الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الشايب
    محلل سياسي
    • Jan 2006
    • 356

    التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

    التوراة جاءت من جزيرة العرب
    الدكتور كمال سليمان الصليبي
    ترجمة : عفيف الرزّاز
    الطبعه العربيه الثانيه – 1986
    مؤسسة الابحاث العربيه
    ---------------------------------
    مؤسسة " دير شبيغل " الالمانيه , بادرت الى طلب حقوق النشر من المؤلف , وكان شرطها أن تعرضه على مجموعه من العلماء وأساتذة التاريخ لتقويمه من الناحيه العلميه , وجاءت توصية علماء اللغات الساميه ايجابيه في حين وقف علماء التوراة موقف العداء وشنوا حمله على الكتاب قبل نشره , بدأت من داخل الكيان الاسرائيلي
    وخارجه والمؤلم وقوف أوساط عربيه سلبيا من الكتاب , وقبل حتى نشره .
    ان المؤلف يطرح نظريه جديده تقوم على وجوب اعادة النظر في " الجغرافيا التاريخيه للتوراة " , حيث يثبت ان احداث " العهد القديم " لم تكن ساحتها في فلسطين , بل أنها وقعت في جنوب غربي شبه الجزيره العربيه , واستند في ذلك على أدله اكتشفها في مجالي اللغه والاثار , ويقارنها بالمألوف والسائد من " الجغرافيا التاريخيه للتوراة " .
    يقول المؤلف في مقابله معه في مجلة الشراع _ بيروت _ 3/9/ 1984 .
    " اعادة النظر بأسس الحضاره الغربيه . حضارتنا العربيه لها أسس أخرى . أما في الغرب فهم يعتبرون الكتاب المقدس " العهد القديم " هو أساس بناء الحضاره الغربيه "
    ويشرح المؤلف نظريته في تحديد أسماء الاماكن والمواقع المذكوره معتمدا على زياراته الشخصيه لتلك المناطق في عسير وجنوب الحجاز , وعلى " معجم لأسماء الأماكن في المملكه العربيه السعوديه " وضعه مجموعه من العلماء السعوديين وعلى رأسهم الشيخ حمد الجاسر , فهو بالتالي لم يعتمد على مراجع ومصادر أجنبيه , ومن جهة ثانيه على قراءاته المتأنيه للتوراة وشروحها .
    ان اكثر ما يؤلم في الهجوم على هذا الكتاب من جانب الاوساط العربيه , الزعم بأنه يدعو الى احتلال بلد عربي اخر . ويرد المؤلف " ان من يقول هذا القول فانما يعترف بحق الدعوه الصهيونيه ويؤمن بصحتها من حيث المبدأ . فأنا لا أضع الكتاب لأقول لليهود عودوا الى عسير واتركوا فلسطين " .
    -------------------------------------------------
    سأحاول وعلى مراحل أن أقدم تلخيص لفصول هذا الكتاب الهام جدا .
    أقترح على المهتمين برؤيه جديده للتوراة وتارخ لبنان , قراءة مؤلفات هذا المؤرخ

    -----------------------------------------------------------------------------------------


    مقدمة الطبعه العربيه .. 1 .
    جغرافية التوراة لم تكن في فلسطين بل في غرب شبه الجزيره العربيه بمحاذاة البحر الاحمر , وتحديدا في بلاد السراة بين الطائف ومشارف اليمن . وبالتالي فان بني اسرائيل من شعوب العرب البائده , أي من شعوب الجاهليه الأولى . وقد نشأت اليهوديه الأولى بين ظهرانيهم , ثم انتشرت من موطنها الأصلي , الى العراق والشام ومصر وغيرها من بلاد العالم القديم . والتوراة " العهد القديم " تشتمل على ثلاثة مجموعات من الأسفار يعترف بها اليهود , وهي " التوراة , والأنبياء , واالكتب " . ( بالعبريه : سفرتوره نبي ءيم وكتوبيم ) . والجدير بالملاحظه أن لفظة " التوراة " لا تطلق عرفا الا على الأسفار الخمسه الأولى من " العهد القديم " المنسوبه لموسى , وهي سفر التكوين , سفر الخروج , سفر الّلاوييّن , سفر العدد , سفر التثنيه . ولا بد من توضيح الفرق الرئيسي الهام بين مفهوم " بني اسرائيل " ومفهوم " اليهود " و " اليهوديه " .
    بنو اسرائيل كانوا في زمانهم شعبا دان باليهوديه . وقد كان لهم , بين القرن الحادي عشر والقرن السادس قبل الميلاد , ملكا في بلاد السراة . وقد زال هذا الشعب من الوجود بزوال ملكه ولم يعد له أثر بعد أن انحلّت عناصره وامتزجت بشعوب أخرى في شبه الجزيره العربيه وغيرها . امّا اليهوديه , فهي ديانه توحيديه وضعت أسسها أصلا على أيدي أنبياء من بني اسرائيل , بناء على شريعة " توراة " موسى .
    وقد كان بنو اسرائيل أول من دان باليهوديه , ولكنهم لم يكونوا وحدهم اليهود في زمانهم . والديانه اليهوديه التي ربما أنتشرت أول الأمر على أيديهم استمرت في الانتشار بعد زوالهم وأنقراضهم كشعب . وما زالت هذه الديانه منتشره في معظم أرجاء العالم بين شعوب مختلفه لا تمت الى بني اسرائيل بصله , لغه وعرق , مع العلم أن هناك عناصر من بني اسرائيل القدامى لا بدّ انها انصهرت في المجتمعات اليهوديه التي انتظمت في مختلف الأقطار بعد زوال ملك اسرائيل حيث قام . ومن البديهي ان العرق بحدّ ذاته لا يموت , انما الذي يموت هو " المجتمع والانتماء والاسم " , وذلك عن طريق التحول من واقع تاريخي الى واقع آخر . والأدّعاء السائد بين يهود العالم بأنهم من سلالة بني اسرائيل هو ادعاء شعري ّ لا يقوم على أي اساس من التاريخ . وبناء على ذلك فان الأدعاء " الصهيوني " الحديث بأن اليهود ليسوا مجتمعا دينيا فحسب بل شعب وريث لبني اسرائيل , هو ادعاء باطل اصلا , لأن بني اسرائيل شعب باد منذ القرن الخامس قبل الميلاد .
    الواقع ان هذا الكتاب يبحث في " الجغرافيا التاريخيه للتوراة " وليس في أي أمر آخر , بما فيه قضية الصهيونيه . فيهود اليوم ليسوا استمرارا تاريخيا لبني اسرائيل ليكون لهم شيء يسمّى حقوق , والصحيح أن الحقوق التاريخيه للشعوب تزول بزوالها .
    وأساس هذا الكتاب هو المقابله اللغويه بين اسماء الأماكن المضبوطه في التوراة بالحرف العبري , وأسماء أماكن تاريخيه أو حاليه في جنوب الحجاز وفي بلاد عسير مأخوذه اما عن قدامى الجغرافيين العرب ( الحسن الهمداني صاحب "صفة جزيرة العرب " , وياقوت الحموي , صاحب " معجم البلدان " ) أو عن المعجم الجغرافي للمملكه العربيه السعوديه , الذي بدأ بالظهور عام 1977 م . و" معجم معالم الحجاز " و " معجم قبائل الحجاز "
    الذين صنفهما المقدّم عاتق بن غيث البلادي , ويذكر المؤلف عدة مراجع أخرى .....
    وجدير بالاشاره الى أن المسح الأثري للمناطق الغربيه من شبه الجزيره العربيه لم يتم بعد بشكل كامل . ولم يقم علماء الآثار بحفريات منتظمه في هذه المناطق . ولربما جاء هذا العلم بما يدعم الاستنتاجات اللغويه والنظريه الموجزه في هذا الكتاب ويزيد في توضيحها . وجلّ ماهو معروف عن هذا الأمر حتى الان هو أن المناطق المشار اليها غنيه جدا بالأثار والنقوش القديمه . وهذا ما يجمع عليه الجغرافيون والرحّاله من عرب وأجانب . ومن الكتابات الصخريه الموجوده هناك ما كتب بأحرف أبجديه لم تحلّ رموزها بعد , كنقش " رهو الرّاء " في وادي الخلصه الذي يذكره الزهراني في معجمه الجغرافي لبلاد غامد وزهران .
    وقد تبدو مقولة هذا الكتاب في منتهى الغرابه للوهله الأولى ليس فقط بالنسبه لليهود والمسيحيه بل أيضا للمسلمين . والواقع هو أن القرآن الكريم يقول بكل وضوح أن مقام ابراهيم الخليل كان " ببكّه " ( سورة آل عمران , 96 – 97 ) . وليس هناك في النص القرآني ما يشير الى أيّة علاقه بين بني اسرائيل وأرض فلسطين . ناهيك عن أن مفسّري القرآن الكريم لم يستبعدوا وجودا تاريخيا لبني اسرائيل في غرب شبه الجزيره العربيه .
    والوجود اليهودي القديم في شبه الجزيره العربيه مشهود به في التواريخ العربيه وفي الشعر الجاهلي . وقد كانت اليهوديه ديانة آخر ملوك حمير باليمن , وربّما كانت أيضا ديانه واسعة الانتشار في مملكة حمير منذ أن قامت هذه المملكه عام 115 قبل الميلاد .


    يقول القرآن الكريم ان هناك من اليهود من " يحرّفون الكلم عن مواضعه " وأنهم يفعلون ذلك " ليّا بألسنتهم " ( سورة النساء ) . وفي هذه الايه اشاره واضحه وبالغة الدقّه في الوصف الى العمل الذي كانت تقوم به فئه دون غيرها من أحبار اليهود , وهم المعروفون بالمصورييتّين ( أي أهل التقليد ) , ابتداء بالقرن الميلادي السادس وحتى العاشر الميلادي . وبالفعل , فقد قام هؤلاء بتحريف النصوص التوراتيه عن طريق ادخال الحركات والضوابط عليها بصوره اعتباطيه في أحيان كثيره , ممّا غيّر اعراب الجمل وحوّر المعاني . ولم يرق عمل المصوريتيين هذا لغيرهم من أحبار اليهود المعروفين بالربّانيين في البدايه , لكن الربانيين قبلوا ما عمله المصوريتيون مع الوقت , بحيث أصبح النص التوراتي المصوريتي المضبوط من التوراة هو النصّ المعتمد من قبل اليهود . وقبل المسيحيون أيضا بالنص المصوريتي للتوراة , وعلماء التوراة اليوم , بمن فيهم العلماء اليهود , يعرفون تماما ان ضبط المصوريتيين للتوراة لم يكن صحيحا في مواقع كثيره , وقد قامت عدة محاولات لاعادة النظر في هذا الضبط , وهذه المحاولات لم تف بالمطلوب , لأن التحريف الذي أدخله الضبط المصوريتي على النّص التوراتي هو أضخم بكثير مما يتصوره علماء التوراة .
    وبناء على ذلك , فقد عمدت في معالجتي للنصوص التوراتيه في هذه الدراسه الى اهمال الضبط المصوريتي لهذه النصوص , واجتهدت قدر الامكان في فهم المقصود منها كما وردت أصلا بالأحرف الساكنه . وقد نتج عن ذلك فهم جديد لمقاطع توراتيه عديده , وذلك زياده عن النتائج التي توصّلت اليها بشأن جغرافيا التوراة . ومن علماء التورات من يفترض بأن المصوريتيين لم يكتفوا بتحريك النص التوراتي حسب ما ارتأوا , بل أنهم ذهبوا الى أبعد من ذلك فغيّروا الأحرف الساكنه في بعض الأحيان . وربما حدث ذلك بالفعل دون أن يمس بأسماء الأماكن .
    - يقدم الكاتب طرح مثير جدا في ما يلي :
    - ان اللغات الساميّه الثلاث التي نحن بصددها كانت لغات قائمه جنبا الى جنب , سواء في في الشام أو في غرب الجزيره العربيه , في آن واحد . وفي هذا الواقع وحده ما يقلب المفاهيم بالنسبه الى جغرافيا اللغات الساميّه وتاريخها رأسا على عقب . ولا عجب في أن اللغه العربيه كانت معاصره للكنعانيه والآراميه في الأزمنه التوراتيه . فالعربيه , سواء من ناحية تصويتها ( أي فونولوجيتها ) أو من ناحية صرفها ( أي مورفولوجيتها ) تعتبر أقدم اللغات الثلاث من قبل أهل الأختصاص . وربّما كانت في الأصل لغة الأعراب من أهل الباديه , في حين أن الكنعانيه والاراميه كانتا من لغات النبط ( أو النبيط وهم سكّان الحواضر ) . ولا بدّ أن أنهيار حضارات النبط في هذه الأقطار , ابتداء بالقرن الثاني أو الثالث للميلاد , وامتداد نفوذ الأعراب الى الحواضر المحيطه بالباديه , كان هو السبب في انتشار لغة الأعراب وحلولها مكان اللغات النبطيه حيث وجدت . وفي اليمن حلّت اللغه العربيه محل ّ اللغه اليمنيه القديمه القريبه من الحبشيه . والواضح من أسماء الأماكن في اليمن أن لهجات من الكنعانيه والآراميه كانت منتشره هناك قبل تحوّل هذه المنطقه من شبه الجزيره العربيه الى اللغه اليمنيه القديمه . وربّما حدث هذا التحول في وقت سابق للقرن السادس قبل الميلاد , اذ هناك نقوش باللغه اليمنيه تعود , حسب تقديرأهل الأختصاص , الى ذلك القرن . ويبدو أن هذه اللغه كانت منتشره في زمانها من اليمن شمالا حتى مشارف الحجاز .
    - المهم في ذلك أن الدراسه اللغويّه لأسماء الأماكن هي ضرب من علم الأثار , لأن أسماء الأماكن هي في الواقع أثار .
    - ومهما كان الأمر بالنسبه الى صحة مقولة هذا الكتاب على وجه العموم , فلا بدّ أني وقعت في أخطاء كثيره في التفاصيل , خصوصا وأني أوّل من عالج هذه التفاصيل .
    - وقد قيل ان الحقيقه هي وليده الزمن , ولا يص في النهايه الا الصحيح .
    - كمال سليمان الصليبي - 27 اذار 1985 .
    -------------------------------------------------------
  • عبدالسلام زيان
    باحث مربدي
    • Sep 2004
    • 122
    • Abdesslem Zayane
      Tunisie

      كامل مواضيعي :


      http://www.merbad.net/vb/forumdisplay.php?f=28

    #2
    رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

    اخ الشايب الف شكر على هذه اللمحة من الكتاب الذي سمعت عنه فقط

    من زاويتي اظن ان اليهود قدموا الى المنطقة من مكان اخر

    ساواصل ما بدات به حولهم وسارى اين ساصل


    تحياتي والف شكر

    تعليق

    • الشايب
      محلل سياسي
      • Jan 2006
      • 356

      #3
      رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

      الصديق عبد السلام ..
      سأتابع تقديم الفصول الاولى من هذا الكتاب الهام للغاية ..

      ذهب البعض الى القول ان موطن اليهود الأول كان في " الحبشة " ..

      في حين يذهب ارثر كوستلر الى القول ان اليهود المعاصرين هم من قبلائل الخزر التي اعتنقت اليهودية في القرن العاشر الهجري وهم القبائل التي سكنت المنطقة الممتدة من بحرقزوين " بحر الخزر , وبين البحر الاسود ..

      تعليق

      • عبدالسلام زيان
        باحث مربدي
        • Sep 2004
        • 122
        • Abdesslem Zayane
          Tunisie

          كامل مواضيعي :


          http://www.merbad.net/vb/forumdisplay.php?f=28

        #4
        رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

        اخونا الشايب

        كل شيء محتمل لكن من زاويتي ساحاول ربطهم دينيا بمجموعة اخرى وبالادلة

        وسارى اين اصل المهم هو اني سانشر عدة مقالات حول الاوبانيشادر وبعدها اظن ان الامر سيصبح سهلا

        ان الامور معقدة جدا لكن اتمنى ان اصل الى نتيجة قبل الصيف


        اترقب منك المزيد جول نظرية الكاتب السيد الصليبي



        تحياتي لك والف تحية

        تعليق

        • الشايب
          محلل سياسي
          • Jan 2006
          • 356

          #5
          رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

          ملاحظات لغويه ..

          تشترك الأبجديتان العربيه والعبريه " ب 22 حرفا ", وتنفرد العربيه " ب 6 أحرف " اضافيه. الأحرف الزائده هي ( ث, خ, ذ, ض, ظ, ع ). مع العلم أن حرف ( الشين ) بالعبريه يلفظ حسب " التنقيط " ( سين ) ايضا .
          وهناك جذور كثيره مشتركه بين العبريه " التوراتيه " والعربيه . ويبقى هناك أربعة أحرف عبريه لا تتحول الى أحرف أخرى بالعربيه " ب, ه , ل , ر ", بل تبقى هي ذاتها في الجذور المشتركه بين اللغتين . وهناك حرف ( س ) بالعبريه ويسمّى " سامك " , وهو غير ( السين ) , ويلفظ بالعربيه ( سينا ) وأحيانا ( صادا ), وربما ( زين ). وهناك ظاهره مشهوده في اللغات الساميه , " وهي الأستبدال " , أي قلب الأحرف في الجذر المشترك بين لغه وأخرى أو بين لهجه وأخرى في اللغه الواحده . مثل " زوج " في اللغه العربيه الفصحى , تصبح في بعض العاميات العربيه " جوز " بقلب أحرف الجذر , وهناك أمثله عديده في اللغات الساميه .
          يلاحظ من المقابله بين اسماء الأماكن التوراتيه وتلك الموجوده الى اليوم في غرب شبه الجزيره العربيه , أن معظم هذه الأسماء , مهما كان اللفظ لغويّا , قد تعرّب في اللفظ وليس في المعنى . لذلك فان التغير في معظم هذه الأسماء قد تمّ امّا عن طريق قلب الأحرف , أو عن طريق تغير الأحرف شبه الصوتيه ( ء , و, ي ) دون الأحرف الصوتيه . ولم يتعرّب من هذه الأحرف , في أكثر الأحيان , الا الأحرف العبريه التي تقابل الأحرف العربيه الاضافيه ( ث, خ, ذ, ض, ظ, ع ) , وحرف الميم عندما يكون لاحقة المذكر العبريه , فينقلب ( نونا ) بالعربيه. هناك اسماء اماكن عبريه ما زالت موجوده الى اليوم بشكل مترجم , لا بشكل معرب . مثلا بالعبريه ( شعلبيم ) التي هي اليوم " الثعالب " ( جمع التكسير بالعربي بدلا من جمع المذكر في الأسم التوراتي ) .
          تعقيب .. الياء والميم تعني علامة الجمع في العبريه ولم تقابلها النون في العربيه هنا لان الجمع جمع تكسير .
          ويلاحظ أيضا بأن حرف اللام في أسماء الاماكن التوراتيه , مهما كان موضعه في التركيب , كثيرا ما ينقلب الى ( أل ) التعريف في الأسم المعرّب . فاسم المكان " جلعد " التوراتي , مثلا, يصبح في شكله الحالي " الجعد " , واسم المكان التوراتي " لمعله " يصبح " المعلاة " .
          أضف أن ( اداة التعريف العبريه ), وهي ( الهاء ) , تنقلب الى أداة التعريف العربيه ( أل ) , ايضا.
          والمقابله بين الألفاظ ( ومنها أسماء الاماكن ) في اللغات الساميه تكون بمقابلة " التركيب الأساسي " لهذه الألفاظ بين لغه وأخرى , دون النظر الى اللواحق وأحرف العله عندما تكون هذه معتمده فقط للتصويت .
          ويبدو أن الطريقه التي تعرّبت فيها الأسماء التوراتيه في شبه الجزيره العربيه تختلف من منطقه الى أخرى . فالشين العبريه لا تنقلب عادة الى ( ثاء ) بالعربيه الا في منطقة جيزان ( حيث الأسم التوراتي " بشن ", انقلب الى " بثنه ") , وفي منطقة الأوديه الداخليه ( حيث الاسم التوراتي " شفم " مثلا , انقلب الى " ثفن " ) .
          تعقيب .. يقول المؤلف أنه يلاحظ في دراسته , ان " الكاف " التوراتيه تبقى " كافا " , أو تتحول الى " قاف " ,
          ولا تتحول أبدا الى " خاء " . وفي ذلك ما يستوجب اعادة النظر في أمر العلاقه عمليا بين ( الكاف العبريه والخاء العربيه ) .
          تعقيب .. وهو موضوع يتعلق بالترجمه للكتاب المقدس الى العربيه وما يرافقه على الدوام من اختلافات فقهيه تقع في صلب الجدل المسيحي – المسيحي , حول طبيعة السيد المسيح وعلاقته بالتوراة .
          توضيح قبل المتابعه للمهتمين فقط ...
          المؤلف .. مختص باللغات الساميه وخصوصا العبريه القديمه , اذا هو يستطيع ان يعود الى التوراة بجذرها اللغوي الأصلي , ليطابق الاسماء مع الجذر العربي واللفظ العربي والاسم العربي للاماكن موضوع الدراسه , وهي ميزه لا يتمتع بها من خاض بعده في هذا الموضوع , علما ان له فضل السبق في هذا الطرح المميز .
          هذا الموضوع يقع في دائرة الاختصاص اللغوي ومهما بسطت النص سيبقى معقدا , لذلك سألجا من الان وصاعدا الى الاختصار وأعادة الصياغه لتقريب الافكار والطروحات , وهدفي لفت النظر الى الموضوع ورغبتي في عدم موت هذا الطرح التراثي الأنساني أولا وأخيرا .
          اكتفي بتزايد أرقام الزوار لهذه الصفحه , أو الأسئله الأستفساريه عن صياغتي للجمل فقط , فهذه قدرتي الان وحتى أكتمال الفكره .
          ساحاول التغلب على ضعفي التقني وعدم رغبتي في التطور , لأنقل الخرائط المرافقه للكتاب والضروريه من الان وصاعدا في شرح الافكار , لأن الطرح الرئيسي هو جغرافي , فالتوراة غنيه جدا بالجغرافيا والاتجاهات والمسافات بين المواقع والمدن , ونظرا لقدسية النص التوراتي فقد حافظ علماء التوراة عليها , رغم الأرباك الهائل الذي لا يزال مستمرا عند تطبيق جغرافية التوراة على جغرافية فلسطين .
          وهنا نقطة القوه الرئيسيه في الكتاب .

          تعليق

          • الشايب
            محلل سياسي
            • Jan 2006
            • 356

            #6
            رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

            العالم اليهودي في العصور القديمه ..

            في غرب شبه الجزيره العربيه, في منطقه بطول حوالي 600 كم وبعرض 200 كم, وتشمل ماهو اليوم عسير والجزء الجنوبي من الحجاز . تبيّن لي أن الخريطة التي تستخلص من نصوص التوراة في أصلها العبري, سواء من ناحية أسماء الأمكنه أو من ناحية القرائن أو الاحداثيات, تتطابق تماما مع خريطة هذه الأرض . وهي حقيقه ذات " أهميه أوليه ", نظرا لأنه لم يثبت بعد اطلاقا تطابق الخريطه الموصوفه في التوراة مع خريطة الأرض بين " النيل والفرات " التي أعتبرت حتى اليوم أنها كانت بلاد التوراة .
            وأكثر من ذلك, فاني لم أستطع العثور على مثل هذا التجمع لأسماء الأمكنه التوراتيه, وفي صيغها الأصليه عادة, في أي جزء آخر من الشرق الأدنى . وهنا قدم الاستنتاج المذهل نفسه بنفسه : اليهوديه لم تولد في فلسطين بل في غرب شبه الجزيره العربيه, ومسار تاريخ بني اسرائيل, كما روي في التوراة العبريه, كان هناك, في شبه الجزيره العربيه, وليس في أي مكان آخر .
            هذا لا يعني أن اليهود لم يكن لهم أي وجود في فلسطين أو في غيرها من البلدان خارج شبه الجزيره العربيه في أيام التوراة, بل جلّ ما يعني هو أن التوراة العبريه " العهد القديم " من الكتاب المقدس, هي بالدرجه الأولى, سجل للتجربه التاريخيه اليهوديه في غرب شبه الجزيره العربيه في زمن بني اسرائيل .
            وفي غياب السجلات الضروريه, لا بدّ من اللجوء الى التكهن بكيفية استقرار اليهوديه منذ وقت مبكر في فلسطين, وهنا سأغامر بتفسير أقدمه .
            بين الأديان المعروفه في قديم الشرق الأدنى, تقف اليهوديه في فئه تضمها وحدها, اذ لم تجر أي محاوله ناجحه حقا لتفسير أصولها من خلال الأديان العراقيه أوالشاميه أو المصريه القديمه, باستثناء ما جرى على مستوى الاستعارات الأسطوريه " الميثولوجيه " كما في قصة الطوفان . وحتى في هذه الحاله لايمكن للمرء حقا أن يقول أين ولدت أمثال هذه الأساطير ومن أستعارها ممن أو أخذها عنه .
            يجب البحث عن الأصول الحقيقيه لليهوديه في ثنايا الاتجاه في منحى التوحيد في عسير القديمه, حيث تم الجمع في وقت ما بين عدد من آلهة الجبال ( ومنهم \يهوه \ وآلهة \صبءوت\ و \شلم \ و\شدي \ و\عليون \ ), وهم في الترجمه العربيه المعتمده " الرب " و" اله الجنود " و " اله السلام " و " الله القدير " و " الله العلي ", واعترف بهم كاله واحد أسمى .
            وربما حدث ذلك بالترافق مع قيام تآلف بين بعض القبائل المحليه . وبعد أن تبنى سكان محليون يسمون الاسرائيليين ( والأصح بني اسرائيل ) هذا التوحيد البدائي المولود في غرب شبه الجزيره العربيه, قام هؤلاء بتطويره, مرحله بعد أخرى, الى ديانه عميقة المضمون, لها كتبها المقدسه, وتشمل مفهوما متطورا للألوهيه ومحتوى اجتماعيا وأخلاقيا مصقولا الى درجه رفيعه . ولا بد من أن هذه الديانه كانت في زمنها على قدره فائقه في اجتذاب المهتدين اليها من خارج موقعها الاصلي وحيث وجدت مستويات معينه من عمق التفكير ومن الحساسيه الخلقيه . ولا بد أن مما ساعد على بشكل خاص على نشرها هو أنها كانت ديانه ذات كتاب, طورها اناس قادرون على القراءه والكتابه .
            تعقيب .. لا يستطيع المؤلف وهو يقوم بعملية سحب لمركز الثقل الديني, وما تبعه من روايه تاريخيه-دينيه, من فلسطين الى بلاد عسير جنوبا. الا أن يمر بسرعه على متلازمات هذا السحب الجغرافي الحاد, في الأساطير الدينيه ليقدم , ليس حلا بديلا وانما نقاط تصلح لرؤيه جديده في موضوع هو القدم والمقدس بعينه .

            تعقيب ثاني ..لا أستطيع منع نفسي من ملاحظة تطابق هذه القراءه- التصور, مع ما حدث بعد ذلك بحوالي ( الف وخمسمائة عام ), في نفس الجغرافيه والبيئه واللغه والمقدس, نشأة وأنتشار الأسلام .

            سأعتمد مابين . \ \ .. للكلمات بالأصل العبري , و , مابين .. " " .. للعربي .

            تعليق

            • عبدالسلام زيان
              باحث مربدي
              • Sep 2004
              • 122
              • Abdesslem Zayane
                Tunisie

                كامل مواضيعي :


                http://www.merbad.net/vb/forumdisplay.php?f=28

              #7
              رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

              اخونا الشايب

              شكرا جزيلا على هذا التقديم واتمنى المزيد


              وتحياتي وتقديري

              تعليق

              • الشايب
                محلل سياسي
                • Jan 2006
                • 356

                #8
                رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

                عالم اليهودي في العصور القديمة .. 1 .

                المرجح ان انتشار اليهوديه المبكر سلك طريق القوافل الى الشمال " فلسطين " المحطه الساحليه الاولى لتجارة غرب شبه الجزيره العربيه . ولا بد ان المستوطنين اليهود الاوائل هناك كانوا من تجار غرب شبه الجزيره العربيه الذين حاولوا بقوه جذب السكان المحليين الى دينهم التوحيدي والذي كان يفوق العقائد المحليه في مستواه الفكري والخلقي وكذلك الديانات العليا لامبراطوريات مصر والعراق .
                وكان الفلسطينيون الذين وصلوا اولا من غرب شبه الجزيره العربيه هم اول من استوطن ارض فلسطين وصارت تعرف البلاد باسمهم . وهو ما يقوله هيرودوتس .
                وقد سرع هجرة الفلسطينيين من غرب شبه الجزيره العربيه , قيام مملكة اسرائيل في اواخر القرن الحادي عشر في غرب شبه الجزيره .
                وفي شمال فلسطين, اعطى الكنعانيون " القادمون من غرب شبه الجزيره ايضا " اسماء من غرب شبه الجزيره العربيه لبعض مستوطناتهم مثل: صور وصيدون وجبيل وأرواد ولبنان . وكذلك فعل اليهود المنتقلون الى تلك البلاد في اوقات لاحقه . اطلقوا اسمائهم على بعض مستوطناتهم في فلسطين مثل: يهوده ويرشليم وبيت لحم وشمرون (السامره) والكرمل وحرمون والاردن . وهذا ما تميزت به الهجرات البشريه تاريخيا في نقل اسماء الاماكن والمدن والاقاليم والجبال .
                غرب شبه الجزيره العربيه كان مضربا لأنظار الفاتحين منذ أقدم العصور لأنه يشكل اهم نقاط التقاطع بين الخطوط التجاريه في العالم القديم .
                كانت مصر تمر بفترة انكماش , بين اواخر القرن الحادي عشر واوائل القرن العاشر , عندما برزت المملكه الاسرائيليه عند منحدرات عسير الساحليه في ايام شاول وتوسعت في ايام داود ووصلت ذروتها في ايام سليمان . ولو كان داود او سليمان في وقتهما هما السيدين الفعليين على دوله شاميه مترامية الاطراف تسيطر على الاقليم الاستراتيجي الذي يفصل مصر عن بلاد العراق كما هو الافتراض الشائع لكانت " السجلات المصريه والاشوريه " المتعاصره قد اشارت اليهما بالتاكيد باسمائهما , وهو ما لم تفعله هذه السجلات .
                بعد وفاة سليمان انقسمت مملكته الى " اسرائيل " و " يهوذا " . وادت الحروب التي دارت بينهما الى تسريع هجرة اليهود الى فلسطين . ثم تسارعت بعد ان قام الملك الاشوري سرجون الثاني العام 721 ق.م , بتصفية مملكة اسرائيل . وفي العام 586 ق.م , قضى الملك البابلي نبوخذ نصّر على مملكة يهوذا .
                لتتعلق امال اليهود بعد تدمير وجودهم في غرب شبه الجزيره العربيه , بفلسطين والمستوطنات التي اقاموها هناك , ولتتمحور ادبياتهم حول كلمات مثل " ابنة صهيون " و " ابنة اوروشليم " . كنايه عن المدن التي فقدوها في شبه الجزيره العربيه ويريدون اعادة بنائها في فلسطين التي يتوسمون خيرا فيها في العالم الجديد لهم .
                جاء دور الدوله الفارسيه التي استطاعت ان توحد بلاد الشام واغلب شبه الجزيره العربيه ومصر بدوله واحده . ولكن ذلك ادى الى تحويل طرق التجاره العالميه عن شبه الجزيره العربيه , ثم جاء بناء الفرس لقناة تربط البحر الاحمر بالنيل , ليقضي على غرب شبه الجزيره العربيه اقتصاديا وبصوره كارثيه .
                وعندما سمح الفرس لليهود بالعوده الى بلادهم في شبه الجزيره العربيه , لم يجدوا الا الخراب والفقر وهنا تنتهي الروايه العبريه وينتهي معها تاريخ بني اسرائيل الذين زالوا كشعب من الوجود بعد ان اخفقوا في اعادة بناء موطنهم الاصلي في غرب شبه الجزيره العربيه .
                وجاءت التحولات اللغويه في المنطقه , بموت اللغه الكنعانيه وتحول الدوله الفارسيه ( الاخمينيين) الى الاراميه ثم انتشار العربيه بقوه في القرون المسيحيه الاولى , لتقضي حتى على الذاكره اليهوديه في تلك البلاد , ولتصبح قراءة الكتب المقدسه العبريه , مشكله . وتراجعت أحوال اليهود المعيشيه الى حد كان من الصعب العثور فيما بينهم على علماء لهم القدره على تصحيح القراءه الجغرافيه لابناء دينهم الفلسطينيين والبابليين . واكثر من ذلك , فان يهود غرب شبه الجزيره العربيه استمروا في عيشهم كيهود من الناحيه الدينيه فقط , وليس كأسرائيليين من الناحيتين الاثنيه والسياسيه . وما عادوا يتكلمون اللغه العبريه التي كتبت بها كتبهم المقدسه , وقبل مضي وقت طويل كانت لغتهم قد اصبحت العربيه .
                وعندما بدأ اليهود الفلسطينيون والبابليون أخيرا بضبط نصوص التوراة العبريه بالاشارات الصوتيه , وذلك في غضون القرن السادس للميلاد , كانت قد مرّت قرون عديده على الزمن الذي كانت فيه العبريه او أي لهجه كنعانيه , متداوله في الكلام في أي مكان . وكانت اصول اليهوديه في غرب شبه الجزيره العربيه قد دخلت منذ زمن طويل في طي النسيان .

                تعليق

                • الشايب
                  محلل سياسي
                  • Jan 2006
                  • 356

                  #9
                  رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

                  العالم اليهودي في العصور القديمه .. 2 .

                  ومن العوامل التي ساعدت , ولا بدّ, على طمس ذكرى الماضي اليهودي في غرب شبه الجزيره العربيه ما يتعلق بالتطورات السياسيه في تلك المنطقه وفي فلسطين بعد انقراض بني اسرائيل .
                  ادى الضعف الذي اصاب الامبراطوريه الأخمينيه من العام 400 ق.م , الى نشؤ كيانات سياسيه جديده, وخصوصا من بينها ما يسمى بدولة " معين ", في المنطقه التي شهدت قبلا قيام مملكة الاسرائيليين . تشتت يهود شبه الجزيره بين الكيانات المحليه وفقدوا شعورهم بالانتماء الخاص كشعب واحد, اذ لم يعد هناك ما يجمع شملهم سياسيا , ولم يكن الامر كذلك في فلسطين .
                  رسمت فتوحات الاسكندر نهاية الامبراطوريه الفارسيه, وبعد موته قامت امبراطوريه "هيلينيه" للبطالسه في مصر وعاصمتها الاسكندريه . وأخرى سلوقيه في في الشام وعاصمتها انطاكيه . ووقعت فلسطين تحت السيطره السلوقيه واستمر التنافس بين الامبراطوريتين مما سمح لليهود بالقيام بثوره ادت الى انتزاعهم الاستقلال عن السلوقيين ( 142 ) ق.م , قادها كهنه من الحشمونيين واستطاعوا السيطره على اورشليم الفلسطينيه . وكان يهود العالم قد اعتادوا النظر الى هيكل اورشليم على انه قدسهم الرئيسي . ووسع الحشمونيين رقعة الارض لتضم جنوب الجليل شمالا, ومرتفعات شرق نهر الاردن والبحر الميت . واعتبر الحشمونيين انفسهم ورثة اسرائيل الشرعيين واستمرت مملكتهم حتى مجيء الرومان, وانتهت في سنة 63 ق.م . وفي سنة 37 ق.م , نظم مجلس الشيوخ الروماني اراضيهم السابقه جاعلا منها مملكة اليهوديه التابعه لروما , ونصب عليها هيرودس الادومي ملكا . ثم قام الرومان 70 بعد الميلاد , بتدمير المدينه وهيكلها وتشتيت اهلها .
                  وفي تلك الايام كان كل المسرح الجغرافي للروايات التاريخيه للتوراة قد أصبح يفهم على أنه يضم بشكل رئيسي بلاد الشرق الادنى الشماليه ( العراق والشام ومصر ) , وليس غرب شبه الجزيره العربيه . وهذا واضح مما يسمى بال " سبتواجينت " , " السبعونيه " , وهي ترجمه يونانيه للكتب المقدسه اليهوديه تمت في العصر الهيليني ومطلع العصر الروماني .
                  والحقيقه الساطعه هي ان متواليه من علماء الاثار قامت بمسح وحفر الاراضي الشماليه للشرق الادنى وان بقايا العديد من الحضارات المنسيه قد نبشت من تحت الارض ودرست وأرخت , في حين لم يعثر في أي مكنا على " أثر واحد يمكنه ان يصنف جديا على أنه يتعلق مباشرة الى أي حدّ بالتاريخ التوراتي " .
                  وفي حاله بارزه مثل " بئر السبع " الفلسطينيه . فان بلده يظهر اسمها ببروز في الروايات الابائيه لسف التكوين , وبالتالي يفترض ان تعود أصولها الى أواخر العصر البرونزي على الاقل, لم يعثر فيها الا على مواد أثريه تعود بتاريخها الى المرحله الرومانيه على أبعد حد .
                  وعلى سبيل المثال فان الباحثين المحدثين يقولون بان الفلستّيين التوراتيين كانوا شعبا بحريا غامضا " غير سامي ", مما يتركهم في ضياع حول كيفية تفسير الأسماء الساميه ( العبريه في الواقع ) , التي تمنحها النصوص التوراتيه ليس الى زعمائهم فقط بل ايضل لالههم " داجون ", ( بالعبريه دجن أي "حنطه " ) .
                  وهناك امران مؤكدان : لقد تم البحث بدقه ودأب ولاكثر من قرن عن اثار لأصول للعبريين في بلاد العراق وعن هجرتهم المفترضه من هناك الى فلسطين عبر شمال الشام دون العثور على شيء اطلاقا وكذلك فانه لم يكشف حتى الان أي أثر حقيقي غير قابل للنقاش حول الأسر الاسرائيلي في مصر أو حول الخروج الاسرائيلي من هناك في أي من العصور القديمه .
                  في الدراسه الراهنه ستنقلب الامور رأسا على عقب . وبدلا من أخذ جغرافيا التوراة العبريه كمسلّمه ومناقشة صحتها تاريخيا , سآخذ تاريخيتها كمسلّمه واناقش جغرافيتها .
                  اذا بنقل جغرافية التوراة من فلسطين الى غرب شبه الجزيره العربيه لا تبقى هناك أي صعوبه . والعوده الى قراءة السجلات المصريه والشاميه وسجلات العراق القديمه على ضوء هذا التوافق الجغرافي الجديد للتاريخ التوراتي تجعل كل شيء يعود الى نصابه وتصبح الصوره العامه التاريخيه للتوراة العبريه , التي هي الوحيده التي تروي القصّه الكامله لأحد شعوب الشرق الأدنى القديم , مفتاح اللغز لكل الاحاجي الغامضه لتاريخ الشرق الادنى القديم , بدلا من ان تكون هي نفسها الاحجيه , وهي بعيده كل البعد عن كونها ذلك .

                  تعليق

                  • الشايب
                    محلل سياسي
                    • Jan 2006
                    • 356

                    #10
                    رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

                    العالم اليهودي في العصور القديمه .. 3
                    ومن العوامل التي ساعدت , ولا بدّ, على طمس ذكرى الماضي اليهودي في غرب شبه الجزيره العربيه ما يتعلق بالتطورات السياسيه في تلك المنطقه وفي فلسطين بعد انقراض بني اسرائيل .
                    ادى الضعف الذي اصاب الامبراطوريه الأخمينيه من العام 400 ق.م , الى نشؤ كيانات سياسيه جديده, وخصوصا من بينها ما يسمى بدولة " معين ", في المنطقه التي شهدت قبلا قيام مملكة الاسرائيليين . تشتت يهود شبه الجزيره بين الكيانات المحليه وفقدوا شعورهم بالانتماء الخاص كشعب واحد, اذ لم يعد هناك ما يجمع شملهم سياسيا , ولم يكن الامر كذلك في فلسطين .
                    رسمت فتوحات الاسكندر نهاية الامبراطوريه الفارسيه, وبعد موته قامت امبراطوريه "هيلينيه" للبطالسه في مصر وعاصمتها الاسكندريه . وأخرى سلوقيه في في الشام وعاصمتها انطاكيه . ووقعت فلسطين تحت السيطره السلوقيه واستمر التنافس بين الامبراطوريتين مما سمح لليهود بالقيام بثوره ادت الى انتزاعهم الاستقلال عن السلوقيين ( 142 ) ق.م , قادها كهنه من الحشمونيين واستطاعوا السيطره على اورشليم الفلسطينيه . وكان يهود العالم قد اعتادوا النظر الى هيكل اورشليم على انه قدسهم الرئيسي . ووسع الحشمونيين رقعة الارض لتضم جنوب الجليل شمالا, ومرتفعات شرق نهر الاردن والبحر الميت . واعتبر الحشمونيين انفسهم ورثة اسرائيل الشرعيين واستمرت مملكتهم حتى مجيء الرومان, وانتهت في سنة 63 ق.م . وفي سنة 37 ق.م , نظم مجلس الشيوخ الروماني اراضيهم السابقه جاعلا منها مملكة اليهوديه التابعه لروما , ونصب عليها هيرودس الادومي ملكا . ثم قام الرومان 70 بعد الميلاد , بتدمير المدينه وهيكلها وتشتيت اهلها .
                    وفي تلك الايام كان كل المسرح الجغرافي للروايات التاريخيه للتوراة قد أصبح يفهم على أنه يضم بشكل رئيسي بلاد الشرق الادنى الشماليه ( العراق والشام ومصر ) , وليس غرب شبه الجزيره العربيه . وهذا واضح مما يسمى بال " سبتواجينت " , " السبعونيه " , وهي ترجمه يونانيه للكتب المقدسه اليهوديه تمت في العصر الهيليني ومطلع العصر الروماني .
                    والحقيقه الساطعه هي ان متواليه من علماء الاثار قامت بمسح وحفر الاراضي الشماليه للشرق الادنى وان بقايا العديد من الحضارات المنسيه قد نبشت من تحت الارض ودرست وأرخت , في حين لم يعثر في أي مكنا على " أثر واحد يمكنه ان يصنف جديا على أنه يتعلق مباشرة الى أي حدّ بالتاريخ التوراتي " .
                    وفي حاله بارزه مثل " بئر السبع " الفلسطينيه . فان بلده يظهر اسمها ببروز في الروايات الابائيه لسف التكوين , وبالتالي يفترض ان تعود أصولها الى أواخر العصر البرونزي على الاقل, لم يعثر فيها الا على مواد أثريه تعود بتاريخها الى المرحله الرومانيه على أبعد حد .
                    وعلى سبيل المثال فان الباحثين المحدثين يقولون بان الفلستّيين التوراتيين كانوا شعبا بحريا غامضا " غير سامي ", مما يتركهم في ضياع حول كيفية تفسير الأسماء الساميه ( العبريه في الواقع ) , التي تمنحها النصوص التوراتيه ليس الى زعمائهم فقط بل ايضل لالههم " داجون ", ( بالعبريه دجن أي "حنطه " ) .
                    وهناك امران مؤكدان : لقد تم البحث بدقه ودأب ولاكثر من قرن عن اثار لأصول للعبريين في بلاد العراق وعن هجرتهم المفترضه من هناك الى فلسطين عبر شمال الشام دون العثور على شيء اطلاقا وكذلك فانه لم يكشف حتى الان أي أثر حقيقي غير قابل للنقاش حول الأسر الاسرائيلي في مصر أو حول الخروج الاسرائيلي من هناك في أي من العصور القديمه .
                    في الدراسه الراهنه ستنقلب الامور رأسا على عقب . وبدلا من أخذ جغرافيا التوراة العبريه كمسلّمه ومناقشة صحتها تاريخيا , سآخذ تاريخيتها كمسلّمه واناقش جغرافيتها .
                    اذا بنقل جغرافية التوراة من فلسطين الى غرب شبه الجزيره العربيه لا تبقى هناك أي صعوبه . والعوده الى قراءة السجلات المصريه والشاميه وسجلات العراق القديمه على ضوء هذا التوافق الجغرافي الجديد للتاريخ التوراتي تجعل كل شيء يعود الى نصابه وتصبح الصوره العامه التاريخيه للتوراة العبريه , التي هي الوحيده التي تروي القصّه الكامله لأحد شعوب الشرق الأدنى القديم , مفتاح اللغز لكل الاحاجي الغامضه لتاريخ الشرق الادنى القديم , بدلا من ان تكون هي نفسها الاحجيه , وهي بعيده كل البعد عن كونها ذلك .
                    التعديل الأخير تم بواسطة الشايب; 03-05-2006, 04:55 PM. سبب آخر: العنوان ..

                    تعليق

                    • الشايب
                      محلل سياسي
                      • Jan 2006
                      • 356

                      #11
                      رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

                      مسألة نهج ..

                      كل معرفه صحيحه تتضمن قدرا من نبذ المتداول . بفضل الأمانه العلميه الدقيقه التي تحلى بها المصورتيون , فان النص المكتوب بالأحرف الساكنه للتوراة العبريه وصل الينا من القدم دون أن يمس تقريبا . لا بد أن الأسفار التوراتيه عموما , كما هي موجوده بين أيدينا قد أخذ معظمها شكله الحالي قبل النهاية التاريخيه لبني اسرائيل , أي في حدود القرن السادس أو الخامس قبل الميلاد على الأقل . والدليل على ذلك هو أن التوراة العبريه كانت قد ترجمت فعلا بكامل أسفارها الى اللغه الاراميه ( الترجومات ) خلال المرحله الأخمينيه , والى اليونانيه .
                      وما من دين الا ويعتني الأتقياء والمؤمنون من أتباعه أشد العنايه بحفظ نصوصه المقدسه في صيغتها الاصليه , ودراسة اسماء الاماكن تخدم بطريقتها الخاصه الغرض نفسه الذي يخدمه علة الاثار الميداني , مع فارق واحد هام , هو أن الاكتشافات الأثريه هي أكتشافات خرساء , مالم تتضمن كتابات منقوشه , في حين أن اسماء الاماكن ناطقه , تخبرنا بكيفية نطقها الفعلي ومعناها ونوع اللغه التي انبثقت عنها .
                      على سبيل المثال , اذا وجد الباحث مجموعه من أسماء الأماكن في غرب شبه الجزيره العربيه تتحدر بوضوح من لغة مطابقه بأحرفها الساكنه للعبريه التوراتيه او للاراميه التوراتيه , أمكنه أن يستنتج بلا تردد أن لغات مطابقه أو مماثله للعبريه أو الاراميه التوراتيه كانت تستخدم في القدم للكلام في شبه الجزيره العربيه وذلك قبل الفي سنه . واذا امكن البرهان , أكثر من ذلك , بأن لعدد كبير من أسماء الأماكن التوراتيه , مهما كانت أصولها اللغويه , مثائلها الحية في غرب شبه الجزيره العربيه , في حين أن للقليل منها مثائل في فلسطين , فان من المعقول طرح السؤال التالي : هل التوراة العبريه سجل لأحداث تاريخيه جرت في غرب شبه الجزيره العربيه
                      وليس في فلسطين .
                      وبالاضافه الى علم الأثار هناك طرق أخرى للتأكد مما اذا كان يمكن للتاريخ التوراتي أن يكون قد وجد مساره في غرب شبه الجزيره العربيه , لا في فلسطين . وفي هذا المجال يجب ان تؤخذ في الاعتبار كل المسائل المتعلقه بالطوبوغرافيا والجيولوجيا والمعادن والمياه والحيوان والنبات .
                      على سبيل المثال , اذا وجد نهر أو جدول مائي أو مجرى مياه في شبه الجزيره العربيه يسمى " فيشون " فان هذا النهر لا يحتمل ان يكون هو نفسه " فيشون " التوراتي الا اذا كان يمر في منطقه يمكن العثور فيها على الذهب , أو كان يمكن العثور على الذهب فيها فيما مضى ( سفر التكوين 2: 11-12) . والبرهان القاطع على أن " سدوم " و" عموره " التوراتيتين لم تكونا بلدتين قديمتين على شاطىء البحر الميت في فلسطين هو عدم وجود أي أثر لبراكين قديمه هناك , علما أن النار التي أخربت سدوم وعموره , على ما تقول التوراة , كانت ولا بد نارا بركانيه ( التكوين 19: 28,24) . واذا وجد الباحث سدوم وعموره بالاسم في غرب شبه الجزيره العربيه , فان عليه ان يتأكد من وجود بركان أو اثار بركانيه بالقرب من المكان . وكذلك اذا كان قصر الملك سليمان قد شيّد " بحجارة كريمه " ( الملوك الاول 7: 9-10 ) , فان من الصعب أن تكون مادة البناء المشار اليها هي أحجار فلسطين الكلسيه العاديه , بل ربما تكون من الحجر المانع " الغرانيت " الموجود في غرب شبه الجزيره العربيه .
                      أضف الى ذلك أن التوراة تذكر طيورا كثيره باسمائها ولا تأتي على ذكر الأوز والدجاج اطلاقا . ويفيد الجغرافي اليوناني استرابون الذي توفي عام 23 للميلاد , أن الأوز وفصيلة الدجاج لم يكن لهما وجود حتى زمانه في مناطق شبه الجزيره العربيه المقابله للحبشه , وقد اعتبر ذلك أمرا جديرا بالملاحظه .
                      وكذلك يجب أن ينتبه الباحث الى كل ما ورد في القرآن الكريم حول المسائل المتعلقه بالجغرافيا والتاريخ التوراتيين , وهو كثير , اذ أن أحدا لم يفعل ذلك بعد .
                      لقد جمع القرآن ودوّن تقريبا في نفس الوقت الذي كان فيه المصوريتيون قد بدأوا بتصويت وتصويب نص التوراة العبريه . وحيثما تكلم القرآن عن الآباء العبريين أو عن اسرائيل أو عن الأنبياء اليهود , اشار الى عدد من اسماء الأمكنه التي هي من الاسماء المعروفه في غرب شبه الجزيره العربيه .
                      استنادا الى التوراة ( الخروج3: 2) فان ملاك الرب " يهوه " ظهر على موسى بلهب من وسط عليقه في جبل حوريب / حرب / . وحتى الان جرى البحث عن جبل حوريب التوراتي في سيناء ولم يعثر عليه هناك بهذا الأسم . وهذا ما جعل بعض الباحثين ينثنون عن سيناء الى البحث عن جبل حوريب في الحجاز ولكن دون جدوى .
                      ولكن القرآن يقول لنا بالدقه أين كان حوريب , فهو مرتفع جبلي في الجهة البحريه من عسير , ويسمى اليوم جبل هادي , وعلى سفح جبل هادي هناك قريه مازالت تدعى حتى اليوم " الطّوا " , يمكن ان تكون قد أعطت اسمها يوما الى رافد مجاور يصب في وادي بقره , ولا بد أن هذا الرافد هو " الوادي المقدس طوى " المذكور في القرآن . وهي منطقه كانت ناشطه براكانيا .
                      وحيث يروي القرآن القصص التوراتيه , فانه لا يكرر الروايات التوراتيه لهذه القصص , كما هي النظره السائده اليوم بين الباحثين الغربيين . بل ان محتوى القرآن الكريم حيث تتوافق مع محتويات التوراة العبريه هي روايه تاريخيه مستقله تماما عن رواية التوراة ولا بد من دراستها على هذا الاساس .
                      والسيء نفسه ينطبق على الروايات القرانيه لقصص الأناجيل المسيحيه . وقد تبدو الروايتين التوراتيه والقرانيه محيّره للوهلة الاولى , ومع ذلك فانها قد تصبح باعثه على التنوير , لأن في القرآن الكريم ما يوضح غوامض التوراة في أحيان كثيره , وهذا أمر غاية في الأهميه .

                      تعليق

                      • الشايب
                        محلل سياسي
                        • Jan 2006
                        • 356

                        #12
                        رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..


                        أرض عسير ..
                        اسم عسير مصطلح جغرافي حديث الاستعمال , وهو يرمز منذ القرن التاسع عشر الى مرتفعات غرب شبه الجزيره العربيه الممتده من النماص شمالا الى نجران جنوبا , ومن الشرق الى الغرب تمتد عسير من أطراف صحراء وسط شبه الجزيره العربيه الى ساحل البحر الاحمر . وعسير اليوم احدى مقاطعات المملكه العربيه السعوديه , وقاعدتها مدينة ابها .
                        وعسير بشكل خاص هي بلاد " السراة " ( أي أعلى الأرض ) والاسم يشير الى امتداد هضبي يتراوح ارتفاعه بين 1700 و 3200 متر عن سطح البحر , والسراة هذه بمثابة العمود الفقري لأرض عسير , وتبلغ السراة اعلى ارتفاعها قرب أبها .
                        الجانب البحري من عسير يتألف في الواقع من عدد لا متناه من الهضاب والمنخفضات ( تسمى بالعربيه الوهاد , وبالعبريه التوراتيه يهود او يهوده ) .
                        وحتى ازمنه قريبه , كانت أودية هذا الجزء من عسير وجنوب الحجاز وشعابه تشكل مرتعا وأرض لجوء وتناسل للجراد , مما قد يفسر عبارة " المجاعات في الأرض " التي يكثر ورودها في أسفار التوراة .
                        وبلاد عسير الجغرافيه ( أي عسير وجنوب الحجاز ) هي أكثر مناطق شبه الجزيرة العربيه تلقيا للأمطار . أمطار الرياح الشماليه الغربيه في الشتاء , وأمطار الرياح الموسميه الجنوبيه الغربيه في الصيف . وتتراوح نسبة الأمطار هناك بين 300 الى 500 مم سنويا .
                        وغابات العرعر الكثيفه هي من السمات التي تتميز بها السراة والمرتفعات الاعلى من جبال تهامة . وهناك أيضا أحراش من البطم والطرفاء والسنط ( الأكاسيا ) والسرو وغيرها من الأشجار الحرشيه في مناطق عديده .
                        وقد جرى تدريجيا تدريج مرتفعات عسير تقليديا لزراعتها بالحبوب وبأنواع مختلفه من الجوزيات ( اللوز ) ومن الفواكه بما فيها العنب , وتزرع الحبوب والخضار والتمور , وان عسل عسير هو من الانواع النادرة الجوده .
                        تتميّز أراضي عسير الداخليه باحتوائها على بعض الثروة المعدنيه . وقد كان الذهب والنحاس والرصاص والحديد يستخرج منها في القدم , والذهب خصوصا في منطقة وادي رنيه .
                        ومن بين جميع مناطق عسير , ربما كان وادي نجران هو الأكثر خصوبه , وقد ازدهر هناك مجتمع يهودي منذ القدم وحتى القرن العشرين . وربما كان يهود نجران آخر ما تبقى من اليهوديه في أرض أصولها .
                        وسهل جيزان الساحلي , هو ايضا منطقه ذات خصوبه عاليه . ويحيط بالسهل الساحلي ثلاث تجمعات من المخاريط البركانيه ( أم القمم والقارعه وعكوه ) .
                        في القدم , يبدو ان عسير الجغرافيه كانت منطقه عظيمة الشأن , نظرا لوقوعها عند نقطة التقاء الطرق الرئيسيه لتجارة العالم القديم . كانت السفن تروح وتغدو بين موانىء عسير وموانىء الحبشه وبلاد النوبه ومصر عبر البحر الأحمر , ولا بد أن عسير الجغرافيه كانت مركزا رئيسيا لخدمات الوساطه والتجارة والمبادلات .
                        ومن الطبيعي ان تكون هذه البلاد قد عرفت , ومنذ أقدم العصور , مستوى رفيعا من الحضاره . على أن حضارة عسير القديمه ما كانت الا حضارة مدن معيّنه وتجمعات من القرى والواحات .
                        في الفصول القادمه سيكون التركيز على شعب واحد من شعوب عسير القديمه , وهو الشعب المسمى ببني اسرائيل .
                        وقد مرّ هذا الشعب في مرتفعات السراة ومنحدراتها الغربيه ( أرض يهوذا ) بين القرنين العاشر والخامس قبل الميلاد بتجربه تاريخيه , ثم زال من الوجود مخلفا وراءه سجلا كاملا بالغ الدقه والتفصيل لهذه التجربه .
                        وما زال هذا السجل , وهو التوراة العبريه بمختلف اسفارها , موجودا ومعروفا الى الوقت الحاضر .

                        تعليق

                        • الشايب
                          محلل سياسي
                          • Jan 2006
                          • 356

                          #13
                          رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

                          البحث عن جرار .. 1 .
                          قبل البرهان على مدى الدقه في مطابقة جغرافيا التوراة العبريه لجغرافيا غرب شبه الجزيره العربيه , لابد من ايراد الدليل , ولو بجمله واحده من الامثله , علىمدى الضعف في مطابقة تلك الجغرافيا لجغرافيا فلسطين . وهذا يتضح تماما من النظر في الطريقه التي عالج فيها علماء التوراة حتى الان مسألة " جرار " / جرر / , وهي بلده توراتيه يفترض أنها ازدهرت في القدم في جوار غزة بساحل فلسطين , في موقع غير بعيد عن بئر السبع .
                          هناك اربع مقاطع في التوراة تتحدث عن " جرار " .
                          يذكر سفر التكوين 10 : 19 " جرار " هذه بالترافق مع / صيدن / ( التي أخذت على انها صيدون أي صيدا الفينيقيه ) ومع / عزه / ( التي أخذت على انها غزة الفلسطينيه )
                          يذكر سفر التكوين 20 : 1 وما يلي , يرد ذكر " جرار " بالترافق مع / ءرص ه-نجب / , وهي في الترجمه " أرض ال نجب " التي تؤخذ على انها تعني صحراء النقب الفلسطينيه . ويضيف النص هنا بأن " جرار " تقع بين " قادش " / قدش / و " شور " و
                          / شور / , وبأن ملكها كان يسمى أبيمالك / ء بي ملك / , دون أن يأتي أي ذكر ل / عزه / .
                          في سفر التكوين 26 يعرّف ابيمالك بأنه " ملك الفلسطينيين " بالعبريه / ملك فلشتيم / .
                          ويرد ايضا ذكر " وادي جرار " / نحل جرر / بالترافق مع اسماء أربعة آبار هي " عسق " / عسق / و " سطنه " / سطنه / و " رحوبوت " / رحبوت / و " شبعه " أو " بئر السبع "
                          / شبعه , بءر شبع / , وهنا ايضا لا يأتي على ذكر / عزه / .
                          وفي سفر أخبار الأيام الثاني 14 : 8 وما يلي ( 9 وما يلي في " السبعونيه " وفي الترجمه العربيه وغيرها من الترجمات الحديثه ) تظهر " جرار " بشكل بارز في قصة الحرب التي جرت بين " زارح الكوشي " أو " زارح الحبشي " / زرح ه-كوشي / وآسا ملك يهوذا ,
                          ( 908 – 867 ) ق.م . وفي هذه الحرب غزا " الكوشيون " أو " الحبشيون " / ه-كوشيم /
                          يهوذا ووصلوا الى " مريشه " / مرشه / . وهناك ألحق الملك آسا بهم الهزيمه قرب " وادي صفته " , / جيء صفته / , ثم انبرى يلاحق فلولهم حتى " جرار " حيث نهب البلده وما حولها من زراعه ورعي . ويفهم من ذلك أن " جرار " وجوارها كانت تشكل في ذلك الوقت جزءا من الأراضي " الكوشيه " , ولذلك اقتصّ الملك آسا منها .
                          وفي بحثهم عن " جرار " , لم يكن أمام الباحثين التوراتيين وعلماء الآثار ما يسترشدون به غير الاشارات الوارده اعلاه , ولم يكن لديهم غير هذه الماده التوراتيه لتحديد موقع اراضي الكنعانيين أو أراضي الفلسطينيين ناهيك عن اراضي الكوشيين .
                          عندما قام علماء الآثار لأول مرّة باجراء الحفريات في بئر السبع في فلسطين , كانت اقدم البقايا التي عثروا عليها هناك تعود الى أواخر العهد الروماني أوالى العهد البيزنطي .
                          وهناك دليل معتمد للجغرافيا التوراتيه ( كريلينغ , ص 80 ) يلخص البحث عن " جرار بين غزة وبئر السبع في فلسطين كما يلي :
                          " ما زال الموقع الصحيح للمكان الذي كانت جرار تقوم فيه غير أكيد , وهو يعتمد على كيفية تحديد مواقع البلدات الأخرى في المنطقه عموما ... "
                          وباختصار , فان تحديد علماء التوراة لموقعي " قادش " و " شور " في جنوب فلسطين ما هو الا تكهن واه لا يستند الى أية معطيات ثابته .
                          يتبع ....
                          ملاحظه : قمت باختصار هنا , احاول ان الفت الانظار الى هذا الكتاب , وكل ما اكتبه لا يغني عن قرائته , وانما يحفّذ عليها , ولكن عن طريق كتابته , كما في دراسة مواد جامعيه , وليس ككتاب عادي , كما ان الخرائط هامه وضروريه .


                          البحث عن جرار ..2 .
                          وتبرز مشكله أخرى من خلال ذكر " جرار " في أخبار الايام الثاني 14 , حيث تبدو البلده وكأنها تخص " الكوشيين " / ه-كوشيم/ . وقد عرف الكوشيون هؤلاء تقليديا بكونهم " حبشيين " , وذلك لأن النصوص التوراتيه كثيرا ما تربط بين / كوش و مصريم / , التي تؤخذ دائما على أنها " مصر " ( مع اعتبار أن بلاد الحبشه هي الجارة الجنوبيه لمصر ) . وفي " السبعونية " تسمّى كوش احيانا باسمها هذا كما يرد بالعبرية , وفي أحيان أخرى تسمّيها باليونانيه أيثيوبيا أو أيثيوبس ( أي الحبشه ) , وهذا ما زاد في تشجيع علماء التوراة على تعريف المكان بكونه الحبشه , واذا سلمنا بأن الكوشيين كانوا بالفعل حبشيين , يبقى هناك السؤال : كيف تيسر لهؤلاء الحبشيين أن يسيطروا على أرض هي أرض " جرار " , ويفترض انها كانت في فلسطين ؟
                          هل كان هؤلاء الحبشيين مصريين من عهد الأسرة الخامسه والعشرين , أي " الاسرة الحبشيه " ؟ وهذا غير معقول , باعتبار ان سيطرتهم على " جرار " علىما تفيده التوراة , كانت في عهد آسا ملك يهوذا الذي توفي قبل عهد الاسرة الحبشيه بحوالي قرن ونصف .
                          ومما رأينا حتى الان يمكننا استنتاج ما يلي :
                          1- ان موقع جرار التوراتيه في فلسطين لم يحدد بعد بصورة مرضيه , او بصورة نهائيه , وما من مكان في فلسطين استمر في حمل اسم مشابه .
                          2- يفترض علماء التوراة ان موقع جرار هو في جنوب فلسطين لأن سفر التكوين 10 يذكر المكان بالترافق مع / عزه / التي يعتقد انها غزه الفلسطينيه , في حين أن سفر التكوين 26 يذكر المكان نفسه بالترافق مع / شبعه / او / بءر شبع / التي يعتقد أنها بئر السبع الفلسطينيه .
                          3- مع التسليم ان " قادش " التوراتيه قد تكون عين قديس , قرب وادي العريش , وبأن موقع " شور " قد يكون في مكان ابعد غربا في سيناء , قرب برزخ السويس , يبقى هناك الواقع بأن بئر السبع وغزة هما من فلسطين , وليس في سيناء . وبناء على ذلك , فلا يعقل أن يكون موقع " جرار " في الوقت ذاته بين بئر السبع وغزة , وبين قادش وشور , وهو ما يؤكده سفر التكوين .
                          4- اذا كان الكوشيون التوراتيون حبشيين بالفعل , وكانت جرار في جنوب فلسطين , فان سيطرة الكوشيين على جرار الملمّح اليها بوضوح تام في أخبار اليوم الثاني 14 , لا يمكن تفسيره بسهولة .
                          ولحل هذا اللغز الغامض المحيط بجرار , قد يكون من الأفضل الانطلاق من الدليل الوارد في أخبار اليوم الثاني 14 , ومحاولة تحديد الهوية الحقيقيه للكوشيين المذكورين في النص .
                          لقد سبق القول بأن / بءر شبع / العبرية ربما تعني " بئر امتلاء " , ولكنها تؤخذ خطأ على أنها تعني بئر سبع , وفي حديثه عن عودة القائد الروماني ايليوس غالوس من حملته العسكريه في شبه الجزيره العربيه في سنة 24 قبل الميلاد , يصف الجغرافي اليوناني " استرابون " , بدقة فائقه المراحل اتي قطعها غالوس في طريق عودته من " نيغرانا " وهي ( نجران ) , الى " نيغرا " وهي ( النجيره ) قرب ميناء أم لج الحالي على ساحل البحر الاحمر , حيث ركب جنوده السفن التي اقلتهم عائدين الى مصر .
                          ويفيد استرابون أنه بعد أحد عشر يوما من مغادرته نجران , وصل غالوس الى مكان يسمى " الابار السبعه " ويفيد استرابون بأن رحلة غالوس من " الابار السبعه " الى " نيغرا " استغرقت اربعين يوما , ويصف نيغرا بانها قرية عند البحر . وفي طريقه مرّ غالوس في مكان اسمه " كالا " و آخر اسمه " مالوثاس " يقع على ضفة نهر . والواقع هو ان الطريق من خميس مشيط الى الساحل يتبع " نهر " وادي الضّلع في منطقة رجال المع , حيث توجد حتى اليوم قريتان تسميان , القلعه " كالا " و الملاذة " مالوثاس " .وتستمر هذه الطريق نزولا حتى تصل الى بلدة الدرب , وهناك تلتقي بطريق أخرى تتابع مسارها شمالا عبر الصحراء الساحليه لغرب شبه الجزيره العربيه حتى تصل الى أم لج والنجيرة ( نيغرا ) .
                          والمسافه بين جوار خميس مشيط وأم لج تقدر بحوالي 1100 كم , وهي مسافه يمكن قطعها سيرا باربعين يوما .
                          يتبع .........
                          -----------------------
                          ملاحظه : يجب الانتباه جيدا الى ان المؤلف لا يبتكر طريقه جديده في البحث , هو يراجع البحوث التي قام بها العلماء التوراتيون , ويلاحظ النقص والضعف والغموض , في محاولاتهم تطبيق جغرافية التوراة على جغرافية فلسطين , ويعتمد في ذلك على قدرته وتمكنه باللغه العبريه القديمه , لمراجعة النصوص التوراتيه القديمه , ليعيد تقديم جغرافيا جديده اكثر واقعيه مما افترضه علماء التوراة واصحاب المصلحه الدينيه والسياسيه في ذلك .
                          كنت مضطرا للاختصار , في عدة فقرات مما قدمته اتمنى ان لا اكون ضيعت المعنى , فانا اقصد التبسيط , ودفع الزملاء الى العوده الى الكتاب , ودراسته .

                          البحث عن جرار .. 3
                          باختصار , فان " الكوشيين " ( وبالتأكيد أولئك الوارد ذكرهم في أخبار الايام الثاني 14 ) لم يكونوا " حبشيين " , بل أهل قبائل من جوار الكوثة ( أي مرتفعات خميس مشيط ) , في الأجزاء العليا من وادي بيشة , غير بعيد عن الانحدار من الشباعة , والتي هي / بءر شبع / أو " بئر سبع " التوراتية . وأما " يهوذا " التي غزاها هؤلاء " الكوشيون " فهي المنحدرات الغربية لعسير الجغرافية .
                          وأستنادا الى سفر التكوين 20 , فان " جرار " كانت تقع بين " قادش " و " شور " . " وجرار " هذه لا بد أنها كانت القرارة الحالية وليس الغريرة , في جوار خميس مشيط , باعتبار أن القرارة هذه تقع على أمتداد الطريق الرئيسي بين الكدس ( قارن بالعبرية قدش) في رجال ألمع , وال أبو ثور ( ثور قارن بالعبرية شور ) في وادي بيشة .
                          وليس هناك أي التباس في الاحداثيات هنا , ولا حتى في تعريف " قادش " و " شور " باسميهما , من دون أي لجوء الى الحدس أو البراعة , أو الى التأويل المصطنع لا كتشافات أثرية لا علاقة حقيقية لها بالأمر .
                          وأكثر من ذلك , فان هنالك في اصحاحي سفر التكوين 20 و 26 ذكر لملك ل " جرار " يدعى أبيمالك / ءبي ملك / وصف في سفر التكوين بأنه ملك " الفلسطينيين " ( فلشتيم والمفرد فلشتي , نسبة الى فلشت او فلشه ) . وهنا لا بد من ابدأ ملاحظتين , الاولى هي أن كامل المنطقة التي تقع على جانبي الشق المائي شمال غرب خميس مشيط , بما فيها الجزء من وادي بيشه حيث توجد القرارة , يحمل الى اليوم الاسم القبلي " بني مالك " / ملك / . وهناك قرية ايضا تسمّى " بني مالك " في المنطقة نفسها . وهذا يمكنه ان يعني أن " أبيمالك " ( التي تعني حرفيا " والد مالك " ) الواردة في اصحاحي سفر التكوين 20 و 26 لم تكن بالضرورة أسم لشخص معين, بل ربما كانت لقبا أطلق قديما في المنطقة على زعماء قبيلة بني مالك الذين كانوا ايضا " ملوك " القرارة .
                          واذا أخذنا تفاوت الاجيال في الاعتبار بين القصص الواردة في الاصحاح 20 والاصحاح 26 من سفر التكوين , فانه يصعب أن يكون " أبيمالك " في القصتين هو الشخص نفسه .
                          والملاحظة الثانية تتعلق ب " جرار " ( أو القرارة ) , و " الفلسطينيين " .
                          فالى الشمال من القرارة , في حوض وادي بيشة , مازالت هناك قرية تدعى الفلسه ( يقابلها بالعبرية فلشه ) , ولو اطلق هذا الأسم العبري على سكانها لسموا / فلشتيم / ( جمع النسبة بالعبرية الى / فلشه / , أي الفلسه ) .
                          وكان يمكن بسهولة للفلسه هذه ان تكون جزءا من الأرض التابعة للقرارة في زمن معين او آخر , وهو ما يفسر لماذا وصف " أبيمالك " , حيثما ذكر في سفر التكوين , بأنه ملك " جرار " , وكذلك ملك ال / فلشتيم / , أي أهل / فلشه / أو " الفلسطينيين " .
                          وهكذا اصبحت القضية واضحة الان , فليست هناك أي " جرار " قرب غزة في فلسطين . وبين الكثيرات الموجودات في عسير , فان واحدة ( القرارة , قرب خميس مشيط ) هي جرار المذكورة في سفر التكوين 20 و 26 وفي أخبار الأيام الثاني 14 , وأخرى ( أي من غرار والجرار وغرار والقرارة , بين جبل بني مالك وسراة بلّحمر ) هي تلك المذكورة في سفر التكوين 10 .
                          واخيرا لا بد من ملاحظة أن تعريف " جرار " الأولى يسير جنبا الى جنب مع تعريف / " كوش " , و " فلشة " , و " بئر سبع " , و " عسق " , و" سطنه " , و " رحوبوت " , و" قادش " , و " شور " , و " مريشة " , " صفته " , و " النقب " / , في الجوار العام نفسه , بين ناحية خميس مشيط والمناطق الواقعة عبر الشق المائي الى الغرب .
                          وتعريف " جرار " الثانية يسير جنبا الى جنب مع تعريف / " سدوم " , و " عمورة " , " أدمة " , و " صبويم " , و " لاشع " / التوراتية في اتجاه , ومكانين آخرين اعتبرا حتى الان صيدون ( أي صيدا ) و " غزة " الشاميتين في اتجاه اخر , أضف الى ذلك تحديد الهويّة الجغرافية لأرض كنعان التوراتية على منحدرات عسير البحرية , بين منطقتي المجاردة وجيزان .
                          وعلماء الاثار لم يحفروا بعد هذه المناطق موضوع البحث أو أي جزء آخر من عسير بهذا الغرض , وربّما وجدوا في يوم من الايام مفاجآت كثيرة . وكما يقول جيرالد دي غوري , وهو من آخر الرحّالة البريطانيين الذين وصفوا شبه الجزيرة العربية :
                          " هناك وديان في عسير واليمن والحجاز خرائب قد تقدم ذات يوم لعلماء التاريخ وللعالم معرفة أكبر بالدول القديمة ... و ... بالممالك الأقدم لشبه الجزيرة العربية , وقد تفصح بوضوح عن معاني الكتب المبكرة للتوراة وعن معاني التلميحات التاريخية في القرآن .
                          ومن يدري أية كنوز تاريخية ترقد دفينة في خرائب عسير الدارسة " .

                          تعليق

                          • الشايب
                            محلل سياسي
                            • Jan 2006
                            • 356

                            #14
                            رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

                            ما لم يكتشف في فلسطين .. 1



                            اننا نعتبر في العادة أن الدقة والأمانة في العمل هما من شيم اهل الاختصاص . وفي حقل مثل حقل التاريخ القديم , قليلون منا هم القادرون على النظر في صحة ما يقوله الاختصاصيون . وهذا ما يمكنهم من أن ينفذوا بأخطائهم دون حساب في المسائل التي يختارون الاتفاق عليها لسبب او لاخر . وهذا يصل بالفعل الى حد الفضيحة في ميدان علم الاثار التوراتي وفي دراسة النقوش والنصوص القديمة التي درج اعتبارها رديفة للتوراة .

                            وهناك أحجار قديمة في كل ركن من أركان الشرق الأدنى , أحفر أنّى شئت وستجد بعضا منها . لكن الحفر شيء , وما يفعله الباحث بنتائج الحفر شيء آخر , وهنا يكمن الفرق بين البحث الأثري العلمي في الشرق الأدنى , وما يسمى بعلم الاثار التوراتي . فالأول هو عبارة عن محاولات منظمة وموضوعية لدراسة الثقافات والحضارات القديمة للمنطقة ولتتبع تطورها , مرحلة بعد أخرى , على أساس بقاياها المادية , مع الادراك التام لحدود المعرفة التي يمكن التوصّل اليها بهذه الطريقة . والثاني لا يمثل أكثر من بحث عن بقايا مادّية في مناطق معيّنة حددت مسبقا على أنها أرض التوراة , وذلك لتوفير البرهان الاثري لمفاهيم مسبقة للتارخ التوراتي . وهكذا , عندما يعثر عالم آثار توراتي على بقايا تحصينات قديمة قرب بلدة بئر السبع الفلسطينية , يسم هذه التحصينات بأنها " اسرائيلية " قبل أن يفكر مرّة واحدة في امكانيات أخرى . وعندما يعثر عالم آثار توراتي آخر على مناجم للنحاس قرب ايلات الحديثة الى الغرب من ميناء العقبة , ويعثر على ختم نقشت عليها / ليتم / في الجوار العام نفسه , يسارع الى الاستنتاج بأن هذا الختم لا بد أنه كان يخص " يوثام " / ل- يتم / ملك يهوذا , ثم يعلن للعالم , ودون أن يرف له جفن , اكتشاف الموقع الصحيح والدقيق لمناجم نحاس الملك سليمان , ولمدينة " عصيون جابر " التوراتية التي كان الاسرائيليون ينطلقون منها بحثا عن الذهب .

                            وليس في البحث الأثري عن المواقع التوراتية خطأ من حيث المبدأ . لكن الخطأ هو في الوصول الى الاستنتاجات التاريخية وتأكيدها على أساس دلائل تاريخية غير حاسمة . وهنا تصبح المنقوشات هامة . وعلى سبيل المثال , فربّما كان نلسون غلويك على تمام الحق في اعلانه عن اكتشاف موقع توراتي حول مدينة ايلات الحديثة لو كان النقش على الختم الذي وجده هناك ليقول / ليتم ملك يهوده / أي " ليوثام ملك يهوذا " . لكن غلويك لم يجد على الختم المذكور غير كلمة / ليتم / , ولذلك فانه لم يكن مصيبا بالضرورة حتى في قراءته للكلمة على أنها / ل- يتم / ( أي بلام مفصولة ) . ولعل الكلمة كانت بالفعل / ل- يتم / بالأشارة الى " يوثام " آخر لم يكن ملكا ليهوذا , وربّما لم يكن يهوديا . وربما كانت الكلمة أيضا تشير الى اله اسمه / يتم / , يحتمل أن يكون هو الاله المصري أتوم , الذي يكتب اسمه في تهجئته الاصلية / ء تمو / . وهناك مقابل ايلات , عبر وادي عربة , واد يدعى وادي اليتم / يتم / حتى يومنا هذا . فهل أن هذا الوادي , مثله مثل الختم الذي وجده غلويك , يحمل أسم " يوثام " المذكور نفسه , كائنا من كان , أم أن الاسم في كلتا الحالتين هو اسم الاله المصري أتوم ؟

                            ولناخذ مثالا آخر . ففي العام 1880 , عثر على نقش صخري في سلوان , قرب القدس , يشرح كيف جرى حفر قناة مائية هناك عن طريق التنقيب من نهايتي النفق في آن معا . هذا النقش الصخري موجود حاليا في متحف الشرق القديم في استنبول .

                            ولو قال النقش " ان هذا النفق حفر في عهد الملك حزقيا " لكان فيه تأكيد واضح لنصّي سفر الملوك الثاني 20 : 20 وسفر أخبار الايام الثاني 30:32 ,اللذين يتحدثان عن بركة وقناة انشأهما الملك حزقيا , ملك يهوذا . لكن الواقع هو أن النقش المذكور لا يشير الى أية أسماء , وسواء كانت أسماء أشخاص أم أسماء أمكنة , ولذلك لا تجوز نسبته قطعا الى عهد حزقيا , كما فعل الباحثون التوراتيون زيفا . ويبدو أن هؤلاء الباحثين لم يأخذوا في اعتباراتهم أن الأقنية المائية كانت تحفر في كل الازمنة , أينما كان , ومتى ظهرت الحاجة اليها . والواقع أن نقش سلوان لا يشير حتى الى أن القدس الحالية هي فعلا أورشليم التوراتية , لأنه لا يذكر اسم الموقع .

                            وكما في حالتي ختم ايلات ونقش سلوان , فان كل ما يوصف بأنه كتابات " عبرية " منقوشة في فلسطين ( وللدقة , هي نقوش كنعانية ) كان قد أجبر , بفعل " علم التوراة " الحديث , على تقديم أكثر مما يحتويه من معلومات . وفي جملة الأمثلة على ذلك القطع الفخارية المنقوشة التي عثر عليها بجوار نابلس في العام 1910 وكرست على أنها " نقوش السامرة " , ( وهو بالعبرية / شمرون / ) لا يظهر قط عليها . وقد أرّخت القطع الفخارية هذه على أنها تعود الى أعوام 778 – 770 قبل الميلاد , وهي تحتوي على سجلات لمبادلات تجارية بين أشخاص ربما كان بعضهم يهودا , حكما على ما ورد من اسمائهم الشخصية . ولكن هذه القطع الفخارية لا تذكر حتى اسم مكان واحد , ولا هي تشير , ولا من بعيد , الى أية شخصية أو حادثة توراتية . واذا كان تأريخ هذه القطع صحيحا , ولو بشكل عام , فهذا يعني أنها تبرهن بمجموعها على أن يهودا كانوا يعيشون في جوار نابلس في فلسطين في القرن الثامن قبل الميلاد .

                            ولكن ليس هناك أي مبرر لأ ي استنتاج منها يتعلق بأية نقطة من نقاط التاريخ التوراتي أو الجغرافية التوراتية . أضف أن هذه القطع لا تثبت بأي شكل أن المكان الذي عثر فيه عليها كان " السامرة " التوراتية , وهو ما يعني أنه لا بد من اعادة النظر حتى بالاسم " نقوش السامرة " الذي أطلقه الباحثون التوراتيون عليها .

                            تعليق

                            • الشايب
                              محلل سياسي
                              • Jan 2006
                              • 356

                              #15
                              رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

                              ما لم يكتشف في فلسطين .. 2



                              ولا بد هنا من التصدي لمسألة " نقوش لاخيش " , وهي قطع فخارية منقوشة عثر عليها في تل الدوير , في جنوب فلسطين , في العام 1935 والعام 1938 .

                              وهناك اجماع بين علماء التوراة على أن هذه النقوش تقدم دليلا " قاطعا لا لبس فيه " على أن تل الدوير كانت " لاخيش " ( بالعبرية / لكيش / ) التوراتية . والواقع هو أن النقوش المذكورة لا تقدّم أي دليل من هذا النوع .

                              ان " نقوش تل الدوير " ( كما يجب تسمية هذه القطع في الواقع ) هي عبارة عن مجموعة من التقارير والشكاوى أرسلها رجل يدعى " هوشعيه " / هوسعيهو / , وهو قائد لقوة يهودية كانت مستعمرة في وقت ما في مكان غير معروف الموقع , الى رئيسه " ياوش " / يءوس / الذي يتوجه اليه بلقب مولاي ( في الاصل / ءدني / ) , والذي كان مقيما على ما يبدو في تل الدوير باعتبار ان النقوش المرسلة اليه اكتشفت هناك . ولدى قراءة هذه النقوش اقتنع باحثون توراتيون مثل و. ف. ألبيرت بأنهم وجدوا اشارة واضحة الى " لاخيش " التوراتية في النقش الرابع , وكذلك اشارة واضحة الى " عزقة " التوراتية في اللنقش نفسه , واشارة الى " اورشليم " ..

                              تعقيب : هام جدا جدا من الكاتب , يرجى الانتباه اليه جيدا .. انتهى التعقيب .

                              ( وهي الاشارة المزعومة الوحيدة حتى الان في منقوشة فلسطينية ) , في النقش السادس .

                              تعقيب شخصي : من غير المعقول منذ بدء التنقيبات الاثرية في فلسطين وحتى العام 2006 , لم يعثر أحد على أي لوح او نقش او مخطوط او قطعة فخار , غير النقش الذي ذكره الكاتب , مكتوب فيه كلمة " اورشليم " العاصمة المقدسة ومكان سكن وحكم اهم ملوك وحكماء وانبياء , اليهود .. ؟ , انتهى التعقيب .

                              وفي حالة النقش الرابع فان القراءة المقبولة للمنقوشة تبدو قابلة لاعادة النظر بشكل جذري .

                              أما في حالة النقش السادس , فان قراءة اسم " أورشليم " ما هي الاّ تزوير فاضح لا يمت الى الامانة العلمية بصلة .

                              ففي النقش الرابع جاء في النص الأصلي للجملة التي أخذت على أنها تشير الى " لاخيش " والى " عزقة " بالأسم ما يلي :

                              / ويدع كي ءل مسءت لكس نحنو سمرم ككل ه- ءتت ءسر نتن ءدني كي لء نرءه ءت عزقه / . وهذه الجملة قرئت وأوّلت على أنها تعني : " وليعرف [ مولاي ] / و- يدع / أننا نراقب / كي ... نحنو سمرم / اشارات لاخيش / ءل مسءت لكس / , استنادا الى كل المؤشرات التي أعطاها مولاي / ك- كل ه-ءتت ءسر نتن ء دني /, لأننا لا نستطيع أن نرى عزقه / كي لء نرءه ءت عزقه / .

                              تعقيب : يعيد الكاتب تحليل الكلمات واعادة قراءتها وفق الالية التي شرحها في مقدمة كتابه ليقول :

                              ان الجملة بكاملها من النقش تحتاج الى اعادة ترجمة كالتالي : " ليعرف ( مولاي ) أننا ننتظر حمولات الطعام , وكذلك كل الأتاوات التي أعطاها مولاي , لأننا لا نرى عزقه " , ويبدو أن هوشيعه ورجاله كانوا قد وعدوا بتزويد بالطعام وبتموين آخر من قبل ياوش , يجلبه رجل اسمه عزقة . وهنا يقول هوشيعه انه ورجاله ما زالوا ينتظرون هذا التموين , نظرا لأن عزقه لم يصل اليهم بعد . والواضح ان النقش الذي نحن بصدده لا يتحدث اطلاقا عن " اشارات " عسكرية صادره من " لاخيش " التوراتية . ولا هو يذكر بأي شكل من الاشكال اسم " لاخيش " هذه كما هو الافتراض السائد الى اليوم .

                              وقد يعذر الباحثون التوراتيون ان هم التبس عليهم امر / لكس / , / عزقه / الواردتين في النقش الرابع من نقوش تل الدوير , على أنها " لاخيش " و " عزقه " التوراتيتين .

                              أما بالنسبة الى النقش السادس , فليس لدى هؤلاء الباحثين أي عذر في أفتراضهم بأن النقش المذكور يتحدث عن " أورشليم " . وفي هذا النقش الذي وجد مكسورا وناقصا , هناك بقايا جملة تقر أ كالتالي "

                              / ءدني هل ء تكتب ء ........ ه تعسو كزء ت ....... سلم / .

                              والترجمة الامينة لبعض الجملة هذه ( اذا كان الكلام بالفعل جملة واحده في الاصل ) لا تعود الا الى المعنى الآتي : " مولاي , ألا تكتب ..... فعلت هكذا ..... / سلم / " .

                              وعلى ذلك , فان الترجمة المقبولة لها تأخذ لنفسها حرية ملء الفراغات بطريقة تبرر قراءة / سلم / الاخيرة هذه باعتبارها الاحرف الساكنة الاخيرة من الكلمة العبرية / يروشليم / , أي " أورشليم " .

                              والترجمة , وهي مرّة أخرى من عمل و. ف. ألبرت , تقول بكل صفاقة " والان , مولاي , هل لك أن تكتب لهم قائلا , لماذا فعلتم هكذا حتى بأورشليم ؟ " ان مثل هذه الترجمة الاعتباطية لا يجوز السماح بها حيث هناك أقل احترام للأمانة العلمية . والحقيقة الساطعة هي أن النقش الذي نحن بصدده هنا , الى الحد الذي هو مقروء , لا يتحدث اطلاقا عن " أورشليم " .

                              تعقيب :

                              اذا وعمليا اذا قبلنا برأي الكاتب المختص في تفسيره واعادة قراءته للنقش السابق , نحن اذا امام حقيقة مذهلة وهي : لم يعثر الاثاريون التوراتيون الذين نقبوا كل شبر في فلسطين والاردن ونقبوا حتى تحت المسجد الاقصى , على أي نقش فيه كلمة " أورشليم " ...! , والى يومنا هذا , انتهى التعقيب .

                              والمسألة هنا ليست مسألة كيفية اندراج نقش تل الدوير عمليا في تاريخ فلسطين أو في تاريخ اليهود في فلسطين . وهذا الكتاب لا ينكر أن يهودا عاشوا في فلسطين في أيام التوراة . وجلّ ما يجادل الكتاب فيه هو أن اليهودية ولدت في غرب شبه الجزيرة العربية , وأن أرض الشعب التوراتي البائد والمعروف ببني اسرائيل كانت هناك , وليس في فلسطين .

                              لنعود في الاضافة الثالثة ان شاء الله الى " الحجر الموآبي " .

                              تعليق

                              يعمل...