الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • طارق شفيق حقي
    المدير العام
    • Dec 2003
    • 11929

    #16
    رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

    والقسم الثاني منه مباح وهو لمن لا حظ له منه إلا التلذذ بالصوت الحسن واستدعاء السرور والفرح أو يتذكر غائباً أو ميتاً فيثير حزنه فيروح بما يسمعه.


    والقسم الثالث منه مندوب وهو لمن غلب عليه حب الله تعالى والشوق إليه فلا يحرك السماع منه إلا الصفات المحمودة وتضاعف الشوق إلى الله سبحانه واستدعاء الأحوال الشريفة والمقامات العلية والكرامات السنية والمواهب الإلهية.

    ومجمل القول في ذلك أن من سمع فظهرت عليه صفات نفسه وتذكر به حظوظ دنياه فاستثار بسماعه وسواس هواه فالسماع عليه حرام محض.

    ومن سمع فظهر له ذكر ربه وخوفه من ذنبه وذكر آخرته فأتيح له ذلك الذكر شوقاً إلى الله تعالى وحباً فيه ورجاء لوعده وخوفاً من وعيده فسماعه ذكر من الأذكار مكتوب في صحائف الأبرار ) انتهى بتصرف.


    رابعاً: يقول الإمام عز الدين ماضي أبو العزائم: ( إن القرآن الكريم يثني على أولئك الذين أكرموا النبي  وعظموا شأنه وبجلوه إذ يقول " فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " فهل يحتمل أحد أن تختص هذه الجمل ( آمنوا به – وعزروه – ونصروه – واتبعوا ) بزمن النبي  ؟ الجواب لا فإن الآية لا تعني الحاضرين في زمن النبي  خاصة أضف إلى ذلك أن القائد العظيم يجب أن يكون موضعاً للتكريم والاحترام والتعظيم في كل العهود والأزمنة فهل إقامة المجالس لإحياء ذكريات المبعث أو المولد النبوي وإنشاء الخطب والمحاضرات والقصائد والمدائح إلا مصداقاً جلياً لقوله تعالى " وعزروه " والتي تعني: أكرموه وعظموه ) انتهى بتصرف. وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله " عزروه" يعني عظموه ووقروه كما في الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي.


    خامساً: يقول الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في إحدى محاضراته الصوتية: ( هناك شئ آخر ينكره علينا الأجانب ينكرونه مستغلين هذه الطبيعة المهينة التي توجد عند بعض المسلمين ينكرون علينا تقديس سيدنا رسول الله  وكأنهم يتهموننا بأن التقديس يبعدنا عن الموضوعية. لكي تكون موضوعيا ينبغي ألا تقدس. هذا الكلام قرأناه كثيرا من هؤلاء الكتاب ولهم رسل بيننا.


    يعالجونه بما يسمى مشكلة القداسة عندنا وهناك هدف لهم من وراء ذلك خطة قرأناها وإن كانوا يوسوسون بها بينهم لكنها خطة مكشوفة. ما هي هذه الخطة ؟ هي أن يعالجوا واقعنا النفسي ويجردونا من التقديس إنْ لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أو للقرآن أو للحديث وأحكامه فإذا جردونا من هذا التقديس سهل عليهم أن يجردونا من .. هذا هو الهدف … ولقد ناقشناهم في هذا الكلام مناقشة صريحة ومواجهة وسجلت هذه المناقشة في كتاب من كتبي اسمه هذه مشكلاتهم.


    لا الكتاب الأخير هذه مشكلاتنا بل هذه مشكلاتهم قلنا إن التقديس لدينا ثمرة لدراسة موضوعية اجتزناها وقطعناها وهذا التقديس الذي ترونه ثمرة لدراسة طويلة موضوعية مستوعبة كنا آنذاك لا نقدس لكن لما درسنا شخصية سيدنا رسول الله  لنعرف من هو لكن بشكل موضوعي لا بطريقة مزاجية واستعنا بعقولنا الحرة ودرسنا القرآن أيضاً دراسة موضوعية بعيدة عن التقديس واستمرت بنا الدراسة بأناة ومهل مدة من الزمن وانتهينا بعد هذه الدراسة إلى أن القرآن لا يمكن إلا أن يكون كلام الله عز وجل وإلى أن محمداً  لا يمكن إلا أن يكون رسول الله جاء التقديس بعد ذلك نتيجة لهذا القرار … نحن لا يمكن أن نقدس شيئا نحن لم ندرسه أبدا لكن لا يمكن أن نقدس إلا ما قد ثبت لدينا بالدليل القطعي انه الحق ومن لم يقدس الحق فإنه جند للباطل دائماً

    هل هناك شك في أن الحق ينبغي أن يقدس؟!

    أبداً وتقديسك للحق هو دفاعك عنه لكن إن التبس عليك الحق بالباطل فلك أن تتوقف تدرس حتى تتبين وحتى تعلم أن هذا حق وهذا باطل إذا تبين لك بجلاء ذلك فلابد أن تعطي ولاءك للحق أي أن تقدسه ولا بد أن تترفع عن الباطل أي أن تمجه نعم فنحن الآن عندما نتحدث عن سيدنا رسول الله  نتحدث عنه وقد فرغنا من دراسة شخصيته وعرفنا انه رسول ينطق باسم رب العالمين سبحانه وتعالى فتقديسنا له ليس إلا تقديساً للحق والذين يطلبون منا أن ندرس حياته من دون تقديس يطلبون منا ألا نقدس الحق نعم

    من هذا القبيل حبنا لسيدنا رسول الله من هذا القبيل نعتنا له بكلمة سيدنا،

    قولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا كله من مظاهر فعلاً التقديس ولو أننا لم نكن قد وصلنا إلى اليقين بأنه رسول الله لما قلنا سيدنا ولو أننا لم نصل إلى اليقين بأنه نبي من عند الله وأن القرآن كلام الله

    والله يقول ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما لما قلنا اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وآله وسلم ولكن العجب كل العجب من أناس هم أبناء جلدتنا مؤمنون مسلمون اجتازوا معنا هذه المرحلة لكن استحياءً منهم من هؤلاء السادة الذين وضعوا أَزِمَّةً ( جمع زمام ) في أعناقهم وأخذوا يقودونهم إلى الطرق التي ينبغي أن يسيروا فيها خجلاً واستحياءً منهم يرفضون تقديس سيدنا رسول الله 

    والحق أحق أن يتبع والأعجب من هذا أن في الناس اليوم من يعارض تقديس سيدنا رسول الله باسم الدين بل باسم السلفية ربما شيء غريب وهذا من أعجب الأعاجيب وإن كانت هذه الأعجوبة أصبحت قديمة وإن كان الناس الذين لا يزالون يمارسون هذا قد فضحوا وقد ظهرت نياتهم العفنة. من يقول باسم الإسلام ما ينبغي أن نغالي في حب سيدنا رسول الله ولست أدري من هو هذا المجذوب الذي يغالي اليوم في حب سيدنا رسول الله بحيث يعني يشغله حب رسول الله عن طعامه وشرابه وأهله وأولاده .

    هل في عالمنا اليوم واحد بهذا الشكل؟

    ‍ الغريب والعجيب أن نجد من ينكر على طالب قوله سيدنا محمد  يا سادة هذا غلط والصحيح محمد! عليه الصلاة والسلام‍ .

    أجل طالب قال لي سأل أستاذ المقرر من هو خاتم النبيين؟ رفع أحدهم إصبعه قائلاً سيدنا محمد قال هكذا ونظر إلى الآخرين رفع يده أحدهم قال محمد قال أصبت.
    هذه ليست نكتة واقع في حين أن سيدنا محمد  يقول في الحديث الصحيح أنا سيد ولد آدم ولا فخر. أنا سيد ولد آدم ولا فخر ( التكرار من الشيخ للتأكيد ) أنا لا أعجب ممن يمزق أو يحاول أن يمزق قداسة سيدنا رسول الله  بدافع الاستشراق أو بدافع عدوان مستشر ضد هذا الدين هذا شأنهم لكن العجب كل العجب ممن يسعى هذا السعي ذاته باسم إرجاع هذه الأمة إلى السلف باسم ما يسمى بالسلفية ولا والله لا يمكن أن تتجلى محاربة سلف هذه الأمة بسلاح أخطر ولا أعتى من هذا السلاح نعم ولكن الأمر لم يعد مستوراً لم يعد خفيا في هذا الشكل لا يمكن إلا أن تفضح الأمور نعم إياكم والمغالاة في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم‍‍ هل بوسعك أن تقول هذا الكلام في حق رئيس من رؤسائك هل يمكن أن تنطق بهذا الكلام في حق قائد من قوادك ؟‍‍ تمنع الناس من المغالاة في حب سيدنا رسول الله  طيب حسناً امنعهم من المغالاة في حب الآخرين أيضاً قل لي ما معنى هذا الكلام؟ سمع ذلك سمعته أذني نعم إياكم والمغالاة في حب سيدنا رسول الله  وسيدنا رسول الله يقول لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين ويقول له أبو بكر ( أخطأ الشيخ سهواً وقصد بذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ) لأنت أحب إلي من مالي ووالدي وولدي قال لا حتى أكون أحب إليك من نفسك قال والله إنك لأحب إلي من نفسي. وهؤلاء يقولون إياكم والمغالاة في حب سيدنا رسول الله  ‍‍ ليت أن الله يكرمنا بحب يطهر قلوبنا من الأدران من الأحقاد من حب الدنيا من حب الشهوات من حب الأهواء أين نحن وهذه المغالاة التي نتمنى نتمنى أن نصل إليها وما هي المغالاة في حب سيدنا رسول الله ؟ هي أن تفنى بحب سيدنا رسول الله وهل الفناء في حب سيدنا رسول الله إلا فناء في حب الله ؟‍‍ طبعا من يطع الرسول فقد أطاع الله وهذا هو الشرف الكبير الذي نحج إليه ونجاهد في سبيل الوصول إليه نعم آن أيها الإخوة أن ننظر إلى الأحداث ببصائرنا لا مجرد أبصارنا آن أن نتبين ما وراء الأكمة ) انتهى بتصرف.
    ويقول الشيخ أحمد بن زيني دحلان الشافعي مفتي الشافعية بمكة المكرمة المتوفي سنة 1304هـ في المدينة المنورة: ( وكان هؤلاء المانعين للتوسل والزيارة يعتقدون أنه لا يجوز تعظيم النبي  فحيثما صدر من أحد تعظيم له  حكموا على فاعله بالكفر والإشراك وليس الأمر كما يقولون فإن الله تعالى عظم النبي  في القرآن الكريم بأعلى أنواع التعظيم فيجب علينا أن نعظم من عظمه الله تعالى وأمر بتعظيمه نعم يجب علينا ألا نصفه بشيء من صفات الربوبية ورحم الله البوصيري حيث قال:دع ما ادعته النصارى في نبيهم**واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم. فليس في تعظيمه بغير صفات الربوبية شيء من الكفر والإشراك بل ذلك من أعظم الطاعات والقربات وهكذا كل من عظمهم الله تعالى كالأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكالملائكة والصديقين والشهداء والصالحين قال تعالى: " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " (الحج 32) وقال تعالى: " ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه " (الحج 30) ومن تعظيمه  الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد والقيام عند ذكر ولادته  وإطعام الطعام وغير ذلك مما يعتاد الناس فعله من أنواع البر فإن ذلك كله من تعظيمه  … ومما أمر الله بتعظيمه الكعبة المعظمة والحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام فإنها أحجار وأمرنا الله بتعظيمها بالطواف بالبيت ومس الركن اليماني وتقبيل الحجر الأسود وبالصلاة خلف المقام وبالوقوف للدعاء عند المستجار وباب الكعبة والملتزم والميزاب كما جرى على ذلك السلف والخلف وكلهم في ذلك لا يعبدون إلا الله ولا يعتقدون تأثيراً لغيره ولا نفعاً ولا ضراً لأن ذلك لا يكون إلا لله وحده ولا يكون لأحد سواه.

    والحاصل كما تقدم أن هنا أمرين وجوب تعظيم النبي  ورفع رتبته عن سائر المخلوقات والثاني إفراد الربوبية واعتقاد أن الرب تبارك وتعالى منفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن جميع خلقه فمن اعتقد في مخلوق مشاركة الباري سبحانه وتعالى في شيء من ذلك فقد أشرك كالمشركين الذين كانوا يعتقدون الألوهية للأصنام واستحقاقاتها للعبادة ومن قصر بالرسول  في شيء عن مرتبته فقد عصى أو كفر أما من بالغ في تعظيمه بأنواع التعظيم ولم يصفه بشيء من صفات الربوبية فقد أصاب الحق وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعاً وذلك هو القول الذي لا إفراط فيه ولا تفريط وإذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء لغير الله تعالى يجب حمله على المجاز العقلي ولا سبيل إلى تكفير أحد من المؤمنين إذ المجاز العقلي مستعمل في الكتاب والسنة فمن ذلك قوله تعالى " وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً " (الأنفال 2) فإسناد الزيادة إلى الآيات مجاز عقلي وهي سبب عادي للزيادة والذي يزيد في الإيمان حقيقة هو الله تعالى وحده لا شريك له وقوله تعالى " يوماً يجعل الولدان شيباً " ( المزمل 17) فإسناد الجعل إلى اليوم مجاز عقلي لأن اليوم محل لجعلهم شيباً فالجعل المذكور واقع في اليوم والجاعل حقيقة هو الله تعالى وحده وقوله تعالى " ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد أضلوا كثيراً " (نوح 23،24) فإسناد الإضلال إلى الأصنام مجاز عقلي لأنها سبب في حصول الإضلال والهادي والمضل حقيقة هو الله تعالى وحده لا شريك له وقوله تعالى حكاية عن فرعون " يا هامان ابن لي صرحاً " (غافر 36) فإسناد البناء إلى هامان مجاز عقلي لأنه سبب آمر فهو يأمر بذلك ولا يبني بنفسه والذي يبني إنما هم الفعلة وأما الأحاديث النبوية ففيها من المجاز العقلي شيء كثير يعرف ذلك من وقف عليه من ذلك الحديث المتقدم بينما هم كذلك استغاثوا بآدم فإغاثة آدم عليه السلام مجازية والمغيث حقيقة هو الله تعالى وأما كلام العرب ففيه من المجاز العقلي ما لا يحصى كقولهم نبت الربيع البقل فجعلوا الربيع وهو المطر منبتاً والمنبت حقيقة هو الله تعالى فإسناد الإنبات إلى الربيع مجاز عقلي فإذا قال العامي من المسلمين نفعني النبي  أو أغاثني أو نحو ذلك فإنما يريد الإسناد المجازي والقرينة على ذلك أنه مسلم موحد لا يعتقد التأثير إلا لله فجعلهم ذلك وأمثاله من الشرك جهل محض وتلبيس على عوام الموحدين ) انتهى بتصرف

    تعليق

    • طارق شفيق حقي
      المدير العام
      • Dec 2003
      • 11929

      #17
      رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

      سادساً: في نشرة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدبي ورد فيها ما يلي: (استشكل المعارض، هداه الله، بعض الألفاظ وادعى أنها شركيات، ومنها قول العارف بالله الإمام البوصيري: يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
      ولا ندري كيف حصل لديه هذا الإشكال، وكيف لم يتمعن في قول الإمام البوصيري ((عند حلول الحادث العمم)) وبدورنا نحن نسأل القارئ ما هو الحادث العمم؟! (العمم) أي الذي يعم الكون بأسره من إنس وجن بل وجميع الخلائق ، فلن يخطر ببال أي إنسان إلا أن يكون هذا الحادث هو يوم القيامة وبعد إيضاح هذا الإشكال لدى المعارض والقارئ يكون المراد من قول الإمام البوصيري: طلب الشفاعة منه  يوم القيامة وذلك لأنه ليس لنا أحد نلوذ به ونتوسل به ونستشفع به إلى الله سوى خير البرية  في ذلك المقام الذي يقول فيه الرسل والأنبياء: نفسي نفسي، ويقول هو : أنا لها أنا لها.


      ومثال هذا القول المشكل عند العامة من الناس ما نقله الإمام الجليل الكمال بن الهمام الحنفي صاحب فتح القدير قي مناسك الفارسي، وشرح المختار من السادة الأحناف:
      لما زار الإمام أبو حنيفة المدينة وقف أمام القبر الشريف وقال:
      يا أكرم الثقلين يا كنز الورى جد لي بجودك وارضني برضاك
      أنا طامع في الجود منك ولم يكن لأبي حنيفة في الأنام سواك ) انتهى بتصرف.


      سابعاً: ذكر الإمام السيوطي في تفسيره الدر المنثور في التفسير بالمأثور: (وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال: قال رسول الله  "خير العرب مضر، وخير مضر بنو عبد مناف، وخير بني عبد مناف بنو هاشم، وخير بنو هاشم بنو عبد المطلب، والله ما افترق شعبتان منذ خلق الله آدم إلا كنت في خيرهما".

      وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن أنس قال: خطب النبي  فقال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار، وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما، فأخرجت من بين أبوي فلم يصبني شيء من عهد الجاهلية، وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم، حتى انتهيت إلى أبي وأمي، فأنا خيركم نفسا وخيركم أبا". وأخرج ابن سعد والبخاري والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة "أن رسول الله  قال: بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه".


      وأخرج ابن سعد ومسلم والترمذي والبيهقي في الدلائل عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله  "إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسمعيل، واصطفى من ولد إسمعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".

      وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله  "إن الله حين خلق الخلق جعلني من خير خلقه، ثم حين فرقهم جعلني في خير الفريقين، ثم حين خلق القبائل جعلني من خيرهم قبيلة، وحين خلق الأنفس جعلني من خير أنفسهم، ثم حين خلق البيوت جعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم بيتا وخيرهم نفسا". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله  "إن الله خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار".

      وأخرج ابن سعد عن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب "أن رسول الله  قال: قسم الله الأرض نصفين فجعلني في خيرهما، ثم قسم النصف على ثلاثة فكنت في خير ثلث منها، ثم اختار العرب من الناس، ثم اختار قريشا من العرب، ثم اختار بني هاشم من قريش، ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم، ثم اختارني من بني عبد المطلب".

      وأخرج ابن سعد والبيهقي عن محمد بن علي قال: قال رسول الله  "إن الله اختار العرب فاختار منهم كنانة، ثم اختار منهم قريشا، ثم اختار منهم بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم" وأخرج ابن سعد عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: قال رسول الله  "إن الله اختار العرب فاختار كنانة من العرب،واختار قريشا من كنانة، واختار بني هاشم من قريش، واختارني من بني هاشم". وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله  "ما ولدتني بغي قط مذ خرجت من صلب آدم، ولم تزل تتنازعني الأمم كابرا عن كابر حتى خرجت من أفضل حيين من العرب هاشم وزهرة". وأخرج ابن أبي عمر العدني عن ابن عباس "أن قريشا كانت نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق الخلق بألفي عام، يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه، فلما خلق الله آدم عليه السلام ألقى ذلك النور في صلبه.

      قال رسول الله : فأهبطني الله إلى الأرض في صلب آدم عليه السلام، وجعلني في صلب نوح، وقذف بي في صلب إبراهيم، ثم لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط".

      وأخرج البيهقي عن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب قال "بلغ النبي  أن قوما نالوا منه، فغضب رسول الله  ثم قال: أيها الناس إن الله خلق خلقه فجعلهم فرقتين، فجعلني في خير الفرقتين، ثم جلعهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلا، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، ثم قال رسول الله : أنا خيركم قبيلا وخيركم بيتا".

      وأخرج الترمذي وحسنه وابن مردويه والبيهقي عن المطلب بن أبي وداعة قال: قال رسول الله  وبلغه بعض ما يقول الناس"فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله. قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة، وجعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا، وخيركم نفسا".

      وأخرجه الترمذي وصححه والنسائي عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب. وأخرج ابن سعد عن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله  قال "إذا أراد الله أن يبعث نبيا نظر إلى خير أهل الأرض قبيلة فيبعث خيرها رجلا". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن حعفر بن محمد عن أبيه قال: قال رسول الله  "أتاني جبريل عليه السلام فقال: يا محمد إن الله عز وجل بعثني فطفت شرق الأرض وغربها وسهلها وجبلها فلم أجد حيا خيرا من العرب، ثم أمرني فطفت في العرب فلم أجد حيا خيرا من مضر، ثم أمرني فطفت في مضر فلم أجد حيا خيرا من كنانة، ثم أمرني فطفت في كنانة فلم أجد حيا خيرا من قريش، ثم أمرني فطفت في قريش فلم أجد حيا خيرا من بني هاشم، ثم أمرني أن أختار من أنفسهم فلم أجد فيهم نفسا خيرا من نفسك ) انتهى.


      وفي معجم الطبراني الكبير: (حدثنا سعيد بن محمد بن المغيرة المصري ثنا سعيد بن سليمان الواسطي ح وحدثنا محمود بن محمد الواسطي ثنا محمد بن أبان قالا ثنا يزيد بن عطاء عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن المطلب بن ربيعة بن الحارث قال أتى ناس رسول الله  من الأنصار فقالوا يا رسول الله إنا نسمع من قوم جفاء يقول القائل منهم إنما مثل محمد كمثل نخلة نبتت في كباء فقام رسول الله  فقال يا أيها الناس من أنا قالوا أنت رسول الله قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب فما سمعناه ينتمي قبلها إن الله خلق خلقه فجعلني من خير خلقه ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خير الفرقتين ثم جعلهم قبائل فجعلني من خيرهم قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خير بيت فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا ) انتهى.

      فتأمل ما أنكره الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وقولهم إنا نسمع من قوم جفاء يقول القائل منهم إنما محمد كمثل نخلة نبتت في كباء (قال حسين الكباء الكناسة) كما في مسند الإمام أحمد وتأمل موقف النبي  من ذلك ثم تأمل في المقابل ما ينكره البعض من تبجيل النبي  وتعظيمه وتوقيره وقولهم أن المدائح النبوية غلو في شخصه  !! وقد ذكر الإمام السيوطي في الدر المنثور: (وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " يعني كدعاء أحدكم إذا دعا أخاه باسمه، ولكن وقروه، وعظموه، وقولوا له: يا رسول الله. ويا نبي الله … وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: أمر الله أن يهاب نبيه، وأن يبجل، وأن يعظم، وأن يفخم، ويشرف ) انتهى بتصرف.


      وخلاصة القول أن هذه الأمة منزهة عن الغلو في مدح نبيها  إذ لا يظن بأي مسلم أن يعتقد فيه  إلا أنه عبد الله ورسوله فأي غلو في مدحه بعد ذلك والله تعالى يقول " وإنك لعلى خلق عظيم " ويحسم لنا النقاش في هذه المسألة الإمام البوصيري في بردته الشهيرة إذ يقول:
      دع ما ادعته النصارى في نبيهم *** واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
      وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف *** وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
      فإن فضــل رســـول الله ليـس لــه *** حد فيعـرب عنــه ناطـــق بفـــم
      وما أحلى ما قاله حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه:
      وأجمل منك لم ترى قطُّ عيني *** وأكمل منك لم تلِدُ النساءُ
      خُلقـتَ مبرأً مـن كـلِّ عيـبٍ *** كأنَّـك قد خُلقـت كما تشـاءُ


      ثامناً: يقول الإمام السيوطي في كتابه حسن المقصد في عمل المولد ص54-62 كما أورده الشيخ هشام قباني: ( أصل الاجتماع لصلاة التراويح سنة وقربى … وكذلك نقول أصل الاجتماع لإظهار شعائر المولد مندوب وقربى … وهذا معنى نية المولد فهي نية مستحسنة بلا شك فتأمل ) انتهى.

      ويقول الشيخ سعيد حوى: (وللسيوطي في كتابه "الحاوي للفتاوى " رسالة مطولة أسماها: "حسن المقصد في عمل المولد" وهذه بعض فقراتها: عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي  وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي  وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف وهو أي المولد وما يكون فيه من طعام من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان فهو من البدع المندوبة كما في عبارة ابن عبد السلام. وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا..

      وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهد المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة، وأما ما تبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال ما كان من ذلك مباحا، بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم لا بأس بإلحاقه به، وما كان حراما أو مكروها فيمنعه وكذا ما كان خلافا للأولى. انتهى.



      تعليق

      • طارق شفيق حقي
        المدير العام
        • Dec 2003
        • 11929

        #18
        رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

        قال السيوطي تعليقا على كلام ابن حجر: ـ (وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي  عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع يوم لولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي  إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين، وتشريع لأمته كما كان يصلي على نفسه لذلك، فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات ) انتهى بتصرف.


        ولا عبرة بقول المعترض على استدلال السيوطي برواية العقيقة أنها رواية ضعيفة فالحديث وإن لم يثبت صحته ( حتى قال فيه النووي حديث باطل) إلا أنه يبقى وارد الصحة لأن الحافظ الهيثمي علق على الحديث في مجمع الزوائد بقوله: (رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال الطبراني رجال الصحيح خلا الهيثم بن جميل وهو ثقة، وشيخ الطبراني أحمد بن مسعود الخياط المقدسي ليس هو في الميزان) انتهى


        وفي تحفة الأحوذي للمباركفوري: ( وقد ورد الحديث من رواية أبي بكر المستملي عن الهيثم بن جميل وداود بن محبر قالا حدثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس وداود ضعيف، لكن الهيثم ثقة وعبد الله من رجال البخاري، فالحديث قوي الإسناد، ثم قال: فلولا ما في عبد الله بن المثنى من المقال لكان هذا الحديث صحيحاً، وذكر ما فيه من الجرح والتعديل ثم قال: فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد أحدهم بالحديث لم يكن حجة، ويحتمل أو يقال إن صح هذا الخبر كان من خصائصه  كما قالوا في تضحيته عمن لم يضح من أمته ) انتهى بتصرف .


        فتبين أن الحديث معلول بعبد الله بن المثنى الذي قال فيه الإمام المناوي في فيض القدير: (عبد اللّه بن المثنى الأنصاري من رجال البخاري لكن أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعيف وهو صدوق ) انتهى. وقال عنه الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: (عبد الله بن المثنى (بن عبد الله بن أنس بن مالك) هو ممن اختلف فيه النقاد فقال فيه يحيى بن معين مرة: صالح وقال مرة: ليس بشيء، وقوَّاه أبو زرعة وأبو حاتم والعجلي وأما النسائي فقال: ليس بالقوي وقال العقيلي: لا يُتابع في أكثر حديثه ) انتهى.

        فتبين من ذلك أنه أي عبد الله بن المثنى ليس متفقاً على تضعيفه كما أن الذهبي وصفه مع ضعفه بأنه صدوق ويقول الإمام أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الوزير اليماني المتوفي سنة 840 هـ في كتابه الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم: ( ولا يقال الجرح مقدم على التعديل لأن ذلك فيما إذا كان الجرح ثابتاً مفسراً بسبب وإلا فلا يقبل الجرح .. قلت فإن قيل أليس قد ثبت في علوم الحديث أن الجرح الذي لم يفسر سببه وإن لم يجرح به لكنه يوجب ريبة فيجب الوقف عن قبول من قيل ذلك فيه وعن رده فالجواب أن ذلك إنما يوجب الريبة في غير المشاهير بالعدالة والثقة وأما من وثقه أهل الخبرة التامة من أئمة هذا الشأن فأن الجرح المطلق لا يزيل ظن ثقته ومن زال عنه ظن ثقته بالراوي كان له ترك حديثه ولم يكن له الاعتراض على من قبله ممن لم يؤثر ذلك في ظنه لثقة الراوي وأمانته ألا ترى أنهم قد اختلفوا اختلافاً كثيراً في جرح حمزة بن حبيب أحد القراء السبعة فلم يضره ذلك مع شدة الاختلاف فيه بل انعقد الإجماع بعد ذلك على قبوله وتوثيقه .. ومن لطيف علم هذا الباب أن يعلم أن لفظة كذاب قد يطلقها كثير من المتعنتين في الجرح على من يهم ويخطئ في حديثه وإن لم يتبين أنه تعمد ذلك ولا تبين أن خطأه أكثر من صوابه ولا مثله ومن طالع كتب الجرح والتعديل عرف ما ذكرته وهذا يدل على أن هذا اللفظ من جملة الألفاظ المطلقة التي لم يفسر سببها ولهذا أطلقه كثير من الثقات على جماعة من الرفقاء من أهل الصدق والأمانة فاحذر أن تغتر بذلك في حق من قيل فيه من الثقات الرفقاء فالكذب في الحقيقة اللغوية ينطلق على الوهم والعمد معاً ويحتاج إلى التفسير إلا أن يدل على التعمد قرينة صحيحة). انتهى بتصرف.


        وقد جمع إحسان بن محمد بن عايش العتيبي عشرين فتوى في العقيقة من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية ذكر منها في إجابة السؤال الثالث من الفتوى رقم 1528 ردا على السؤال التالي " وإذا مضى على المولود شهر أو شهران أو نصف سنَة أو سنَة أو كبر ولم يعق عنه هل يعق عنه أو لا؟ ": ( وتذبح العقيقة في اليوم السابع من الولادة، وإذا ولد الجنين حيّاً ومات قبل اليوم السابع سُنَّ أن يعق عنه في اليوم السابع، ويسمَّى، وإذا مضى اليوم السابع ولم يعق عنه: فرأى بعض الفقهاء أنه لا يسنُّ أن يعق عنه بعده؛ لأن النَّبيَّ  وقَّتها باليوم السابع، وذهب الحنابلة وجماعة من الفقهاء إلى أنه يسن أن يعق عنه ولو بعد شهر أو سنة، أو أكثر، من ولادته؛ لعموم الأحاديث الثابتة، ولما أخرجه البيهقي عن أنس رضي الله عنه، أن النَّبيَّ  عق عن نفسه بعد البعثة، وهو أحوط) انتهى.


        فتأمل قولهم وهو أحوط، ثم أضاف العتيبي بعد سرده ما جمعه من فتاوى اللجنة الدائمة في العقيقة ما نصه: (حديث عق النبي  عن نفسه قال الحافظ ابن حجر: وخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال : لو أعلم أني لم يعق عني لعققت عن نفسي. واختاره القفال، ونقل عن نص الشافعي في " البويطي " أنه لا يعق عن كبير. وليس هذا نصّاً في منع أن يعق الشخص عن نفسه، بل يحتمل أن يريد أن لا يعق عن غيره إذا كبر، وكأنه أشار بذلك إلى أن الحديث الذي ورد أن النبي  عق عن نفسه بعد النبوة لا يثبت، وهو كذلك. فقد أخرجه البزار من رواية عبد الله بن محرر – وهو بمهملات – عن قتادة عن أنس .

        قال البزار: تفرد به عبد الله وهو ضعيف اهـ وأخرجه أبو الشيخ من وجهين آخرين:

        أحدهما: من رواية إسماعيل بن مسلم عن قتادة، وإسماعيل ضعيف أيضاً. وقد قال عبد الرزاق: إنهم تركوا حديث عبد الله بن محرر من أجل هذا الحديث، فلعل إسماعيل سرقه منه.

        ثانيهما : من رواية أبي بكر المستملي عن الهيثم بن جميل ، وداود بن المحبر ،
        قالا : حدثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس. وداود ضعيف، لكن الهيثم ثقة، وعبد الله من رجال البخاري. فالحديث قوي الإسناد.
        وقد أخرجه محمد بن عبد الملك بن أيمن عن إبراهيم بن إسحاق السراج عن عمرو الناقد. وأخرجه الطبراني في الأوسط عن أحمد بن مسعود كلاهما عن الهيثم بن جميل وحده به.
        فلولا ما في عبد الله بن المثنى من المقال لكان هذا الحديث صحيحاً، لكن قد قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بقوي، وقال أبو داود: لا أخرج حديثه، وقال الساجي: فيه ضعف لم يكن من أهل الحديث، روى مناكير، وقال العقيلي: لا يتابع على أكثر حديثه، قال ابن حبان في " الثقات ": ربما أخطأ، ووثقه العجلي والترمذي وغيرهما، فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد أحدهم بالحديث لم يكن حجة.

        وقد مشى الحافظ الضياء على ظاهر الإسناد فأخرج هذا الحديث في " الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين ". ويحتمل أن يقال : إن صح هذا الخبر كان من خصائصه  كما قالوا في تضحيته عمن لم يضح من أمَّته." فتح الباري " ( 9 / 595 ). قلت ( والكلام هنا للعتيبي): وفي كلام الحافظ اضطراب واضح في الحكم على الحديث كما هو واضح. وقد أشار إلى هذا شيخنا الألباني - رحمه الله - وصحح الحديثَ شيخنا الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2726 ).

        ونقل عن ابن حزم قول الحسن البصري: إذا لم يُعق عنك: فعُقَّ عن نفسك وإن كنتَ رجلاً. وصححه. والله أعلم ) انتهى.

        وليس في ما ذكره الحافظ ابن حجر أي اضطراب في الحكم على الحديث فقد جمع ما قيل في روايات الحديث من جرح وتعديل وهذه أمانة علمية وما يعنينا هنا هو تصحيح الألباني للحديث مع ما ورد فيه من تجريح متعززا بما نقله ابن حزم عن الحسن البصري، وقد سبق أن أوردنا قول الإمام الوزير اليماني (ومن زال عنه ظن ثقته بالراوي كان له ترك حديثه ولم يكن له الاعتراض على من قبله ممن لم يؤثر ذلك في ظنه) فتبين من ذلك عدم الالتفات إلى من اعترض على الإمام السيوطي استدلاله بما روي عن النبي  أنه عق عن نفسه بعد النبوة والله تعالى أعلم.


        تاسعاً: في معجم الطبراني الكبير: (عن معاوية قال خرج رسول الله  على رفقة مجتمعين فقال ما جمعكم فقالوا نذكر الله وما أنعم به علينا وما استنفذنا به من الجاهلية وجهلها فقال آلله لذلك جمعكم قالوا نعم قال والذي نفسي بيده إن كنتم صادقين إن الله تعالى ليباهي بكم الملائكة) انتهى.



        عاشراً: يقول الشيخ الدكتور محمد علوي المالكي: (كل ما ذكرناه سابقا من الوجوه في مشروعية المولد إنما هو في المولد الذي خلا من المنكرات المذمومة التي يجب الإنكار عليها، أما إذا اشتمل المولد على شئ مما يجب الإنكار عليه كاختلاط الرجال بالنساء وارتكاب المحرمات وكثرة الإسراف مما لا يرضى به صاحب المولد  فهذا لاشك في تحريمه ومنعه لما اشتمل عليه من المحرمات لكن تحريمه حينئذ يكون عارضيا لا ذاتيا كما لا يخفى على مَن تأمّل ذلك ) انتهى.


        أحد عشر: وفي نشرة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدبي: (يقول المعارض: إنه يحصل في المولد اختلاط الرجال بالنساء، واستعمال الأغاني والمعازف وشرب المسكرات وقد كذب والله، حضرنا مئات الموالد فلم نر اختلاطا ولم نسمع معازف، أما شرب المسكرات فنعم رأينا سكرا ولكن ليس كسكر أهل الدنيا، وجدنا سكر المحبة لرسول الله صلى اله عليه وآله وسلم، ذلك السكر الذي يغلب حتى على سكرات الموت، كما حصل لسيدنا بلال رضي الله عنه عندما حضرته المنية حين امتزجت حلاوة المحبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع سكرات الموت حتى غلبت عليها سكرات المحبة, فكان يقول وهو في تلك السكرات: غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه…

        وفي الختام نختم قولنا هذا بحديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الذي أخرجه أبو يعلى عن حذيفة قال: (( قال رسول الله : مما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان رداءه الإسلام انسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك. قال: قلت: يا نبي الله! أيهما أولى بالشرك المرمى أو الرامي؟؟ قال : بل الرامي)) قال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد ) انتهى بتصرف.

        تعليق

        • طارق شفيق حقي
          المدير العام
          • Dec 2003
          • 11929

          #19
          رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

          الرد الخامس عشر و الأخير :-


          ومن الأدلة الأخرى على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف نورد ما يلي:

          أولاً: يقول الشيخ الدكتور محمد علوي المالكي: (يؤخذ من قوله  في فضل يوم الجمعة وعدِّ مزاياه: ( وفيه خُلق آدم ) تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبيٍّ كان من الأنبياء عليهم السلام، فكيف باليوم الذي وُلد فيه أفضل النبيين وأشرف المرسلين. ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه بل يكون له خصوصاً، ولنوعه عموماً مهما تكرر كما هو الحال في يوم الجمعة شُكراً للنعمة وإظهاراً لمزية النبوة وإحياءً للحوادث التاريخية الخطيرة ذات الإصلاح المهم في تاريخ الإنسانية وجبهة الدهر وصحيفة الخلود، كما يؤخذ تعظيم المكان الذي وُلد فيه نبيٌّ من أمر جبريل عليه السلام النبيَّ  بصلاة ركعتين ببيت لحم، ثم قال له أتدري أين صلّيت؟ قال: لا، قال: صلّيتَ ببيت لحم حيث وُلد عيسى ) كما جاء ذلك في حديث شداد بن أوس الذي رواه البزّار وأبو يعلى والطبراني. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: ورجاله رجال الصحيح، وقد نقل هذه الرواية الحافظ ابن حجر في الفتح وسكت عنها. كما أن الاحتفال بالمولد النبوي إحياء لذكرى المصطفى  وذلك مشروع عندنا في الإسلام، فأنت ترى أن أكثر أعمال الحج إنما هي إحياء لذكريات مشهودة ومواقف محمودة فالسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والذبح بمنى كلها حوادث ماضية سابقة، يحيي المسلمون ذكراها بتجديد صُوَرِها في الواقع والدليل على ذلك قوله تعالى: " وأذِّن في الناس بالحج " وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام " وأرنا مناسكنا " ) انتهى بتصرف



          ثانياً: أجاز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وامتدحوا المحتفلين به ثلة من العلماء والفقهاء ذكر منهم الأستاذ البشير المحمودي: (
          الإمام شيخ الإسلام تقي الدين السبكي رئيس علماء الشافعية بمصر ت664 هـ،
          والحافظ أبي شامة شهاب الدين عبد الرحمن الشافعي ت665 هـ المعروف بالإمام النووي،

          والعلامة محمد بن عبد الله ابن الحاج الفاسى القيرواني التلمساني المالكي ت714 هـ، وأبو عبد الله محمد ابن عباد ت730 هـ،
          والحافظ ابن حجر العسقلاني ت852 هـ،
          والحافظ شمس الدين السخاوي ت876 هـ،
          والإمام القسطلاني ت922 هـ،
          والعلامة الألوسي البغدادي،
          والشيخ أحمد بن زيني دحلان مفتي الشافعية بمكة ت1066 هـ (وقيل 1304هـ وهو الأرجح)،
          والشيخ رشيد رضا ت1255 هـ،
          والدكتور أحمد الشرباصي مفتي الأزهر في عصره ) انتهى بتصرف.

          وزاد عليهم الشيخ هشام قباني: ( الإمام الشوكاني والملا علي القاري والإمام أبو شامة شيخ الإمام النووي والحافظ ابن حجر الهيثمي وابن مرزوق وابن القيم والإمام السيوطي ) انتهى بتصرف.


          كذلك صنف في مولد النبي  كتب كثيرة جداً منها المنظوم ومنها المنثور ومن أشهرها كما ذكره الشيخ الدكتور محمد علوي المالكي
          واقتصر منها على ذكر كبار علماء الأمة من الحفّاظ الأئمة الذين صنّفوا في هذا الباب

          وظهرت لهم موالد مشهورة معروفة: ( المورد الهني في المولد السني للحافظ عبدالرحيم بن الحسين بن عبدالرحمن المصري الشهير بالحافظ العراقي صاحب ألفية الحديث (808 هـ) ، ومورد الصادي في مولد الهادي وأيضاً جامع الآثار في مولد النبي المختار واللفظ الرائق في مولد خير الخلائق لمحمد بن أبي بكر بن عبدالله القيسي الدمشقي الشافعي المعروف بالحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي والذي تولى دار الحديث الأشرفية بدمشق (842هـ) ،
          والمورد الروي في المولد النبوي للمجتهد الإمام ملا علي قاري بن سلطان بن محمد الهروي المتوفى سنة 1014هـ صاحب شرح المشكاة وغيرها ،
          والحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير صاحب التفسير وقد صنّف الإمام ابن كثير مولداً نبوياً طُبع أخيراً بتحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد ،
          والحافظ وجيه الدين عبدالرحمن بن علي بن محمد الشيباني اليمني الزبيدي الشافعي (المعروف بابن الديبع ، والديبع بمعنى الأبيض بلغة السودان هو لقب لجده الأعلى علي بن يوسف) ولد في المحرم سنة 866هـ وتوفي يوم الجمعة ثاني عشر من رجب الفرد سنة 944هـ وكان رحمه الله أحد أئمة الزمان ، إليه انتهت مشيخة الحديث ،
          حدّث بالبخاري أكثر من مائة مرة وقرأه مرة في ستة أيام. وقد صنّف مولداً نبوياً مشهوراً في كثير من البلاد وقد حقّقناه وعلّقنا عليه وخرّجنا أحاديثه بفضل الله ) انتهى بتصرف.
          ويضاف إلى أولئك المحدث جعفر البرزنجي مفتي الشافعية بالمدينة المنورة (1184 هـ) وله عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر المعروف بمولد البرزنجي ، والإمام العالم ابن دحية وسمى كتابه: (التنوير في مولد البشير والنذير)  ، والإمام الحافظ شمس الدين ابن الجزري إمام القراء وصاحب التصانيف التي منها (النشر في القراءات العشر) وسمى كتابه ( عرف التعريف بالمولد الشريف) ، وكذلك من المحدثين الإمام المجدد محمد ماضي أبو العزائم أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الخرطوم الذي صنف في مولد الرسول  كتابه المسمى بشائر الأخيار في مولد المختار  الذي طبع أول مرة عام 1340 هـ.


          ثالثاً: يقول الشيخ هشام قباني: ( يقول الإمام متولي الشعراوي في كتابه مائدة الفكر الإسلامي ص295: إذا كان بنو البشر فرحون بمجيئه لهذا العالم وكذلك المخلوقات الجامدة فرحة لمولده وكل النباتات فرحة لمولده وكل الحيوانات فرحة لمولده وكل الجن فرحة لمولده فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده ) انتهى.


          رابعاً: يقول الشيخ سعيد حوى: (معروفة شدة ابن تيمية وتشدده، ومع ذلك كان كلامه لينا في قضية المولد ومن كلامه في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم": (وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع، وأكثر هؤلاء الناس الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع، مع ما لهم فيها من حسن المقصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة، تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه.

          واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضا شر من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل شرا بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكلية، كحال المنافقين والفاسقين.. فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم، لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله  أنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن أحد الأمراء أنه أنفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك، فقال: دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال ) انتهى.




          خامساً: يقول الأستاذ البشير المحمودي:
          ( وخلاصة القول:
          1. أن الاحتفال بالمولد مسألة خلافية، و الخلاف -كما سبق- فقه و علم فلا يجوز الإنكار على المسائل المختلف فيها كما قرر ذلك علماء السلف.
          2. أن تجاهل الرأي المخالف ليس من فقه الدعوة و لا من أخلاق الداعية و إنما الواجب أن نتعاون في ما نتفق عليه و أن يعذر بعضنا بعضا في ما نختلف فيه و شعار العلماء "نختلف و لا نفترق " فالاختلاف في الآراء والفهوم لا ينبغي إذ يؤدي إلى الاختلاف في القلوب و بالأحرى إلى التبديع أو التكفير ولنسم باختلافاتنا في مثل هذه الجزئيات إلى خلاف التابعين و الأئمة المجتهدين الذين كانوا يختلفون وفي نفس الوقت كانوا يتحابون ويتراحمون.
          3. أن الاحتفال بالمولد أجازه كثير من العلماء الأعلام وفقهاء الإسلام باعتباره عادة حسنة أو بدعة مستحسنة واستمر العمل به عند المسلمين منذ القرن الرابع الهجري إلى الآن.
          4. أن الأمانة العلمية والاقتراب من النزاهة ما أمكن بالنسبة إلينا - نحن المعاصرين- يقتضيان منا ترجيح ما ذهب إليه كبار العلماء الذين كانوا أكثر علما و تقوى و أقرب إلى عصر السلف من مشايخ و علماء هذا العصر جزاهم الله جميعا بالخير و الثواب ) انتهى بتصرف.
          د


          سادساً: ينبغي من المسلم دوماً أن يكون كيساً حاذقاً فطناً لا يقف عند ظاهر النصوص ويجمد عقله ويغفل عن روح الإسلام ومقاصد الشريعة الغراء ويقول في هذا المعنى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: (ومما يدخل في "الفقه" المراد: الغوص في مقاصد الشريعة، ومعرفة أسرارها وعللها، وربط بعضها ببعض، ورد فروعها إلى أصولها، وجزئياتها إلى كلياتها، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ظواهرها، والجمود على حرفية نصوصها …

          وآفة كثير ممن اشتغلوا بعلم الدين: أنهم طفوا على السطح، ولم ينزلوا إلى الأعماق، لأنهم لم يؤهلوا للسباحة فيها، والغوص في قرارها، والتقاط لآلئها، فشغلتهم الظواهر، عن الأسرار والمقاصد، وألهتهم الفروع عن الأصول، وعرضوا دين الله وأحكام شريعته على عباده، تفاريق متناثرة لا يجمعها جامع، ولا ترتبط بعلة، فظهرت الشريعة على ألسنتهم وأقلامهم كأنها قاصرة عن تحقيق مصالح الخلق، والقصور ليس في الشريعة، وإنما هو في أفهامهم، التي قطعت الروابط بين الأحكام بعضها وبعض، ولم يبالوا أن يفرقوا بين المتساوين، ويجمعوا بين المختلفين، وهو ما لم تأت به الشريعة قط، كما بين ذلك المحققون الراسخون.

          وكثيرا ما أدت هذه الحرفية الظاهرية إلى تحجير ما وسع الله، وتعسير ما يسر الشرع، وتجميد ما من شأنه أن يتطور، وتقييد ما من شأنه أن يتجدد ويتحرر. ومن هذا الباب: أولوية الاجتهاد والتجديد على التكرار والتقليد.

          وهذا مرتبط بفقه المقاصد الذي أشرنا إليه، وبقضية الفهم والحفظ أيضا.


          فالعلم عند السلف من علماء الأمة ليس هو مجرد معرفة الأحكام، وإن كان عن طريق تقليد الغير … وفي موضع آخر يقول:… وعلى أساس ذلك عقد ابن القيم فصلاً رائعًا في تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد، قال في مقدمته: "وهذا فصل عظيم النفع جدًا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتى به، فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهى عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خليقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله  أتم دلالة وأصدقها، وهى نوره الذي به أبصر المبصرون، وهداه الذي به اهتدى المهتدون (إعلام الموقعين: 3/14) وهذا كلام يجب أن نحرص عليه ونشيعه في الناس، وهو الذي لا يجوز أن يقال غيره في عصرنا .

          ولقد كان ابن القيم مسددًا حين جعل الذي يتغير بتغير الأزمنة والأحوال هو الفتوى، وليس الحكم الشرعي -أي أن تطبيق الحكم وتنزيله على الواقعة هو الذي يتغير... الشريعة إذن لا تتغير ولكن الفقه يتغير، فالشريعة وحي الله، والفقه والفتوى والقضاء عمل الناس. إن عمر -رضى الله عنه- حين أبى أن يعطى من الزكاة قومًا كانوا من : "المؤلفة قلوبهم" في عصر الرسول وقال: "إن الله أعز الإسلام وأغنى عنهم" لم يغير بذلك حكمًا شرعيًا ولم يعطل نصًا قرآنيًا،

          [/size]

          تعليق

          • طارق شفيق حقي
            المدير العام
            • Dec 2003
            • 11929

            #20
            رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

            كما قد يفهم بعض الناس، ولكنه غير الفتوى بتغير الزمن والحال عن عهد الرسول، فلم يعد عيينة بن حصن، ولا الأقرع بن حابس وإضرابهما من الطامعين، ممن يحتاج الإسلام ودولته إلى تأليف قلوبهم، ولم يكتب الرسول  صكًا لهؤلاء يبقيهم مؤلفة إلى الأبد، والمؤلف هو الذي يرى الإمام تأليفه، فإذا لم يرَ تأليف شخص أو أناس بأعيانهم أو لم يرَ التأليف مطلقًا في عهده لعدم الحاجة إليه أو لأن هناك مصارف أهم منه، فهذا من حقه ولا يكون ذلك إسقاطًا لسهم المؤلفة إلى الأبد كما فهم بعض الحنفية وغيرهم، ولا تعطيلاً للنص كما ظن بعض المعاصرين،

            فإن عمر والأمة كلها لا تملك تعطيل نص صريح من كتاب الله، ولكنه رأى مصلحة المسلمين في عصره، أن يسد الطريق على الطامعين في أموال الزكاة باسم التأليف، ولم يرد عنه ما يمنع من التأليف وإعطاء المؤلفة عند الحاجة واقتضاء المصلحة إن عمل عمر هذا مثال جيد لاعتبار المصلحة المرسلة، وسد الذريعة إلى المفسدة، وهو مثال جيد كذلك لتغير الفتوى بتغير الأزمان والأحوال. ومما غير عمر فيه الفتوى بتغير الحال "زكاة الخيل"، فقد جاءه أناس من الشام يريدون إعطاء الزكاة منها، فتردد في ذلك لأنه أمر لم يفعله الرسول ولا أبو بكر، ثم جاء أنه أوجب الزكاة في الخيل في قصة يعلى بن أمية وأخيه حين وجد الفرس يبلغ ثمنها مائة ناقة مستدلاً بما ذكرناه من القياس، وهو نوع من مراعاة المقاصد والمصالح والعدل الذي قامت عليه الشريعة. ومن الأمثلة التي تُذكر هنا من تغير الفتوى بتغير المكان والحال، أن معاذ بن جبل حين بعثه الرسول  إلى اليمن وأمره أن يأخذ الزكاة من أغنيائهم ويردها على فقرائهم، كان مما أوصاه به: "خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل" ولكن لم يفهم هذه الوصية إلا أنها تيسير على الناس، وأن هذا ما يطالبون به، فلما وجد الأيسر عليهم أن يدفعوا القيمة رحب بذلك، لما فيه من الرفق بهم، والنفع لمن وراءهم بالمدينة، عاصمة الإسلام، إذا فضل شئ عنهم وأرسله إلى هناك، ففي خطبة معاذ باليمن قال :"ائتوني بخميس أو لبيس (ملابس من صنعهم) آخذه منكم مكان الذرة والشعير فإنه أهون عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة فاعتبار المصلحة ورعاية مقصد الشارع من الزكاة هو الذي جعل معاذًا -وهو أعلم الصحابة بالحلال والحرام كما في الحديث- يؤثر أخذ القيمة "ثيابًا يمنية" بدلاً من الحبوب، مع ما يظن من مخالفته ظاهر الحديث الآخر، وما كان لمعاذ أن يخالف حديث رسول الله - وهو الذي جعل اجتهاده في المرتبة الثالثة بعد الكتاب والسنة.


            ولكنه أدرك مقصود الحديث فلم يتجاوز به موضعه، ولهذا اشترط الأصوليون في المجتهد: أن يكون عالمًا بمدارك الأحكام ومقاصد الشريعة، وأن يكون أيضًا عالمًا بمصالح الناس في عصره .

            وهذا حق فإن من حصل كثيرًا من العلم ووسائل الاجتهاد ولكنه يعيش في برج عاجي، أو صومعة منعزلة، غافلاً عن مصالح المجتمع ومفاسده وما يدور في العقول من أفكار، وفى الأنفس من نوازع، وفى الحياة من وقائع وتيارات..

            مثل هذا -على علمه- لا يعد من أهل الاجتهاد والفتيا والحكم في شريعة الإسلام. إن اعتبار المصالح والمقاصد العامة للشريعة هو الذي جعلنا نرجح ما أفتى به كثير من أصحاب الرسول  أن لا زكاة في حلى النساء، لأن مقصد الشريعة في الزكاة -كما فهموها من الأموال التي أخذ منها رسول الله الزكاة في عصره- أن تفرض في المال النامي أو الذي من شأنه أن ينمو، ليكون الأخذ في الغالب من الفضل والنماء، ويبقى الأصل لمالكه مصدر دخل له، والحلي الذي أباحه الله للمرأة ليس ناميًا ولا من شأنه أن ينمو بل هو من جنس ثياب الزينة وأثاث البيت وما إلى ذلك.

            ورعاية العدل الذي بُنيت عليه الشريعة هو الذي جعلنا نرجح قول التابعي الجليل الإمام عطاء بن رباح في رفع نفقة الزرع من جملة المحصول ثم تزكية الباقي، وجعلنا نختار أن يزكى المستأجر الزرع الخارج بعد طرح النفقات، ومنها أجرة الأرض، وأن يزكى مالك الأرض الأجرة التي يقبضها بمجرد قبضها، ويخرج منها العشر أو نصفه، لأنها بدل عما يستحقه من الخارج لو زارع عليها .. إلى غير ذلك من الأمثلة ) انتهى بتصرف.


            وإتماماً للفائدة ولكي ندرك خطر الجمود في فهم الإسلام ونصوصه وأحكامه نختم بهذه القصة التي ذكرها الإمام جلال الدين السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور لنأخذ منها العبرة: (

            وأخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن عبد الله بن عباس قال: لما اعتزلت الحرورية فكانوا في واد على حدتهم قلت لعلي: يا أمير المؤمنين أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم؟ فأتيتهم ولبست أحسن ما يكون من الحلل فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس، فما هذه الحلة؟ قال: ما تعيبون علي… لقد رأيت على رسول الله  أحسن الحلل ونزل " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (الأعراف الآية 32) قالوا فما جاء بك؟ قلت: أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله ، وختنه، وأول من آمن به،

            وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه؟ قالوا: ننقم عليه ثلاثا: قلت ما هن؟ قالوا أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى " إن الحكم إلا لله " (الأنعام الآية 57) قلت: وماذا؟ قالوا: وقاتل ولم يسب ولم يغنم، لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دمائهم.
            قلت: وماذا؟ قالوا: ومحا اسمه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.
            قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه  ما لا تشكون أترجعون؟ قالوا: نعم. قلت: أما قولكم أنه حكم للرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول " يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " إلى قوله " يحكم به ذوا عدل منكم " (المائدة الآية 95) وقال في المرأة وزوجها " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها " أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب فيها ربع درهم؟ قالوا اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم.

            قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. وأما قولكم أنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، إن الله تعالى يقول " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم " (الأحزاب الآية 6) وأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا أيتهما شئتم، أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. وأما قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين، فإن رسول الله  دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا فقال: اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقالوا: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال: والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب يا علي محمد بن عبد الله ورسول الله كان أفضل من علي، أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. فرجع منهم عشرون ألفا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا ) انتهى. والقصة ذكرها الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد وعقب بقوله: (رواه الطبراني وأحمد ببعضه ورجالهما رجال الصحيح ) انتهى.

            تم بحمد الله تعالى جمعه من مصادر شتى نسأل الله تعالى أن يهدينا سواء السبيل وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه تعالى سميع مجيب

            تعليق

            • طارق شفيق حقي
              المدير العام
              • Dec 2003
              • 11929

              #21
              رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

              هذا الكلام قد أفضنا فيه كي نقطع دابر الخلاف فيمن يقدم ما لديه من معارضة للاحتفال


              وكلا الطرفين يحتج بعلماء وبهذا على كل طرف ان يحترم الاخر ويترك له حرية الاحتفال أم عدم الاحتفال

              والكلام منقول من موقع الحوار العربي
              نذكر أننا سنحتفل بعيد المولد النبوي ونحث عليه لما فيه من تحبب وتقرب للرسول صلى الله عليه وسلم وتذكيرللناس بحبه

              كذلك نرفض كل ما ذكر من أراء المعارضين من المخالفات وهي مخالفات شرعية في العيد وفي غيره

              تعليق

              • طارق شفيق حقي
                المدير العام
                • Dec 2003
                • 11929

                #22
                رد: المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

                نرفعه لقرب عيد المولد النبوي صلى الله عليه وسلم

                تعليق

                • bouhamza
                  كاتب مسجل
                  • Mar 2008
                  • 1

                  #23
                  رد: المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

                  الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
                  أما بعد
                  فإنه لا يشك مسلم في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفارق الدنيا ويلتحق بالرفيق الأعلى إلا بعد أن أكمل الله هذا الدين الحنيف ، قال تعالى :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً }[المائدة:3]، وجعل رسوله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، قال تعالى :{ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }[الأحزاب:40].
                  وأن هذا الدين المؤسس على كتاب الله الكريم ، وسنة نبيه عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم ،صالح لكل زمان ومكان ، كفيل بكل ما يحتاجه البشر ، ولذلك أمرنا الله باتباعه فقال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام:153].
                  وأمرنا أن نطيع رسوله صلى الله عليه وسلم فقال عز من قائل : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الحشر:7].وأمرنا برد كل ما يقع فيه النزاع إليه سبحانه وتعالى وإلى رسول صلى الله عليه وسلم ، فقال عز وجل : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء:59].

                  فما دام أن الدين كامل ، وليس في حاجة إلى زيادة ، فلا حاجة إذن لإحداث البدع في الدين ، والتقُّرب بذلك إلى رب العالمين ، ومن أحدث بدعة واستحسنها فقد أتى بشرع زائد ،واتهم الشريعة بالنقص ،وكأنه استدرك على الله- سبحانه وتعالى - وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكفى بذلك قبحاً، ومن ذلك ابتداع الإحتفال بالمولد النبوي في كل عام من أعوام السنة الهجرية من يوم 12 ربيع الأول.
                  ولكن أعداء الإسلام، ومن يغيظهم انتشاره،حسَّنُوا لبعض الناس هذه البدعة، وأظهروها لهم بمظاهر براقة خادعة ، وكسوها بمظهر الزهد،والتقرب إلى الله ،ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقصدهم كله إفساد دينهم ، ومزاحمة المشروع بالمبتدع ، حتى تكون السنن مستغربة ، والبدع تقوم مقامها !.
                  وقد روَّج لهذه البدعة المنكرة بعضُ علماء السوء ، وأرباب الطرق الذين جعلوا من ذلك سبيلاً إلى رئاسة الناس ،وكسب الأموال، حتى انتشرت في العالم الإسلامي انتشار النار في الهشيم ، وصار عامة الناس يعدون الإحتفال بالمولد النبوي أمراً مشروعاً يجب المحافظة عليه ، مع تركهم لكثير من السنن المشروعة !.

                  ولزوم السنة ومحاربة البدعة من الأمور التي تجب على عامة المسلمين ، وعلى العلماء وطلاب العلم خاصة.
                  و هذه البدعة القبيحة من المنكرات التي يجب تغييرها على حسب القدرة : إما باليد ، أو باللسان ، أو بالقلب .
                  ومن هذا المنطلق ، فقد اخترت أن أنقل لكم فتاوى العلماء الأكابر في حكم الإحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه و سلم و ذلك نصحا لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم و امتثالا لقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران :110] ، هذا و الله أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.
                  هــل يحل للمسلمين أن يحتفلوا بالمولد النبوي ؟
                  السؤال
                  هل يحل للمسلمين أن يحتفلوا في المسجد ليتذكروا السيرة النبوية الشريفة في ليلة 12 ربيع الأول بمناسبة المولد النبوي الشريف بدون أن يعطلوا نهاره كالعيد ؟ واختلفنا فيه ، قيل بدعة حسنة ، وقيل بدعة غير حسنة ؟
                  الجواب
                  ليس للمسلمين أن يقيموا احتفالا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة 12 ربيع الأول ولا في غيرها ، كما أنه ليس لهم أن يقيموا أي احتفال بمولد غيره عليه الصلاة والسلام .
                  لأن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ للدين والمشرع للشرائع عن ربه سبحانه ولا أمر بذلك ولم يفعله خلفاؤه الراشدون ولا أصحابه جميعا ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة .
                  فعلم أنه بدعة وقد قال صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق على صحته ، وفي رواية لمسلم وعلقها البخاري جازما بها من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .

                  والاحتفال بالموالد ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بل هو مما أحدثه الناس في دينه في القرون المتأخرة فيكون مردودا
                  وكان عليه الصلاة والسلام يقول في خطبته يوم الجمعة أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة رواة مسلم في صحيحه وأخرجه النسائي بإسناد جيد
                  وزاد وكل ضلالة في النار ويغني عن الاحتفال بمولده تدريس الأخبار المتعلقة بالمولد ضمن الدروس التي تتعلق بسيرته عليه الصلاة والسلام وتاريخ حياته في الجاهلية والإسلام في المدارس والمساجد وغير ذلك ، من غير حاجة إلى إحداث احتفال لم يشرعه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يقم عليه دليل شرعي .

                  والله المستعان ونسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق للاكتفاء بالسنة والحذر من البدعة .
                  كتاب الدعوة ج 1 ص 240 .
                  فهرس فتاوى ومقالات بن باز
                  فتوى رقم (10685)س 1: هل يجوز أكل اللحم الذي يذبح لمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الموالد؟ ج 1: ما ذبح في مولد نبي أو ولي تعظيما له فهو مما ذبح لغير الله وذلك شرك، فلا يجوز الأكل منه، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من ذبح لغير الله وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
                  اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءعضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيسعبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز

                  تعليق

                  • طارق شفيق حقي
                    المدير العام
                    • Dec 2003
                    • 11929

                    #24
                    رد: المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

                    ما ذكر أعلاه فيه من أراء العلماء الكثير

                    وأنت أوردت رأي عالمك



                    ونحن نأخذ بالرأي الأول


                    الذي يرد على كل أقوال الرأي الثاني


                    وصلى الله وبارك


                    لم أحب أن أورد رداً مطولاً

                    والرابط هذا يكفي


                    http://www.merbad.net/vb/showthread....7240#post47240

                    تعليق

                    • طارق شفيق حقي
                      المدير العام
                      • Dec 2003
                      • 11929

                      #25
                      رد: المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

                      ما ذكر أعلاه فيه من أراء العلماء الكثير

                      وأنت أوردت رأي عالمك

                      ونحن نأخذ بالرأي الأول

                      الذي يرد على كل أقوال الرأي الثاني

                      وصلى الله وبارك

                      تعليق

                      • مروان قدري عثمان مكانسي
                        كاتب مسجل
                        • Oct 2005
                        • 398

                        #26
                        رد: المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

                        سيدي الأستاذ طارق / حفظك الله
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
                        كان ما نقلته لنا من درر العلماء وجبة دسمة
                        تشكر عليها .
                        فالاحتفال بالمولد فائدة للمحتفلين لا للمحتفى به
                        فهو صلى الله عليه وسلم غني عما نقدمه على الرغم من أن أعمال
                        العباد تعرض عليه .
                        ما أحوجنا أن نحتفل بمولده لنقف على خصاله فنقتفي إثرها .
                        لا فض فوك يا عزيزي .

                        تعليق

                        يعمل...