رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان
والقسم الثاني منه مباح وهو لمن لا حظ له منه إلا التلذذ بالصوت الحسن واستدعاء السرور والفرح أو يتذكر غائباً أو ميتاً فيثير حزنه فيروح بما يسمعه.
والقسم الثالث منه مندوب وهو لمن غلب عليه حب الله تعالى والشوق إليه فلا يحرك السماع منه إلا الصفات المحمودة وتضاعف الشوق إلى الله سبحانه واستدعاء الأحوال الشريفة والمقامات العلية والكرامات السنية والمواهب الإلهية.
ومجمل القول في ذلك أن من سمع فظهرت عليه صفات نفسه وتذكر به حظوظ دنياه فاستثار بسماعه وسواس هواه فالسماع عليه حرام محض.
ومن سمع فظهر له ذكر ربه وخوفه من ذنبه وذكر آخرته فأتيح له ذلك الذكر شوقاً إلى الله تعالى وحباً فيه ورجاء لوعده وخوفاً من وعيده فسماعه ذكر من الأذكار مكتوب في صحائف الأبرار ) انتهى بتصرف.
رابعاً: يقول الإمام عز الدين ماضي أبو العزائم: ( إن القرآن الكريم يثني على أولئك الذين أكرموا النبي وعظموا شأنه وبجلوه إذ يقول " فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " فهل يحتمل أحد أن تختص هذه الجمل ( آمنوا به – وعزروه – ونصروه – واتبعوا ) بزمن النبي ؟ الجواب لا فإن الآية لا تعني الحاضرين في زمن النبي خاصة أضف إلى ذلك أن القائد العظيم يجب أن يكون موضعاً للتكريم والاحترام والتعظيم في كل العهود والأزمنة فهل إقامة المجالس لإحياء ذكريات المبعث أو المولد النبوي وإنشاء الخطب والمحاضرات والقصائد والمدائح إلا مصداقاً جلياً لقوله تعالى " وعزروه " والتي تعني: أكرموه وعظموه ) انتهى بتصرف. وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله " عزروه" يعني عظموه ووقروه كما في الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي.
خامساً: يقول الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في إحدى محاضراته الصوتية: ( هناك شئ آخر ينكره علينا الأجانب ينكرونه مستغلين هذه الطبيعة المهينة التي توجد عند بعض المسلمين ينكرون علينا تقديس سيدنا رسول الله وكأنهم يتهموننا بأن التقديس يبعدنا عن الموضوعية. لكي تكون موضوعيا ينبغي ألا تقدس. هذا الكلام قرأناه كثيرا من هؤلاء الكتاب ولهم رسل بيننا.
يعالجونه بما يسمى مشكلة القداسة عندنا وهناك هدف لهم من وراء ذلك خطة قرأناها وإن كانوا يوسوسون بها بينهم لكنها خطة مكشوفة. ما هي هذه الخطة ؟ هي أن يعالجوا واقعنا النفسي ويجردونا من التقديس إنْ لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أو للقرآن أو للحديث وأحكامه فإذا جردونا من هذا التقديس سهل عليهم أن يجردونا من .. هذا هو الهدف … ولقد ناقشناهم في هذا الكلام مناقشة صريحة ومواجهة وسجلت هذه المناقشة في كتاب من كتبي اسمه هذه مشكلاتهم.
لا الكتاب الأخير هذه مشكلاتنا بل هذه مشكلاتهم قلنا إن التقديس لدينا ثمرة لدراسة موضوعية اجتزناها وقطعناها وهذا التقديس الذي ترونه ثمرة لدراسة طويلة موضوعية مستوعبة كنا آنذاك لا نقدس لكن لما درسنا شخصية سيدنا رسول الله لنعرف من هو لكن بشكل موضوعي لا بطريقة مزاجية واستعنا بعقولنا الحرة ودرسنا القرآن أيضاً دراسة موضوعية بعيدة عن التقديس واستمرت بنا الدراسة بأناة ومهل مدة من الزمن وانتهينا بعد هذه الدراسة إلى أن القرآن لا يمكن إلا أن يكون كلام الله عز وجل وإلى أن محمداً لا يمكن إلا أن يكون رسول الله جاء التقديس بعد ذلك نتيجة لهذا القرار … نحن لا يمكن أن نقدس شيئا نحن لم ندرسه أبدا لكن لا يمكن أن نقدس إلا ما قد ثبت لدينا بالدليل القطعي انه الحق ومن لم يقدس الحق فإنه جند للباطل دائماً
هل هناك شك في أن الحق ينبغي أن يقدس؟!
أبداً وتقديسك للحق هو دفاعك عنه لكن إن التبس عليك الحق بالباطل فلك أن تتوقف تدرس حتى تتبين وحتى تعلم أن هذا حق وهذا باطل إذا تبين لك بجلاء ذلك فلابد أن تعطي ولاءك للحق أي أن تقدسه ولا بد أن تترفع عن الباطل أي أن تمجه نعم فنحن الآن عندما نتحدث عن سيدنا رسول الله نتحدث عنه وقد فرغنا من دراسة شخصيته وعرفنا انه رسول ينطق باسم رب العالمين سبحانه وتعالى فتقديسنا له ليس إلا تقديساً للحق والذين يطلبون منا أن ندرس حياته من دون تقديس يطلبون منا ألا نقدس الحق نعم
من هذا القبيل حبنا لسيدنا رسول الله من هذا القبيل نعتنا له بكلمة سيدنا،
قولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا كله من مظاهر فعلاً التقديس ولو أننا لم نكن قد وصلنا إلى اليقين بأنه رسول الله لما قلنا سيدنا ولو أننا لم نصل إلى اليقين بأنه نبي من عند الله وأن القرآن كلام الله
والله يقول ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما لما قلنا اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وآله وسلم ولكن العجب كل العجب من أناس هم أبناء جلدتنا مؤمنون مسلمون اجتازوا معنا هذه المرحلة لكن استحياءً منهم من هؤلاء السادة الذين وضعوا أَزِمَّةً ( جمع زمام ) في أعناقهم وأخذوا يقودونهم إلى الطرق التي ينبغي أن يسيروا فيها خجلاً واستحياءً منهم يرفضون تقديس سيدنا رسول الله
والحق أحق أن يتبع والأعجب من هذا أن في الناس اليوم من يعارض تقديس سيدنا رسول الله باسم الدين بل باسم السلفية ربما شيء غريب وهذا من أعجب الأعاجيب وإن كانت هذه الأعجوبة أصبحت قديمة وإن كان الناس الذين لا يزالون يمارسون هذا قد فضحوا وقد ظهرت نياتهم العفنة. من يقول باسم الإسلام ما ينبغي أن نغالي في حب سيدنا رسول الله ولست أدري من هو هذا المجذوب الذي يغالي اليوم في حب سيدنا رسول الله بحيث يعني يشغله حب رسول الله عن طعامه وشرابه وأهله وأولاده .
هل في عالمنا اليوم واحد بهذا الشكل؟
الغريب والعجيب أن نجد من ينكر على طالب قوله سيدنا محمد يا سادة هذا غلط والصحيح محمد! عليه الصلاة والسلام .
أجل طالب قال لي سأل أستاذ المقرر من هو خاتم النبيين؟ رفع أحدهم إصبعه قائلاً سيدنا محمد قال هكذا ونظر إلى الآخرين رفع يده أحدهم قال محمد قال أصبت.
هذه ليست نكتة واقع في حين أن سيدنا محمد يقول في الحديث الصحيح أنا سيد ولد آدم ولا فخر. أنا سيد ولد آدم ولا فخر ( التكرار من الشيخ للتأكيد ) أنا لا أعجب ممن يمزق أو يحاول أن يمزق قداسة سيدنا رسول الله بدافع الاستشراق أو بدافع عدوان مستشر ضد هذا الدين هذا شأنهم لكن العجب كل العجب ممن يسعى هذا السعي ذاته باسم إرجاع هذه الأمة إلى السلف باسم ما يسمى بالسلفية ولا والله لا يمكن أن تتجلى محاربة سلف هذه الأمة بسلاح أخطر ولا أعتى من هذا السلاح نعم ولكن الأمر لم يعد مستوراً لم يعد خفيا في هذا الشكل لا يمكن إلا أن تفضح الأمور نعم إياكم والمغالاة في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم هل بوسعك أن تقول هذا الكلام في حق رئيس من رؤسائك هل يمكن أن تنطق بهذا الكلام في حق قائد من قوادك ؟ تمنع الناس من المغالاة في حب سيدنا رسول الله طيب حسناً امنعهم من المغالاة في حب الآخرين أيضاً قل لي ما معنى هذا الكلام؟ سمع ذلك سمعته أذني نعم إياكم والمغالاة في حب سيدنا رسول الله وسيدنا رسول الله يقول لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين ويقول له أبو بكر ( أخطأ الشيخ سهواً وقصد بذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ) لأنت أحب إلي من مالي ووالدي وولدي قال لا حتى أكون أحب إليك من نفسك قال والله إنك لأحب إلي من نفسي. وهؤلاء يقولون إياكم والمغالاة في حب سيدنا رسول الله ليت أن الله يكرمنا بحب يطهر قلوبنا من الأدران من الأحقاد من حب الدنيا من حب الشهوات من حب الأهواء أين نحن وهذه المغالاة التي نتمنى نتمنى أن نصل إليها وما هي المغالاة في حب سيدنا رسول الله ؟ هي أن تفنى بحب سيدنا رسول الله وهل الفناء في حب سيدنا رسول الله إلا فناء في حب الله ؟ طبعا من يطع الرسول فقد أطاع الله وهذا هو الشرف الكبير الذي نحج إليه ونجاهد في سبيل الوصول إليه نعم آن أيها الإخوة أن ننظر إلى الأحداث ببصائرنا لا مجرد أبصارنا آن أن نتبين ما وراء الأكمة ) انتهى بتصرف.
ويقول الشيخ أحمد بن زيني دحلان الشافعي مفتي الشافعية بمكة المكرمة المتوفي سنة 1304هـ في المدينة المنورة: ( وكان هؤلاء المانعين للتوسل والزيارة يعتقدون أنه لا يجوز تعظيم النبي فحيثما صدر من أحد تعظيم له حكموا على فاعله بالكفر والإشراك وليس الأمر كما يقولون فإن الله تعالى عظم النبي في القرآن الكريم بأعلى أنواع التعظيم فيجب علينا أن نعظم من عظمه الله تعالى وأمر بتعظيمه نعم يجب علينا ألا نصفه بشيء من صفات الربوبية ورحم الله البوصيري حيث قال:دع ما ادعته النصارى في نبيهم**واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم. فليس في تعظيمه بغير صفات الربوبية شيء من الكفر والإشراك بل ذلك من أعظم الطاعات والقربات وهكذا كل من عظمهم الله تعالى كالأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكالملائكة والصديقين والشهداء والصالحين قال تعالى: " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " (الحج 32) وقال تعالى: " ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه " (الحج 30) ومن تعظيمه الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد والقيام عند ذكر ولادته وإطعام الطعام وغير ذلك مما يعتاد الناس فعله من أنواع البر فإن ذلك كله من تعظيمه … ومما أمر الله بتعظيمه الكعبة المعظمة والحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام فإنها أحجار وأمرنا الله بتعظيمها بالطواف بالبيت ومس الركن اليماني وتقبيل الحجر الأسود وبالصلاة خلف المقام وبالوقوف للدعاء عند المستجار وباب الكعبة والملتزم والميزاب كما جرى على ذلك السلف والخلف وكلهم في ذلك لا يعبدون إلا الله ولا يعتقدون تأثيراً لغيره ولا نفعاً ولا ضراً لأن ذلك لا يكون إلا لله وحده ولا يكون لأحد سواه.
والحاصل كما تقدم أن هنا أمرين وجوب تعظيم النبي ورفع رتبته عن سائر المخلوقات والثاني إفراد الربوبية واعتقاد أن الرب تبارك وتعالى منفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن جميع خلقه فمن اعتقد في مخلوق مشاركة الباري سبحانه وتعالى في شيء من ذلك فقد أشرك كالمشركين الذين كانوا يعتقدون الألوهية للأصنام واستحقاقاتها للعبادة ومن قصر بالرسول في شيء عن مرتبته فقد عصى أو كفر أما من بالغ في تعظيمه بأنواع التعظيم ولم يصفه بشيء من صفات الربوبية فقد أصاب الحق وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعاً وذلك هو القول الذي لا إفراط فيه ولا تفريط وإذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء لغير الله تعالى يجب حمله على المجاز العقلي ولا سبيل إلى تكفير أحد من المؤمنين إذ المجاز العقلي مستعمل في الكتاب والسنة فمن ذلك قوله تعالى " وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً " (الأنفال 2) فإسناد الزيادة إلى الآيات مجاز عقلي وهي سبب عادي للزيادة والذي يزيد في الإيمان حقيقة هو الله تعالى وحده لا شريك له وقوله تعالى " يوماً يجعل الولدان شيباً " ( المزمل 17) فإسناد الجعل إلى اليوم مجاز عقلي لأن اليوم محل لجعلهم شيباً فالجعل المذكور واقع في اليوم والجاعل حقيقة هو الله تعالى وحده وقوله تعالى " ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد أضلوا كثيراً " (نوح 23،24) فإسناد الإضلال إلى الأصنام مجاز عقلي لأنها سبب في حصول الإضلال والهادي والمضل حقيقة هو الله تعالى وحده لا شريك له وقوله تعالى حكاية عن فرعون " يا هامان ابن لي صرحاً " (غافر 36) فإسناد البناء إلى هامان مجاز عقلي لأنه سبب آمر فهو يأمر بذلك ولا يبني بنفسه والذي يبني إنما هم الفعلة وأما الأحاديث النبوية ففيها من المجاز العقلي شيء كثير يعرف ذلك من وقف عليه من ذلك الحديث المتقدم بينما هم كذلك استغاثوا بآدم فإغاثة آدم عليه السلام مجازية والمغيث حقيقة هو الله تعالى وأما كلام العرب ففيه من المجاز العقلي ما لا يحصى كقولهم نبت الربيع البقل فجعلوا الربيع وهو المطر منبتاً والمنبت حقيقة هو الله تعالى فإسناد الإنبات إلى الربيع مجاز عقلي فإذا قال العامي من المسلمين نفعني النبي أو أغاثني أو نحو ذلك فإنما يريد الإسناد المجازي والقرينة على ذلك أنه مسلم موحد لا يعتقد التأثير إلا لله فجعلهم ذلك وأمثاله من الشرك جهل محض وتلبيس على عوام الموحدين ) انتهى بتصرف
والقسم الثاني منه مباح وهو لمن لا حظ له منه إلا التلذذ بالصوت الحسن واستدعاء السرور والفرح أو يتذكر غائباً أو ميتاً فيثير حزنه فيروح بما يسمعه.
والقسم الثالث منه مندوب وهو لمن غلب عليه حب الله تعالى والشوق إليه فلا يحرك السماع منه إلا الصفات المحمودة وتضاعف الشوق إلى الله سبحانه واستدعاء الأحوال الشريفة والمقامات العلية والكرامات السنية والمواهب الإلهية.
ومجمل القول في ذلك أن من سمع فظهرت عليه صفات نفسه وتذكر به حظوظ دنياه فاستثار بسماعه وسواس هواه فالسماع عليه حرام محض.
ومن سمع فظهر له ذكر ربه وخوفه من ذنبه وذكر آخرته فأتيح له ذلك الذكر شوقاً إلى الله تعالى وحباً فيه ورجاء لوعده وخوفاً من وعيده فسماعه ذكر من الأذكار مكتوب في صحائف الأبرار ) انتهى بتصرف.
رابعاً: يقول الإمام عز الدين ماضي أبو العزائم: ( إن القرآن الكريم يثني على أولئك الذين أكرموا النبي وعظموا شأنه وبجلوه إذ يقول " فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " فهل يحتمل أحد أن تختص هذه الجمل ( آمنوا به – وعزروه – ونصروه – واتبعوا ) بزمن النبي ؟ الجواب لا فإن الآية لا تعني الحاضرين في زمن النبي خاصة أضف إلى ذلك أن القائد العظيم يجب أن يكون موضعاً للتكريم والاحترام والتعظيم في كل العهود والأزمنة فهل إقامة المجالس لإحياء ذكريات المبعث أو المولد النبوي وإنشاء الخطب والمحاضرات والقصائد والمدائح إلا مصداقاً جلياً لقوله تعالى " وعزروه " والتي تعني: أكرموه وعظموه ) انتهى بتصرف. وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله " عزروه" يعني عظموه ووقروه كما في الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي.
خامساً: يقول الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في إحدى محاضراته الصوتية: ( هناك شئ آخر ينكره علينا الأجانب ينكرونه مستغلين هذه الطبيعة المهينة التي توجد عند بعض المسلمين ينكرون علينا تقديس سيدنا رسول الله وكأنهم يتهموننا بأن التقديس يبعدنا عن الموضوعية. لكي تكون موضوعيا ينبغي ألا تقدس. هذا الكلام قرأناه كثيرا من هؤلاء الكتاب ولهم رسل بيننا.
يعالجونه بما يسمى مشكلة القداسة عندنا وهناك هدف لهم من وراء ذلك خطة قرأناها وإن كانوا يوسوسون بها بينهم لكنها خطة مكشوفة. ما هي هذه الخطة ؟ هي أن يعالجوا واقعنا النفسي ويجردونا من التقديس إنْ لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أو للقرآن أو للحديث وأحكامه فإذا جردونا من هذا التقديس سهل عليهم أن يجردونا من .. هذا هو الهدف … ولقد ناقشناهم في هذا الكلام مناقشة صريحة ومواجهة وسجلت هذه المناقشة في كتاب من كتبي اسمه هذه مشكلاتهم.
لا الكتاب الأخير هذه مشكلاتنا بل هذه مشكلاتهم قلنا إن التقديس لدينا ثمرة لدراسة موضوعية اجتزناها وقطعناها وهذا التقديس الذي ترونه ثمرة لدراسة طويلة موضوعية مستوعبة كنا آنذاك لا نقدس لكن لما درسنا شخصية سيدنا رسول الله لنعرف من هو لكن بشكل موضوعي لا بطريقة مزاجية واستعنا بعقولنا الحرة ودرسنا القرآن أيضاً دراسة موضوعية بعيدة عن التقديس واستمرت بنا الدراسة بأناة ومهل مدة من الزمن وانتهينا بعد هذه الدراسة إلى أن القرآن لا يمكن إلا أن يكون كلام الله عز وجل وإلى أن محمداً لا يمكن إلا أن يكون رسول الله جاء التقديس بعد ذلك نتيجة لهذا القرار … نحن لا يمكن أن نقدس شيئا نحن لم ندرسه أبدا لكن لا يمكن أن نقدس إلا ما قد ثبت لدينا بالدليل القطعي انه الحق ومن لم يقدس الحق فإنه جند للباطل دائماً
هل هناك شك في أن الحق ينبغي أن يقدس؟!
أبداً وتقديسك للحق هو دفاعك عنه لكن إن التبس عليك الحق بالباطل فلك أن تتوقف تدرس حتى تتبين وحتى تعلم أن هذا حق وهذا باطل إذا تبين لك بجلاء ذلك فلابد أن تعطي ولاءك للحق أي أن تقدسه ولا بد أن تترفع عن الباطل أي أن تمجه نعم فنحن الآن عندما نتحدث عن سيدنا رسول الله نتحدث عنه وقد فرغنا من دراسة شخصيته وعرفنا انه رسول ينطق باسم رب العالمين سبحانه وتعالى فتقديسنا له ليس إلا تقديساً للحق والذين يطلبون منا أن ندرس حياته من دون تقديس يطلبون منا ألا نقدس الحق نعم
من هذا القبيل حبنا لسيدنا رسول الله من هذا القبيل نعتنا له بكلمة سيدنا،
قولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا كله من مظاهر فعلاً التقديس ولو أننا لم نكن قد وصلنا إلى اليقين بأنه رسول الله لما قلنا سيدنا ولو أننا لم نصل إلى اليقين بأنه نبي من عند الله وأن القرآن كلام الله
والله يقول ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما لما قلنا اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وآله وسلم ولكن العجب كل العجب من أناس هم أبناء جلدتنا مؤمنون مسلمون اجتازوا معنا هذه المرحلة لكن استحياءً منهم من هؤلاء السادة الذين وضعوا أَزِمَّةً ( جمع زمام ) في أعناقهم وأخذوا يقودونهم إلى الطرق التي ينبغي أن يسيروا فيها خجلاً واستحياءً منهم يرفضون تقديس سيدنا رسول الله
والحق أحق أن يتبع والأعجب من هذا أن في الناس اليوم من يعارض تقديس سيدنا رسول الله باسم الدين بل باسم السلفية ربما شيء غريب وهذا من أعجب الأعاجيب وإن كانت هذه الأعجوبة أصبحت قديمة وإن كان الناس الذين لا يزالون يمارسون هذا قد فضحوا وقد ظهرت نياتهم العفنة. من يقول باسم الإسلام ما ينبغي أن نغالي في حب سيدنا رسول الله ولست أدري من هو هذا المجذوب الذي يغالي اليوم في حب سيدنا رسول الله بحيث يعني يشغله حب رسول الله عن طعامه وشرابه وأهله وأولاده .
هل في عالمنا اليوم واحد بهذا الشكل؟
الغريب والعجيب أن نجد من ينكر على طالب قوله سيدنا محمد يا سادة هذا غلط والصحيح محمد! عليه الصلاة والسلام .
أجل طالب قال لي سأل أستاذ المقرر من هو خاتم النبيين؟ رفع أحدهم إصبعه قائلاً سيدنا محمد قال هكذا ونظر إلى الآخرين رفع يده أحدهم قال محمد قال أصبت.
هذه ليست نكتة واقع في حين أن سيدنا محمد يقول في الحديث الصحيح أنا سيد ولد آدم ولا فخر. أنا سيد ولد آدم ولا فخر ( التكرار من الشيخ للتأكيد ) أنا لا أعجب ممن يمزق أو يحاول أن يمزق قداسة سيدنا رسول الله بدافع الاستشراق أو بدافع عدوان مستشر ضد هذا الدين هذا شأنهم لكن العجب كل العجب ممن يسعى هذا السعي ذاته باسم إرجاع هذه الأمة إلى السلف باسم ما يسمى بالسلفية ولا والله لا يمكن أن تتجلى محاربة سلف هذه الأمة بسلاح أخطر ولا أعتى من هذا السلاح نعم ولكن الأمر لم يعد مستوراً لم يعد خفيا في هذا الشكل لا يمكن إلا أن تفضح الأمور نعم إياكم والمغالاة في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم هل بوسعك أن تقول هذا الكلام في حق رئيس من رؤسائك هل يمكن أن تنطق بهذا الكلام في حق قائد من قوادك ؟ تمنع الناس من المغالاة في حب سيدنا رسول الله طيب حسناً امنعهم من المغالاة في حب الآخرين أيضاً قل لي ما معنى هذا الكلام؟ سمع ذلك سمعته أذني نعم إياكم والمغالاة في حب سيدنا رسول الله وسيدنا رسول الله يقول لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين ويقول له أبو بكر ( أخطأ الشيخ سهواً وقصد بذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ) لأنت أحب إلي من مالي ووالدي وولدي قال لا حتى أكون أحب إليك من نفسك قال والله إنك لأحب إلي من نفسي. وهؤلاء يقولون إياكم والمغالاة في حب سيدنا رسول الله ليت أن الله يكرمنا بحب يطهر قلوبنا من الأدران من الأحقاد من حب الدنيا من حب الشهوات من حب الأهواء أين نحن وهذه المغالاة التي نتمنى نتمنى أن نصل إليها وما هي المغالاة في حب سيدنا رسول الله ؟ هي أن تفنى بحب سيدنا رسول الله وهل الفناء في حب سيدنا رسول الله إلا فناء في حب الله ؟ طبعا من يطع الرسول فقد أطاع الله وهذا هو الشرف الكبير الذي نحج إليه ونجاهد في سبيل الوصول إليه نعم آن أيها الإخوة أن ننظر إلى الأحداث ببصائرنا لا مجرد أبصارنا آن أن نتبين ما وراء الأكمة ) انتهى بتصرف.
ويقول الشيخ أحمد بن زيني دحلان الشافعي مفتي الشافعية بمكة المكرمة المتوفي سنة 1304هـ في المدينة المنورة: ( وكان هؤلاء المانعين للتوسل والزيارة يعتقدون أنه لا يجوز تعظيم النبي فحيثما صدر من أحد تعظيم له حكموا على فاعله بالكفر والإشراك وليس الأمر كما يقولون فإن الله تعالى عظم النبي في القرآن الكريم بأعلى أنواع التعظيم فيجب علينا أن نعظم من عظمه الله تعالى وأمر بتعظيمه نعم يجب علينا ألا نصفه بشيء من صفات الربوبية ورحم الله البوصيري حيث قال:دع ما ادعته النصارى في نبيهم**واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم. فليس في تعظيمه بغير صفات الربوبية شيء من الكفر والإشراك بل ذلك من أعظم الطاعات والقربات وهكذا كل من عظمهم الله تعالى كالأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكالملائكة والصديقين والشهداء والصالحين قال تعالى: " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " (الحج 32) وقال تعالى: " ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه " (الحج 30) ومن تعظيمه الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد والقيام عند ذكر ولادته وإطعام الطعام وغير ذلك مما يعتاد الناس فعله من أنواع البر فإن ذلك كله من تعظيمه … ومما أمر الله بتعظيمه الكعبة المعظمة والحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام فإنها أحجار وأمرنا الله بتعظيمها بالطواف بالبيت ومس الركن اليماني وتقبيل الحجر الأسود وبالصلاة خلف المقام وبالوقوف للدعاء عند المستجار وباب الكعبة والملتزم والميزاب كما جرى على ذلك السلف والخلف وكلهم في ذلك لا يعبدون إلا الله ولا يعتقدون تأثيراً لغيره ولا نفعاً ولا ضراً لأن ذلك لا يكون إلا لله وحده ولا يكون لأحد سواه.
والحاصل كما تقدم أن هنا أمرين وجوب تعظيم النبي ورفع رتبته عن سائر المخلوقات والثاني إفراد الربوبية واعتقاد أن الرب تبارك وتعالى منفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن جميع خلقه فمن اعتقد في مخلوق مشاركة الباري سبحانه وتعالى في شيء من ذلك فقد أشرك كالمشركين الذين كانوا يعتقدون الألوهية للأصنام واستحقاقاتها للعبادة ومن قصر بالرسول في شيء عن مرتبته فقد عصى أو كفر أما من بالغ في تعظيمه بأنواع التعظيم ولم يصفه بشيء من صفات الربوبية فقد أصاب الحق وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعاً وذلك هو القول الذي لا إفراط فيه ولا تفريط وإذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء لغير الله تعالى يجب حمله على المجاز العقلي ولا سبيل إلى تكفير أحد من المؤمنين إذ المجاز العقلي مستعمل في الكتاب والسنة فمن ذلك قوله تعالى " وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً " (الأنفال 2) فإسناد الزيادة إلى الآيات مجاز عقلي وهي سبب عادي للزيادة والذي يزيد في الإيمان حقيقة هو الله تعالى وحده لا شريك له وقوله تعالى " يوماً يجعل الولدان شيباً " ( المزمل 17) فإسناد الجعل إلى اليوم مجاز عقلي لأن اليوم محل لجعلهم شيباً فالجعل المذكور واقع في اليوم والجاعل حقيقة هو الله تعالى وحده وقوله تعالى " ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد أضلوا كثيراً " (نوح 23،24) فإسناد الإضلال إلى الأصنام مجاز عقلي لأنها سبب في حصول الإضلال والهادي والمضل حقيقة هو الله تعالى وحده لا شريك له وقوله تعالى حكاية عن فرعون " يا هامان ابن لي صرحاً " (غافر 36) فإسناد البناء إلى هامان مجاز عقلي لأنه سبب آمر فهو يأمر بذلك ولا يبني بنفسه والذي يبني إنما هم الفعلة وأما الأحاديث النبوية ففيها من المجاز العقلي شيء كثير يعرف ذلك من وقف عليه من ذلك الحديث المتقدم بينما هم كذلك استغاثوا بآدم فإغاثة آدم عليه السلام مجازية والمغيث حقيقة هو الله تعالى وأما كلام العرب ففيه من المجاز العقلي ما لا يحصى كقولهم نبت الربيع البقل فجعلوا الربيع وهو المطر منبتاً والمنبت حقيقة هو الله تعالى فإسناد الإنبات إلى الربيع مجاز عقلي فإذا قال العامي من المسلمين نفعني النبي أو أغاثني أو نحو ذلك فإنما يريد الإسناد المجازي والقرينة على ذلك أنه مسلم موحد لا يعتقد التأثير إلا لله فجعلهم ذلك وأمثاله من الشرك جهل محض وتلبيس على عوام الموحدين ) انتهى بتصرف
تعليق