، بل تعتقل من يترشح لها من الإخوان المسلمين " قمة المواطنة " ! وتلقي بهم مع الأنصار والأتباع في السجون ، وتحرمهم من ذويهم ، وأقاربهم دون جريمة تذكر ، فهم مثلا لم يغرقوا أكثر من ألف مصري في البحر ، ولم يقتلوا أحدا في حوادث القطارات والسيارات ، ولم ينهبوا أموال الدولة بالقانون في صفقات مشبوهة ، ولم يسرطنوا الغذاء ، ولم يسمموا الدواء ، ولم يتصوروا على السيديهات المخلة ، ولم يقدموا للناس دما مغشوشا ، ولم يستولوا على أراضي الدولة بأقل من سعر التراب .
                        كنت أود من النظام البوليسى الفاشي أن يريح ويستريح ، ويعلن أنه سيختار الأعضاء الذين يعجبونه شكلا ومضمونا ، ويصدر قرارا بتعيينهم وكفى الله المؤمنين القتال .. فالناس تعلم جيدا أنه لا المعارضة مؤثرة ، ولا الصحافة مقلقة ، ولا تصريحات " مجرم الحرب " جورج بوش " مغيرة .
                        الناس واثقون تماما أنهم سيظلون هكذا تحت رحمة النظام البوليسي الفاشي حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا .. وهم واثقون أيضا أنهم يستحقون ذلك ؛ لأنهم صمتوا طويلا أمام القهر والعسف والتنكيل ، بل إنهم صفقوا لذلك وهتفوا .. هل نسينا ذلك الذي رقص في مجلس الأمة غداة الهزيمة ابتهاجا ببقاء الزعيم ، ونسى أن سيناء ضاعت مع القدس والضفة والقطاع والجولان ؟
                        الناس يعلمون أن مجلس الشعب ومجلس الشورى وبقية المجالس التى صنعها النظام البوليسي الفاشي على " جزمة" أصغر جلاد في دائرة اسطنها منوفية !!
                        عضو مجلس الشعب عن عن هذه الدائرة طبيب بيطري ، مرّغوه في الوحل ، ومزقوا ملابسه ، وسحلوه فى الشارع ؛ وهو خارج من سرادق عزاء ، وقالوا له : سعيكم مشكور ! وقال له الجلاد الصغير : أنت ومجلس الشعب "على جزمتنا" ! . نشرت ذلك الصحف والمواقع الألكترونية !
                        لم يغضب نواب الحصانة في الوطنى ، ولا أحزاب بير السلم ، لأن " جزمة " النظام ممثلا في أصغر جلاد فوق الجميع أوتحتهم ، شرف وعز ومجد وتقدير .. يالها من جزمة !! ولم تغضب صحافة لاظوغلى أو الحديد والصلب أو السيراميك أو التوكيلات أو الأراضى المنهوبة ، لأن جزمة البوليس تختلف عن الجزم الأخرى التي يؤلفون حولها الحكايات ، وينسجون عنها الأساطير .. أما جزمة البوليس ، فهي طاهرة ونقية ورائحتها زكية وتردّ روح أى صحفي من الخدم وأىّ عضو من الوطني وبير لسلم !
                        صحيح أن نواب الإخوان غضبوا واعتصموا وصدقوا ما قاله الرجل الثاني في البروتوكول عن حضور وزير الداخلية للاعتذار ، ولكن الأنباء جاءت بما لا يشتهى الرجل ، فالوزير لم ولن يعتذر ، وصحف لا ظوغلى قالت إن النائب هو الغلطان، لأنه سدّ الطريق بسيارته ، وأن الجلاد الصغير لم يتفوه بكلمة ، ولم يلمس العضو المحترم !واخبطوا دماغكم في أقرب حائط يابتوع الإخوان ، والمستقلين كمان !
                        ومع ذلك يخرج الصديق عصام العريان ليقول إن في الانتخابات سبع فوائد ومآرب أخرى !
                        إني أختلف معك يا دكتور عصام ، وأحرجك – على طريقة محاور العبارة 98!- فدخول الانتخابات في ظل الأوضاع الجديدة غطاء شرعي للنظام البوليسي أمام العالم ، وفي ظل غياب الإشراف القضائى الحقيقي الكامل فلن ينجح أحد من الإخوان وربما ينجح واحد أو اثنان ، ولكن لن تتكر تجربة مجلس الشعب 2005م ، وإحساسي يقول إن النظام سيحل المجلس ليتخلص من مجموعة ال88 ، ويأتي بمجلس آخر غير مزعج لن يتسرب إليه عضو واحد من الإخوان ، فالتزوير سيكون علنيا وواضحا ، وعلى عينك يا تاجر !
                        ومن باب أولى أن يستجيب أعضاء ال88 لكرامتهم قبل كرامة زميلهم المسحول ، ويقدموا استقالة جماعية قبل أن يقيلهم النظام من خلال حل المجلس في تغييرات بدت بشائرها في ظهور نجل الرئيس قبل الرجل الثاني في البروتوكول على شاشة التليفزيون في أثناء الإدلاء بأصواتهم !
                        وأظنك تذكر يادكتور عصام أن الجلاد الذي أعلن ذات يوم أن سيضرب في سويداء القلب ، وأنه على استعداد لقتل خمسمائة ألف مواطن من أجل الاستقرار ، لم يقل ذلك عبثا ، أو كان فلتة لسان ، أو تعبيرا عن رؤية شخصية ، ولولا أن فضحته جريدة "الشعب" – المغلقة - وهو يسبّ أصحاب المناصب الكبيرة والصغيرة ، يومها كتب "عادل حسين" – رحمه الله – خذوا السكين من يد هذا المجرم ! لولا ذلك لمضى الأمر كما يريد المجرم الجلاد ، ولقتل من شاء ، دون أن يسائله أحد !
                        الانتخابات لا فوائد لها في ظل هذا الوضع الشائن الشاذ ، والضحايا يدفعون ثمنا بلا مقابل ، والأولى في هذه المرحلة على الأقل ؛ تحرير الناس ، والشباب خاصة ، من الغيبوبة التي يصنعها النظام بالكذب والتزييف والتزوير والقهر ، والاعتماد على أحزاب بير السلم التى يديرها أصحاب مصالح صغيرة ، وخاصة سلالة هنري كورييل !
                        علموا الناس كيف تتحرر بالقرآن وقيمه وسلوكه من عبودية الجبابرة والطغاة ، ربّوا الأجيال تربية قرآنية ،حرمت منها في المدرسة والجامعة والإعلام والثقافة ، وهي مهمة صعبة للغاية ، وأصعب من السياسة بكثير ، ولكنها أكثر جدوي ، وأكثر تأثيرا .. وساعتها سيسقط الجلادون الفاشيون تلقائيا .. واسلمي يامصر !
                        ..........................................
                        *المصريون ـ في 12/6/2007م.

                        تعليق

                        • د. حسين علي محمد
                          كاتب مسجل
                          • Jun 2006
                          • 1123

                          #27
                          رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

                          الأدب الأفغاني الإسلامي

                          بقلم الدكتور حلمي محمد القاعود
                          .................................................. .

                          يظل العالم العربي في حاجة إلى تعرف آداب الشعوب الإسلامية في آسيا وإفريقية ، على الأقل من باب الواجب المعرفي ، فقد اهتم الأدباء العرب ونقادهم بالانغماس في المركزية الأوربية وما يحيط بها من آداب تابعة لها بحكم الثقافة أو اللغة أو الدين ، ومن المفارقات أن الأدباء العرب مثلا يعلمون عن أدب أمريكا اللاتينية الكثير ، ولا يعلمون إلا القليل عن الأدب الفارسي والتركي ، وأعتقد أنهم لا يعلمون شيئاً ألبتة عن الأدب البنغالي أو الملايوي أو الإندونيسي ، بل إنهم لا يعرفون أدباً أو أدباء في بلاد تنتمي إلى الجامعة العربية مثل الأدب الصومالي أو الأدب الجيبوتي أو الأدب في جزر القمر . قد يكون الانبهار بالمركزية الأوربية من وراء إهمال الآداب في العالم الإسلامي ، وقد يكون توجه النخبة المعادي للثقافة الإسلامية عموماً من وراء البعد عن آداب شعوبها .. ولكن المحصلة في النهاية هي الجهل شبه التام بآداب الشعوب الإسلامية ، وخاصة ما صدر منها عن تصور إسلامي أو رؤية إسلامية .
                          ولعل المشروع الذي أخرجته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى الوجود للتعريف بآداب الشعوب الإسلامية يعدّ الأول من نوعه في هذا المجال ، فقد رتّبت عمادة البحث العلمي لنشر سلسلة آداب الشعوب الإسلامية ، وبالفعل ظهر من هذه السلسلة عدة دراسات مهمة ؛ عن الأدب التركي، والأدب الأوردي ، و الأدب الأفغاني ، ورابعها عن الأدب الأوزبكي، وكلها تؤصل للأدب الإسلامي في تركيا والباكستان وأفغانستان .. وقد اخترت الدراسة الثالثة لأقدمها إلى القراء بحكم أن كثيرا من القراء العرب يفتقدون النصوص الأدبية الأفغانية الإسلامية بين أيديهم . وجدير بالذكر أنني قدمت منذ سنوات وعقب الاحتلال السوفياتي لأفغانستان الذي وقع عام 1979م دراسة حول شعر الشاعر الأفغاني العظيم " خليل الله خليلي " ، ومن خلاله عرّفت ببعض ملامح الأدب الأفغاني الإسلامي المعاصر ، وخاصة ما تعلّق منه بمقاومة العدوّ الشيوعي المستعمر ، وأتباعه من الشيوعيين الأفغان الذين نشروا الإلحاد والموت والقهر والدمار في شتى أرجاء أفغانستان !
                          الدراسة التي بين أيدينا من تأليف وإعداد وترجمة الدكتور " محمد أمان صافي "، وتنطلق من الوحدة الحضارية والثقافية للمسلمين بوصفها وحدة حضارية أصيلة وثقافة إسلامية مستقلة ، والأدب هو الشاهد على هذه الوحدة ، فروحه وتصوّراته ورؤاه تصدر عن منبع واحد هو الإسلام ، ولا يؤثر في ذلك ما تنتجه النخبة المتغرّبة في البلاد الإسلامية ، فأدبها هو الاستثناء المخالف الذي يثبت الوحدة الحضارية والثقافية للمسلمين .
                          لقد صمدت الأمة الإسلامية في وجه النكبات والغزوات التي ألمت بها ، وجعلتها شيعاً وأحزاباً؛ بفضل الله أولاً ، ثم بفضل أدبها الإسلامي الذي عبر عن فكرها المشترك ومشاعرها الواحدة ، وتاريخها الواحد ، وهو ما جعلها تستمد من هذا الأدب أصالتها ورسوخها في النضال والكفاح والصمود ، وتفوّت على الغزاة والطامعين فرصة إبعادها عن دورها الحضاري الإسلامي ، أو قطع صلتها بالتراث الإسلامي العظيم .
                          إن الأدب الأفغاني من أهم الآداب الإسلامية ، وأعظمها فائدة ، وأجملها متعة ، وأصدقها رواية ، ونصوصه كل شيء إسلامي للإنسان عامة، وللمسلم خاصة، تقدم البناء الفكري والسلوكي والذوقي ، وتقدم المتعة الجمالية، والقيم الإنسانية ، والمنفعة التعليمية ، والعذوبة الفنية ، والتسلية النفسية في بيان إسلامي ساحر جميل . إنه أدب جدير بالاهتمام ، وجدير بالترجمة .
                          وإذا كان الأدب العربي هو الجناح الأول للأدب الإسلامي ، فإن جناحه الآخر يتمثل في آداب الشعوب الإسلامية غير الناطقة بالعربية ، ولا يجوز أن يبقى الجناح الأول بعيداً عن الجناح الآخر ، أو العكس ، فبالجناحين يستقيم التحليق في الآفاق الأدبية الإسلامية ... وبالترجمة يمكن فتح باب جديد واسع في الأدب الإسلامي مازالت دروبه بكراً ، ومازالت دراساته وساحاته ميادين واسعة للباحثين والدارسين والمترجمين .
                          يحدد الدكتور " محمد أمان صافي " خصائص الأدب الأفغاني الإسلامي ومميزاته في النقاط التالية :
                          1 – هو أدب إسلامي عريق نشأ في ظلال الإسلام ، وتحت رعاية اللغة العربية ، وكانت العناية به إسلامية أفغانية ، وكانت نهضته وتطوره مبنيتين على الأسس والمبادئ الإسلامية . وقد نشأ نشأة إسلامية في منبت إسلامي طيب ، وفي شعب شديد التماسك بالإسلام يأمر الشعراء والأدباء والكتاب بالتقيد الشديد بالتزام قواعد الإسلام ، وتطبيقها في القول والفعل ، كما يأمرهم ويحضهم على الالتزام بالخلق القويم .
                          2 – وهو أدب ينطلق من التصوّر الإسلامي للخالق العظيم ، وللإنسان والكون المحيط بالإنسان ، وللحياة التي يعيشها ، ويدعو الإنسان إلى عبادة الخالق العظيم في هذه الحياة ، ليس هذا فحسب بل يقوم برسم معالم الطريق الرئيسة ليسلكها في رحلة حياته الطويلة ، فلا غرابة أن نرى الروح الإسلامية تسري في عروقه المعنوية والصورية ، إنه أدب يهتف في شعره ونثره بعظمة الإسلام ، ويدعو بقوة إلى التمسك بأهداب الدين الإسلامي حيث إنه طريق النجاة من الضياع .
                          3 – واقع الأدب الأفغاني واقع إسلامي ، منه يستقي قيمه وسلوكياته ، وعليه يعتمد في واقعه الأدبي ، حيث إنه لا يعرف العيش في أبراج عاجية بعيداً عن الحياة والناس . والحياة في منازل الأفغان حياة إسلامية ، والناس فيها مسلمون شديدو التمسك بالإسلام . ولابد للأدب أن ينفعل بالحياة والأحياء تأثراً وتأثيراً ، وقيود الواقع الحيّ تشدّه شدًّا إلى أن يقوم بتصويره وتجسيده ، فيصبح على واقع الحياة والأحياء ، حلوه ومرّه .. إنه أدب إسلامي حاول على مدى تاريخه العريق أن يقدم وصفاً مطابقاً للواقع ، وأن يعكف على دراسة مشكلات الحياة الإسلامية ، ومناقشة حلولها الإسلامية ، وجعل من واقع الحياة مصدراً استقى منه أعماله الأدبية بحيث يمكننا أن نرى فيه صورة صادقة وواقعية للحياة الإسلامية .
                          4 – الأدب الأفغاني مظهر من مظاهر الانتماء الإسلامي في أجلى صورة، ومظهر التغنّي بأمجاده ومآثره التاريخية الممتدة في جذور انتمائه إلى أعمال التاريخ ، وفي اعتزازه بالإسلام وبقيمه ومثله العليا . وقد واجه بقوة محاولات القضاء على مظهر الانتماء الإسلامي ، ولم تتمكن مظاهر التغريب من التغلب عليه ، بل قاومها ودافع عن المظاهر الإسلامية .
                          5 – الأدب الأفغاني الإسلامي أسهم في إقامة المجتمع الإسلامي وفي تكوين الفرد المسلم ، وفي غرس الولاء الإسلامي ، وفي تنمية المسؤولية الإسلامية، والحرص الشديد على الذوق الجمالي الإسلامي ومجابهة الأفكار الهدّامة ، وتأكيد العبودية لله ، والمشاركة في مظاهر بهجة المسلمين وسرورهم بالانتصارات في الفتوحات الإسلامية ، وفي تصوير تلك الفتوحات والانتصارات في القديم والحديث ، وقد وفق الأدب الأفغاني في تصوير هذه الغايات والأهداف النبيلة في الإطار الذي حدّده الدين الإسلامي ، وهي غايات وأغراض جميلة تدور حولها الدراسات الأدبية في عصرنا الحاضر . لقد ظل الأدب الأفغاني الإسلامي يؤدي دوره لخدمة الإسلام دون أن تحطمه حملات المذاهب المادية !
                          6 – إن الأدب الأفغاني الإسلامي في جملته أدب إسلامي الأساس والمنطلق ، إسلامي الواقع والمظهر والانتماء ، إسلامي الإسهام في إقامة المجتمع وتربية الفرد . ومع ذلك فإن بعض الأدب الأفغاني ضل الطريق وشذّ عن الجادّة الإسلامية ، ولا قيمة لهذا " البعض " أما رسوخ الأدب الإسلامي الذي يمثّل الصورة الغالبة . " ويكفيه فخراً أنه ليس في أدب الناطقين بالأفغانية مكان للكافر والكفر " !
                          هذه الخصائص والمميزات التي ذكرها الدكتور " محمد أمان صافي " يترجمها إلى واقع عبر صفحات دراسته من خلال النصوص الأدبية الأفغانية الإسلامية ، ومن خلال إطلالة ضافية تتناول تأثير الإسلام في نشأة اللغة الأفغانية ( البشتونية = البختونية ) وكتابتها بالحروف العربية بعد أن عادت إليها الحياة ودبت فيها الحركة ، وهجرت نهائيا الهجائية القديمة التي كانت تستخدم في كتابتها .. ثم تركّز الدراسة الحديث عن الشعراء والأدباء الأفغان الإسلاميين في كل فترة من تاريخ الأدب الأفغاني ، وبيان ما أجادوه في الأدب الإسلامي من الأفكار والتصوّرات والأخيلة ، وما صوروه في شعرهم من المعاني والمفاهيم الإسلامية ، مع الاعتماد على الشواهد الأدبية ، ونقلها من الأفغانية إلى العربية ، وهذا في الحقيقة يمثل رحلة الأدب الأفغاني عبر القرون .
                          ويمثل القسم الثاني من الدراسة لبّها وجوهرها ، أو نموذج الأدب الرفيع للأدب الأفغاني الإسلامي ، وبعد مقدمة تاريخية حول الجهاد الأفغاني الإسلامي ، فإن الدراسة تدعونا لمعايشة أجمل نماذج الشعر والنثر التي قالها الشعراء والأدباء الأفغان المسلمون ، خاصة في ظل الاحتلال الشيوعي الروسي وأتباعه من الشيوعيين الأفغان .
                          وكان من توفيق الباحث أنه وضع النصوص المترجمة باللغة البشتونية ، ليستزيد القراء والباحثون الملمّون بهذه اللغة من متعة الاطلاع عليها ، والتغلغل في جماليّاتها .
                          ويصعب في هذه الكلمات الموجزة أن نلمّ بجميع ما أورده الباحث من نماذج أدبية تتناول الجهاد الأفغاني قديماً وحديثاً ، ولكننا سنكتفي بالوقوف أمام بعض الشعراء والكتاب من الأدباء الإسلاميين الأفغان المعاصرين الذين آثروا أدب الجهاد الإسلامي بقصائدهم وكتاباتهم .
                          وينبغي أن نتذكر أن الشيوعية الأفغانية أشدّ الشيوعيات عداوة للأفغان ، وكرها للإسلام ، وحقداً على المسلمين ، تضع في طريق القيم الإسلامية ، والأفغانية كل العقبات والعراقيل ، وقد استعانت بالروس الغزاة ، وقامت بإنزال المحن بالمسلمين ، وأعدمت كثيراً من الأبرياء ، أو اعتقلتهم ، وشردت الآمنين ، وذلك بعد أن قفزت على كرسي الحكم في كابل ، وبعد أن احتل الروس أفغانستان بالقوة . وقد لعب الحزبان الشيوعيان : خلق وبرشام دور العملاء في هذه العمليات الإجرامية .
                          (يتبع)

                          تعليق

                          • د. حسين علي محمد
                            كاتب مسجل
                            • Jun 2006
                            • 1123

                            #28
                            رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

                            لم يكن أمام الشعب الأفغاني المسلم إلا القيام بالجهاد الإسلامي لمواجهة القهر والقمع والتنكيل التي تمت فيها ممارسة أشرس أساليب المقاومة الإسلامية ، وأشدّها فتكاً وتأثيراً . وبدأت مسيرة الجهاد الأفغاني إسلامية ، وانطلقت إلى كل الآفاق دفاعاً عن الدين والوطن .
                            لقد استشهد الباحث في سياق الجهاد الأفغاني الإسلامي المعاصر بأشعار وكتابات عدد كبير من الشعراء والأدباء ، منهم : عبد الله غمخور ( الحزين ) والشيخ عبد الباري غيرت ، وحبيب الله رفيع وديدار خان أحمدزي ، وجوهري ، وعبد المتين تسكين ، والصادق كل زرك زردان ، وغمجين ( الحزين المتألم ) ، ومحمد يونس خالص ، وقيام الدين كشاف ، وتوريالي زازي ، وعيسى محمد ، ومحمد عارف غزوال ، وسيد محيي الدين هاشمي وعبد رب الرسول سياف ..
                            كنت أتمنى أن يستعرض الباحث بعض أشعار " خليل الله خليلي " ، ومع أنه أشار إليه في سياق البحث ، ووصفه بالشاعر العظيم ، فقد كنت أتمنى أن يحظى منه ببعض الاهتمام وتقديم بعض النماذج الشعرية له . ولا أدري سبباً معقولاً يجعله يتجاوزه ، فقد غنّى الشاعر خليلي لأفغانستان غناء عذباً شجياً دامعاً ، وهو في مهجره بعيداً عن وطنه ، محروماً منه ، ملهوفاً عليه .
                            قدم الباحث الشعراء والأدباء الأفغان الإسلاميين من خلال نبذة قصيرة تتناول سيرتهم وإنتاجهم الأدبي ، مع تقديم نماذج شعرية أو أدبية ، واتسعت هذه النبذة أحياناً وضاقت في أحيان أخرى ، وفقاً لمستوى الشاعر أو الأديب ومقدار إنتاجه الشعري أو الأدبي .
                            وقد بدأ البحث المرحلة المعاصرة للجهاد الإسلامي الأفغاني بالشاعر عبد الله بن عبد الودود – الملقب بغمخور – أي الحزين – الذي يبدو أكبر الشعراء المعاصرين سنَّا حيث ولد عام 1921م = 1339هـ في ولاية كونر ، بمنطقة جميلة رائعة في أحضان الظلال الوارفة ، وعبير الأشجار الخضراء الناضرة .
                            عاش غمخور في بيت علم وزعامة ، وفي بيئة متوسطة الحال . اشترك والده الحاج عبد الودود، وعمه الشيخ عبد الرحمن في حرب الاستقلال في عهد الملك أمان الله خان ، الذي أعلنها ضد الإنجليز في الهند .
                            عمل غمخور في السلك الحكومي الإداري ، وخاصة إذاعة كابل ، وتشبع بعداوة الإنجليز، وبشعور العطف والشفقة على الناس ؛ وهذه المشاعر تبدو واضحة في شعره . ويمتاز غمخور بثقافة متنوعة تركت آثارها على إنتاجه الأدبي ، ونظراته النقدية ، ساعدته على إجادة الكتابة وقول الشعر، وإنتاجه الأدبي يجمع بين السلامة والقوة ، وبين وضوح الفكرة وعمقها . قال عنه الأستاذ " خليل الله خليلي " شاعـر أفغانستان العظيم : " إنه شاعر قدير ، زوّد الأدب الأفغاني بمجموعة من شعره النفيس " . وقال عنه " سيد شمس الدين مجروح " ، وزير العدل الأسبق في أفغانستان ، وأحد علمائها وأدبائها المشهورين : " يكمن في شعر عبد الله غمخور كثير من الدرر واللآلئ المبتكرة " . وقال عنه الأديب " هميش خليل " المؤلف والمحقق الأفغاني : " إن الشاعر عبد الله غمخور يدافع عن هوية بلاده بفمه وقلمه وقدمه .. إنه شاعر ومقاتل ومجاهد " .
                            لقد صور واقع الجهاد الأفغاني الإسلامي بمنتهى الدقة والوضوح ، ودون مواربة ، ودعا المجاهدين إلى النهوض بمسؤولتهم ، وحمل الأمانة ، والاتحاد إن أرادوا النصر على الأعداء ، وقد انتقد كثرة الزعامات وإضاعة الوقت والهدف . يقول :
                            لقد كثر الكلام وتعدد الأفواه وفقد الهدف
                            زادت المؤتمرات وزادت الحكايات وفقد الغرض
                            ويقول :
                            لا تسألوا عن جنون الزعامة وهوسها
                            لقد فقد أصحاب القلوب ما يشغل القلوب !
                            فقد أصل " غمخور " في أشعاره المتنوّعة لفكرة الحماسة والجهاد من خلال التصور الإسلامي ، حتى في شعره الذي أنشأه في الموضوعات الوطنية :
                            إنني عبد الله ذاهب إلى التضحية بنفسي
                            لقد ثرت غيرة على الإسلام وغيرة على الأفغان
                            إنني قد قمت بصيحة التكبير لأجل الإسلام
                            وقمت بالرحيل مع الأسرة لأجل شعبي ..
                            وفي قصيدة بعنوان " اليوم الدامي " يصور شكواه المرة الحزينة التي أثارتها مشاهد الجرائم الوحشية التي ارتكبها الشيوعيون ضد شعبه . يقول فيها متحدثا عن حزب " خلق " الشيوعي :
                            كلتا يديه مخضبتان بدمائنا الوردية بوضوح
                            وكل أسنان فمه الفاغر محمرة بلحومنا
                            لا تقل ، إنها أعلام حمراء للشيوعيين " الخلقيين "
                            بل إنها ثياب صدورنا الحمراء التي قطعت
                            ليست قطع القماش وحدها تبدو ملونة بدمائنا القانية
                            بل الأسواق أيضا محمرة بدمائنا النازفة الغارقة
                            إن مصاصي الدماء ممن يعبدون لينين اعتدوا علينا
                            فاحمرت البيوت ، بل القرى والمساجد بدمائنا الوردية
                            ويستمر الشاعر في الإنشاد مستثمرا ببراعة المفارقة بين لون الدم ، وشعار الشيوعيين ، حيث يرى الحمرة صبغت كل شيء في أفغانستان ، لأنها صارت دما ينزف في كل شبر من أرجائها ، وليس مجرد راية حمراء يرفعها الشيوعيون .. حتى يصل في بعض أجزاء القصيدة إلى القول :
                            الآن مات المحراب والمنبر
                            لأن أعلام الملحدين المعلقة مصبوغة بالحمرة الدامية !
                            ويسجل " غمخور" آلام الهجرة والأنين الذي انتشر في حدائق الطيور ، والدماء القانية التي صارت رداء للوطن ، في قصيدة ملحمية طويلة تبشر بالأمل القادم والنصر الموعود ، والنور الذي سيشرق من جديد ، وسينجو العالم من براثن ذئاب لينين . ولا ينسى " غمخور " وهو يرصد الألم ويبشر بالأمل أن يلتفت إلى زعماء الجهاد وخلافاتهم المؤسفة ، فيبكتهم ويستنكر أفعالهم ويحذرهم من ضياع الدين والوطن :
                            لماذا تركتم الجهاد أيها الزعماء وبدلتموه
                            بصيحات ونعرات الاتحاد .. الاتحاد الفارغة ؟
                            يا جياع الثورة وعشاق المال اسمعوا القدر :
                            إن دين الأفغان ودنياهم قد ضاعا .. وضاعا !
                            ومع متابعة " غمخور " لحركة القادة المجاهدين وما يحدث بينهم من خلافات ، فإنه يشيد دائما بالمقاتلين المسلمين الأفغان ، ويبارك انتصارهم على الشيوعيين الملاحدة ، وله قصائد طويلة في هذا السياق منها قصيدته الجميلة التي يهنئ فيها الشعب في " كونر " بانتصاره وبطولاته ، يقول في ختامها :
                            أيها الفجر الجديد للحياة الجديدة ، لك التهنئة
                            لقد نفذت البطولة الكبرى ، فلك التهنئة .
                            وعندما انتصر الأفغان وتم طرد الروس بعد هزيمتهم الفاضحة ، قال " غمخور " مقطوعة قصيرة لها دلالتها العميقة مخاطبا المجاهد الأفغاني المسلم المنتصر :
                            أحدث سيفك وقع رجع الصدى في العالم ، بورك فيك
                            وأخرجت الروس من ترابك الطاهر ، بورك فيك
                            فأصبح بذلك دور " آريانا " التاريخي مفتوحاً يا ابن الأفغان
                            كيف أمكنك التغلب على هذا المارد ؟ ، بورك فيك
                            من الشعراء المهمين الذين ترجم لهم الكتاب ، الشاعر " غمجين " ، ومعنى اسمه : " الحزين المتألم " ، وهو من المتخصصين في الإنشاد في موضوعات الجهاد الأفغاني . وموضوعاته نماذج أدبية إسلامية سامية الهدف ، عالية الأسلوب ، وهي ألصق بالجهاد الذي أصبح من الحياة اليومية للأفغان .
                            وديوان " غمجين " الذي أسماه " جهاد جذبه = جاذبية الجهاد " مرآة لحياته الجهادية الصادقة ، تكمن فيه أبعاد شخصيته الأدبية ، وصراعات الجهاد وانتصاراته ، ولغته الشعرية التلقائية ؛ وهي لغة حية دافقة ، زاهية ولكنها بسيطة بساطة طبعه وحياته ، عميقة وصافية صفاء جوهره ، وفيها جميع عناصر الحياة من الجهاد بمشاهده ومناظره وانتصاراته . إنه كائن حيّ داخل تشكيلة الحياة الجهادية المتحركة بكل أبعادها وأشكالها وقوالبها المتأرجحة بين تقدم للهجوم وتأخر للإعداد .
                            إن جرأة التناول ، وطراوة الخيال ، واتساع الأفق بعض ما تميز به الشاعر " غمجين "، فقصائده ذات علاقة وثيقة وطيدة بالأجواء والأحوال السائدة في أفغانستان . وشعر " غمجين " الجهادي ممتلئ بتفاؤل عميق ، وهو مثل الشعراء الأفغان الآخرين ، يؤمن بأن النصر في النهاية من نصيب الجهاد ، وأن حكومة إسلامية ملؤها السعادة والإشراق ستنهض في بلاده ؛ لذا نراه يلح على الجهاد والمجاهدين والفدائيين .
                            وفي قصيدته " الفدائي الطاهر " يقول :
                            لا خوف عندي من قصف القنابل ولا من الغاز السام
                            مائة حسرة وأسف على الموت الذي يتم اليوم
                            عندما يلفظ الإنسان أنفاسه في حضن أمه بدلال
                            يا " غمجين " إن الصفقة لإحدى الحسنيين
                            الفدائي النقي الخالص إما أن يكون شهيدا ، وإما غازيا
                            ويتعجب " غمجين " ، خداع الشيوعيين المحليين ومكرهم ، فيكشف أساليبهم وألاعيبهم ، ويتحدث في قصيدته " لون البقرة أسود ولبنها أبيض " عن " نجيب الله " الحاكم الشيوعي وكلامه المعسول ، فيقول :
                            مهما يتحدث " نجيب " عن قصص الود والحب
                            الشائقة العذبة ذات الدلال واللطف الكثير
                            من أجل خداع عامة الناس بمكر وحيلة
                            وهي قصص مملوءة بالفساد ، وملونة للإضلال
                            يجد نفسه بأنه في عداد المسلمين من غير وضوء
                            ومن حوله يقف الروس الحمر يحملون السياط
                            كيف يمكنه إخفاء الشمس المشرقة بإصبعين
                            الكل يعلم أن لبن البقرة السوداء أبيض
                            ما دام هو يحمل في أذنه حلقة العبودية للروس
                            أقوم أنا " غمجين " فأشرب من الحزن دم مهجتي
                            (يتبع)

                            تعليق

                            • د. حسين علي محمد
                              كاتب مسجل
                              • Jun 2006
                              • 1123

                              #29
                              رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

                              ولا ريب أن حرارة الشعر لدى " غمجين " والشعراء الأفغان الإسلاميين ، ترتبط ارتباطا وثيقا بصدق مشاعرهم وصفاء أحاسيسهم وتعبيرهم عن التجربة الشعرية من داخلهم ، ولعل ذكر الشاعر لاسمه ، أو جعل نفسه طرفا في بناء القصيدة الإسلامية الأفغانية من وراء هذه " الحرارة الشعرية " .
                              يشغل النثر في دراسة الدكتور " محمد أمان صافي " حيزا محدودا ، ويتوقف عند الكتاب والأدباء الذين كتبوا المقالة وحدها ، لذا لم يقدم من النثر الأفغاني الإسلامي إلا نماذج للمقالة ، واختفت الأجناس النثرية الأخرى ، مثل القصة القصيرة والرواية والخطبة والخاطرة والمسرحية والحوارية ... وكان يمكنه أن يثري هذا الجانب لو قدم بعض النماذج أو أشار إليها بالعرض أو التلخيص ، وسبق أن قدمت " لمرال معروف " روايتين ، الهجرة إلى أفغانستان " التي ترجمها " محمد حرب " ، ورواية " معسكر الأرامل " التي ترجمتها " ماجدة مخلوف " وقد طبعتها رابطة الأدب الإسلامي ، وهما من الأدب الأفغاني الإسلامي المتميز .
                              تقدم الدراسة عددا من أدباء المقالة في أفغانستان ، منهم الزعيم محمد يونس خالص ، والشيخ قيام الدين كشاف ، والأديب توريالي زازي ، والأستاذ عيسى محمد ، والأستاذ محمد عارف ، والأستاذ سيد محيي الدين الهاشمي ، والأستاذ عبد رب الرسول سياف ، كما سبقت الإشارة .
                              يقدم من الكتاب الزعيم محمد يونس خالص ، ولعله أكبر الأدباء الناثرين سنّا ، فهو من موليد 1298هـ 1919م بولاية ننكرهار بشرق أفغانستان ، وهو من زعماء المجاهدين ، ويكاد أن يكون مدرسة تتعانق فيها أساليب القتال بأساليب الأدب .
                              قضى الشيخ محمد يونس خالص حياته في تدريس العلوم الإسلامية والعربية ، وإلقاء الخطب الدينية والإمامة في المساجد، بالإضافة إلى إذاعة الأحاديث الخاصة بتفسير القرآن الكريم من الإذاعة الأفغانية والكتابة في الجرائد والمجلات نثرا وشعرا .
                              وقد هاجر إلى بيشاور ، وانضم إلى " الحزب الإسلامي " بزعامة حكمتيار ، ثم انشق عليه عام 1979م ، وأسس حزبا خاصا به يحمل اسم " الحزب الإسلامي " أيضا . وشارك – مع تقدمه في السن – في كثير من عمليات الجهاد التي قادها بنفسه ، وإيمانه لا يتزعزع بانتصار الثورة الإسلامية الجهادية في أفغانستان ، وقيام حكومة إسلامية صحيحة فيها . وله مجموعة كبيرة من الآثار الأدبية والفكرية أهمها " الدرر الدينية ، وروح الاجتماع ، والدين والتمدن الإسلامي ، والإسلام بين العلماء الضعاف والشباب الجاهل ، ومن النماذج التي كتبها خالص مقالة " خائن الشعب " التي نشرها في مجلة " بيام حق " رسالة الحق التي كان مديرها المسؤول ؛ وجاء فيها :
                              " خائن الشعب هو الذي يقوم بالقضاء على لغة الشعب وعاداته المفيدة، وتقاليده الشعبية، ويقوده إلى تقليد الأجانب .
                              هو الذي يخلق التفرقة والحقد بين أفراد الشعب، ويفرق بينهم بتميزات مخالفة للعدالة .
                              هو الذي يقتل في الشعب مشاعره الدينية الحقة، ويقضي على الشعائر، والتعاليم، والمحاسن الدينية .
                              إنه ذلك الذي يضحي بأموال الشعب، وأعراضه، ودمائه في سبيل تلبية رغباته الشخصية، ومطالبه النفسية .
                              هو ذلك الذي لا يتحرك غيره على ناموس الشعب . إنه ذلك الذي يقضي على شخصيات الكثيرين لأجل رفع شأن شخصيته الخاصة .
                              هو الذي يتهم كثيرين من الأبرياء لينالوا الجزاء باسم المجرمين لإثبات مصالحه الخاصة . هو ذلك الذي يقوم في بلده بالدعاية للأجانب ، ويعمل لمصلحتهم .
                              إنه ذلك الذي لا يقدر الشخصيات البارزة في بلده ، وينظر إلى شخصيات الأجانب بتقدير واحترام، وهم لا شخصية لهم .
                              هو ذلك الذي ... "
                              وواضح من هذا النص أنه يشير إلى الحاكم الشيوعي لأفغانستان، أي حاكم، سواء كان طرقي، أو حفيظ الله ، أو كارمل، أو نجيب .. فهذه الصفات الواردة في المقالة تنطبق عليه وتختص به .
                              إن الأدب الأفغاني الإسلامي، يحتاج فيما أتصور إلى دراسات أخرى موسعة تتناوله بالدرس والتحليل، واستخراج مكنوناته ومميزاته ، والإضافة إلى ما كتبه الدكتور " محمد أمان صافي " ، بالبحث عن الشعراء والكتاب الذين لم يرد لهم ذكر أو نص في دراسته .
                              وتبقى هذه الدراسة خطوة مهمة على طريق التعريف بآداب الشعوب الإسلامية عامة ، والأدب الأفغاني الإسلامي خاصة، نأمل أن تتلوها خطوات أخرى موفقة إن شاء الله تعالى .

                              تعليق

                              • د. حسين علي محمد
                                كاتب مسجل
                                • Jun 2006
                                • 1123

                                #30
                                رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

                                جابر عصفور.. والطاهر وطار

                                بقلم: أ.د. حلمي محمد القاعود
                                ................................

                                "الطاهر وطار" كاتب جزائري يساري, كتب إلى وزير الثقافة المصري ينتقد مؤتمر المثقفين الذي انعقد أول يوليو الحالي, ولكن هذا الانتقاد لم يعجب صديقي اللدود "جابر عصفور" وزير الثقافة التنفيذي (أمين المجلس الأعلى للثقافة), وأرجع صديقي اللدود موقف "الطاهر وطار" إلى تحالفه مع الجماعات الإسلامية الجزائرية!! المؤتمر حضره قرابة مئتي كاتب ومفكر معظمهم من الشيوعيين القدامى وبعض الليبراليين, واثنين من المحسوبين علي التيار الإسلامي، أحدهما وزير سابق, والآخر أستاذ قانون.
                                المفارقة أن "جابر عصفور" كتب قبل أيام في "الأهرام" يشيد برواية "الزلزال" لـ "الطاهر وطار"؛ لأنها تتعمق في شخصية الإرهابي.. أي المتدين المسلم! وعدّه رائداً في هذا السياق.. بالطبع فإن مؤلف "الزلزال" لم يتعاطف مع "الإرهابي" وقدمه في صورة بشعة دون أن يقدم المقابل غير الإرهابي من المتديّنين الصالحين!

                                تعليق

                                يعمل...