الصور

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

مِشكاةُ نور

تقليص
X
تقليص
  •  

  • مِشكاةُ نور

    قليلاً ما تستأثِرُ بكَ طلعَةُ أحدٍ ما..!
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	1136.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	6.5 كيلوبايت 
الهوية:	189904
    ويومَها ..
    كانتْ طلعتُها تُشِعُّ بالنورِ.

    عندما دخلتْ بصُحبَةِ والِدِها، وعلاماتُ الإرهاقِ تعلو وجهَها المُضيءِ كمشكاة
    الأبيضِ كاللجينِ
    الرقيقِ كبتلةِ ياسمين.


    تلَقَّيتُها بغِبطةٍ ملأتْ عليَّ قلبي، قبلَ أن تتجاوزَ مدخلَ الغرفة.


    بادرتُ بالنُّهوضِ عن مقعدي مرحِّباً ..


    صافحتُ والِدَها، وربَّتُّ على كتفِها، وابتسمت ..

    لكنَّها ..
    كأنما لم تعبأ بشيءٍ مما يجري حولَها ..


    كانت ساهِمةَ النَّظراتِ مُجفِلَةً كأنَّما أرنبٌ برِّيٌّ انبرى لهُ صيَّاد.


    كانتْ تتوهَّجُ كأنهُ الجمرُ من تحتِ الرماد.


    كلُّ ذلك .. حتى قبلَ أن أسمع شكايتَها ..


    أجلستُها، وسألتْ:
    خير؟!

    ردَّ والدُها:
    لا ندري .. !! هي محومةٌ منذُ أيامٍ، ولم تستجِبْ لأي علاج!


    لم يكنِ الأمر يحتملُ المزيدَ من الاستفسارات! فالطفلةُ ذاتُ الأعوامِ العشرةِ كانتْ مُرهَقةً حدَّ الإجهاد.


    وعلى سرير الفحص .. كانت حرارتُها شديدة .. تزيدُ عن الإثنتين والأربعين درجةً مئوية.
    حُمَّى لمْ يسبِقْ أن واجهتُ مثيلاً لها رُغمَ قِصَرِ حياتيَ المهنيَّةِ بعد.


    أصغيتُ قلبها ..
    فكانَ كقلبِ عصفورٍ من شدَّةِ تَسَرُّعِه ..


    فحصتُ البلعوم، فلم أشاهدْ سوى احتقانٍ بسيطٍ لا يُفَسِّرُ كلَّ ذاك الكمِّ من الدعثِ والتعبِ الباديَين.


    كانَ لا بُدَّ من حِقنَةٍ عضليَّةٍ لخفض الحرارة ..

    ثم ..


    استدرتُ لأكتبُ وصفتيِ التي قدَّرتُ أن أُرَكِّزَ فيها على الصَّاداتِ الحيويةِ ونحنُ في تلك البقعةِ الريفيةِ النائية.


    " نَهَشَها كلبٌ منذ حوالي شهرٍ يا دكتور "


    ألقيتُ قلمي وكأنما القدَرُ تغيَّر.


    كأنما كنتُ أتحسسُ درباً في الضَّبابِ الكثيفِ فإذا به ينقَشِع.


    ينقَشِعُ فجأةً فأرى الوضوحَ ..

    وأيَّ وضوح!!؟


    وضوحٌ فيهِ من الألمِ أكثرَ مما فيه من اليقين.
    وقعتُ على حقيقةٍ تمنَّيتُ لو أنني ما قاربتُها ..


    قلتُ له:
    والكلب؟؟


    قال: هرب .. ولم نعثُرْ لهُ على أثرٍ بعدها..


    فقمتُ إليها بجرعةِ ماء .. تلقَّفتها بلهفةٍ.


    لِمَ لا؟؟ ..
    فلقد كانَ الظَّمأ استولى عليها ..
    ولكنْ ..


    ما إن وصلتْ أوَّلُ قطرةِ ماءٍ إلى بلعومِها حتى تشردَقتْ، وبدتْ وكأن الموتَ باغَتَها.


    تورَّدَ وجهُها البريءُ، وجحظتْ عيناها المترعتانِ طفولةً، وانتابتها حالةٌ من الذُّعرِ كأنما تواجهُ تنِّين ..


    أبْعَدَتِ الكأسَ عن فمِها بِهَلَعٍ، فقدَّمتهُ ثانيةً .. فبدا منها الرُّهاب، وبدَتْ منِّيَ الصَّدمة.

    خَنَقتني العَبْرَة .. واستدرتُ إلى طاولة مكتبي، ومزَّقتُ وصفتي .. وتمالكتُ نفسي، وهمستُ لوالِدِها:


    سيدي .. إنَّ ابنتَكَ مصابةٌ بالسُّعار.
    وإنَّ الأوانَ يا سيِّدي قد فات.

    ولم يعدْ هناك من تدبيرٍ سوى تدبيرِ الله.
    ثلاثةُ أيَّامٍ أو أربعة .. و ..


    ينقضي الأمر.


    ثمَّ استَدَرتُ إليها ومسحتُ على وجنتَيْها مواسياً وابتسمت:
    صغيرتي .. لا تجزعي .. ولا يهمُّكِ .. ها!؟


    بصمتٍ .. باختناق ..

    تحاشيتُ أن تنسكب دمعتيَ يومَها ..

    لكنَّني ..


    أهرَقتُها الآن

    • طارق شفيق حقي
      #1
      طارق شفيق حقي تم التعليق
      تعديل التعليق
      دمعة نبيلة من رجل نبيل

    • محمد در
      #2
      محمد در تم التعليق
      تعديل التعليق
      ليساعد الله قلبك وقلبنا
    لا يمكن إضافة تعليقات.

article_tags

تقليص

Latest Articles

تقليص

  • ذات زلزال - طارق حقي
    بواسطة طارق شفيق حقي
    ذات زلزال
    لسبب ما تحتاج كل قصة لمن يُخبر أحداثها ،ولسبب نجهله كنا نحن هذا المخبر.
    ورغم كل الألم الذي يعتصر قلوبنا والذي نظن أنه قد وقع على ضحايا الزلزال الذين قضوا تحت ركامه.
    لكننا كنا نصور حجم الألم الذي انسكب في قلوبنا أو تدفق من أرواحنا .
    في اليوم السادس يختنق أمل العثور على ناجين جدد ،وقد تراكمت عدة أسقف وبضع جدران على الزجاجة التي كانوا ينتظرون الخروج منها.
    لم نكن نظن أن الزجاجة التي سنخرج من عنقها يمكن أن تتحطم ذات زلزال.
    نعم لقد تحطمت الزجاجة
    ...
    02-13-2023, 01:07 AM
  • كتب دستوفسكي في زنزانته
    بواسطة طارق شفيق حقي
    قال الشيطان للكاهن :
    ” مرحبا أيها الأب الصغير السمين ! ما الذي جعلك تكذب هكذا على هؤلاء الناس المساكين المضللين؟ أي عذابات من الجحيم صورت لهم؟ ألا تعلم أنهم يعانون أصلاً عذابات الجحيم في حياتهم على الأرض؟ ألا تعلم أنك أنت وسلطات الدولة مندوباي على الأرض؟ إنك أنت من تجعلهم يعانون آلام الجحيم الذي تهددهم به. ألا تعلم هذا؟ حسنا إذاً، تعال معي ! “
    شد الشيطان الكاهن من ياقته، ورفعه عالياً في الهواء، وحمله إلى مكان سبك الحديد في مصنع. وهناك رأى العمال يركضون على عجل ذهاباً وإياباً،يكدحون
    ...
    04-11-2022, 02:19 AM
  • كما لو أني أذكرها - طارق حقي
    بواسطة طارق شفيق حقي
    كما لو أني أذكرها - طارق حقي
    في بعد ما من الأبعاد التي لا يعرفها الفيزيائيون ، تتوق إلى قلبي نبضات من ضوء لم يكتشفها أينشتاين في نسبيته العامة أو الخاصة، ذلك أن هذه النبضات الضوئية تحتاج لنظرية نسبية لخاصة الخاصة.


    في بعد ما من الأبعاد حيث لا بداية للفكرة ولا نهاية للإحساس ، لا مقياس لقياس الجمال أو ميزان للعواطف، في ذلك البعد ما إن تحاول أن تقيس خلجات الروح حتى تفقد قيمتها.


    بشفيف من الإدراك العميق تتحسس هذا العالم مهملاً...
    10-12-2021, 11:45 PM
  • (( السّرير )) قصّة قصيرة / طارق حقّي
    بواسطة طارق شفيق حقي
    (( السّرير )) قصّة قصيرة / طارق حقّي


    حين كنتُ صغيراً كنتُ أحبُّ أن تتدلّى يدي من فوق السَّرير

    فتلامسُ أطرافُ أصابعي برودةَ البلاط ، تتأرجح يدي مع

    تأرجح أفكاري.

    لا أدري كيف تسرَّبت لمخيلتي ذات مرّة أنَّ هناك أفعى تقبعُ

    تحت السّرير أو ربّما أكثر من واحدة، لم أدرك أنّ إيقاظ

    الخيال يؤدّي حقّاً لإيقاظ الخوف، سحبتُ يدي فوراً ، وما

    عدتُ أتركها تتأرجح في مجاهل مخيّلتي.

    لم تنقُصني...
    07-26-2021, 01:37 AM
  • المقامة البغدادية - بديع الزمان الهمذاني
    بواسطة طارق شفيق حقي
    ...
    07-02-2021, 01:02 AM
  • ذات حديث - طارق شفيق حقي
    بواسطة طارق شفيق حقي
    ذات حديث

    استدعى وزير الرقعة بيدقاً وقال له سنشكل خطة لأمن المملكة

    قال البيدق :سأبذل الغالي للمملكة.
    قال الوزير : سنحتاج إلى الانتخابات.
    البيدق : سننتخب من ترونه مناسباً .
    الوزير : سنحتاج معارضة لها .
    ...
    03-28-2020, 11:24 PM
يعمل...